الإمارات: معاهدة السلام مع إسرائيل لن تكون على حساب قضية فلسطين

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنّ معاهدة السلام مع إسرائيل لن تكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، مشدداً على أن قرار دولة الإمارات السيادي الإعلان عن المعاهدة يتضمن موافقة إسرائيلية على وقف ضم الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي يشكل إنجازاً وخطوة مهمة، وتحقيقاً لمطلب أجمعت عليه الدول العربية والمجتمع الدولي، وأحد الأهداف الواردة في المبادرة العربية.


وشدد معاليه في كلمة الإمارات في الدورة الـ 154 (عن بعد) لمجلس الجامعة العربية التي عقدت على مستوى وزراء الخارجية، أمس، على أن هناك فرصة حقيقية لإحياء جهود السلام حول قضية الصراع العربي الإسرائيلي.


وفي بداية الكلمة هنأ معالي الدكتور قرقاش وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، بمناسبة ترؤسه أعمال الدورة، كما توجه بالشكر لسلطنة عمان، على جهودها خلال ترؤسها الدورة السابقة. وكذلك هنأ معاليه بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي بمناسبة تعيينه وزيراً لخارجية سلطنة عمان.


وقال معاليه، إن حجم التحديات والأزمات التي تواجه منطقتنا العربية يتطلب عملاً جماعياً وزيادة في التعاون والتعامل بعقلانية وحكمة وتغليب الحلول السياسية.


فلسطين


وأكد معالي د. قرقاش أن القضية الفلسطينية تعتبر القضية المركزية للأمة العربية، مؤكداً موقف الإمارات الراسخ في دعم قيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ودعمها كل الجهود العاملة على تحقيق هذا الهدف، واستمرارها في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني وقضيته في كل المجالات.


وأكد معاليه أن الإمارات تنتهج سياسة ثابتة في دعم جهود التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة، كركيزة أساسية للإمارات منذ نشأتها، حيث أكد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه «دعمنا للشعب الفلسطيني سيستمر حتى يحقق هذا الشعب طموحه في إقامة دولته المستقلة».


وشدد على أن قرار الإمارات السيادي والاستراتيجي في الإعلان عن معاهدة سلام مع إسرائيل يتضمن موافقة إسرائيلية بوقف ضم الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي يشكل إنجازاً وخطوة مهمة في اتجاه السلام، وتحقيقاً لمطلب أجمعت عليه الدول الأعضاء والمجتمع الدولي، إلى جانب كونه أحد الأهداف الواردة في مبادرة السلام العربية، مؤكداً حل القضية بيد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأن هذه المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.


ولا بد من التشديد على أن قرار الإمارات حول العلاقات الطبيعية مع إسرائيل هو قرار سيادي وضمن ما هو متعارف عليه من سيادة الدولة الوطنية على قراراتها، كما أنه غير موجه ضد أي طرف ولا يرتبط إطلاقاً بالاستقطابات التي تشهدها المنطقة بكل أسف بل ويسعى في مضمونه الأساسي إلى التمييز بين الموقف السياسي والعلاقات الطبيعية التي تؤمن دولة الإمارات بأنها ستؤدي إلى فتح أفاق جديدة تدعم قضايا الازدهار والاستقرار في المنطقة.


الجالية الفلسطينية


وقال معالي د.قرقاش: «نحن وإذ نشير هنا إلى الاحترام والتقدير الذي تكنّه دولة الإمارات لأبناء الجالية الفلسطينية المقيمين على أرضها، وتثمينها للمساهمة الإيجابية في نهضة دولتنا، إذ أتاحت لهم الإمارات وقيادتها طوال العقود الخمسة الماضية كل دعم ومؤازرة وتشجيع لصوغ قصص نجاح باهرة، وساهمت في النمو والتطور، والذي طالت ثماره آلاف الأسر الفلسطينية في فلسطين وفي الشتات، وساهمت في ترسيخ وتوطيد العلاقة الأخوية بين الشعبين الإماراتي والفلسطيني، ومن الواجب التأكيد مجدداً على أن دولة الإمارات ستبقى سنداً لخيارات الشعب الفلسطيني الشقيق».


تدخلات خارجية


على صعيد آخر، قال معالي د. قرقاش، إن التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية لا زالت مستمرة الأمر الذي أدى إلى بروز أزمات جديدة وعمل على زيادة وتيرة التطرف والإرهاب والميليشيات المسلحة وزعزعة الاستقرار في المنطقة. وأكد أن التدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية مثال واضح على التدخلات السلبية في المنطقة، حيث تستمر أنقرة في أعمالها الاستفزازية بشكل مباشر في الدول العربية أو عبر وكلائها من المليشيات، بالإضافة إلى إطلاق التصريحات التي تهدد بها سيادة وأمن واستقرار الدول، ومواصلتها تهديد أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية في مياه البحر المتوسط.


وشدد معاليه على أن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية مستمرة ما زالت من خلال دعمها للميليشيات المسلّحة والجماعات الإرهابية في بعض الدول العربية، كما تواصل إيران تهديدها لأمن وسلامة حركة الملاحة البحرية وإمدادات الطاقة في الممرات المائية بالمنطقة، و«نؤكد على إدانتنا واستنكارنا لتلك التدخّلات التي تؤجج الأوضاع في المنطقة وتعرقل جهود التنمية فيها».


الجزر الثلاث


وقال معالي د. قرقاش، إن احترام الدول لالتزاماتها القانونية ومبادئ حسن الجوار سيظل المطلب الأساس لدولة الإمارات، وفي هذا السياق، فإن دولة الإمارات تجدّد دعوة إيران إلى الرد الإيجابي على دعواتها المتكررة للحل السلمي لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.


وأكد معاليه، على موقف الإمارات الداعم لموقف التحالف الداعم للشرعية في اليمن في حض الأطراف على اتخاذ خطوات واضحة لتنفيذ بنود اتفاق الرياض وتجنب التصعيد، وضرورة وقف إطلاق النار، كأساس للعمل السياسي في المرحلة القادمة، مؤكداً دعم الإمارات لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، ودعمها للشعب اليمني في مختلف القطاعات التنموية والإنسانية والخيرية.


وأدان معاليه، استمرار الهجمات الإرهابية من قبل الميليشيات الحوثية على أراضي المملكة العربية السعودية والاعتداء على منشآتها المدنية والحيوية بدعم من إيران، مما يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، ونجدد تأكيدنا على ضرورة وقف الاعتداءات المتكررة على المملكة والعمل معا لتأمين حركة الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة، والبحث عن حلول أساسها احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.


قضايا عربية


وأكد معاليه، أن الحل السياسي هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة في سوريا، مؤكداً أن غياب وجود دور عربي فاعل في الأزمة السورية، أدى إلى زيادة تدخل الدول الأجنبية في سوريا، مشدداً على أهمية تفعيل الدور العربي في سوريا لمساعدتها على العودة إلى محيطها العربي. وفي الشأن الليبي، أكد معاليه، على أهمية دعم المجتمع الدولي لمخرجات مسار برلين وجهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية للمساهمة في إعادة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، مشدداً على على ضرورة وقف التدخلات الأجنبية في ليبيا.


وحول الشأن السوداني، جدد معاليه دعم الإمارات للجهود الرامية إلى تحقيق أمن واستقرار هذا البلد لضمان نجاح المرحلة الانتقالية، مرحّباً بتوقيع اتفاق السلام بالأحرف الأولى بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية برعاية دولة الإمارات.


إنجازات وتحديات


وشدد معالي د. قرقاش على أن الظروف والتحديات التي تمر بها المنطقة، لم تؤثر على مسيرة الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات والتي تعتبر نجاحات عربية، حيث أطلقت الإمارات بتاريخ 20 يوليو 2020، المشروع الإماراتي «مسبار الأمل» إلى كوكب المريخ لاستكشاف الفضاء.


وأشار إلى أنه في إطار الاستخدام السلمي للطاقة النووية، أعلنت الإمارات مطلع أغسطس الماضي، عن نجاحها في تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، والذي يعد إنجازاً ملهماً ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما لجميع الدول العربية.


وقال معاليه، إن الإمارات كدولة محبة للسلام تواصل مساعيها الرامية لنشر ثقافة التسامح والاعتدال والتعايش بين الشعوب وتغليب لغة الحوار، مؤكداً استمرار الإمارات في منهجها في دعم كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي هذا السياق، وفق معاليه، يأتي قرار الإمارات الشجاع في صنع السلام ليعبر عن واقعية نحن في أمس الحاجة إليها، فالقيادة في الدولة وضعت نصب عينيها عند اتخاذ قرار مباشرة العلاقات مع إسرائيل أن تسهم هذه الخطوة في تطوير قطاعات اقتصادية وتنموية متنوعة في عموم المنطقة، وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون في هذه البقعة الإستراتيجية من العالم ما يعود بالرخاء والازدهار على شعوب المنطقة ككل.

Email