الإنجاز النووي.. مزيج من الطاقة يوازن بين الاقتصاد والبيئة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أدى النمو الاقتصادي السريع لدولة الإمارات والتوسع في الصناعات الثقيلة مثل الألومنيوم والحديد إلى تزايد الطلب على الكهرباء بشكل كبير، وتتراوح نسبة الزيادة في الطلب على الكهرباء سنوياً لمواكبة النمو الاقتصادي والصناعي ما بين 7% إلى 10%، وتتفق الكثير من الدراسات والتقارير وأبرزها التقرير السنوي لوزارة الطاقة 2019 على أن معدل استهلاك الفرد من الكهرباء والمياه في البلاد من أكبر المعدلات في العالم.، وبحلول عام 2021 فإن استهلاك الكهرباء في الإمارات قد يلامس أربعين ميغاوات (40000 غيغاوات) بينما الإنتاج الفعلي لا يزيد في أحسن الأحوال عن 35 غيغاوات.

ويحتاج النمو الاقتصادي السريع إلى طاقة كهربائية أكبر لتشغيل قطاعات صناعية وإنشائية وصحية وتقنية ومنزلية جديدة. وحيثما تزدهر أي صناعة جديدة، ينمو معها عدد السكان والطلب على الكهرباء والماء لزيادة التنمية الاقتصادية. وبما أن مناخ الدولة جاف جداً، فحتى المياه تتطلب طاقة لاستخدامها، ذلك لأن 90% من المياه المستهلكة تأتي من محطات التحلية.

ودرست حكومة دولة الإمارات خياراتٍ عدة للطاقة لتلبية احتياجاتها المستقبلية مثل النفط والغاز والفحم والمصادر المتجددة والطاقة النووية، ثم قيّمت هذه المصادر بناءً على تكاليفها وأثرها البيئي وأمن الإمدادات والقدرة على تطويرها اقتصادياً على المدى الطويل.

ووضعت دولة الإمارات استراتيجيات طويلة الأمد لتنويع مصادر الطاقة لديها بحيث لا يصبح الوقود الأحفوري هو المصدر الأكبر لإنتاج الطاقة الكهربائية، وشمل التنويع البحث عن مصادر طاقة نظيفة وآمنة وتم الإعلان عن مشاريع عملاقة في قطاع الطاقة المتجددة والجديدة مثل الطاقة النووية والطاقة الشمسية وإقامة مشاريع للفحم النظيف والتوسع في استخدام الغاز بدلاً من الوقود الأحفوري التقليدي (المازوت) في محطات إنتاج الكهرباء.

حد الانبعاثات الكربونية

ويوفر مشروع براكة النووي السلمي باكتمال تشغيل مفاعلاته الأربعة 5.6 غيغاوات ( 5600 ميغاوات) من الطاقة الكهربائية بواقع 1400 ميغاوات للمحطة الواحدة على مدار الساعة، وستحد المحطات الأربع من 21 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، وهو ما يعادل إزالة 3.2 ملايين سيارة من طرقات الدولة كل عام.

وتكشف دراسة لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية عن أن الطاقة النووية أثبتت أنها الخيار الأمثل للدولة؛ وذلك لأنها آمنة وصديقة للبيئة وتقنية مثبتة علمياً ومجدية تجارياً وتوفر كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية مع انعدام الانبعاثات الكربونية الضارة تقريباً.

واختارت الإمارات الطاقة النووية لتوفير ربع احتياجاتها من الكهرباء لعدة أسباب منها أن الطاقة النووية يمكنها توليد كميات كبيرة وثابتة من كهرباء الحمل الأساسي على مدار 24 ساعة و365 يوماً في العام، بغض النظر عن الأحوال الجوية، كما أن الطاقة النووية يمكنها تقليل الانبعاثات الكربونية في الدولة وتنويعها لإمدادات الطاقة وزيادة أمنها، وتوفير طاقة اقتصادية صديقة للبيئة وموثوقة لعدد السكان المتنامي فيها، فضلاً عن أن الطاقة النووية يمكنها تلبية التزامات الدولة في مجال الاستدامة، فعند التشغيل التام للمحطات الأربعة في براكة، فإنها ستحد من انبعاث 21 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، وهذا يعادل إزالة 3.2 ملايين سيارة من الطرقات سنوياً. كما أن الطاقة النووية تعد تقنية معتمدة، وأثبتت آخر الإحصاءات أن أكثر من 30 دولة حول العالم تُشغّل 450 من محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، وأن 53 محطة جديدة تعد قيد الإنشاء في 19 دولة.

وتمتاز محطات الطاقة النووية بكفاءة عالية في إنتاج كميات كبيرة من الكهرباء بكميات بسيطة من الوقود النووي، حيث تستطيع حبيبة يورانيوم واحدة إنتاج طاقة تعادل الطاقة التي ينتجها 474 لتراً من الوقود أو طن واحد من الفحم، وتعد هذه الطاقة كافية لتوليد الكهرباء في منزلٍ واحد لمدة شهرين دون أي انبعاثات كربونية تقريباً.

استراتيجية الإمارات

وتوسعت دولة الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية في استخدام الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء بدلاً من الوقود الأحفوري القديم (المازوت) باعتباره وقوداً غير ضار وصديقاً للبيئة، ووفقاً لإحصاءات مركز إحصاء أبوظبي والهيئة الاتحادية للكهرباء فإن نسبة استخدام الغاز الطبيعي بلغت نحو 99.9% تقريباً من إجمالي أنواع الوقود المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية بنهاية عام 2019، ويتم تلبية احتياجات الإمارات المتزايدة من الغاز الطبيعي من مشاريع أدنوك التوسعية في قطاع الغاز بعد أن زاد إنتاجها بنهاية عام 2019، على 10 مليارات قدم مكعبة يومياً بزيادة تقدر بنحو 2.5 مليار قدم مكعبة يومياً لعام 2016 الذي سجل نحو 7.5 مليارات قدم مكعبة يومياً، كما تضاعف الشركة جهودها لاكتشاف حقول جديدة للغاز بما يؤدي إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز وتقليص اعتمادها على غاز دولفين.

وتستهدف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 مزيجاً من الطاقة المتجددة والنووية والأحفورية النظيفة لضمان تحقيق توازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية؛ ووفقاً للاستراتيجية فإن الإمارات سوف تستثمر 600 مليار درهم حتى عام 2050 لضمان تلبية الطلب على الطاقة، واستدامة النمو الاقتصادي في الدولة. وتستهدف الاستراتيجية إلى تلبية 44% من احتياجات الإمارات من الطاقة من الطاقة النظيفة، و38% من الغاز، و12% من الفحم النظيف، و6% من الطاقة النووية.

المحطات الشمسية

توسعت استثمارات الدولة في قطاع الطاقة الشمسية، وتزيد استثمارات حكومتي دبي وأبوظبي فيه على 60 مليار درهم، ويعد مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، وفق نظام المنتج المستقل. وستبلغ قدرته الإنتاجية 5000 ميغاوات بحلول عام 2030، باستثمارات إجمالية تصل إلى 50 مليار درهم. وسيسهم المجمّع عند اكتماله في خفض أكثر من 6.5 ملايين طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، كما استثمرت أبوظبي بنهاية العام الماضي أكثر من 8 مليارات درهم في مشاريع للطاقة الشمسية أبرزها محطة شمس 1 بتكلفة 2.2 مليار درهم، ومحطة نور أبوظبي بتكلفة 3.2 مليارات درهم، كما أعلنت شركة أبوظبي للطاقة مؤخراً عن مشروع الظفرة للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية 2 غيغاوات ليرتفع إنتاج أبوظبي من الطاقة الشمسية إلى 3.2 غيغاوات منها 1.17 غيغاوات من محطة نور، و100 ميغاوات من محطة شمس، و2000 ميغاوات من محطة الظفرة.

Email