«الإمارات للإفتاء» لـ« البيان»:

فتوى مفتي القدس تلاعب بالدين لأغراض مصلحية

ت + ت - الحجم الطبيعي

استنكر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي الفتوى الصادرة عن مفتي القدس بتحريم صلاة الإماراتيين في المسجد الأقصى بعد الإعلان عن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل.

وأكدا عضوان بارزان في المجلس لـ«البيان» أن الصلاة في المسجد الأقصى مسألة شرعية لا تتجاذبها السياسة والاتجاهات الفكرية، بل يحكمها الشرع قبل العقل والرأي، ولا يجوز المتاجرة بأحكامها، أو استغلال قدسيتها، لمكاسب شخصية وادعاءات مصلحية.

وقال الدكتور عمر حبتور الدرعي، عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي لـ«البيان»: إن من غرائب الفتاوى ومن عجائبها، ما تفوه به مفتي القدس من حرمة زيارة المسجد الأقصى على الإماراتيين! فهذه الفتوى فيها من الجرأة على الله تعالى ما هو ظاهر ومستغرب، إذ كيف لمن تولى التوقيع عن الله سبحانه أن يوقع عنه بالهوى والافتراء، ويدعي في الدين ما لم يأذن به الله، ويعتدي على حمى الفتوى وحرمتها وأصولها، ويتجاوز مدونات الفقه وفروعه ليخلص إلى التلاعب في أحكام بيوت الله تعالى!

وأضاف: إن الله تعالى قال: (وأن المساجد لله)، فلا يجوز المتاجرة بأحكامها، أو استغلال قدسيتها، لمكاسب شخصية وادعاءات مصلحية، مضيفاً أنه مما يزيد الأمر خطراً وحرمة، أن المفتي قد تحدث عن المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله وفيه، وهو مسرى النبي، صلى الله عليه وسلم.

وقد شرع لنا نبينا، صلى الله عليه وسلم، أن نشد الرحال إليه، فزيارته والصلاة فيه مشروعة، ولا يجوز لأحد أن يحرم أمراً أباحه الله تعالى بل ندب إليه، فذلك نوع من الهوى والافتراء على الله! (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ).

مسألة شرعية

من جهته، استنكر الدكتور أحمد الحداد، كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، الفتوى الصادرة عن مفتي القدس بتحريم صلاة الإماراتيين في المسجد الأقصى بعد الإعلان عن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، مؤكداً أن الصلاة في المسجد الأقصى مسألة شرعية لا تتجاذبها السياسة والاتجاهات الفكرية، بل يحكمها الشرع قبل العقل والرأي.

وقال الدكتور الحداد لـ«البيان»: «ما سمعناه وتناقلته وسائل الإعلام عن مفتي القدس الشريف عن تحريم زيارة الإماراتيين للمسجد الأقصى والصلاة فيه، يعد أمراً غريباً من المفتي؛ لأنه يعلم الحكم الشرعي الذي لا يجهله أحد من المسلمين، فإن أفتى بغير ذلك فإنه يكون قد غير مسار الفتوى إلى مزالق السياسة، وهو أمر غير مقبول لدى الناس أجمعين».

وأضاف فضيلته: «زيارة المسجد الأقصى متاحة لكل من يستطيع الوصول إليه من المسلمين للعبادة وغيرهم للسياحة، والأجدر بالمقدسيين المرابطين في أكناف المسجد الأقصى أن يشدوا أزرهم بإخوانهم المسلمين، فأين الرشد من هذه التصريحات غير الإسلامية والخارجة عن منهجية الإفتاء، فالإفتاء يعني الإخبار عن الأحكام الشرعية التي أؤتمن المفتون عليها؟!».

وقال مدير إدارة الإفتاء في «إسلامية دبي»: كنا مشاركين في مؤتمر نصرة القدس الذي عقده الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين قبل عامين، وحضره الساسة الفلسطينيون من أعلى هرم السلطة فناشدوا المسلمين أن يهبوا لزيارة بيت المقدس نصرة للأقصى والمقدسيين، وقالوا إن ذلك يعد نصرة للفلسطينيين، فما بال تلك التصريحات غابت اليوم لما قدمت لهم الإمارات دعماً لا نظير له لم ينالوا شيئاً مثله منذ الاحتلال، قدمت لهم خدمة بحماية ما بقي لهم من أراضٍ ومكتسبات؟!! أليس هذا تناقضاً صريحاً عن تلك الدعوات والمناشدات؟!!

واجب إماراتي

ورأى الدكتور الحداد أن الإمارات قامت بواجبها الشرعي والمصلحي والمقاصدي «الذي سيحقق للشعب الفلسطيني مكسباً سيشهد به التأريخ قبل الفلسطينيين أنفسهم، فإن تنكروا لها اليوم فهي لا تعمل لإرضائهم، بل لإرضاء الضمير الإنساني والواجب الشرعي والسياسي والمصلحي، وغداً يحمد القوم السرى. وإن غداً لناظره قريب».

وأكد مفتي دبي أن الشرع الحكيم ندب شد الرحال لزيارة المسجد الأقصى للصلاة فيه ونيل البركة الإلهية فيه، فهو مبارك ببركة الله تعالى لم يباركه الزمان ولا الإنسان، فقد قال، صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى»، وشد الرحال إلى هذه المساجد بخصوصها لمعانٍ عظيمة فيها لا توجد في غيرها.

الأزهر: الفتوى انتقائية وغير شرعية

أعرب الدكتور عباس شومان، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن استغرابه للفتوى الصادرة عن مفتي القدس بتحريم صلاة الإماراتيين في المسجد الأقصى بعد الإعلان عن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل.
ورفض الدكتور عباس شومان تحميل الشريعة ما لا تحتمله.

وقال: «أرفض إصدار فتاوى شرعية لا تستند إلى أي مرتكزات أو قواعد شرعية ولا أعرف بصفتي من المختصين في الفقه الإسلامي مسوغاً للحكم بإبطال صلاة شعب دولة مسلمة بكامله في مسجد من مساجد الله اعتماداً على موقف سياسي اتخذته دولته.. وليس دفاعاً عن الإمارات ولا تدخلاً في مواقفها السياسية التي يقدرها قادتها، فإن الفتوى الصادرة.. انتقائية وغير معتبرة شرعاً».

ولفت إلى أن تركيا ترتبط بعلاقات مع إسرائيل منذ عام 1949 وكانت أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل وهذه العلاقات مستمرة حتى وقتنا هذا ووصلت إلى التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية وهو أبعد من التطبيع بكثير ومع ذلك لم نسمع عن فتوى فلسطينية تحرم صلاة الأتراك في المسجد الأقصى ولا نريد أن نسمع، كما أن قطر ترتبط بعلاقات تجارية مع إسرائيل ولم نسمع بتحريم صلاة القطريين في الأقصى ولا نريد أن نسمع.

وقال الدكتور عباس شومان: «إن الفتوى تتعارض مع الضغط القوي من القيادات في فلسطين لإصدار فتاوى تطالب المسلمين كافة بزيارة الأقصى والصلاة فيه». وأضاف: «في حدود علمي لم يصدر في تاريخنا الإسلامي عن السلف أو الخلف فتوى تمنع شخصاً أو جماعة من الصلاة في مسجد من مساجد المسلمين».

Email