السماء والطارق

ت + ت - الحجم الطبيعي

في القرآن الكريم نجد أن الحق سبحانه يقسم بآيات كونية وأحداث كونية عظيمة، ومنها القسم بالبلد وهي مكة المكرمة، ومن الأحداث الكونية أقسم سبحانه وتعالى بالسماء والقلم وما يسطرون، ويقول عز وجل: «وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ، النَّجْمُ الثَّاقِب وفي آية أخرى يقول سبحانه: «وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى».

ويشير إلى هذا النوع من القسم الدكتور يحيى المحجري في بحثه المعنون بـ «آيات قرآنية في مشكاة العلم»، فيقول إن الله عز وجل يقسم بالسماء والطارق، ومن يستمع إلى هذا القسم لن يعرف لأول وهلة من هو؟ أو ما هو المقصود بالطارق؟ ولذلك عرفنا العليّ القدير بأنه نجم ثاقب، فكيف يكون النجم طارقا وثاقبا؟ وهل هناك تفسير علمي لذلك؟

والقسم الثاني يختص بظاهرة فلكية أخرى وهي ظاهرة النجم الهوي. وهنا لا بد أن نفرق بين هذه الظاهرة وظاهرة الشهاب الساقط التي تعد ظاهرة يومية لكثرة حدوثها. فالشهب تدخل يوميا في الغلاف الجوي ثم تحترق عندما ترتفع درجة حرارتها لاحتكاكها بالهواء الجوي وبعضها يسقط على الأرض. ولو أراد الخالق أن يقسم بها لأقسم إلا أن جاء ذكر الشهب في أكثر من مكان في القرآن «إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ»، «وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا»، فلم يقسم سبحانه بظاهرة الشهاب الساقط وأقسم بظاهرة النجم الهاوي لماذا؟.

يجيب الدكتور المحجري بقوله إن النجوم النيوترونية تزداد كتلتها عن كتلة الشمس بما يقارب ‬1,4. بداية عندما يبدأ النجم بالانهيار على نفسه ينكمش بسرعة ويزيد الضغط على ذرات مواده فتتحطم الذرات ويتكون المائع الالكتروني ويزداد سمكه فيبقى عاجزا عن تحمل الضغط الناتج من ثقل النجم وجاذبيته وتكون النتيجة أن تسحق جاذبية النجم «المائع الالكتروني» كما سحقت من قبل قشرة الذرة ويستمر انهيار العملاق الأحمر على نفسه.. فتلتصق الالكترونات بالبروتينات ثم تتحد معها مكونة نيوترونات جديدة، وتبدأ طبقات النجم وهي تنهار في التطلع إلى منقذ ينقذها من براثن هذا الوحش المسمى بقوة ثقل النجم والذي يسحق كل ما يجده أمامه وفي النهاية تتحد كل الالكترونات بالبروتينات فيصبح النجم عبارة عن نيوترونات منضغطة على بعضها بدون وجود أي فراغ فتصل كثافة النجم إلى رقم قياسي يصعب تصوره ويتقلص العملاق الأحمر إلى ما يسمى بالنجم النيوتروني.

وقصة اكتشاف النجم النيوتروني قصة طريفة ففي سنة ‬1968 التقطت طالبة أميركية إشارات لاسلكية من خارج الأرض بواسطة جهاز جديد يسمى بالتلسكوب اللاسلكي أو المذياعي، وهو جهاز يلتقط الإشارات اللاسلكية من أعماق السماء ومن مسافات تقدر بملايين السنين. فقد تمكن الفلكيون في أوائل السبعينات من رصد عدة نجوم كلها تشترك في خاصية إرسال إشارات لاسلكية منتظمة وعلى درجة كبيرة من الدقة فالإشارات تصل على صورة متقطعة: بيب... بيب... بيب وتستمر كل إشارة منها كسورا من الثانية وتتكرر كل ثانية أو أكثر ومن أطلق على النجوم التي تصدر هذه الإشارات اسم النجوم النابضة.

Email