الأب حداد: الإمارات قدّمت نموذجاً يحتذى في التعايش والتسامح

الأب نبيل حداد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمثّل دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً عالمياً يشار إليه بالبنان في التسامح والتعايش والاحترام المتبادل بين الشعوب والثقافات والأديان. وفي هذا السياق، أكد الرئيس التنفيذي لمركز التعايش الديني الأب نبيل حداد أن جهود نشر ثقافة التعايش والتسامح والاحترام المتبادل، في هذا الزمن يعد ضرورة ملحة في مكافحة الإرهاب والتطرف. فاستخدام «عقار» التعايش و«لقاح» الاحترام المتبادل وفهم الآخر وعقيدته، وبناء العلاقات بين اتباع الأديان، على أساس من إدراك أهمية احترام كرامة الإنسان وعدم المسّ بكرامته وبشخصه وبمشاعره الدينية، يشكل النهج الأساس الأول الذي به نمنع الكراهية ونلغي بيئات نمو فكر التطرف وحواضن الإرهاب والإرهابيين.

وأشاد حداد في تصريحات لـ«البيان» بالنجاحات التي حققتها دولة الإمارات في مسألة التعايش قائلاً: «لقد حققت دولة الإمارات إنجازاً عالمياً رأيناه في فبراير عام 2019 عندما توجهت أنظار الشعوب واتباع الأديان إلى مدينة أبوظبي، التي شهدت انعقاد ذلك التجمع الخيّر في الأخوة الإنسانية، وشاهدنا وشهدنا - وأنا تشرفت بأنني كنت مشاركاً وحاضراً وشاهداً - في تلك اللحظات التاريخية توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في ديرة زايد، رحمه الله وطيّب ثراه. إن ما تحقق هو إنجاز اختصر الكثير من الوقت والجهد، ووضع الأساس لتحرك مطلوب في هذه الأيام، فقد رأينا من حولنا الكثير من سوء الفهم والفرقة والكراهية والعداء».

علاقة وئامية

وتابع: «ومن الأردن أرض القداسة التي سجّلت علاقة وئامية وإخاءً إسلامياً مسيحياً على مدى أربعة عشر قرناً أقول إن ما حقّقته دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة يسجل في صفحات التاريخ، وهو نشر ثقافة تآلف الحضارات والتآخي بين اتباع الديانات وبخاصة الديانات السماوية التي تشترك بالتوحيد وتؤمن باليوم الآخر».

أضاف: «ولأننا نفاخر بسجل أردني تعايشي وئامي في التآخي الإسلامي المسيحي، فنحن نستَطْيِبِ هذا الإنجاز الإماراتي الذي جاء ليخدم الأخوة الإنسانية وليعزّز فرص التلاقي بين شعوب العالم. ومن أردن السلام والوئام نقول سلاماً على الإمارات، سلاماً على ديرة زايد، وبورك هذا الإنجاز الذي يزيّن سجلها في نشر ثقافة التسامح».

وقال «إن محاربة الإرهاب والتطرف تأتي من خلال استنبات هذا السلوك الحضاري المتمدن، والحاجة لهذا السلوك ليست مطلباً وليد الساعة، ولا هو متطلّب أخلاقي وإنساني في حضارة ومدنية الشعوب، بل أيضاً هو وصية وأمر جاءت به السماء التي ترى أن الإنسان خُلقَ مستحقاً الاحترام، لأنه مكرّم من الله».

ثقافة التعايش

وأشار الأب حداد إلى أن نشر ثقافة التعايش هو سعي محمود يلغي الجهل والتطرّف والكراهية، وخير الوسائل وأنجعها لتحصين المجتمعات وتعزيز مناعتها ضد الفكر المتطرف والإرهابي، الذي يلجأ إلى العنف.

وأكد أن الأردن مجتمع إسلامي لم يكتب على بوابته للمسلمين فقط، فالمجتمع الأردني يحتضننا معاً، المسلم والمسيحي معاً في السراء والضراء. نشترك بلسان عربي واحد ونحن أصحاب إرث الحضارة العربية الإسلامية التي كان للمسيحيين العرب مساهمة كبيرة فيها، لم تكن مسيحيتي يوماً تشكل حاجزاً بيني وبين من هم حولي. أنا مؤمن بأن مسيحيي العروبة هم أبناء كنيسة تعيش في مجتمع الإسلام، ويشهدون فيه للسيد المسيح عيسى ابن مريم بالرحمة.

ويرى الأب حداد أن المسيحيين العرب هم شهود إيمانهم وسفراء أمتهم، وعليهم أن يكونوا جسوراً للتفاهم والاحترام والسلام، مؤكداً «نحن كمؤمنين وقبل التحدث باسم السماء علينا أن نطيع السماء التي تأمرنا بحب الله وحب الجار - القريب، ونخدم أخوتنا في الحياة الإنسانية، وهكذا نجسّد الإيمان كما ينبغي، في وجه من يفسرونه بالقتل والعنف ومن اختاروا الكراهية والتعصب نهجاً وسلوكاً».

هوية المركز

الأب نبيل حداد هو المؤسس والمدير التنفيذي لمركز التعايش الديني في الأردن الذي تأسس منذ عام 2003 استجابة لواجب وطني وإنساني وديني، يتلخص في أن يقوم الأردنيون المسلمون ومعهم إخوتهم المسيحيون لما لهم من تجربة، تمتد على مدى 14 قرناً، ولما لهم من ميزة كشهود على الوئام، بدورهم في عرض ونشر ثقافة تجربة التعايش وتقديم صورة إرث عظيم هو جزء من موروثاتنا. كان المركز خطوة غير مسبوقة، أسسها رجل دين مسيحي أردني للمحافظة على هذا الموروث في الاحترام بين اتباع الديانات، في ضوء التطوّرات السياسية والمتغيرات التي واجهها العالم بعد 11 سبتمبر 2001.

فرادة وتميز

وأشار الأب حداد: «تميز المركز بفرادته في المنطقة والعالم، وكان أول جهة غير حكومية أو غير رسمية ذات مصداقية، تتصدى لهذا الواجب كما ينبغي. ولعرض حالة فريدة ثرية للتعايش بالمستوى العملي والعلمي والإعلامي المطلوب، وبالشكل الذي يساعد الآخر على التعرّف على عنصر تعايشنا الأخوي في المملكة وإبراز هذه الصورة الرائعة، خدمة لقضية التفاهم بين اتباع الثقافات، بعيد سبتمبر 2001، على المستوى العالمي، ولتوضيح الكثير من الصور النمطية السائدة».

وأكد أن الحاجة إلى فكر هذا المركز في حينه، كما هي الآن، ملحة، أكثر من أي وقت مضى. فقد وصل التعصب والفهم الخاطئ للدّين والتدين حداً لم يسبق له مثيل في المنطقة والعالم. وعليه فإن دور المركز ومن الأردن كموطن للتسامح والاحترام المتبادل، جاء في الزمان والمكان، يجسد ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين اتباع الأديان، ويخدم نشر أنموذج يحتذى.

Email