الغضب خطر على الفرد والمجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَ إذا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُون»، وقال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: «إلا أخبركم بأحبكم إلى وأقربكم مني منزلة يوم القيامة» قلنا: بلى يا رسول الله قال: «أحسنكم أخلاقاً «وجاء رجل إلى النبي r، وقال: يا رسول الله أوصني، قال: «لا تغضب» قال: يا رسول أوصني، قال: «لا تغضب» فردد مراراً، قال: «لا تغضب».

الغضب خطر على الفرد والمجتمع وذلك لأن آثاره أليمة، وعواقبه وخيمة، فعن طريقه تمزق الأسر وتدمر البيوت وتقطع الأرحام وتشتعل الفتن والمحن وتراق الدماء لذلك نجد في وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل أهمية ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الانفعالات والتوتر وإشعال نار الغضب لأن الإنسان المسلم يجب أن يتخلق بالأخلاق الحسنة الحميدة، ويتحلى بالفضيلة، ويتجنب الأخلاق السيئة، ويتخلى عن كل رذيلة، وإن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم، قال الله تعالى: «وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، وقال جل وعلا: «وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاتُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ».

و صنف العلماء الغضب إلى ثلاثة أنواع الأول منها الاعتدال وذلك بأن يغضب الرجل ليدافع عن نفسه، أو دينه، أو عرضه أو ماله أو ليدافع عن الحقوق العامة، ونصرة المظلوم، وهذه الحالة محمودة شرعا، بينما النوع الثاني فيتمثل في التفريط ويكون ذلك النوع مذموما شرعاً وعقلا أما الثالث فيكون في الإفراط وهو ما يخرج الغضب عن حد الاعتدال، ويسيطر على العقل والدين، ويدفع الإنسان إلى طريق الشيطان فيتملكه الشر ويسيطر عليه فيسير نحو الانتقام وهذا النوع خطير جدا لأنه يورد صاحبه موارد الهلاك من حيث لا يدري، وربما يجره إلى ارتكاب أكبر الجرائم بشاعة وشر الموبقات، والغضب في تلك الحالة أيضاً مذموم شرعاً وعقلا، ولقد أوضح ذلك الحديث الشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». وقال رجل يا رسول الله م إذا يباعدني من غضب الله عز وجل؟ قال: «لا تغضب».

ومما ينبغي ذكره أن كظم الغيظ والحلم من صفات المؤمنين الذين يرجون رضوان الله سبحانه وتعالى، ويخافون عذابه، ويخشون عقابه، قال تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ). وقال عز وجل (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَ إذا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، وقد فسر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما هذه الآية: «أمر الله عز وجل المسلمين بالصبر عند الغضب والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، ف إذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم».

و قال: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ في أي الْحُورِ شَاءَ». وقال: «ما تجرع عبد جرعة أفضل عند الله من جرعة غيظ يكظمها ابتغاء وجه الله عز وجل».

 

Email