1500 أصلية تحفل بها الدار

دار المخطوطات في الشارقة.. ذاكرة تحفظ مآثر الحضارة الإسلامية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتعدّى الأمر مجرد تعريف الناس بتاريخهم وثقافتهم، ونقل جزء مهم من الحضارة العربية والإسلامية إليهم، في دار المخطوطات التي افتتحها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رئيس الجامعة القاسمية، في سبتمبر من العام الماضي.

وإنما يمتد لتصبح الدار شاهدة على عظمة هذه الحضارة وإنسانيتها، من خلال العمارة الإسلامية التي تعد أم الفنون، وتظهر جلية في جدرانها وتفاصيلها التي تعكس بوضوح هوية الشارقة، حيث يبلغ عدد المخطوطات بالدار 1500 مخطوطة أصلية، جميعها من المقتنيات الخاصة بصاحب السمو حفظه الله، التي جمعها خلال زيارته لدول العالم المختلفة.

وأهداها سموه إلى الدار على أربع دفعات متتالية، وقد وعد سموه بإهداء الدار المزيد من المخطوطات والمقتنيات الخاصة بصفة مستمرة، وتتنوع هذه المخطوطات بين شتى العلوم والتصانيف، فمنها علوم القرآن، والتفسير، والحديث وشروحه، والفقه، واللغة العربية وفروعها، والطب، والصيدلة، والفلك، والحساب، والزراعة، والتاريخ، والجغرافيا.

مساحة ساحرة

يتوسط الدار، التي تنطق بتاريخ يسكن صفحات الذاكرة، البهو الرئيس الذي يحتضن المعرض الدائم للمخطوطات النادرة في الطابقين الأرضي والعلوي.

ويتوسط المعرض صورة طبق الأصل للمصحف المنسوب إلى سيدنا عثمان، رضي الله عنه، الذي تم تصويره وعمل ( 1000) ألف نسخة منه متطابقة تماماً للأصل في اللون والمقاس للمصحف الأصلي، بتوجيه من سموه، وتوزيعها على المراكز العلمية والجامعات في جميع دول العالم.

يضم الطابق الأرضي من الدار التي تحافظ على هوية الأمة ووحدتها، إذا اعتبرنا العمارة لغةً مجسدة تحمل دلالات روحية ومادية، وتقوم بوظيفة إنسانية اجتماعية بأساليب مختلفة، شأنها في ذلك شأن اللغة التي تحمل دلالات مماثلة، وتقوم بوظيفة إنسانية حضارية، مجلساً لاستقبال الضيوف والوفود الرسمية.

ومسرحاً يتسع لخمسين شخصاً لإقامة الندوات والمحاضرات والدورات الخاصة بالمخطوطات، تجاورها الغرفة الرئيسة لحفظ المخطوطات، وهذه القاعة تحديداً يسرد لها صفحات، فهي مزودة بأحدث المواصفات العالمية لحفظ المخطوطات، فدرجات الحرارة تتراوح بين 18 و20 درجة مئوية، أما درجة الرطوبة النسبية فلا تتعدى 50-55%، فكل شيء محسوب حتى شدة الضوء.

ميزات

كل شيء مدروس، إذ تُحفظ المخطوطات داخل هذه الغرفة في خزائن معدنية تغلق وتفتح أوتوماتيكياً، وتتحمل درجات الحرارة العالية، ومدهونة بطلاء مضاد للبكتيريا والفطريات.

كما أنها مزودة بأحدث الأنظمة المقاومة للحرائق في العالم، وتعتمد ميكانيكية هذا النظام على سحب الأكسحين من الهواء الجوي الذي تبلغ نسبته 20% من نسبة الهواء الجوي، وتخفيضها إلى نسبة 13.8%، بحيث لا تسمح مطلقاً باشتعال أي نيران في هذه الغرفة ذات الباب المعدني الذي يعمل بالبطاقة الممغنطة.

غرفة التعقيم

قبل حفظ المخطوطات، يتم تعقيمها بأحدث جهاز تعقيم في العالم الذي يستخدم غاز الأوزون، وهو غاز خانق سام يقضي تماماً على الكائنات الحية الدقيقة، مثل البكتيريا، والفطريات، والفيروسات، حتى الحشرات، مثل الأرضة ودود الورق والسمك الفضي التي تتغذى على أوراق المخطوطات وتسبب ضرراً شديداً لها.

ويتم كذلك تصوير المخطوطات رقمياً باستخدام أجهزه تصوير حديثة جداً وذات درجات وضوح عالية ومقاس أوراق مختلفة، للاستفادة منها في أغراض البحث العلمي وإجراء المقارنات وغيرها.

مختبر المعالجة

جزء آخر من الدار هو مختبر المعالجة والترميم، وهو غرفة مزودة بأحدث أجهزة تنظيف المخطوطات وجهاز لفك الأوراق الملتصقة، ومكبس حراري لعمل تغليف وتقوية أوراق المخطوطات المهترئة نتيجة الحموضة العالية بالأوراق، وطاولات مضيئة لإجراء عمليات الترميم المختلفة.

وتُستخدم في الترميم أوراق مصنّعة خصوصاً من ألياف طبيعية وخالية من الحموضة وبألوان وأوزان مختلفة، إضافة إلى مركبات كيميائية لإزالة حموضة أوراق المخطوطات، وأيضاً لإزالة البقع المختلفة الموجودة على أوراق المخطوطات، وتتم عمليات المعالجة الكيميائية داخل خزانة سحب الغازات.

في زاوية أخرى من الدار، نجد ورشة تجليد المخطوطات التي يتم فيها تجليد المخطوطات التي بدون غلاف، فيما تجلّد التالفة منها بالجلود الطبيعية وبطرائق خاصة تختلف عن تجليد الكتب المطبوعة، أما قسم الفهرسة والتصنيف، فتتم فيه فهرسة المخطوطات وعمل بطاقة فهرسة مطولة لكل مخطوط، وتوضع داخل المخطوط بعد إدخالها بالحاسب، تمهيداً لإصدار ونشر فهرس مخطوطات الجامعة القاسمية (مطبوع ورقمي)، وإتاحته على موقع الجامعة الإلكتروني.

Email