بناء كوادر مستدامة لدعم العملية التشريعية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر العمل التشريعي، من أكثر الأعمال تعقيداً للعاملين في المجال القانوني بشكل عام، وهو ما يؤكد عليه غالب، إن لم يكن جميع من خاض تجربة هذا العمل، إذ يتطلب ممن يمارس العمل التشريعي، الإحاطة بجميع الجوانب التي سيؤثر فيها مشروع التشريع بشكل مباشر وغير مباشر، والدراية بالسبل والوسائل الكفيلة بتحقيق انسجام مشروع التشريع الجديد، مع التشريعات النافذة، ووضعه بالصورة الصحيحة والسليمة، التي تحقق الغايات التي من أجلها وضع هذا التشريع الحديث، وبما يتواكب مع المتغيرات المعاصرة، ويتوافق مع الرؤية المستقبلية.

ولذلك، يواجه من بدأ رحلته في هذا المحيط، وخصوصاً الشباب منهم، عناء التعرف إلى كيفية الإبحار على سطحه، وخوض غماره التي لم تكشفها أو تبين ملامحها مساقات التعليم التي درسها خلال المراحل الجامعية الأولى، ولعل هذا الواقع، ما قادنا إلى كتابة هذا الموضوع، الذي نسلط من خلاله الضوء بشكل موجز، على الوسائل والطرق التي تساعد الكوادر الشابة التي بدأت العمل التشريعي، على اللحاق بركب الكوادر ذات الكفاءة العالية والخبرة الطويلة والمعرفة العميقة، وكيف تصبح هذه الكوادر مستقبلاً حجر الزاوية في العمل التشريعي، ويحقق استدامة الكوادر البشرية، ذات الكفاءات والمهارات في دعم العملية التشريعية في دبي.

عناصر

وقال الدكتور سعود المنصوري مدير إدارة الفتوى والرأي القانوني في اللجنة العليا للتشريعات: «يعتمد العمل التشريعي على العديد من العناصر، ولعل من أهمها: إظهار غايات ومقاصد المشرع من خلال التشريع والأحكام التي تضمنها، بما يواكب التطورات المعاصرة التي تشهدها الإمارة، وبما يتوافق مع الرؤى المستقبلية لها، وكذلك المراجعة المستمرة للتشريع، للوقوف على فاعليته، واستشعار المتغيرات من مختلف المجالات ذات العلاقة بشكل مباشر وغير مباشر، بما يسهم في تحديد أوجه تحسين أحكامه.

فهذه العناصر، وإن كانت تتميز كل منها عن الأخرى، إلا أنها متشابهة في اعتمادها وتجسيدها على أرض الواقع، على عمل الكوادر البشرية ذات الكفاءة المتسلحة بالمعرفة المستمرة والمتنوعة، والمهارة التي صُقلت من خلال التدريب الفعال، وتجارب العمل المختلفة، والعمل جنباً إلى جنب مع ذوي الخبرة».

توجيهات

وأضاف: «تميز هذه الكوادر البشرية والمحافظة على استدامتها في العمل التشريعي، يأتي نتيجةً لتوجيهات القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتجسيداً لما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي، رعاه الله «إن الاستثمار في الإنسان، هو الأعظم فائدة والأكثر عائداً».

وهذا ما أكد عليه سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، رئيس اللجنة العليا للتشريعات، حين قال: «تعلمت من مدرسة محمد بن راشد، أن التنمية أساسها الاستثمار في قدرات الناس، من خلال تبنّي أشخاص يتمتعون بقدرات حقيقية، يَتحدَّوْن أنفسهم لتحقيق ما هو أفضل لنا، وأن الاستثمار الحقيقي، هو الاستثمار بالإنسان وبقيمته وبأفكاره وإبداعاته».

المعرفة القانونية

وأضاف: «من هذا المنطلق، وحرصاً منها على استدامة هذه الكفاءات، خصّصت اللجنة العليا للتشريعات، من خلال أمانتها العامة، العديد من المنشورات القانونية، والبرامج التدريبية المتمثلة بالدورات والورش الهادفة إلى نشر المعرفة القانونية بشكل عام، والتشريعية بشكل خاص، بين الكوادر البشرية القانونية العاملة لدى الجهات الحكومية، والتي من خلالها تنقل خبرات، وتعرض تجارب العمل التشريعي من ذوي الكفاءة والخبرة من القانونيين العاملين في الأمانة العامة، إلى أقرانهم في الجهات الحكومية، بالإضافة إلى دور فرق عملها، التي تُشكل لغايات إعداد مشروعات التشريعات، ودراسة طلبات الرأي القانوني الواردة من الجهات الحكومية، وكذلك التي تعمل على إعداد تقارير الرقابة التشريعية الصادرة عن الأمانة العامة للجنة العليا للتشريعات.

فهذا التنوع في مهام فرق العمل المشتركة، التي جمعت ذوي الخبرة والكفاءة من الأمانة العامة، مع الكوادر القانونية الشابة لدى الجهات الحكومية المعنية، أتاحت الفرصة لنقل خبرات وخلاصات التجارب الناجحة إلى هذه الكوادر الشابة، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لهذه الكوادر من ممارسة أعمال قانونية مختلفة».

استمرارية

وتابع: «هذا من جانب، ومن جانب آخر، يجب على الكوادر القانونية الشابة، المحافظة على استمراريتها في البحث والاطلاع على مصادر المعرفة القانونية، من مبادئ المحاكم الاتحادية العليا، ومحاكم التمييز بدبي، والكتب والمقالات القانونية، والاطلاع على التشريعات الحديثة الصادرة في الدول العربية والأجنبية، بذلك، لا يتوقف تحديث المعلومات لدى القانوني، وتوسيع مداركه القانونية.

وكذلك من الطرق المهمة التي تُساعد على سرعة استرجاع المعلومات، تدوين القانوني لاستنباطاته واستنتاجاته القانونية، وحسن ترتيبها ضمن ملفات إلكترونية أو مكتوبة، أياً كانت الوسيلة التي يُفضلها، وتسهم في ترتيب أفكاره، فهذه الاستنباطات والاستنتاجات، تتزايد وتتنوع مع مرور الوقت الذي يُمضيه القانوني في أعماله القانونية بشكل عام، والتشريعية والاستشارية بشكل خاص، والتي قد تقوده إلى إصدار كتابات قانونية له مستقبلاً، يُسلط فيها الضوء على بعض هذه الاستنتاجات، التي توصل إليها خلال عمله القانوني.

كما تُسهل هذه الوسيلة لذوي الخبرة من نقل خلاصات تجاربها بشكل أدق وأشمل، إلى الكوادر القانونية الشابة، التي بدأت عملها القانوني حديثاً، مع أهمية تسخير الوسائل التقنية لتحقيق هذه الغاية».

خبرات

وأوضح الدكتور سعود المنصوري «أن القانوني القائم على أداء مهام إعداد مشاريع التشريعات، في حاجه إلى تطوير محصلته من المفردات اللغوية، التي تدعم صياغته لنصوص هذه التشريعات، وفي ضبط أحكامها، وتوجيهها نحو الغايات التي رسمت من أجلها».

استدامة

قال الدكتور سعود المنصوري «إن هذه الوسائل والطرق، وغيرها التي لم يتم ذكرها في هذا الموضوع، تقود الكوادر القانونية الشابة، إلى اكتساب خلاصة خبرات الكوادر القانونية ذات الكفاءة والخبرة في العمل القانوني بشكل عام، والعمل التشريعي بشكل خاص، وهو الأمر الذي يدعم استدامة الكوادر البشرية الماهرة في العمل التشريعي».

Email