مهمة «طموح زايد» وضعت الإمارات بين الكبار في القطاع

احتفال بمرور عام على انطلاق أول رائد فضاء إماراتي إلى المحطة الدولية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

احتفل مركز محمد بن راشد للفضاء، أمس، بذكرى مرور عام على الإطلاق التاريخي لأول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء، وأول عربي على متن محطة الفضاء الدولية.

قبل عام من الآن، وكان رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري، قد انطلق في مهمة تاريخية، مثلت علامة فارقة في تاريخ الإمارات. استمرت لـ 8 أيام، أجرى خلالها المنصوري 16 تجربة علمية، بالتعاون مع وكالات فضاء عالمية، على متن محطة الفضاء الدولية.

وحققت المهمة التي حملت شعار «طموح زايد»، حلم الوالد المؤسس، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ورؤية القيادة الرشيدة للدولة، لتكون الإمارات شريكاً فاعلاً في صياغة المستقبل. في الوقت الذي مثّلت فيه المهمة إنجازاً كبيراً للدول العربية.

وانطلقت المركبة الروسية «سويوز إم إس 15»، والتي حملت المنصوري مع رائد الفضاء الروسي، أوليغ سكريبوتشكا، ورائدة الفضاء الأمريكية جيسيكا مير، في تمام الساعة 17:57 بتوقيت الإمارات، من مركز بايكونور الفضائي بكازاخستان، لتعلن نجاح برنامج الإمارات لرواد الفضاء، الذي أُطلق في عام 2017، بهدف تدريب وإعداد فريق من رواد الفضاء الإماراتيين، وإرسالهم إلى الفضاء، للقيام بمهام علمية مختلفة.

وانتهت مهمة «طموح زايد»، بنجاح كبير، تُوجت بعودة المنصوري إلى الأرض، على متن المركبة «سويوز إم إس 12»، في 3 من أكتوبر 2019.

وجسد إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في 3 سبتمبر 2018، أسماء أول رائدي فضاء إماراتيين، وهما هزاع المنصوري وسلطان النيادي، لحظة تاريخية في مسيرة الإمارات وقطاعها الفضائي، حيث تم اختيارهما من ضمن 4022 شخصاً تقدموا لبرنامج «الإمارات لرواد الفضاء»، بعد أن خضعوا لسلسلة طويلة من الاختبارات الطبية والنفسية المتقدمة، ومجموعة من المقابلات الشخصية، وفق أعلى المعايير العالمية.

تدريبات متطورة

وبدأ هزاع المنصوري، الحاصل على بكالوريوس علوم الطيران من كلية خليفة بن زايد الجوية، ولديه خبرة تزيد على 14عاماً في الطيران الحربي، مجموعة واسعة من البرامج التدريبية، في مركز يوري غاغارين لتدريب رواد الفضاء، بمدينة النجوم في روسيا، بدأت بتعلّم اللغة الروسية، وذلك كمطلب رئيس، لضمان نجاح التدريبات اللاحقة على مركبة سويوز والإقلاع والهبوط، فضلاً عن تدريبات مختلفة من وكالات فضاء عالمية، مثل الأوروبية والأمريكية، وخلال عام كامل من التدريبات المتنوعة مع رواد فضاء هذه الوكالات، حصل المنصوري على إشادات كبيرة، تعكس تقدم مهاراته ومستواه.

وأجرى رائد الفضاء الإماراتي على متن محطة الفضاء الدولية، 16 تجربة علمية، بالتعاون مع شركاء دوليين، منهم وكالة الفضاء الأوروبية «إيسا»، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية «جاكسا»، ووكالة الفضاء الروسية «روسكوزموس»، ووكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، بينها 6 تجارب على متن محطة الفضاء الدولية، في بيئة الجاذبية الصغرى، وهي بيئة منعدمة الجاذبية تقريباً، لدراسة تفاعل المؤشرات الحيوية لجسم الإنسان في الفضاء، مقارنة بالتجارب التي أجريت على سطح الأرض، ودراسة مؤشرات حالة العظام، والاضطرابات في النشاط الحركي، والتصور وإدراك الوقت عند رائد الفضاء، إضافة إلى ديناميات السوائل في الفضاء، وأثر العيش في الفضاء في البشر، فيما يعتبر ذلك المرة الأولى التي يتم فيها إجراء هذا النوع من الأبحاث على شخص من المنطقة العربية.

تجارب مهمة

وتضمنت مهمة «طموح زايد»، تجارب من مدارس الإمارات، ضمن مبادرة «العلوم في الفضاء»، التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء، وشاركت في إجرائها على الأرض حوالي 16 مدرسة من الدولة، بوجود المنصوري في المرحلة الأولى، وأجراها خلال فترة المهمة في بيئة منعدمة الجاذبية تقريباً على متن المحطة، كما أجرى عدة جلسات تواصل عبر الفيديو وموجات اللاسلكي، حيث شارك في الجلسات، عدد كبير من طلاب المدارس، من مختلف إمارات الدولة. وكانت الجلسات فرصة للمشاركين، لطرح العديد من الأسئلة المتنوعة، التي أجاب عنها هزاع المنصوري، حول الحياة على متن محطة الفضاء الدولية.

وسجل المنصوري، في إنجاز غير مسبوق، أول جولة تعريفية مصورة باللغة العربية لمحطة الفضاء الدولية، حيث شرح مكونات المحطة، والأجهزة والمعدات الموجودة على متنها، إضافة إلى نبذة عن حياة رواد الفضاء اليومية على متن المحطة. كما سجل عدة فيديوهات قصيرة، توثق الحياة على متن محطة الفضاء الدولية ومكوناتها، إضافة إلى الأنشطة التي يقوم بها رواد الفضاء، وتسجيل يومياته لـ 15 دقيقة كل يوم، فيما أطلع المنصوري زملاءه من رواد الفضاء الموجودين على متن المحطة، على أبرز العادات والتقاليد الإماراتية، من بينها عاداتنا الغذائية، عبر دعوتهم لتناول أطباق طعام إماراتية.

وقرأ هزاع قصتين للأطفال، حيث يعد أول رائد فضاء عربي يسجل قصصاً للأطفال على متن محطة الفضاء الدولية، في خطوة من شأنها إثارة شغف الأجيال الجديدة، وإعطاؤها الحافز على التميز المعرفي في العديد من المجالات المعرفية الحديثة، التي تركز عليها الإمارات في سعيها نحو المستقبل، كما أرسل المنصوري، عدداً من مقاطع الفيديو والصور، التي التقطها لكوكب الأرض، إضافة إلى صور التقطها للإمارات من الفضاء، وأظهرت الصور التي استقبلها فريق المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، عدداً من الدول العربية في شمال أفريقيا، ومصر، والمملكة العربية السعودية بما في ذلك مكة المكرمة.

تواصل

وعرض المنصوري، خلال اتصال مباشر بالفيديو، في اليوم الرابع من المهمة، الرسومات المختارة من مبادرة «أرسل إلى الفضاء»، التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء، وخلال وجوده على متن محطة الفضاء الدولية، كان المنصوري يتواصل مرتين يومياً مع المحطة الأرضية، في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، لمناقشة جدوله اليومي، والمهام المكلف بها على متن محطة الفضاء الدولية.

وتضمنت الـ 16 تجربة علمية التي أجراها المنصوري في محطة الفضاء الدولية، تجارب علمية، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، بالإضافة إلى تنفيذه تجارب مبادرة «العلوم في الفضاء»، وهي تجارب علمية بسيطة، تم اختيارها بناء على منهج المدارس في الإمارات، والتي تسهم في رفد المناهج الإماراتية بمواد علمية جديدة، وتنوعت التجارب بين الفيزيائية والبيولوجية والكيميائية.

دراسات علمية

واستهدفت التجارب العلمية التي أجراها المنصوري، دراسة التنظيم المستقل لنظام القلب والأوعية الدموية، وديناميكا الدم المركزية، وتأثير عوامل رحلة الفضاء على التوزيع المكاني لطاقة انقباضات القلب، ودراسة مؤشرات حالة العظام، وتكوين الجسم، وتنظيم الغدد الصماء في رواد الفضاء قبل وأثناء وبعد الرحلة على المدى القصير، كما شملت تأثير الغذاء في العظام، ودراسة النشاط الحركي لرائد الفضاء في ظروف الطيران الفضائي، وتأثير الجاذبية الصغرى في نمو الخلايا والكائنات الدقيقة والجينات، ومعدلات إنبات البذور والفطريات والطحالب، وتأثير المضادات الحيوية في البكتريا، والتفاعلات الكيميائية الأساسية في الفضاء، ودراسة إدراك الوقت عند رائد الفضاء، وكيفية التحقق من سلوك السوائل تحت الجاذبية.

لجنة

ويقوم مركز محمد بن راشد للفضاء، حالياً، باختيار رائدي الدفعة الثانية من برنامج الإمارات لرواد الفضاء، من خلال لجنة تضم متخصصين وخبراء من المركز، من بينهم رائدا الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي، ومن المخطط له، أن يتم الإعلان عن رائدي الدفعة الثانية مطلع العام المقبل. وتستهدف الدفعة الثانية، اختيار رائدي فضاء إماراتيين، للانضمام إلى فريق وطني من رواد الفضاء الإماراتيين المؤهلين للقيام بمهام استكشاف مأهولة وطويلة المدى، وذلك من أجل دعم طموح الدولة في مهام استكشاف الفضاء.

وقال يوسف حمد الشيباني مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء: «نحتفي بذكرى أصبحت خالدة في سجل إنجازات الإمارات، وللتعبير عن فخرنا بهذا المنجز الوطني، الذي أصبح جزءاً من قصة نجاح ملهمة، وصورة نفخر بها أمام العالم. فقد أسست القيادة الإماراتية لاستراتيجية مستقبلية واضحة، تهدف إلى جعل الإمارات في المقدمة على كافة الأصعدة. وقد تأكدت فعالية هذا النهج، وما يمثله برنامج الإمارات لرواد الفضاء، كأحد الركائز الأساسية لمستقبل قطاع الفضاء في المنطقة. وقد تحقق بالفعل وصول أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء، ليوثق الحضور الإماراتي لرواد الفضاء إقليمياً وعالمياً».

ومن جانبه، قال سالم المري مدير برنامج الإمارات لرواد الفضاء في مركز محمد بن راشد للفضاء: «لم يكن إنجاز الدولة بإطلاق أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء، رهين الظروف، بل هو نتاج خطة عمل طموحة وخطوات محسوبة، جسّدها المركز من خلال برنامج الإمارات لرواد الفضاء، وبكونه امتداداً لهدف المساهمة الفاعلة على المستوى العالمي، ودعم الجهود العالمية الخاصة بأبحاث الفضاء، وتطوير البحث العلمي. ويبرز دور رائدي الفضاء هزاع وسلطان، كعنصر أساسي، لتحقيق المزيد من الإنجازات في صناعة وعلوم أبحاث الفضاء. وما زالت إمكاناتنا في قطاع الفضاء، تنمو وتتطور بوتيرة سريعة، بما سيُضيفه رواد الفضاء الإماراتيون القادمون من زخم كبير، في تعزيز طموح مهمة الإمارات في استكشاف الفضاء».

حلم الطفولة

وتعليقاً على ذكرى مهمته التاريخية، قال هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي: «سعيد في الذكرى الأولى بتحقيق حلم الطفولة، والذهاب للفضاء، وفخور بتحقيق حلم أبينا زايد، طيب الله ثراه، فهو أول من امتلك رؤية متكاملة لوصول الإماراتيين إلى الفضاء، وهو أيضاً من علمنا أن لا شيء مستحيل. لقد كانت المهمة مليئة بالتحديات، ولكن بفضل دعم القيادة الإماراتية الرشيدة، وجهود مركز محمد بن راشد للفضاء، نجحت المهمة، وتحولت إلى مصدر إلهام وشغف، دفع شباب المنطقة للاهتمام بالفضاء وعلومه. دائماً ما أتطلع إلى المساهمة في استكمال مسيرة الدولة في البرنامج، ومشاركة حصيلة الخبرات والمعارف التي اكتسبناها خلال رحلتنا كرواد فضاء».

دعم

يعتبر برنامج الإمارات لرواد الفضاء، أحد مشاريع برنامج الإمارات الوطني للفضاء، ويحظى بتمويل مباشر من صندوق تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، التابع للهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات (TRA)، والذي يهدف إلى دعم جهود البحث والتطوير في قطاع الاتصالات في الدولة، وإثراء ودعم وتطوير الخدمات التقنية، وتعزيز اندماج الدولة في الاقتصاد العالمي.

Email