تلفزيون دبي.. شاهد على عطاء «أمير الإنسانية» الراحل

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

50 عاماً ونيف هو عمر تلفزيون دبي، ذاك الواقع حالياً بمحاذاة جسر آل مكتوم، فلا يزال التلفزيون بكل تفاصيله، علامة بارزة في الإمارة، وشاهداً على عطاء الكويت وبصماتها التاريخية في «دانة الدنيا» التي لا تزال حافظة لـ «العهد» ووفية ليد الكويت البيضاء التي ساهمت في تأسيس التلفزيون قبل 50 عاماً، وهو الذي اتخذ بداية من القصيص مقراً له، حيث انطلق آنذاك تحت عنوان «تلفزيون الكويت من دبي»، وكانت شاشته بالأبيض والأسود، وطاقمه الإداري والفني كان من الكويتيين والإماراتيين والعرب، الذين عملوا جميعاً تحت قيادة الإعلامي الكويتي محمد المهنا، ليبقى التلفزيون حاملاً اسمه هذا لنحو عامين بعد الإعلان عن تأسيسه في 9 سبتمبر 1969.

وكان لـ«أمير الإنسانية» المغفور له الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، دور بارز في تأسيسه، لم يغب عن ذاكرة الإمارات، قيادة وشعباً، حيث وثق لذلك الدور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عبر تغريدات على حساب سموه في «تويتر»، في ذكرى تأسيس تلفزيون دبي قبل نحو عام من الآن.وقال سموه حينها: «قبل خمسين عاماً في مثل هذا اليوم، وقف معنا رجل وقفة تاريخية لإطلاق أول قناة تلفزيونية من دبي... رجل نحبه ويحبنا.. أمير الإنسانية.. الشيخ صباح الأحمد.. آثار إنجازاته وإنسانيته وحكمته ستبقى طويلاً طويلاً». ومثل إطلاق أول بث تلفزيوني في دبي، حكاية أخوة إماراتية- كويتية، لا تزال فصولها تتواصل حتى يومنا هذا، دونما انقطاع؛ ففي التاسع من سبتمبر 1969، انطلق أول بث لـ«تلفزيون الكويت من دبي»، في حدث لا ينسى، شكل فصلاً جليلاً من حكاية الأخوة الإماراتية- الكويتية، وشاهداً على عظمتها، وعظمة صناعها، الذين صاغوها بقلوب محبة، وبعقول نيرة.

الانفتاح الكبير

مثّل ظهور «التلفزيون» طفرة كبيرة في عالم نقل الأخبار والاتصال في العالم، وأضفى بالتالي، قيمة كبيرة على فكرة العالم الواحد المتصل، تحت سماء مفتوحة على التواصل. ولهذا، بالذات، كان التلفزيون والبث التلفزيوني، هو أشد ما تحتاج إليه دبي، التي بنت نموذجها الفريد على العوالم المتصلة، والأجواء المفتوحة.

وعليه، فليس من الغريب أن حكمة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، التي أبصرت تحول مفاهيم «الاتصال والتواصل» إلى مستوى أعقد قائم على ترويج الأفكار وأنماط الحياة والحاجات قبل خلق السلعة والخدمة، قد قادته إلى إدراك أهمية البث التلفزيوني. وفي ظروف تلك الأيام، كان تحقيق ذلك يتطلب «وقفة تاريخية» من أخ محب، وشقيق وفي، فكانت دولة الكويت وأهلها الكرام أول من يخطر بالبال، وإليهم توجه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، فأجابوه، وكان له ما أراد: «تلفزيون الكويت من دبي»، الذي شكل انطلاقة البث التلفزيوني في الإمارة، ومنصة دخولها إلى الإعلام الحديث العصري والكبير.

تم إطلاق البث التلفزيوني في دبي في التاسع من سبتمبر العام 1969، وتم هذا الحدث الكبير، بحضور المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رحمهما الله؛ ليصبح هذا تاريخ ذلك اليوم المشهود يوماً من أيام الأخوة الإماراتية- الكويتية، ورمزاً يذكر بالمواقف الجليلة، التي وقفتها الكويت وأهلها مع أشقائهم في كل مكان.

بدأ «تلفزيون الكويت من دبي» بثه بالأبيض والأسود، واستمر كذلك طوال مدة وجوده، وخلال هذا الوقت أداره طاقم إداري وفني من الكويتيين والإماراتيين والعرب. وكانت مدة البث اليومي أربع ساعات مسائية، ثم صارت ست ساعات، ومع قيام الاتحاد أصبح البث ثماني ساعات مسائية، وفي الفترة الصيفية كان هناك بث صباحي.

تذكر المرويات ذات العلاقة أن مقر «تلفزيون الكويت من دبي» كان في منطقة القصيص؛ ولكن هذه ليست أهم معلومة في هذا السياق؛ إذ تؤكد هذه المرويات أن عدد العاملين في هذا التلفزيون وصل إلى 63 موظفاً، ثم زاد إلى الضعف بسرعة، وأن نسبة تسعين في المئة منهم كانوا من أبناء الإمارات، مع نسبة إنتاج محلي من البرامج تبلغ الربع، بينما يمثل الإنتاج الكويتي ربعاً آخر، وكانت النسبة المتبقية (وهي 50%) من البرامج العربية والأجنبية.

إن نسبة إنتاج محلي تبلغ الربع في ذلك الوقت هي نسبة متقدمة، بكل المعايير، أما نسبة تسعين في المئة من العاملين، فهي نسبة ليست عالية فقط، بل استثنائية للغاية، وتثير الكثير من الأسئلة حول الأسباب التي قادت لاحقاً إلى ذلك التحول الدراماتيكي في إقبال أبناء الإمارات على المهنة الإعلامية في قطاع التلفزيون.

وقام «تلفزيون دبي»، بدور ريادي في قيادة التوجه نحو التحديث واللحاق بركاب العصرنة، وإشاعة أنماط حياة حديثة، الأمر الذي ظهر في الدور الذي لعبه في إسناد التوجه العام نحو التعليم، وتمكين المرأة، وإثراء الحياة الثقافية والفنية، وإعلاء قيم العمل، وغير ذلك.

مسؤولية أخوية

وقع على الإدارة الأولى لـ«تلفزيون الكويت من دبي»، مسؤولية جسيمة متعددة الأوجه، ومن ذلك الجهد العظيم المبذول لتجهيز المحطة بالمعدات، ثم تشغيل المحطة ورفدها بالمواد التلفزيونية، والأهم، اختيار وتدريب فريق عمل إماراتي لتشغيل «تلفزيون الكويت من دبي». وقد شكل «التلفزيون» منصة لظهور إعلاميين إماراتيين رواد من مثل: أحمد قاسم العلي، وسعيد الغيث، وحصة العسيلي.

Email