خبراء: معاهدة الإمارات مع إسرائيل من منطلق قوة

ابتسام الكتبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عدد من الخبراء الاستراتيجيين أن معاهدة السلام الإماراتية -الإسرائيلية سوف تغيّر توازن القوى في المنطقة، مشيرين إلى أن الإمارات اتخذت خطوتها لإقامة علاقات مع إسرائيل من منطلق قوة، فهي دولة ناجحة في الاقتصاد والتنمية.

وذكروا أن خطوة الإمارات مع إسرائيل تصحيح لخطأ عربي تاريخي تسبب في عزل الفلسطينيين وإضعاف قضيتهم بدعوى رفض التطبيع، وأنها تعكس روحاً جديدة تسعى إلى أخذ زمام المبادرة تجاه التحديات التي تواجه المنطقة العربية.

جاء ذلك في الندوة التي نظَّمها مركز الإمارات للسياسات، مساء أول من أمس لمناقشة دلالات المعاهدة الإماراتية - الإسرائيلية، وآفاق العلاقات بين البلدين وانعكاسات هذه الخطوة النوعية على المنطقة العربية وتوازن القوى الإقليمية.

إدراك كامل

وأكدت رئيسة مركز الإمارات للسياسات الدكتورة ابتسام الكتبي أن دولة الإمارات اتخذت خطوة إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل بناءً على إدراك كامل وعقلاني لأهدافها ومصالحها الاستراتيجية، ولانعكاساتها الإيجابية على الإقليم برمته.

وأوضحت أن الإمارات وإسرائيل ليس بينهما حدود مشتركة، ولم تكونا في حالة حرب أصلاً، لكن الدولتين تتطلعان إلى جني المكاسب من تنمية العلاقات الثنائية بينهما في القطاعات المختلفة، كما تأمل الدولتان في توظيف تقاربهما استراتيجياً، وبخاصة في قضايا المنطقة التي يملكان تصوراً متقارباً تجاهها.

روح جديدة

وأكد الخبير الاستراتيجي الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة جريدة «المصري اليوم» في القاهرة، والرئيس السابق لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام ورئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الأسبق، أن المعاهدة تعبّر عن روح جديدة لدى القيادة الإماراتية تنطلق من أننا كعرب يمكننا إحداث تغيير في مسار المنطقة، مضيفاً أن الإمارات تُقيم علاقات مع إسرائيل من منطلق قوة، فهي دولة ناجحة في الاقتصاد والتنمية، كما أنها تقدم نموذجاً جاذباً من حيث التنوع والتسامح والإدارة الحكومية المتميزة والقدرة على الاستفادة من العولمة، والأهم أنها تعكس صورة «العربي» الذي لا يخاف من إسرائيل والذي يتعامل معها بمنطق الندية.

تعاون

وأضاف أن المعاهدة جزء من التيار التعاوني الذي أخذ يبرز في السنوات الأخيرة في المنطقة والذي يقوم على قيم الاستقرار والازدهار والتقدم، والذي من مظاهره مثلاً إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم من المنطقة فلسطين والأردن ومصر إلى جانب إسرائيل.

وفيما يخص البعد الجيوسياسي للمعاهدة، يرى سعيد أن المعاهدة تسهم في تغيير توازن القوى في المنطقة، وأنها تطرح مشروعاً للتعاون الإقليمي بعيداً عن المشاريع التي خَسَّرت شعوب المنطقة وهددت دولها الوطنية، مثل المشروع الأصولي المتطرف أو مشروع التوسع العثماني أو مشروع تمدد النفوذ الإيراني.

وأوضح أن الولايات المتحدة رعت الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي رغم تراجع انخراطها في قضايا المنطقة، وهي ستستمر في جهودها لخلق علاقات سلام بين إسرائيل والدول العربية، سواء استمرت إدارة ترمب أو جاءت إدارة بايدن.

سياق التحولات

وأفاد الدكتور زيد عيادات مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بأن معاهدة السلام الإماراتية - الإسرائيلية جاءت ضمن سياق التحولات الجيوسياسية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط منذ العقد الأول في القرن الحادي والعشرين، والتي أبرزت الحاجة إلى رؤى ومقاربات جديدة لمعالجة أزمات المنطقة ومشكلاتها، مؤكداً أن نتائج هذه الخطوة تتجاوز المنافع المشتركة للدولتين لتنعكس استراتيجياً على المنطقة برمتها.

دور

وأكد عيادات أن الرابح الأكبر من هذه الخطوة هي دولة الإمارات، لكن الرابح الثاني هو القضية الفلسطينية، لأن الإمارات نجحت من خلال المعاهدة بتجميد قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضم 30 % من أراضي الضفة الغربية وغور الأردن، وأضاف أن المعاهدة تُعزز دور الإمارات في الضغط على إسرائيل لمصلحة الفلسطينيين، مثلما تفعل مصر والأردن كما أن المعاهدة تجعل الإسرائيليين يدركون أنهم يربحون في علاقتهم بالعرب، ما يسحب البساط من تحت اليمين الإسرائيلي ويجعلهم أكثر مرونة تجاه التوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية.

وأضاف أن العلاقات الإماراتية-الإسرائيلية لا تقتصر على التعاون في قضايا السياسة والأمن، بل هي تنشد توثيق التعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتجارة والتكنولوجيا، وفي مجابهة التهديدات غير التقليدية المتمثلة بفيروس «كوفيد 19» والأمن الغذائي والأمن السيبراني.

Email