متحف التراث البحري في الفجيرة.. استحضار للصيد بمفرداته البسيطة

تصوير: زيشان أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

مقتنيات وأدوات تعبق برائحة الماضي العتيد تسرد قصصاً عن مهنة الصيد التي وجد فيها الأجداد مصدراً لرزقهم، الذين جابهوا فيها البحار وتحدوا الصعاب، إنه متحف التراث البحري بميناء مربح بالفجيرة، الذي أنشئ تقديراً لما أسهمت به هذه الحرفة الأصيلة في تيسير حياة أهل الإمارات قديماً حين كان البحر من أهم موارد الحياة المعيشية عند سكان المناطق الساحلية، ليكون المتحف معلماً تراثياً لأجيال المستقبل والزوار من محبي التراث والتاريخ.

مفردات جميلة

صممت جدران المتحف من سعف النخيل، وغطته صور عديدة التقطت قبل وبعد الاتحاد، استقبلنا بصدر رحب سالم جاسم اليماحي مدير ميناء مربح وعضو مجلس إدارة جمعية الفجيرة لصيادي الأسماك، عرف عنه عشقة للبحر فهو صياد ذو خبرة واسعة ومعرفة شاملة بكل أمور الصيد وأدواته وطرقه البدائية والحديثة منذ أن كان صغيراً.

أخذنا سالم في جولة في أرجاء المتحف الذي يضمّ بين زواياه مئات من القطع القديمة التي جمعت بعناية من صيادين قدامى احتفظوا بها لسنين طوال، كل قطعة أثرية تحكي قصة عن ذاك الزمان البعيد، وذكرياته الجميلة وبساطة العيش والبحث عن الرزق في ما وراء البحار.

وقام بشرح أبرز الأدوات والمقتنيات في المتحف مشيراً إلى محار البرغام (وهو من القواقع الكبيرة الذي يصدر صوتاً كالبوق)، كان يستخدمها الصياد قديماً أثناء رحلته على مراكب الصيد والغوص على اللؤلؤ، كان يستخدم بكثرة في الساحل الشرقي، حيث يتم النفخ فيه بقوة، ومن معدات الصيد تحدث أيضا عن الدوابي مفردها «دوباية» تعتبر من أقدم وسائل الصيد في الإمارات.

ويتم صنعها قديماً من سعف النخيل بهيئة نصف دائرة مثل شكل الأقفاص تصمم بفتحات صغيرة ومدخل مخروطي كي لا تهرب الأسماك عند دخولها، كما شاهدنا خلال جولتنا فكاً لسمكة القرش التي يطلق عليها محلياً اسم «فك اليريور» إضافة إلى شباك الضغوة الكبيرة ذات الفتحات الضيقة التي تستخدم في صيد الأسماك الصغيرة بكميات كبيرة جداً، إلى جانب معدات صيد اللؤلؤ، ونماذج عن محار اللؤلؤ.

تجربة ثرية

متحف التراث البحري تجربة ثرية مليئة بالمعلومات عن مهنة الأجداد وابتكاراتهم في ذاك الزمان من أجل اصطياد السمك وتوفير الغذاء لهم، قصص عن مشاق وتحديات جعلت الصياد بطلاً خاض معاركه مع أمواج البحار الهائجة وأسماكه الضارية من أجل توفير لقمة العيش الكريم له ولأفراد أسرته.

يقول سالم اليماحي: افتتحنا هذا المتحف قبل سنة ونصف السنة وسعينا بالتعاون مع الصيادين إلى جمع كل القطع الأثرية البحرية في مكان واحد، في خطوة لترسيخ التراث البحري وأدواته التقليدية التي تعكس الحقبة التاريخية التي عاش عليها الآباء والأجداد لعقود طويلة، إلى جانب الحفاظ على التراث البحري كونه موروثاً مهمّاً يمثل الصورة المبهرة لحضارة وثقافة شعب الإمارات، إذ من خلاله يستطيع الآخرون قياس مدى عراقة بلدنا والتعرف على عاداته وتقاليده التي رافقته على مر السنين.

وقال: حين نتحدث عن التراث الإماراتي، فأول ما يتبادر إلى أذهاننا هو قول والدنا المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، «من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر ولا مستقبل»، لذلك فنحن نسعى إلى استحضار أصالة وعراقة الماضي بهدف دعم ثبات أصل الحضارة الإماراتية منذ القدم،.

خاصة من جانب البيئة البحرية كمهنة صيد الأسماك والبحث عن اللؤلؤ في أعماق الخليج، وأدوات الصيد التي تعكس عقولاً إماراتية مفكرة «لصيادين» ركزوا جل وقتهم في صنع أدوات تسهل من عملية صيد الأسماك التي ما زال بعضها يستخدم حتى الآن، مؤكداً أهمية استحضار التراث بكل أنواعه بشكل دائم وتوثيقه كونه يعطي صورة مشرفة عن حضارة مجتمع الإمارات وعراقته.

Email