ترسيخ تنافسية القطاع يحتاج تعزيز القوانين الناظمة ودعم المحتوى النوعي

الإعلام نافذة الإمارات للعبور إلى المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرى العالم اليوم قدرات الدول وإمكاناتها من خلال إعلامها، وكلما كان الإعلام متطوراً وقادراً على نقل الصورة الحقيقية لمجتمعه، كان تأثيره أكبر، خاصة في ما يتعلق بمواقف الدولة من القضايا الرئيسة، وهذا الدور يقوم به إعلامنا الوطني بكل جدارة.

حيث لعب دوراً كبيراً في تعزيز سمعة الإمارات، وترسيخها، وتوضيح مواقفها تجاه الملفات المختلفة، وإبراز جهودها إقليمياً وعالمياً في كافة مجالات الحياة العلمية والإنسانية والاقتصادية. كما نجح الإعلام الوطني خلال السنوات الماضية في مواكبة التطورات التقنية وتحقيق قفزات نوعية، جعلته أكثر قدرة على مواكبة المستقبل..

ومهدت هذه الإنجازات الطريق أمام قطاع الإعلام، ليكون أكثر تأثيراً وانسجاماً مع خطط التنمية الشاملة في الإمارات خلال الخمسين عاماً المقبلة من خلال عدد من الرؤى والأفكار التي طرحها مسؤولون وإعلاميون عبر «البيان» التي رصدت عبر آرائهم بعضاً من ملامح إعلام المستقبل، حيث أكدوا أن الاستعداد للخمسين يجب أن يكون ضمن استراتيجية تطويرية شاملة تتبناها المؤسسات الإعلامية الوطنية.

ووضع خطط طويلة الأمد لكافة أنواع الإعلام، سواء التقليدي أو الرقمي والاجتماعي، نظراً إلى أن الإعلام هو النافذة التي يمكننا من خلالها العبور نحو المستقبل، إلى جانب ضرورة العمل على تشريع قوانين جديدة ناظمة لأنشطة الإعلام التقليدي والإلكتروني، وتجديد قانون المطبوعات والنشر في الدولة، وتقديمه بصيغة تكون أكثر قدرة على مواكبة التطورات التي شهدتها الساحة.

كما أشاروا إلى أهمية تكريس مفهوم «الإعلامي الشامل» المتخصص، بحيث يتجاوز لحظة نقل الخبر إلى تحليله وتقديم أبعاده، فضلاً عن ضرورة استفادة القطاع الإعلامي من الذكاء الاصطناعي، وتطويعه في تقديم محتوى إعلامي مؤثر ومبتكر قادر على نقل قصة الإمارات الملهمة إلى العالم.

شددت سارة الجرمن، مديرة القنوات العامة في مؤسسة دبي للإعلام ومديرة تلفزيون دبي، على أن دور الإعلام لم يعد قاصراً على نقل الأحداث ومواكبتها، وإنما تعداه ليصبح شريكاً في صناعة الحدث وتبني مشاريع الابتكار وإطلاق الاستراتيجيات التي تخدم توجهات حكومة دبي، ومبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في مجال الإبداع الحكومي، مشيرة إلى أن الإمارات تصدرت عربياً مؤشر الابتكار العالمي لعام 2019.

وقالت: «نحن مدعوون للمشاركة بفعالية في صياغة أكبر استراتيجية عمل وطنية للاستعداد للأعوام الخمسين المقبلة على كافة المستويات الاتحادية والمحلية، لا سيما بعد تحقيق تلفزيون دبي وعبر قنواته المتعددة الكثير من النجاحات على صعيد الإعلام في المنطقة العربي، ووصل إلى شريحة واسعة من الجمهور العربي والعالمي من خلال برامجه ومواده الإعلامية المتنوعة والمتجددة والتي تعكس على الدوام روح الأصالة والتجديد بعيداً عن نمطية البرامج الكلاسيكية».

مواكبة التغيرات

وأكدت الجرمن أن قطاع الإذاعة والتلفزيون في مؤسسة دبي للإعلام قادر على المساهمة بفاعلية في تقديم مفهوم إعلامي معاصر يمتلك القدرة على مواكبة التغيرات التقنية والتحول الرقمي الذي يشهده العالم حالياً، ليتمكن من نقل صورة مشرقة وجديدة عن الإمارات للعالم.

وتابعت: «للمحافظة على هذه الإنجازات أعتقد أنه يتوجب على قنواتنا الإعلامية خلال الفترة المقبلة المحافظة على سعيها في مواكبة كل ما هو جديد ومتسارع في عالم الإعلام الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي، عبر إطلاق تطبيقات وخدمات إلكترونية حديثة، ورائدة على مستوى المنطقة، الأمر الذي يساهم في دفع الجمهور إلى زيادة التواصل مع قنواتنا الإعلامية».

وواصلت: «من شأن هذه التطبيقات والخدمات أن تفتح الباب واسعاً أمام الاقتراحات التي تساهم في تقديم مواد إعلامية تتمتع بالمتابعة والانتشار الجماهيري الواسع»، مشيرة إلى أن قنوات مؤسسة دبي للإعلام بدأت السير في هذا الطريق، من خلال منصة «آوان» الرقمية والتي باتت أكبر مكتبة رقمية للإعلام المحلي والعربي في الشرق الأوسط.

ونوهت الجرمن بأن هذه الخطوات يمكنها أن تساعد في تقديم صياغة لمفهوم إعلامي جديد، مدعوم ببرامج وأفكار متجددة قادرة على مواكبة نمط الحياة في الإمارات للخمسين عاماً المقبلة.

مستندين إلى مجموعة من القيم المهنية التي نسعى من خلالها إلى تقديم خدمات إعلامية متميزة ذات معايير وجودة عالية ومصداقية تامة، تعتمد تطوير جودة وتنوع الخدمات الإعلامية حرصاً على إرضاء المشاهد المحلي والعربي، من دون إغفال أهمية اختيار أفضل العناصر الإعلامية وتطبيق أفضل التقنيات العالمية.

محتوى مبتكر

وذهبت دفة الحديث مع جمال الشريف، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في سلطة دبي للتطوير رئيس مجلس إدارة لجنة دبي للإنتاج التلفزيوني والسينمائي، والذي أكد أن الإعلام هو أحد أبرز القطاعات التي تشهد تغيراً مستمراً، وأنه من أكثر القطاعات قدرة على مواكبة التطور والنقلات النوعية.

وقال: «خلال السنوات القليلة الماضية حقق الإعلام في الإمارات قفزات نوعية، ولم يعد مستنداً في عمله إلى الأدوات التقليدية، ونجح في مواكبة التكنولوجيا والتطور التقني، والتي خلقت لدينا وسائل التواصل الاجتماعي، التي استفاد منها الإعلام وحولها إلى أدوات مهمة بين يديه».

وأضاف: «أعتقد أن السنوات المقبلة ستشهد قفزات نوعية في طبيعة صناعة المحتوى الإعلامي، بحيث سيكون أكثر ابتكاراً وتطوراً، وقدرة على الوصول إلى الناس، في ظل اتساع دائرة التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى مصادر لاستقاء الخبر، واتساع شبكة الإنترنت التي أحدثت ثورة في القطاع الإعلامي.

لذا أتوقع أن يكون صناع المحتوى الإعلامي، لا سيما المرئي منه، على موعد مع منصات رقمية جديدة، تختلف في طريقة تعاملها وتعاطيها مع الإعلام عن تلك السائدة حالياً».

ودعا الشريف كافة المؤسسات إلى ضرورة البدء من الآن في إعداد ما يسمى «الإعلامي الشامل»، عبر قيامها بتدريب كوادرها على التعامل مع وسائل التقنية والذكاء الاصطناعي بكل حرفية.

وزاد: «الهيمنة مستقبلاً ستكون لعصر (الرقمنة) والديجيتال، وهو ما يبرز أهمية التوجه نحو التخصص في المجالات الإعلامية، حيث سيسهم ذلك في تقديم مواد إعلامية أكثر حرفية وكثافة.

وهذا يقودنا إلى ضرورة معاينة تجربة دبي في الاهتمام بصناعة المحتوى الإعلامي، والإعلام الجديد، الذي من أجله خلقت أكاديميات ومراكز تدريبية متخصصة، ولأجله وفرت بنية تحتية قوية، وبدأت بالعمل على استقطاب المواهب العاملة في صناعة المحتوى الإعلامي العربي، ومنحتهم كل ما يحتاجونه من أدوات تمكنهم من إنتاج هذا المحتوى وتصديره إلى العالم، وبحسب توقعاتي فإن دبي ستصبح خلال السنوات المقبلة، أكثر جاذبية بالنسبة لصناع المحتوى الإعلامي وصناع الدراما والسينما».

الوسائط الرقمية

بدوره أكد الدكتور عصام نصر، عميد كلية الإعلام في جامعة الشارقة، أن الوسائط الرقمية أصبحت تهيمن على كيفية تلقي الجمهور للمعلومات ومشاركتها، ما سيترك أثره على مستقبل الإعلام في الإمارات.

وبين أن الابتكار هو المعيار الجديد عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام، مضيفاً: أن الوسائط الرقمية ستستمر في التطور مع ظهور أدوات جديدة، وسينشأ عن ذلك مطالب واحتياجات جديدة للمستهلكين، وتتحسن جودة التقنيات وإمكانية الوصول إليها، وسيؤثر الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) والاستخدام الأكثر دقة لتحليل البيانات على مستقبل الوسائط الرقمية.

وبين نصر أن مستقبل الإعلام في ظل تطور الذكاء الاصطناعي سيكون له شكل مختلف تماماً عن واقعنا الذي نعيشه، فستستخدم الوسائط الجديدة المستقبلية برامج الكمبيوتر لتمكين المستخدمين من تكملة بيئات العالم الحقيقي أو الافتراضي بأشياء رقمية.

كما أنه من خلال دور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي سيتم الاستيلاء على إنشاء المحتوى المعتمد على الإنسان بواسطة الآلات وخوارزميات البرامج القادرة على محاكاة القدرات المعرفية البشرية.

وذكر أنه في ظل الذكاء الاصطناعي ستزيد قدرة أجهزة الحوسبة التي يصنعها الإنسان على تكرار الوظائف المعرفية للدماغ البشري وأدائها، والذي أصبحت أدواته الحديثة أدوات شبيهة بالإنسان بدرجة أكبر مع التكامل التدريجي لجوانب الذكاء عالية المستوى للقدرات المعرفية للدماغ البشري.

ورأى الأمير أباظة، ناقد سينمائي ورئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي، أنه من الصعب التنبؤ بشكل الصناعة الإعلامية في ظل المتغيرات المستمرة للتكنولوجيا، إلا أنه يمكن القول أن الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي هو طوق النجاة للصناعة خلال الخمسين عاماً المقبلة.

وأضاف: أنه لا بد أن يواكب الإعلام المتغيرات باستمرار، وأن يوجد لها قوانين وآليات ومعايير مهنية تتماشى مع هذه المتغيرات عبر الابتكار والتدريب، لتفادي العقبات في المستقبل.

حلول إبداعية

أكد إبراهيم عمران، نائب مدير تحرير جريدة الأهرام المصرية، أن الإعلام في المرحلة القادمة سيكون أكثر تقدماً، وخاصة في ظل التطور الهائل في وسائل التكنولوجيا، فضلاً عن تطور وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت منافساً قوياً للإعلام في سرعة انتشار الخبر.

ورأى أن الصحافة الورقية إذا لم تتطور في المحتوى ستكتب نهايتها بيدها وستندثر، لا سيما في ظل التطور الهائل والسريع في نشر الخبر عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال توفير مادة تحريرية جذابة وشيقة للقارئ والمعلن.

وأضاف أن الثورة الصناعية الرابعة والتقدم التكنولوجي، يحتم على الجميع ابتكار حلول إبداعية للاستمرار في أداء الرسالة الإعلامية السامية. وقال: يجب على مسؤولي الصحف ووسائل الإعلام ابتكار المنصات المبتكرة القادرة على استقطاب الملايين من القراء عبر مواقعها الموصولة بوسائل التواصل وتطبيقات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.

استمرارية تطوير مراكز الأخبار وحفظ الأرشيف الإعلامي

قال أحمد المنصوري، المدير التنفيذي لقطاع الإذاعة والتلفزيون في مؤسسة دبي للإعلام: «ونحن نستعد للأعوام الخمسين المقبلة على كافة المستويات الاتحادية والمحلية، لا بد أن نتوقف عند عشرات المبادرات والأفكار التي أطلقت في السنوات القليلة الماضية.

والتي وجدت طريقها إلى التنفيذ، وأحدثت نقلة نوعية مهمة في مسيرة الإعلام المرئي والمسموع في الإمارات، بداية من استخدام أحدث التقنيات الحديثة في مجال البث الإذاعي والتلفزيوني، وإطلاق مجموعة من الخدمات الجديدة على الصعيد التقني والإنتاجي واستحداث أنظمة جديدة مبتكرة في هذا المجال، إلى جانب استخدام نظام مبتكر لخوادم البث التلفزيوني والإذاعي، مروراً بربط خدمات ما قبل وبعد الإنتاج التلفزيوني، وتطوير أستوديوهات البث وربطها بمنظومة الإرسال الرقمي وفق أعلى المعايير العالمية.

وكذلك تطوير شبكة الألياف البصرية وأنظمة الغرافيكس وتطوير أستوديوهات الإذاعة من الناحية التقنية، وعربات النقل الخارجي الجديدة ومنظومة البث الذكي والبث بتقنية (HD)».

خدمات

وأضاف: «في تقديري أنه يتوجب علينا المحافظة على استمرارية العمل على تطوير مراكز الأخبار، وتقديم مجموعة خدمات جديدة، تمكنا من مواكبة التطور من ناحية مضمون وجودة المواد الإعلامية المقدمة في قطاع الإذاعة والتلفزيون

.والذي يشهد حالياً ثورة حقيقية في مجالات إعادة تقديمها بشكل مميز ومتجدد يعكس مدى الجهود التي تبذلها فرق العمل في مختلف الإدارات والأقسام»، مؤكداً في الوقت ذاته أهمية مشروع نقل وحفظ الأرشيف الإعلامي الكبير الذي يحتوي على أخبار الإمارات منذ تأسيسها.

وتابع: «في هذا الصدد، قامت مؤسسة دبي للإعلام بتوقيع مذكرة تفاهم واتفاقية مع الأرشيف الوطني لنقل جزء من هذه المواد تمهيداً لعرضها لاحقاً، والتي يحتفظ بها تلفزيون دبي بقنواته المتعددة وتمتد إلى ما يقارب 50 عاماً من المواد التلفزيونية والإذاعية ومختلف الوسائط الرقمية».

مفهوم

وأشار المنصوري إلى سعي قطاع الإذاعة والتلفزيون في مؤسسة دبي للإعلام، لتحقيق العديد من الغايات والأهداف التي تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية استعداداً للأعوام الخمسين المقبلة، وذلك للوصول إلى إعلام عربي متميز يواكب روح العصر، ويقدم محتوى مبدعاً وهادفاً يحترم أسلوب الحياة الاجتماعية والثقافية في الإمارات والدول العربية.

وترسيخ تقاليد وثقافة العمل الإعلامي الاحترافي لدى العاملين في الوسط الإعلامي، وصولاً إلى إيجاد جيل متكامل من الإعلاميين الإماراتيين، القادر على مواكبة التطورات والمنجزات والمشاريع الإبداعية التي تشهدها دبي وبقية إمارات الدولة، ما يساهم في صياغة مفهوم جديد للإعلام العربي المعاصر.

وبيّن المنصوري أن ترسيخ القوة الناعمة لدولة الإمارات والعمل على تطوير المنظومة الإعلامية للدولة ونقل قصة الإمارات الجديدة للعالم، تأتي في قائمة الأولويات والاهتمام بالنسبة لقطاع الإعلام المحلي، بالنظر إلى الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في مجال تحقيق مزيد من العوائد الاقتصادية والاجتماعية وحماية الإنجازات والمكتسبات التي نجحت الإمارات في تحقيقها على مدار العقود الماضية.

تكريس مفهوم الإعلامي الشامل المتخصص

رأى الإعلامي محمد يوسف أن «الإعلامي الشامل» مفهوم سائد منذ سنوات في إعلامنا المحلي، وقال: أنا لست ضد مفهوم الإعلامي الشامل الذي يعكس التطور الذي وصله إعلامنا المحلي.

ولكن يجب أن يكون هناك تخصص؛ لأنه في حال غياب التخصص سيتحول الإعلامي إلى ناقل للخبر، وليس صانعاً له يبرز مدى تمرسه في عمله.

وفي تصوري أننا سنحتاج في المستقبل إلى الإعلامي الشامل المتخصص الذي يمتلك قدرة التعامل مع التقنية، والقدرة على التحليل وتقديم الأبعاد المختلفة للخبر، بحيث يتجاوز لحظة نقل الخبر، كونه بات يصل إلينا سريعاً باستخدام التقنيات والتكنولوجيا، لذا أعتقد أنه يتوجب على وسائل الإعلام، أن تبدأ بإعداد «الإعلامي الشامل» المتخصص، الذي يمكنها من تقديم محتوى إعلامي متجدد وثري.

وذكر أن استعداد الإعلام المحلي للمستقبل، يجب أن يبدأ أو ينطلق من معاينة الوضع الراهن. وقال: «لنتمكن من تحقيق انطلاقة قوية نحو المستقبل، أعتقد أنه يجب علينا البدء بعقد خلوات وندوات تجمع كافة الإعلاميين وتفتح لهم المجال لتقديم تصوراتهم التي تستشرف مستقبل مهنتهم، والتعبير عن أمنياتهم وتطلعاتهم، كونهم أصحاب المهنة».

وأشار إلى أن استقصاء آراء الإعلاميين حالياً يمكننا من بناء نظرة واعية نحو المستقبل، وقال: «نحتاج إلى هذه الآراء خاصة وأننا نعيش، كما يرى البعض (حالة صراع) بين الإعلام التقليدي والجديد، رغم أنه في تقديري لا يوجد مثل هذا الصراع، كون الإعلام التقليدي يعيش حالة استقرار وهو ذو مصداقية عالية، واعتاد الناس على استقصاء المعلومة والتحليل والخبر منه.

بينما الجديد لا يمكن اعتباره إعلاماً وإنما منصات للتواصل الاجتماعي، استثمرت فيها وسائل الإعلام وأدارتها بنفس العقلية التي تدير بها مؤسساتها، داعياً إلى ضرورة وضع خطط سنوية وأخرى خمسية وعشرية، قادرة على معاينة أوضاع القطاع الإعلامي، وتحافظ على استمرارية تطوره خلال المستقبل.

وتابع: أننا بأمسّ الحاجة لإقرار قانون ينظم أنشطة الإعلام، ويحكم أخلاقياته وتصرفات وسائله والعاملين فيها، خاصة وسائل الإعلام الإلكترونية.

وواصل: «نحن بحاجة إلى قانون ينظم العمل الإعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام الحديث»، وفي هذا السياق دعا يوسف إلى ضرورة العمل على تطوير قانون المطبوعات والنشر الذي مر عليه نحو 40 عاماً.

تجديد قانون المطبوعات والنشر ليواكب التطورات

أكدت الكاتبة عائشة سلطان ضرورة تجديد قانون المطبوعات والنشر في الدولة، وقالت: «هذا القانون كان يتناسب مع طبيعة الفترة الزمنية التي وُضع فيها، ولكن في الوقت الراهن لم يعد كذلك، وبالتالي يجب العمل على تغييره وإعادة صياغته مجدداً بطريقة تتماشى مع جملة التطورات التي شهدها القطاع الإعلامي، وفي ظل ما نشهده من اتساع في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي».

وأضافت: «إن أزمة كورونا التي يعيشها العالم حالياً شكلت تحدياً لافتاً أمام كافة القطاعات، وليس الإعلام فقط، وفتحت أعين الجميع لاستشراف المستقبل، والعمل وفق نظرية الاحتمالات لمواجهة التحديات». وتابعت: «إن الإمارات استطاعت أن تعد نفسها جيداً لمواجهة التحديات، من خلال اعتمادها المسبق لخطط قادرة على استشراف المستقبل، والاستعداد له.

وهذا يقودنا للحديث عن القطاع الإعلامي، الذي يواجه حالياً تحدي الانفتاح على كل شيء، حيث بات الوصول إلى مصادر الأخبار بلمح البصر، وبالتالي فهو سيكون أمام تحد آخر يتمثل في صناعة محتوى يتناسب مع أجيال المستقبل».

وقالت الكاتبة عائشة سلطان: «سنكون مستقبلاً في مواجهة أجيال مغايرة، لديها قضايا وتوجهات مختلفة، وتناقشها وتفكر فيها بطريقة مغايرة، لذا يتوجب على الإعلام أن يكون مستعداً لصناعة محتوى يتناسب مع هذه الأجيال، ويواكب تطوراتها، ولن يكون مقبولاً من هذا القطاع أن يكون فقط مجرد ناقل للخبر، وإنما صانع له».

وتوقعت أن يشهد القطاع الإعلامي مستقبلاً اختفاء المؤسسات الإعلامية كمبانٍ، وأن تصبح افتراضية، وقالت: «أعتقد أن بعض وسائل الإعلام استطاعت الاستفادة من تجربة كورونا والعمل عن بُعد، بأن بدأت الاستعداد لتغيير طريقة ونظم عملها، وهو ما قد يقود إلى اختفاء المؤسسات الإعلامية كمبانٍ، وأن يكون اعتمادها على التسهيلات التي قد يقدمها لها الذكاء الاصطناعي».

ونوّهت إلى ضرورة قيام الأكاديميات والمعاهد بتعديل مناهجها في تدريس الإعلام، لتكون قادرة على تخريج كوادر إعلامية مؤهلة، وقادرة على صناعة محتوى إعلامي مبتكر.

وأردفت: «على الأكاديميات أن تبدأ من الآن باستشراف المستقبل، وأن تعد كوادر تتمتع باطلاع واسع، ولا تتعامل مع الإعلام على أساس أنه وظيفة وإنما مهنة تقوم على الإبداع، وذلك لتمكينه من صناعة محتوى يتسم بالمواكبة».

وأشارت الكاتبة عائشة سلطان إلى أن الإعلام سيعتمد في المستقبل على الكيف وليس الكم.

تطوير المناهج وأساليب التدريس في كليات الإعلام

دعا أكاديميون، كليات ومعاهد الإعلام إلى تطوير مناهجها، وأساليب تدريسها، وإدخال التكنولوجيا في برامجها الأكاديمية، بما يتلاءم مع تطور وسائل الإعلام، وضرورة التركيز على الجانب العملي أكثر من النظري.

وأكد الدكتور نصر الدين عبدالقادر عثمان، أستاذ العلاقات العامة بكلية الإعلام جامعة عجمان، أن استخدام اختراعات الذكاء الاصطناعي في ميدان العمل الإعلامي بوسائله المختلفة صار قضية حتمية تفرضها ضرورات الواقع واستقراء المستقبل الصحفي والمشهد الإعلامي.

وباتت معه هذه الآليات الاتصالية أدوات رئيسية لجمع البيانات والمعلومات بمساندة تحليل المحتوى والبيانات التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعني أن العاملين في مجال الإعلام والمتطلعين لدخول مجال الصحافة مطالبون بالدخول وبشكل أعمق في مجالات استخدام الروبوت في مجال العمل الصحفي والتلفزيوني والإعلاني.

وذكر أن الواقعَ التقني الجديد والانتشار الواسع لأنظمة الروبوتات بات يفرض علينا وبشكل أكبر التعامل مع هذه التقنيات الحديثة، والاتجاه إلى المواد الإعلامية المتنوعة التي توفر بيانات مختلفة ومن مصادر متعددة وعالية الثقة.

وأضاف أن هذا الاتجاه نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي ستكون لها آثار على عالم الصحافة والإعلام، بما سيفرض معه تغيرات وتحولات كبيرة على المشهد الاتصالي خلال الـ50 عاماً المقبلة، منها دخول أدوات تقنية جديدة في خطوات إنتاج المادة الصحفية وزيادة وتيرة الفاعلية الاتصالية والتواصلية، واعتماد الإنسان بالكامل على التكنولوجيا وزيادة الاهتمام بقوة الرأي العام وقوة الإعلام في الوصول إليه والتأثير فيه.

وأوضح أن صحفي اليوم مطالب بالإلمام بمختلف جوانب مهارات العمل الإعلامي، والتمكن الجيد من استخدام الأدوات المرتبطة بجودة الأداء الصحفي، وهو ما يفرض على معاهد التدريب الصحفي وكليات الإعلام ضرورة تهيئة إعلاميي المستقبل الإماراتيين، وتدريبهم وتمكينهم من مجاراة المحتوى الإعلامي للعصر القادم المرتبط بتقنيات وتكوينات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، مع ضرورة زيادة النقاش العلمي والمهني عن التشريعات والأخلاقيات التي يجب اتباعها أثناء استخدام الذكاء الاصطناعي لأنه ما زالت هناك عقبات وصعوبات تقنية قانونية تواجه هذه التكنولوجيا الحديثة.

من جانبه أكد الدكتور محمد فراس النائب، عميد العلاقات العامة والإعلان في كلية المدينة الجامعية بعجمان، أن السنوات القادمة ستحمل في طياتها موجات عالمية على مستوى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الذي سيكون لها كبير الأثر على تشكيل ماهية الإعلام.

وذكر أن الإعلام أصبح إلى جانب السياسة والاقتصاد الثالوث الأكثر تأثيراً على حياة الشعوب في القرن الحادي والعشرين.

وأضاف أن الإعلام أضحى بمثابة الهوية، فهو بصمة على جدار الزمن الحاضر تؤرخ الإنجاز والسبق والريادة للدول، وخاصة عندما نتحدث عن تلك الدول التي يذخر المشهد الحضاري لها بالكثير من الإنجازات على المستويات العلمية والإنسانية والاقتصادية كما هو الحال في الإمارات.

وأوضح أن الإنجازات الحضارية مهما كانت جلية وبارزة، لا بد لها من هوية إعلامية تقدمها للإنسانية، وتعلي من شأنها مرئياً بما هي أهلٌ له، فالإعلام للإنجاز هو بمثابة المنبر للخطيب والدفة للربان والواجهة للحقيقة أينما وجدت.

بدوره قال الدكتور رفعت البدري أستاذ الصحافة الرقمية بكلية الإعلام في جامعة المنوفية المصرية، إن الأنظمة الآلية الذكية في مجال الصحافة ستتطور بوتيرة سريعة .

والتي تسمى (الخوارزميات)، ولكنها تفتقر إلى القدرة على كتابة الآراء، وسيشكل صحافيو الروبوت تحدياً ومنافساً أمام الصحافيين البشر، لذا يجب أن يكون الصحافيون على دراية كاملة بجميع الأدوات الرقمية الجديدة المتاحة لهم واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كأدوات لمساعدتهم على إنشاء تنسيقات وأنماط قصصية جديدة.

وذكر أن الصحافة الروبوتية قد تكون أداة تساعد الصحافيين في إجراء تحقيقات قد تشكل خطورة على حياتهم، بينما قد يعتبرها آخرون أنها تشكل تهديداً حقيقياً لأسلوب عملهم ومعيشتهم، خاصة مع الأخذ بالاعتبار الانتشار المتوقع لأجهزة الاستشعار الدقيقة.

وتابع: لن تكون المؤسسات الإخبارية في حاجة اليوم إلى صحافي يجيد الإجابة عن الأسئلة التقليدية الخمسة عند كتابة الخبر، ولكنها بحاجة إلى صحافي يجيد استخدام التطبيقات الحديثة على الإنترنت مثل التحرير الإلكتروني، والتصوير والتسجيل، والمونتاج ودمج الوسائط، واستخدام الدرونز (الكاميرا الطائرة) وتعلّم وإجادة مهارة إنتاج القصص الإخبارية المدعومة بالواقع الافتراضي والمعزّز.

رؤى وأفكار

01إقرار قانون شامل ينظم أنشطة الإعلام لا سيما الإلكتروني.

02تجديد قانون المطبوعات والنشر لمواكبة تطورات القطاع الإعلامي بالدولة.

03زيادة عقد خلوات وندوات تجمع الإعلاميين لمعاينة الوضع الراهن ووضع تصورات للمستقبل

04 وضع خطط سنوية وأخرى خمسية وعشرية لضمان بقاء القطاع الإعلامي في حالة تطور مستمرة.

05التوسع في إنشاء الأكاديميات المتخصصة في تدريب المواهب على صناعة محتوى تنافسي قادر على مخاطبة العالم

06 تعزيز دور الكفاءات المواطنة وتوفير كافة الممكنات التدريبية لها.

07 تحفيز الجيل الصاعد من المواطنين على امتهان الإعلام وقيادته

08 تطوير منصات الإعلام الرقمي للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة داخل الدولة وخارجها

09ضرورة العمل على تكريس مفهوم «الإعلامي الشامل» المتخصص في مجاله

10تطويع الذكاء الاصطناعي وتطبيق أفضل التقنيات لخدمة القطاع الإعلامي.

11استمرارية العمل على تطوير مراكز الأخبار في الدولة.

12مواكبة القنوات الإعلامية لتطورات الإعلام الرقمي وإطلاق خدمات إلكترونية حديثة.

13تطوير المناهج في كليات ومعاهد الإعلام وأساليب تدريسها وطرح برامج متخصصة في وسائل التواصل.

14ضرورة تركيز كليات الإعلام على الجانب العملي أكثر من النظري.

15 ترسيخ ثقافة العمل الإعلامي الاحترافي لدى العاملين في الوسط الإعلامي.

16نقل وحفظ الأرشيف الإعلامي الكبير الذي يحتوي على أخبار الإمارات منذ تأسيسها.

17 تطوير المحتوى في الصحافة الورقية لا سيما في ظل التطور السريع في نشر الخبر عبر المواقع الإلكترونية.

18الاهتمام بالتربية الإعلامية الرقمية للطلبة للتحقق والتثبت من الأخبار الكاذبة والمفبركة.

19تفعيل إدارات الاتصال الحكومي في جميع الجهات وتزويدها بكوادر متخصصة ومتمكّنة

20 الاستفادة من خدمات الصحفي «الروبوت» في المهام التي قد تشكل خطراً على حياة الصحفي.

Email