استفسارات

الحب بين الناس يؤدي إلى المودة والرحمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

للإنسان حاجات يود قضاءها، ومطالب يرجو نفاذها ومصالح يتمنى نجاحها وللإنسان ميول وأهواء وشهوات يحاول إرضاءها وإشباعها والتمتع بها وكل من ساعده على قضاء حاجة أحبه ومن وافقه على هواه مال إليه ومن عاكسه في مصالحه أو صادمه في أهوائه كرهه وأبغضه ونفر منه وباعده، فالحب والبغض من طبيعة الإنسان ومن صفاته المتأصلة الملازمة لا مفر منهما ولا عاصم ولم يخل إنسان من حب أو بغض ولن يتجرد مخلوق من الميل والتأثر فقد وجد الحب مع أبينا آدم عليه السلام وكان الحب والبغض بين أولاده سبباً في قتال بين قابيل وهابيل وشربت الأرض دم أول قتيل نتيجة حب القاتل لأخت المقتول فتولد البغض لأخيه وأنتج جريمة القتل.

وهكذا يتسلط الحب والبغض على النفس فتصدر الأعمال تبعاً لهما والأقوال والصفات.

فيصدر عن الحب الائتلاف والمودة والتعاون والرحمة وتقوية الرابطة وتمكين الصلة فتسعد الأفراد والجماعات والأمم ويصدر عن البغض القطيعة والهجران والتفرق والاختلاف والخذلان والقسوة والشدة، وكل حركاتنا وأعمالنا وصفاتنا ناتجة عن الحب والبغض، فيؤلف الحب بين الزوجين والصديقين والأقارب.

ويفرق البغض بين الزوجين والوالد وولده والقادة والزعماء فيشقيهم ويشقي بلادهم معهم ولقد امتن الله على عباده أن جعل الحب يؤلف بينهم بعد أن صدع البغض بنيانهم قال جل شأنه: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً).

ولكن الإنسان يسير وراء هواه في حب الناس وبغضهم ويحكم أغراضه وأمياله في الرضا عنهم وكرههم ولا يوجه حبه وبغضه في وجهة الحق والعقل والدين، فكم من رجل يحب امرأة لجمال جسمها وحده وإن كانت مجردة من حسن الخلق، وكم من رجل أضاع أهله ونفسه ويضيع شبابه وماله. كم من امرئ يحب شخصاً فاسداً يعلمه الإجرام والمنكر ويسايره على الضلال والمعاصي ويكره شخصاً ينصحه في دينه ويعظه فيه ويرشده للحق، كم من مرؤوس يحب رئيسه لأنه يسهل له الوشاية بزملائه ويسمع لطعنه في إخوانه ويكره الرئيس الحازم الذي لا يسمع الغيبة ولا يرضى النميمة، وكم رئيس يحب المرؤوس المتملق المنافق ويكره الصريح المخلص كم من بيوت خربها الحب الأعمى.

لهذا وضع الإسلام ميزاناً للحب وحد حدوداً للرضا والسخط حتى لا تضيع الحقوق ولا تفنى البلاد بين حب أعمى وبغض عقيم، وتدخل الإسلام في الحب والبغض يمنع شرها ويوقظ خيرها ويجعلها سلاحين من أسلحة الحق وإسعاد الناس.

Email