اهتم المسئولون بالتربية والتعليم في الدولة بوضع خطة لتطوير التعليم بكافة المراحل لتحقيق التوازن بين حق الطفل بالاستمتاع بطفولته وبين واجب الدولة في تعليمه، وكذلك التوافق بين حجم المعرفة النظرية التي يجب أن يدرسها الطفل وبين حجم التطبيق العملي والانشطة التربوية التي تدخل في تكوين شخصيته.فإذا كان أطفال اليوم هم شباب الغد، وقادة المستقبل وهم ركيزة بناء الانسان المتطلع لغد أفضل فان التربية الذكية التقدمية هي التي تغذي هذه الشعلة الخالدة بالوقود الدائم. إن الفنون والانشطة في المدرسة وسيلة من وسائل التربية تعين على التكوين السوي المتعادل لشخصية الطفل، مما جعل كل شعوب العالم تتسابق للاستفادة مما يمكن ان تفجره من الطاقات في بناء الشخصية، واذا تكلمنا عن التربية الموسيقية بصفة خاصة ـ نظرا لانها مجال تخصصي ـ فنجد انه قد أصبح للموسيقى مكان لا خلاف عليه في الاغلبية الساحقة من دول العالم، ولكن كل بلد يسعى لتحقيق أهداف التربية الموسيقية بوسائله النابعة من ثقافته وموسيقاه الخاصة وأوضاعه الاجتماعية والتاريخية، وهذا يجعلنا نرى مدى أهمية دور معلم التربية الموسيقية في تبني التلميذ الموهوب موسيقيا من خلال الانشطة والتنمية لاستعداداته الفطرية وصقلها بالاداء العلمي الموسيقي لمساعدته على تحقيق ذاته. قال الحكيم الصيني كونفوشيوس: «اسمعوني أغاني أمة أقول لكم مدى ما وصلت اليه من حضارة ورقي». وقال برنارد شو ـ الكاتب الانجليزي الساخر: «الموسيقى هي أهم العناصر التي تستهدف بناء الانسان». وهناك العديد من الدراسات التي تناولت الموهبة والموهوبين محاولة تحديد معنى واضح لمصطلح الموهوب، ولكن الاختلاف مازال واضحا بين الباحثين باطلاق عدة مسميات مختلفة عليه، فمنهم من يسميه موهوبا، ومنهم من يسميه عبقريا، وفريق ثالث يسميه لامعا، وهناك من يسميه متفوقا وذلك لان المواهب كثيرة ومتنوعة يصل عددها الى 120 أو أكثر وان كل انسان سوي لابد وان تكون لديه واحدة من هذه المواهب سواء تيسر له أن يكتشفها في حينها أو بقيت كامنة غير مكتشفة. إذن فلا بد من احترام شخصية التلميذ وتعزيز ثقته بنفسه والسماح للطلبة الموهوبين منهم بالتعبير عن أنفسهم واشباع حاجاتهم واتاحة الفرصة لهم لابراز مواهبهم من خلال الانشطة التربوية المرافقة للمنهاج كالانشطة الثقافية والعلمية والخدمات العامة والرحلات المدرسية والانشطة الرياضية والكشفية والارشادية والفنية والمسرحية وذلك لتغطيتها للجانب الابداعي لدى الاطفال. أولا: الاكتشاف المبكر للموهبة الموسيقية عند الاطفال: ونتساءل هنا الآن... ما هي الموهبة؟ وما المجالات التي تبرز فيها المواهب؟ وأيها أكثر وضوحا في مرحلة الطفولة؟ ما هي الموهبة؟ هي قدرة فطرية أو استعداد موروث في مجال واحد أو أكثر من مجالات الاستعداد العقلية والابداعية والاجتماعية الانفعالية والفنية. وهي أشبه بمادة خام تحتاج الى اكتشاف وصقل حتى يمكن ان تبلغ أقصى مدى لها. ويعرف كارترجود الموهبة بأنها: القدرة في حقل معين، أو المقدرة الطبيعية ذات الفاعلية الكبرى نتيجة التدريب مثل الرسم أو الموسيقى، ولا تشمل بالضرورة درجة كبيرة من الذكاء العام. ويرى ويتي ان الموهوب هو ذلك الفرد الذي يكون أداؤه عاليا بدرجة ملحوظة بصفة دائمة في مجالات الموسيقى أو الفنون أو القيادة الاجتماعية أو الاشكال الاخرى من التعبير. أو هو الطفل الذي يبدي بشكل ظاهر قدرة واضحة في جانب من جوانب النشاط الانساني. من هو الموهوب؟ تشير الدراسات والبحوث التربوية الى ان الموهوبين أسوياء ويتمتعون في معظمهم بالقوة والصحة والتوافق الاجتماعي، ويكونون مفعمين بروح الصداقة وبالسرعة في الفهم واليقظة، كما يتفوقون على اقرانهم في جميع الصفات سواء أكانت العقلية أو الاجتماعية أو الوجدانية أو الجسمية، وتعتبر ميول الموهوبين وهواياتهم واهتماماتهم من العقول التي تسهم في اكتشافهم والتعرف اليهم، وان كانت الظروف الاسرية والمدرسية لا تتيح أحيانا الفرصة المناسبة لتنمية هذه الميول وتطويرها. والموهوب أيضا هو كل من يمتلك قدرة استثنائية أو استعدادا فطريا غير عادي في مجال أو أكثر من المجالات العقلية والابداعية والاجتماعية الانفعالية والفنية، وذلك بدلالة أدائه على اختبار أو أكثر من اختبارات الذكاء أو الاستعداد والابداع والقيادة وغيرها بحيث يضعه أداؤه ضمن أعلى 5% من أقرانه في المجتمع المدرسي أو مجتمع المقارنة الذي ينتمي اليه. وتعرف لجنة التعليم والعمل بالولايات المتحدة الطفل الموهوب على انه صاحب الاداء المرتفع أو الانجاز العالي في واحد أو أكثر من المجالات الآتية: القدرة العقلية العامة، وقدرة اكاديمية متخصصة، وتفكير ابتكاري أو خلاق، وموهبة القيادة، والفنون البصرية أو التمثيلية. والقدرة النفس حركية. ويعرف كارتر جود الموهوب بأنه الطفل الذي يكون عمره العقلي أعلى من عمره الزمني بالمقارنة مع أقرانه والطفل القابل للتعليم أكثر من بقية أقرانه. والطفل الذي يعتبر أداؤه مميزا. دور المدرسة في الكشف عن الموهوبين وللمدرسة دور في اكتشاف الموهوبين عبر الوسائل التالية: 1 - استخدام أدوات وطرائق واساليب علمية في الكشف عن الموهوبين. 2 - توفير خبرات تربوية غنية وغزيرة تتحدى قدرات الموهوب وذكائه في المواقف التعليمية. 3 - تهيئة الظروف الملائمة لاشباع حاجات الموهوب العقلية، من خلال تخطيط منهجي وبرامج مناسبة لقدراته واستعداداته. كفايات معلم الموهوبين ان يكون المعلم متفوقا في مهنته ولديه قدر مناسب من النضج الانفعالي ليتسع صدره لتساؤلاته الغريبة وخياله الخصب. ولابد من معرفته لمعنى الموهبة وان يتدرب على أساليب الكشف عن الموهوبين في الصف، وان يتقن مختلف تقنيات الملاحظة المنظمة وما هي الجوانب التي ينبغي ان تشتمل عليها تقارير الملاحظة. وان يعمل على تلبية حاجات الطالب الموهوب وان يشجعه على تنمية مستوى عال من التفكير وان يعرف الحاجات الفردية لكل طالب على حدة حتى يستطيع ان يلبي هذه الحاجات الفردية، فتفريد التعليم يعتبر من ابرز مطالب المدرسة الحديثة. ما المعايير التي يجب أن تقاس بها موهبة الطفل؟ والتي تحدد ايضا مستوى موهبته؟ أولا: في الغناء. ثانيا: في العزف على الآلات ذات لوحة المفاتيح. ثالثا: في العزف على الآلات الوترية. رابعا: في العزف على آلات النفخ. مثال: العزف على آلة البيانو أو الأورج: اختبارات الاذن الموسيقية. وصلاحية اصابع اليد من حيث (الطول والحجم)، والتوافق العضلي بين أصابع اليد الواحدة، وكذلك بين اصابع اليدين. والرغبة في التعلم. وهنا يتضح لنا مدى أهمية تحديد المعايير التي تساعد المعلم في الاكتشاف المبكر للطفل الموهوب. ولدي بعض التوصيات التي سوف أذكرها لاحقا لتقنين تلك المعايير. طرق رعاية الموهوبين ثانيا: افضل الطرق لرعاية الاطفال الموهوبين وصقلهم وتنمية موهبتهم إن الاطفال الموهوبين موجودون في مدارسنا وبين تلاميذنا، واذا قننا معايير قياس الموهبة. وسعينا للاهتمام بهذه المواهب وعملنا على صقلها وتنميتها فنكون قد نجحنا وانجزنا انجازا باهرا. فلا بد من رعاية هذه المواهب وتنميتها بأحدث الاساليب، وأرقى الوسائل، وعرضها بشكل فني راق يليق بالجهد الذي بذل في تنميتها. ولهذا ننادي بتنمية هذه المواهب بشكل جدي وان تتبنى المنطقة التعليمية الاطفال الموهوبين عن طريق تحديد مكان لتجمع الاطفال والمعلمين. وتحديد مواعيد اسبوعية للتدريب. وتقسيم الاطفال على المجموعات حسب المواهب. وتقسيم المعلمين والمعلمات كل حسب تخصصه: معلمون لآلة البيانو. معلمون لآلة الأورج. ومعلمون لآلة الجيتار. ومعلمون لتدريب الغناء. وآخرون لآلات النفخ ... إلخ. والغرض من ذلك تنمية هذه المواهب بشكل دقيق يعتمد على تمكن المعلم من تخصصه، وبالتالي يستطيع أن يصل مع الاطفال الى نتائج جيدة في أقصر وقت ممكن، وبأقل جهد، وأكثر جودة. وهذا لن يحدث إلا اذا حددت اماكن لرعاية الموهوبين كل حسب موهبته. وان تكون هذه المواهب نصب أعين الجميع لا تنسب لمدرسة ما، او لمعلم ما، بل باسم المنطقة التعليمية. وان يهتم بالمواهب ويرعاهم معلمون ومعلمات كل حسب تخصصه وكفاءته. ويحدد معلمو كل تخصص الاسلوب الذي يتبعونه في التنمية، وكذلك الاعمال المدروسة والمنتقاة بعناية لتنمية المهارات خطوة بخطوة. وتنظيم حفلات عامة لتقديم هذا النتاج يدعى لها أولياء الامور، ومديرو ومديرات المدارس، وذلك لتشجيع الموهوبين من جانب، واكتسابهم جبهة مساعدة ومشجعة لأسرة التربية الموسيقية من جانب آخر. توصيات تنظيم لجان في كل منطقة تعليمية تضم أكفأ المعلمين والمعلمات باشراف التوجيه الفني بالمنطقة في التخصصات المختلفة لوضع معايير محددة وواضحة لقياس مدى موهبة الاطفال، ومستوى هذه الموهبة في كل تخصص على حدة، وتنظيم لجنة على مستوى الدولة تضم مجموعة من موجهي وموجهات، ومعلمي ومعلمات المادة وذلك لتجميع وفرز جميع الأوراق المطروحة من قبل المناطق التعليمية بهذا الخصوص لاختيار أفضل المعايير، وأكثرها فاعلية، لتوحيدها على مستوى الدولة للأخذ بها في قياس مواهب الاطفال في جميع التخصصات، وضرورة رعاية المواهب عند الاطفال لضمان استمرارها، ولتربية الحس الفني، واعداد جيل يتذوق الفن بشكل جدي، ويمارسه باسلوب علمي تقني حديث، ومكافأة جميع الاطفال المشاركين من قبل المنطقة التعليمية بهدايا رمزية وشهادات تقدير، واضافة عشر درجات لمجموع درجات الاطفال الموهوبين، والمثابرين على التدرب والتعلم والمحققين لنتائج ملحوظة في تخصصهم الفني. التعاون مع المؤسسات المحلية لاظهار وابراز نتائج هذه التجربة، وكذلك الاستعانة بها في اثناء مرحلة التدريب والرعاية والتنمية اذا احتاج الامر لذلك (مؤسسات مجتمعية مثل الجمعيات النسائية، المجمعات والنوادي الثقافية، مراكز ثقافة الطفل، وأندية الفتيات بفروعها، الرجوع الى المناهج الدراسية لمواد النشاط وتعديلها لمواكبة التكنولوجيا الحديثة وبما يتناسب مع احدث التطورات العالمية، وكذلك لتساعد بايجابية في تنفيذ خطط الوزارة في التطوير والتحديث، والوصول لأفضل النتائج الممكنة وخاصة مع الموهوبين من الاطفال. إعداد: ليلى أبو ذكري