تنوُّع يشمل التكنولوجيا والفضاء والصناعة والاستثمار والطاقة

الإمارات والصين 4 عقود على ولادة شراكة الكبار

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتزايد عمق العلاقات الإماراتية الصينية عاماً بعد آخر، ويتصاعد حجم العمل المشترك بينهما، وهما يقتربان من إتمام 4 عقود من الشراكة النوعية، القائمة على أسس الاستمرار في تعزيز التعاون المتبادل في شتى المجالات، ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والعلاقة الخاصة بين البلدين الصديقين، والمشاركة المتبادلة لممثليهم من المؤسسات الحكومية، أو القطاع الخاص في المؤتمرات والاجتماعات والفعاليات التي يتم تنظيمها في البلدين، بما يصب في ترسيخ التعاون الثنائي بينهما، ويدفع بتعزيز وترسيخ العلاقة لمستويات عليا تعزّز التنمية في البلدين.

تطور كبير

ويعتبر التطور الكبير في التعاون الاقتصادي والتجاري بين الإمارات والصين، نتيجة طبيعية، عقب قرار البلدين الارتقاء بمستوى علاقاتهما إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، الأمر الذي شكل نقطة تحوّل مهمة، جرى تعزيزها وتوثيقها عبر لجنة اقتصادية عليا مشتركة، تتولى مهمة الارتقاء بهذه العلاقات في 13 قطاعاً، تشمل الاستثمار والصناعة والثقافة والطاقة المتجددة، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والابتكار والصحة والتعليم والسياحة، والفضاء والطيران، والبنية التحتية والخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتقنية العليا والفضاء والذكاء الاصطناعي، والمدن الذكية والطب والسياحة العلاجية، بالإضافة إلى 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم، لتنظيم العلاقات بين البلدين في مجالات التعليم والبحث العلمي.

وارتفع حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الدولتين، إلى 213.4 مليار درهم عام 2018، وفق تقديرات رسمية أولية، مدعومة بدراسات متخصصة، أعدتها وزارة الاقتصاد، أظهرت أن هذا الرقم مرشح لبلوغ مستوى 257.6 مليار درهم قريباً.

بوابة عبور

وتصنف الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للصين في العالم، وأكبر شريك للصين في المنطقة العربية، إذ تستحوذ على 23% من حجم التجارة العربية مع الصين، كذلك، كما أن 60% من التجارة الصينية، يعاد تصديرها عبر موانئ الدولة إلى أكثر من 400 مدينة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الأمر الذي أكسبها لقب بوابة العبور الأولى للتجارة الصينية لثلثي سكان العالم، علاوة على أن الإمارات هي من أكبر مصدري النفط للصين. وفتحت الإمارات، أبوابها للاستثمارات الصينية، وحرصت على تذليل أي عقبة أمامها، كما تشجع رجال الأعمال الإماراتيين على الاستثمار في الصين، واكتشاف فرص التعاون وبناء الشراكات الفاعلة، التي تصب في مصلحة التنمية في البلدين.

نشاط

وفي مؤشر على النشاط الاقتصادي والتجاري الصيني في الإمارات، تظهر الإحصاءات، وجود أكثر من 4200 شركة صينية تمارس أعمالها في الدولة، ونحو 2500 علامة تجارية صينية مسجلة، و356 وكالة تجارية صينية.

استثمارات

أما على مستوى الاستثمارات المباشرة التراكمية المشتركة بين البلدين، فقد بلغت 11.87 مليار دولار بنهاية 2017، موزعة بين 9.1 مليارات قيمة رصيد الاستثمارات التراكمية الصينية المباشرة، وتنوعت هذه الاستثمارات، ففي مجالات تجارة الجملة والتجزئة والأنشطة المالية وأنشطة التأمين والأنشطة العقارية والبناء والتشييد، وصلت قيمة رصيد الاستثمارات الإماراتية التراكمية المباشرة في الصين، نحو 2.775 مليار في العام ذاته، وتشمل قائمة الاستثمارات الإماراتية في الصين، الاستثمار في مجال تشغيل الموانئ والتصنيع والبتروكيماويات والغاز والتكنولوجيا والعقارات وتجارة الجملة، إلى جانب السياحة والضيافة والخدمات المالية وتنمية المناطق الاقتصادية، على أن قائمة أهم الشركات الإماراتية المستثمرة، تشمل «بروج» و«الإمارات العالمية للألمنيوم» و«مبادلة»، وشركة بترول أبوظبي الوطنية، وموانئ دبي العالمية.

إكسبو دبي

فيما ستلعب الصين دوراً رئيساً في «إكسبو 2020 دبي»، وسيكون «تشاينا بافيليون»، واحداً من أكبر المعارض الموجودة على مساحة 4636 متراً مربعاً، ويرمز جناح الصين إلى الأمل والمستقبل المشرق، وهو مصمم بما يتماشى مع مبدأ الجمع بين الثقافة الصينية والغربية، وسيكون الجناح المصمم على شكل فانوس الحياة الصينية، الذي يرجع تاريخه لأكثر من 5000 عام، ابتداء من اختراع صناعة الورق والطباعة والبوصلة والبارود في الصين. وسيسلط الجناح، الضوء على الدور الريادي المتطور والسريع للصين، وعلى مشروعات تشكيل المستقبل والبنية التحتية الضخمة، بما في ذلك مبادرة الحزام والطريق (BRI) و(5G) والذكاء الاصطناعي، منها المركبات المستقلة، التي يمكنها مشاركة البيانات، واتخاذ القرارات الصعبة، إضافة إلى أكبر الأقمار الصناعية الراديوية في العالم، للكشف عن علامات الحياة خارج الأرض، كما سيعرض هذا «البافليون» بوضوح، ثقافة الصين العميقة، وتاريخها الطويل، من خلال دمج العناصر الصينية بشكل فني مع التقنيات الحديثة.

حيّ صيني

وبعد السوق الصيني في دبي وتوسعاته، والثاني الكائن في عجمان، تكريماً للمقيمين الصينيين في الدولة، وبهدف تعزيز العلاقات التجارية مع الصين، ستقوم «إعمار» بتطوير أكبر حي صيني ضمن المنطقة التجارية في «خور دبي»، الوجهة الممتدة على مساحة 6 كيلومترات مربعة، التي يمكن الوصول إليها خلال 10 دقائق فقط، من كل من مطار دبي الدولي وبرج خليفة. وجاء ذلك الإعلان، قبيل توقيع «إعمار العقارية»، اتفاقية مع مطار بكين داشينغ الدولي، لتنفيذ مشروع بقيمة 40.5 مليار درهم (11 مليار دولار)، شاملة قيمة الأرض، التي تبلغ مساحتها 5 كيلومترات مربعة من المطار البالغ مساحته 50 كيلومتراً مربعاً.

«الحزام» يلتقي بـ «طريق الحرير»

تتجه الأنظار إلى المكاسب الاقتصادية المحتملة للدولة من اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الإمارات والصين، في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، التي تعد الإمارات لاعباً رئيساً فيها، نظراً لاعتبارات عدة، أبرزها، الموقع الجغرافي الاستراتيجي، الذي يشكل نقطة تواصل بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وبنيتها التحتية العصرية، وقدراتها اللوجستية المتطورة، وعلاقاتها التجارية الواسعة مع دول العالم، بما فيها الصين، ودورها المسؤول في سوق الطاقة العالمي، ما يجعلها طرفاً فاعلاً في مبادرة «حزام واحد - طريق واحد»، ومحطة أساسية من محطاتها. ففي أبريل 2019، جرى إطلاق مجمع «سوق التجار»، الذي سيتم إنشاؤه في دبي، مقابل منطقة «إكسبو» على مساحة 20 مليون قدم مربعة، والمقرر أن تصل مساحته الإجمالية الصافية إلى 60 مليون قدم مربعة. ويؤكد المشروع الضخم، دور الإمارات كشريك استراتيجي رئيس في المشروع الصيني العالمي العملاق «الحزام والطريق»، ومحطة عالمية محورية لطريق الحرير في دبي. وسيضم «سوق التجار» مستودعات لوجستية ضخمة، ومنافذ تجارية للبيع بالجملة، ترسيخاً لإسهام المنطقة الحرة في جبل علي، في دعم حركة التجارة على المستويين الإقليمي والعالمي.

Email