ربط المعدة رشاقة تتهددها المضاعفات

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بات التخلص من الكرش والوزن الزائد لدى هواة الرشاقة من الجنسين أمراً في منتهى البساطة، لا سيما مع انتشار المراكز المختصة وغير المختصة في مختلف البلدان العربية عموماً، وأصبحت عمليات قص وتحويل مسار المعدة تجارة مربحة لبعض الأطباء.

ومع الأسف، لا تلتزم العديد من المراكز بالمعايير العالمية، والبعض يستخدم الأجهزة نفسها لأكثر من مريض، وهو الأمر الذي يترك مضاعفات تصل إلى الوفاة، وهذا ما حصل قبل سنوات، إذ توفيت مواطنة في أحد المستشفيات الخاصة بالإمارات، وقبل شهرين توفيت أردنية في أحد المستشفيات الخاصة في بيروت وغيرها، فهناك حالات كثيرة لا يسمع عنها في الإعلام، وهناك حالات تحوّل إلى المستشفيات الحكومية، من ضمنها مستشفى راشد، بين الحياة والموت بسبب مضاعفات تلك العمليات.

وتراوح أسعار تلك العمليات بين 35 ألفاً و45 ألف درهم في بعض المستشفيات وفي البعض الآخر أكثر من ذلك.

اشتراطات

من جانبه، شدد الدكتور زيد عبد العزيز المازمي، استشاري الجراحة والسمنة في مستشفى دبي التابع لهيئة الصحة بدبي، على ضرورة التروي قليلاً من قبل الطبيب والمريض قبل الإقدام على مثل هذا النوع من العمليات، لأن الهم كما يقول ليس في العملية نفسها، ولكن ما بعد العملية، لأن هناك اشتراطات يجب مراعاتها من قبل المريض، خاصة بالنسبة إلى نظام الأكل والشرب مدة ليست بسيطة، مؤكداً أن عدم الالتزام يعني حدوث المضاعفات.

وقال الدكتور المازمي: «مع الأسف، هناك انتشار واسع لعمليات قص وتحويل مسار المعد في دول المنطقة كافة»، لافتاً إلى أن قائمة الانتظار في مستشفى دبي تمتد أشهراً. وعن المخالفات التي تقوم بها بعض المراكز في هذا الشأن، قال: «المخالفة الأولى تتعلق دائماً بشروط اللجوء إليها، والشرط الأساس هو أن يكون وزن كتلة الجسم لدى المريض 40، وينخفض هذا المعدل إلى 35، إذا كان المريض مصاباً بالسكري أو الضغط أو ارتفاع معدلات الكولسترول، وفي عمليات تحويل المسار تكون كتلة الجسم 50 فما فوق مع وجود ارتجاع، ووجود السكري والضغط والكولسترول».

وعن الفرق بين قص وتحويل المسار، يؤكد: «إذا كان المريض وزنه غير مرتفع للغاية وليس لديه مشكلات ارتجاع، يتم قص المعدة، والعكس، إذا كان وزنه مرتفعاً ولديه ارتجاع فتفضل عملية تحويل مسار المعدة، وذلك بأخذ جزء من المعدة ليتم ربطه مع الأمعاء، بحيث يذهب الطعام من المعدة إلى الأمعاء مباشرة، وفي هذه الحالة لا يتعرض الطعام لعصارة البنكرياس والكبد، ولا يتم هضم المواد الدسمة بالكامل، وبالتالي لا يستفيد منها الجسم. وفي حالة القص، تصبح المعدة صغيرة، فينخفض معها هرمون الجوع بنسبة 65%، فيشعر المريض بالشبع، لكن ليس دائماً، وعليه ينخفض الوزن».

ما بعد العملية

وأضاف: «كما ذكرت، المهم ليس العملية، ولكن ما بعد العملية، إذ يجب على المريض أن يركز في غذائه لمدة أسبوعين على السوائل، والهدف هنا هو تدريب المعدة، فلدى المريض الآن معدة جديدة، بعدها ولمدة أسبوعين يبدأ المريض في أكل الطعام مهروساً، وبعدها يبدأ حياته بشكل طبيعي مع الإكثار من السوائل، ومضغ الطعام وطحنه جيداً قبل البلع، وبالنسبة إلى قص المعدة، يستمر المريض 3 أشهر في أخذ جرعات محددة من الأدوية والفيتامينات، إلى جانب أدوية تساقط الشعر، وأما تحويل المسار، فيلتزم المريض بالفحص الدوري، كل 3 أشهر، ثم كل 6 أشهر، ثم كل سنة، وذلك للاطمئنان إلى مستوى الفيتامينات في جسمه، التي يمكن أن يتدخل الطبيب لتحقيق التوازن فيها، بوصف ما يحتاج إليه الجسم من الفيتامينات التي تتعرض إلى أي نقص».

كما أوضح الدكتور المازمي قائلاً: «مع الأسف، بعض الأطباء، لا يمثلون العموم، يسارعون إلى إجراء عمليات قص وتحويل مسار المعدة، دون مراعاة للظروف الصحية للمريض، كما لا تتم مراعاة الوزن، ومنهم من يستخدم الأجهزة لأكثر من مريض، والنتيجة مضاعفات خطرة تهدد صحة المريض وحياته، وأبرزها التسرب والنزيف».

سمنة عالية

من جانبه، قال الدكتور علي خماس، استشاري الجراحة العامة: «إن علاج السمنة الهدف منه جراحة السمنة، ليس إيصال المريض إلى الوزن المثالي، وإنما إلى حالة صحية أفضل، لأن الأطباء لا يهمهم الوزن بقدر ما يهتمون بصحة المريض».

وأضاف أن هناك 3 عوامل لا بد من توافرها لإجراء عمليات السمنة، وهي مؤشر كتلة الجسم، والأمراض الأيضية المصاحبة، ووجود الارتجاع المريئي من عدمه، لافتاً إلى أنه لا توجد عملية مثالية لكل المرضى، وإنما نوع العملية يتم تحديده بناءً على حالة المريض.

وأضاف: «الإناث يشكلن نحو 65% من العمليات»، لافتاً إلى أن قسم الجراحة العامة في مستشفى راشد أجرى 760 عملية قص معدة منذ عام 2012 ولبداية شهر أبريل الماضي، إضافة إلى 559 عملية لتحويل مسار المعدة خلال الفترة نفسها، لافتاً إلى أن مواعيد عمليات جراحة السمنة محجوزة حتى عدة أشهر مقبلة، في حين أن المواعيد على العيادات التخصصية التي يبلغ عددها 4 عيادات، لمتابعة وتحضير المرضى للعمليات، محجوزة بالكامل لـ7 أشهر مقبلة.

كما لفت إلى أنه أسبوعياً يتم إجراء ما بين 8 إلى 12 جراحة سمنة لمواطنين ومقيمين، ولذلك قرر المستشفى منذ بداية العام رفع معدلات العمليات أسبوعياً إلى 15 عملية للتغلب على مواعيد الانتظار والتخفيف عن المرضى.

وأضاف أن المرضى الذين خضعوا لعمليات تحويل مسار المعدة ممن كانوا مصابين بالأمراض الأيضية (السكري والضغط والكوليسترول) اختفت لديهم، وفي حالات كثيرة حدث تحسن في حلاتهم الصحية، فمثلاً مريض السكري من النوع الأول المعتمد على الأنسولين قد يحتاج إلى حبوب فقط، ومريض السكري الذي يتناول 4 حبات في اليوم قد يكتفي بحبة واحدة، وهذا يعتمد على حدة المرض، فإذا كان المريض حديث العهد فقد يختفي السكر تماماً، وإذا كان ممن مضى عليه 15 سنة وأكثر ممكن أن يعود له المرض مرة ثانية، منوهاً بأن عمليات تحويل مسار المعدة بأنواعها تعتبر أفضل في حال وجود الأمراض الأيضية.

طرائق العلاج

وبيّن الدكتور خماس أن طرائق علاج السمنة تختلف حسب الحالة، بالنسبة إلى السمنة البسيطة والمتوسطة، فيمكن الاعتماد على الغذاء والتمرينات، أما في حالة السمنة المفرطة، فهناك طرائق جراحية عدة، من أهمها ما يعرف بتحويل المسار الذي يعد حلاً مثالياً، ولكن بشروط.

وأضاف أن كل مريض حالة خاصة بذاته، فبعد إجراء الفحوص يتم اختيار نوع العملية المناسبة له، لافتاً إلى أن هناك مضاعفات آنية تحدث خلال 30 يوماً الأولى من إجراء العملية مثل التسريب والنزيف والجلطة في وريد الرجل أو جلطة في شريان الرئة والشريان الرئيس للأمعاء، وكلها نادرة الحدوث على المدى البعيد، منوهاً بأن النسب العالمية لوفيات تلك لعمليات هي 1 لكل 1000.

برنامج

أكد الدكتور علي خماس أنه يجب على المريض الالتزام ببرنامج غذائي معين مدى الحياة، لأن عدم الالتزام يؤدي إلى رجوع الوزن، وكذلك ممارسة الأنشطة البدنية والابتعاد عن السكريات والوجبات السريعة، وغيرها من الأمور التي تؤدي إلى السمنة.

Email