دعم دولي غير مسبوق للبرنامج النووي السلمي الإماراتي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة، ومنذ بداية انطلاق البرنامج النووي السلمي الإماراتي، على أن يكون التعاون الدولي في مجال الطاقة النووية السلمية، ركناً أساسياً من أركان هذا البرنامج، وهو ما توضح بشكل جلي حين أصدرت حكومة الدولة في العام 2008 وثيقة سياستها بشأن تقييم إمكانية تطوير برنامج سلمي للطاقة النووية، والتي تضمنت مبادئ أساسية أبرزها الشفافية التامة في مجال تشغيل المحطات النووية، وتحقيق أعلى معايير حظر الانتشار النووي، وحرص الدولة على العمل بشكل مباشر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والجهات والدول المسؤولة، والالتزام بالمعايير التي حددتها الوكالة لتقييم إمكانية إنشاء برنامج للطاقة النووية السلمية، ما ساهم في دعم دولي غير مسبوق للبرنامج النووي السلمي الإماراتي.

وحالياَ، وبعد نحو عشر سنوات من مسيرة تطوير محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، والتي تعد حجر الأساس في البرنامج النووي السلمي الإماراتي، حظي هذا البرنامج بدعم دولي غير مسبوق، وبات نموذجاً يحتذى به من قبل كافة الدول الساعية لإطلاق برامج سلمية جديدة للطاقة النووية.

وشهدت السنوات العشر الماضية إنجازات استثنائية وتاريخية في قطاع الطاقة النووية الإماراتي، حين نجحت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وشركة نواة للطاقة التابعة للمؤسسة والمسؤولة عن تشغيل وصيانه محطات براكة في تشغيل أولى هذه المحطات، لتصبح دولة الإمارات الأولى في العالم العربي والـ31 على مستوى العالم التي تشغل محطات نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية من دون انبعاثات كربونية.

وكانت آخر هذه الإنجازات وصول مفاعل المحطة الأولى في براكة إلى 80% من طاقته الإنتاجية، لتكتسي احتفالات الدولة باليوم الوطني الـ49 لدولة الإمارات، بطابع الفخر والثقة في المستقبل خلال الأعوام الخمسين المقبلة من عمر الاتحاد، وذلك مع تطوير مصدر جديد للطاقة، يتمثل في محطات براكة للطاقة النووية التي أصبحت محركاً للنمو الاقتصادي والاجتماعي والعلمي في الدولة، بينما ستدعم المحطات فور تشغيلها مسيرة التنمية بطاقة وفيرة وصديقة للبيئة على مدار الساعة ولأكثر من ستة عقود قادمة.

تعاون

وفي هذا الإطار، أوضحت المؤسسة أن تحقيق هذه الإنجازات يأتي ثمرة للتعاون الدولي والدعم والتأييد الذي حظي به البرنامج من مختلف الشركاء والجهات الدولية االمختصة بقطاع الطاقة النووية، وذلك منذ بدء العمل على المشروع بعد حصول الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو)، على عقد رئيسي في عام 2009 للتصميم والبناء والمساهمة في تشغيل محطات براكة للطاقة النووية السلمية في دولة الإمارات.

وظهر هذا الدعم الدولي في أبهى صوره بعد بدء تشغيل المحطة الأولى في براكة في بداية 2020 وربطها بشبكة الكهرباء الرئيسية للدولة بعد ذلك بنحو ثلاثة أسابيع، وإنتاج أول ميغاواط من الكهرباء باستخدام تكنولوجيا الطاقة النووية.

ففي جلسة نقاشية نظمت عن بعد في أكتوبر الماضي، قال رافائيل ماريانو غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: «لقد اتخذت دولة الإمارات الخطوة الصحيحة للعمل جنباً إلى جنب مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث تبنت منذ البداية أعلى معايير السلامة والأمن وعدم الانتشار النووي، لقد قدمتم للمجتمع الدولي هدية كانت بمثابة نموذج ملموس وناجح جاء محصلة للعديد من الخبرات النووية العالمية، لقد نجحتم وأعتقد أنكم نموذج يحظى الآن بالمتابعة والإعجاب من قبل مختلف بقاع العالم.

أغنيتا رايزينغ المديرة العامة للرابطة النووية العالمية وقبل تنحيها عن منصبها في أكتوبر الماضي، أبدت إعجابها بالنموذج الإماراتي في قطاع الطاقة النووية السلمية على المستوى العالمي، بقولها:«دولة الإمارات العربية المتحدة هي الدولة الأولى في العالم العربي التي تستخدم تكنولوجيا الطاقة النووية لتلبية احتياجاتها من الطاقة.

وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، وعند تشغيل المحطات الأربع، ستلبي هذه المحطات 25% من الطلب على الكهرباء في دولة الإمارات، الأمر الذي يوضح كيف يمكن للطاقة النووية توفير كمية كبيرة من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية».

وأضافت: «دولة الإمارات ستصبح مثالاً يحتذى به من قبل الدول الأخرى في هذا المجال حيث ستسعى هذه الدول للاستثمار في الطاقة النووية لتطوير بنيتها التحتية المستدامة وتوفير وظائف مجزية لأصحاب الكفاءات لعقود قادمة».

إنجازات

من جهته، نوه هانز بليكس المدير العام الفخري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمقدرة دولة الإمارات على تحقيق هذه الإنجازات المهمة في قطاع الطاقة النووية بالرغم من تحدي انتشار فيروس كورونا المستجد والتحديات التي واجهها العالم في هذا الإطار.

وقال بليكس: «إن بدء تشغيل المحطة الأولى من المحطات الأربع في براكة يرسل للعالم أجمع والمتعطش للكهرباء، رسالة قوية بأن الطاقة الموثوقة يمكن إنتاجها بتكلفة مجدية وبدون انبعاثات كربونية ولا زيادة خطر الاحتباس الحراري.

وكرئيس سابق للمجلس الاستشاري الدولي لمشروع محطات براكة، يسعدني أن أهنئ حكومة أبوظبي وشعبها لاستخدامهم العلوم والتكنولوجيا الحديثة من أجل دفع عجلة التنمية، إن الطريقة العملية والمهنية التي رأيتها في المشروع أو التي تتبعها الحكومة والجهات المسؤولة تفيض بالاحترام والثقة.

لقد استفادوا بشكل كامل من الخبرة النووية العالمية الواسعة - من المعرفة التي تقدمها الشركات الكورية إلى النصائح والمراجعات والخدمات التي تقدمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والرابطة العالمية للمشغلين النوويين وغيرهم. فأصبحوا بذلك نموذجًا يحتذى به للدول الأخرى التي ترغب في الدخول لصناعة الطاقة النووية الحديثة».

جدول زمني

ولفتت ماريا كورسنيك الرئيسة والرئيسة التنفيذية لمعهد الطاقة النووية، إلى عامل آخر يتعلق بالجدول الزمني لمشروع محطات براكة والذي يعد من أسرع الجداول على مستوى العالم في هذا القطاع، بقولها: «إن الوصول لمرحلة التشغيل بعد ثماني سنوات فقط من بدء العمليات الإنشائية يوضح كيف يمكن لبلد ما أن يزيد إمداداته من الكهرباء الخالية من الكربون على درجة عالية من السلامة والكفاءة، الأمر الذي سيسهم في تلبية احتياجاتنا العالمية لمزيد من مصادر الطاقة الصديقة للبيئة.

وباعتبارها أول محطة للطاقة النووية في العالم العربي، تعد محطات براكة مثالاً للمنطقة بأسرها حول مقدرة الطاقة النووية السلمية على تنويع مصادر الطاقة والاقتصاد في الدول».

وهو ما أثنى عليه أيضا ويليام الدكتور ماغوود المدير العام لوكالة الطاقة النووية، بقوله إن:«نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في تطوير برنامجها للطاقة النووية السلمية هو إنجاز كبير لأنه يؤكد أنه من الممكن إنشاء محطات للطاقة النووية وفق جدول زمني وميزانية محددين، وأنه يمكن لدولة لا تمتلك تاريخاً طويلاً في قطاع الطاقة النووية تطوير بنية تحتية آمنة ومتقدمة بشكل سريع.

 

ولم تنجح دولة الإمارات في تشغيل أولى محطات براكة للطاقة النووية فحسب، بل اعتمدت نهجاً شاملاً ومتميزاً لتطوير الكفاءات المؤهلة والقادرة على ضمان العمليات التشغيلية الآمنة خلال العقود المقبلة».

إشادة

يحظى نهج دولة الإمارات حيال تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية بالإشادة والدعم في أوساط المجتمع الدولي، وذلك بوصفه برنامجاً يُحتذى به من قبل الدول المهتمة باستكشاف إمكانات الطاقة النووية للمرّة الأولى، ومنذ انطلاقتها عام 2009، تسعى مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بشكل مستمر إلى تطبيق أعلى المعايير العالمية الخاصة بالجودة والسلامة والأمن والشفافية التشغيلية.

Email