4 منها فازت بجائزة خليفة الدولية للعام 2018

مزارع النخيل في الإمارات.. غرسٌ يؤتي ثمار التفوّق

ت + ت - الحجم الطبيعي

لطالما كان القطاع الزراعي ونخيل التمر على وجه الخصوص جزءاً مهماً في حياة أبناء الإمارات، فقد كانت الشجرة المباركة مصدراً رئيسياً للطعام والمأوى ومورداً للدخل.

وكانت الإمارات العربية المتحدة وما زالت في مقدمة الدول التي منحت شجرة نخيل التمر اهتماماً خاصاً بفضل الرعاية، التي حظيت بها من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.

ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث تبوأت مكانة عالمية مرموقة وأسهمت مساهمة بناءة في الارتقاء بهذا القطاع والمحافظة على الموارد وتنميتها ودعم الأمن الغذائي العالمي من خلال العديد من المبادرات الهادفة والفعاليات المتميزة التي حققت نجاحاً كبيراً على المستويين المحلي والدولي.

المزارِع المبتكر

وبعد 10 سنوات من النجاح والريادة، الذي حققته جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي في قطاع نخيل التمر والابتكار الزراعي على المستويين المحلي والدولي.

وبتوجيه ودعم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ومتابعة معالي الشيخ نهيان مبارك آل نهيان وزير التسامح رئيس مجلس الأمناء.

أطلقت الأمانة العامة للجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي «جائزة المزارع المتميز والمزارع المبتكر»، بالتعاون مع شركة الفوعة استهدفت فيها المزارعين المنتجين للتمور على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة المسجلين لدى شركة الفوعة، لتكون منصة لتقدير وتكريم المواطنين أبناء الإمارات، الذين قدموا إسهامات جليلة في هذا المجال.

ضمن هذا الإطار وعقب إعلان نتائج الدورة الأولى 2018 نظمت الأمانة العامة للجائزة زيارة ميدانية إلى أصحاب المزارع الفائزة بالمراكز الأولى بالجائزة، بمشاركة ممثلي وسائل الإعلام المحلية بدولة الإمارات، للاطلاع على أفضل الممارسات الزراعية التي قام بها أصحاب تلك المزارع والوقوف على أسباب فوزهم بالمراكز الأولى.

والنتائج التي حققوها ليكونوا قدوة لبقية المزارعين وتشجيعهم على التنافس لنيل شرف الفوز بجائزة تحمل اسم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله.

اهتمام أصيل

قال المزارع راشد العرياني: إن اهتمامنا بالبيئة ليس وليد الساعة، إنما هو اهتمام أصيل وراسخ دعونا له ومارسناه وطبقناه، قبل أن يبدأ اهتمام العالم بسنوات عديدة. بهذه المقولة المعبرة التي قالها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، استهل راشد سعيد محمد سلطان العرياني المزارع الفائز بالمركز الأول عن فئة المزارع الكبيرة.

ضمن جائزة المزارع المتميز والمزارع المبتكر بدورتها الأولى 2018 حديثه، خلال استقبال الوفد الإعلامي الذي قام بزيارة المزارع الأربع الفائزة بالمراكز الأولى في جائزة المزارع المتميز، والمزارع المبتكر في دورتها الأولى 2018.

راشد العرياني جعل من فكر زايد واهتمامه بالزراعة نصب عينيه، بل مشى على خطاه وحقق ما لم يحققه أحد في مجال زراعة النخيل وإنتاج التمور حتى أضحت مزرعته في منطقة الوقن بالعين قبلة للزوار من أصحاب المزارع على مستوى الدولة يقتدون بها ويحذون حذوه.

مزايا فنية

قام راشد العرياني بتأسيس المزرعة عام 1994 بمكرمة من زايد الخير، طيب الله ثراه، مساحة المزرعة 500 × 700 قدم تحتوي على 767 نخلة من أجود أصناف التمور التجارية مثل (خلاص، فرض، بومعان، عنبرة المدينة، نبتة سيف، جبري، برحي، وعدد من الفحول).

وتتميز المزرعة بعدد من العناصر أهمها الالتزام بكل معايير ومتطلبات الزراعة النظيفة وفق اشتراطات مركز خدمات المزارعين ومعايير شركة الفوعة لتسويق التمور، حتى أضحى النظام أحد أهم العناصر التي اعتاد عليها كامل فريق العمل بالمزرعة وميزها عن غيرها من المزارع وعليه استحقت الفوز بجدارة.

يقوم على خدمة المزرعة مهندس زراعي ومعه فريق مؤلف من خمسة عمال من أصحاب الخبرة والمهارة. تقسم المزرعة إلى عدد من القطاعات وكل قطاع يحتوي على عدد محدد من أشجار نخيل التمر، وكل عامل من عمال المزرعة مسؤول عن هذا القطاع أو ذاك بما يحتوي من أشجار النخيل.

كما يوجد لديهم نظام للمتابعة اليومية لمعرفة أي شجرة فيها إصابة مرضية أو فيها مشكلة فنية ما، يتم إدراج المشكلة على لوحة الملاحظات التي يقوم المهندس المشرف على المزرعة يومياً بمتابعة تلك المشكلة، ومعالجتها بدقة وبأقرب وقت، بالتالي هذا النظام يوفر الوقت ويوفر الجهد ويقلل الخسائر ويعطي أفضل النتائج.

مزرعة نموذجية

خلال زيارة سعيد العرياني المزارع الفائز بالمركز الأول «مكرر» بجائزة المزارع المتميز والمزارع المبتكر بدورتها الأولى 2018 فوجئ الفريق الإعلامي بأنه أمام مزرعة نموذجية فاقت التوقعات، وأضحت قصة نجاح لبقية المزارعين، فأهم ما يميز هذه المزرعة هو النظافة والنظام، نظافة ماذا ونظام من؟

يقول سعيد العرياني لقد تعلمنا من زايد الخير، طيب الله ثراه، أن نسخر كل الجهود في سبيل تطوير زراعة النخيل بالإمارات لأن النخلة فيها كل الخير لنا وللأجيال القادمة، فكلما أعطيتها تعطيك أكثر، حتى اتسعت أعداد نخيل التمر واتسعت الرقعة الزراعية في مختلف أنحاء الإمارات.

وهذا ما فعلناه في مزرعتي بالوقن التي قمت بتأسيسها منذ العام 1995 مساحتها 600 × 600 قدم مربعة، تحتوي على 852 شجرة نخيل من أجود الأصناف مثل (خلاص، برحي، بومعان، خنيزي، فرض، لولو، شيشي، سلطانة، وصقعي، وعدد من الفحول للتلقيح) .

وأضاف سعيد العرياني بأن من أهم مزايا المزرعة هو أننا قمنا بتطبيق نظام الممارسات الزراعية الجيدة أو ما يعرف بـ (جلوبال جاب)، بحيث نضمن سلامة وأمان الغذاء والعاملين على إنتاجه وفق أسس مستدامة للممارسات الزراعية. وهي أيضاً عبارة عن شهادة معتمدة عالمياً، تُمنح للمَزارع التي تطبّق هذه المعايير الحديثة والسليمة.

إن تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة يؤدي إلى تطوير الممارسات الزراعية وتطبيق معايير معتمدة لجودة الإنتاج الزراعي بما يحقق: سلامة الغذاء، ورفاهية العمّال، والإدارة المستدامة للبيئة، داعياً (العرياني) كل المزارعين إلى تطبيق تلك الاشتراطات الفنية التي سوف يعود تطبيقها بالنفع الكبير على المزرعة والعمال والإنتاج الزراعي بشكل عام.

كما تميزت المزرعة بوجود فريق فني من العمال وصل إلى عشرة عمال مهرة مدربين على النظافة العامة واحترام النظام الإداري الذي وضعه العرياني لهم، كما توجد في المزرعة أيضاً محطة لتحلية المياه الجوفية.

حيث تبلغ ملوحة المياه في المنطقة 4000 جزء بالمليون وبعد التحلية تصبح نحو 200 جزء بالمليون بالتالي تصل إلى أشجار النخيل بجودة عالية صالحة للشرب فتعطي أجود الثمار وأفضلها.

كما تميزت مزرعة سعيد العرياني بوجود عدد من الغرف والمخازن المخصصة لوضع أدوات الرش وأخرى لفرز وتجفيف التمور تتسع لـ 10 أطنان، ومخزن لتخزين التمور قبل أن تورد إلى شركة الفوعة، حيث بلغت الطاقة الإنتاجية للمزرعة لهذا العام نحو 100 طن من أجود أنواع التمور.

وفوق هذا وذاك ينصح المزارع سعيد العرياني بقية المزارعين بأن يقفوا على رأس عملهم في المزرعة فلولا هذا الحب الكبير الذي يربط بيني وبين أشجار المزرعة لما وصلت المزرعة إلى المراكز الأولى سواء في جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر أو في مهرجان الرطب أو في مهرجان زايد للتراث وغيره من المسابقات على مستوى الدولة.

تميز زراعي

خلال زيارة حميد سعيد محد سلطان العرياني المزارع الفائز بالمركز الثاني عن فئة المزارع الكبيرة، ضمن جائزة المزارع المتميز والمزارع المبتكر بدورتها الأولى 2018 وجدنا في مزرعته ما وجدناه في المزارع المتميزة من نظافة ونظام وترتيب وخبرة فنية في التعامل مع الأمراض والآفات الزراعية التي تصيب أشجار النخيل.

فالمزرعة التي تقع في منطقة الوقن مساحتها 600 × 600 قدم، تحتوي على أجود أصناف نخيل التمر مثل (خلاص، برحين فرض، بومعان، خنيزي، لولو...) طاقتها الإنتاجية 70 طناً بالسنة، يعتمد على نظر الري الحديثة لترشيد استهلاك المياه، وأضاف حميد العرياني أن لديه نظاماً فنياً متكاملاً داخل المزرعة من حيث الخدمات الزراعية من ري بالتنقيط واستعمال السماد الطبيعي المصنوع من سعف النخيل.

حيث يقوم بتقطيع المخلفات الزراعية وتخميرها ضمن حفرة فنية مخصصة لذلك كي تصبح سماداً عضوياً صالحاً للاستعمال الزراعي، أما عن استعمال المبيدات فهي للضرورة القصوى فقط، فالمزرعة خالية من الأمراض والحشرات ولو احتجنا إلى بعض الرش فهو من باب الوقاية حيث يقوم عمال المزرعة بارتداء اللباس المخصص لهذا الغرض وفق اشتراطات الصحة والسلامة وحماية البيئة المعتمدة من قبل مركز خدمات المزارعين.

وشدد المزارع حميد العرياني على أهمية استعمال السماد البقري في تسميد النخيل قياساً بسماد الغنم أو سماد الدواجن، فالسماد البقري بارد ومفيد للنخلة وللأرض على حد سواء. وعن مياه الري يقول: إن لديه نسبة ملوحة تفوق 4000 جزء بالمليون ما اضطر إلى تطبيق نظام التحلية من أجل توفير مياه عذبة للشجرة المباركة لأن حصيلة التمور المروية بمياه عذبة تكون أفضل من المروية بمياه مالحة.

تفاصيل ناعمة

اختتم الوفد الإعلامي زيارته للمزارعين المتميزين على مستوى دولة الإمارات، بزيارة إلى المزارعة ميرة خلفان عبد الله النعيمي من أهالي المنطقة الغربية (ليوا) الفائزة بالمركز الثاني «مكرر» عن فئة المزارع الكبيرة.

ضمن جائزة المزارع المتميز والمزارع المبتكر. لديها مزرعة مساحتها 200 × 200 متر، تحتوي على 800 نخلة من أهم أصناف نخيل التمر مثل (خلاص، مجدول، شيشي، نبتة سيف، خنيزي، شيشي..) طاقتها الإنتاجية نحو 20 طناً من التمور السنة. كما يوجد بالمزرعة غطاسات لسحب المياه من باطن الأرض التي تستعمل في ري الأشجار بالتنقيط، كما تستخدم الأسمدة العضوية التي تحضرها بنفسها لمعالجة الأشجار المصابة والنتائج أكثر من رائعة.

وعن تجربة الزراعة الجيدة (جلوبال جاب) تقول المزارعة ميرة النعيمي تعد منظمة «جلوبال جاب» الدولية همزة وصل بين المزارعين وأصحاب العلامات التجارية في مجال إنتاج وتسويق الغذاء الآمن.

حيث تضمن معايير «جلوبال جاب» اشتراطات صارمة جداً للممارسات الزراعية الجيدة التي ينبغي على المزارعين الالتزام بها إذا كانت لديهم الرغبة في بيع منتجاتهم لكبار تجار التجزئة في جميع أنحاء العالم. ويعتمد تجار التجزئة على شهادة «جلوبال جاب»، للتأكد من أن المنتجات التي يبيعونها للمستهلكين يمكن تتبع مصدرها بالعودة إلى المزرعة أو المؤسسة التي انتجتها باعتبارها إحدى المؤسسات أو المزارع المعتمدة لديها.

إلى ذلك وجدنا في مزرعة ميرة أنها تطبق كل إجراءات الصحة والسلامة وحماية البيئة، ولديها غرفة خاصة لعزل المبيدات، وغرفة لفرز التمور وأخرى لتجفيف التمور بواسطة الشمس، وأخيرة لتخزين التمور قبل توريدها إلى شركة الفوعة وفق الاشتراطات المعتمدة لديهم للتمور.

عشق الأرض والزراعة

تضيف المزارعة ميرة النعيمي أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان قد عشق الصحراء بما فيها وما عليها، حيث ارتبط بقيمها المتمثلة في الشهامة والفروسية وكرم الضيافة والهدوء، الذي يدعو إلى التأمل في القدرة الإلهية، وإبداعاتها التي لا يمكن وصفها رغم الإحساس بها.

Email