نائب رئيس المركز الإقليمي لتدريس علوم الفضاء بالأمم المتحدة لـ « البيان »:

«مسبار الأمل» انطلاقة عربية حقيقية بعلوم وتكنولوجـيا الفضاء تؤسّسها الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد الدكتور علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة، لــ «البيان»، أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» يشكل انطلاقة عربية حقيقية في علوم وتكنولوجيا الفضاء تقدمها دولة الإمارات، وذلك بما يحتويه من تقنيات جديدة تتمثل في أجهزته العلمية المتفردة التي ستقدم صورة متكاملة عن الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، وأشار إلى أن دراسته التي أعدها كخبير في «الاسكوا»، كشفت حصول الإمارات على المرتبة الأولى عربياً في تقنيات الفضاء، نظراً لما تتمتع به من كفاءات وطنية متميزة. ورأى النهري أن فرص نجاح مهمة المسبار عالية جداً، بفعل الاختبارات العديدة التي خضع لها للتأكد من قدرته على أداء مهمته بنجاح.

انطلاقة عربية

واعتبر النهري أن «مسبار الأمل» انطلاقة عربية حقيقية ومهمة في علوم وتكنولوجيا الفضاء تقدمها الإمارات للمجتمع العلمي المتخصص والبشرية، كونه يعد أول مهمة فضائية خارج الغلاف الجوي للأرض من شأنها أن تزود المجتمع العلمي العربي والدولي بصورة متكاملة عن الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، موضحاً أن ذلك بمثابة رسالة قوية مفادها أن طموحات الدولة تتجاوز مراقبة الأرض من خلال الأقمار الصناعية مختلفة التقنيات والتي صنعت بسواعد أبنائها، لترتقي إلى المريخ كي تكون من بين 9 دول بالعالم فقط تساهم في استكشاف الكوكب، فضلاً عن أنها تأتي استكمالاً وتأكيداً على النجاحات التي حققتها الإمارات منذ بداية مسيرتها، وقدرتها على المنافسة العالمية في شتى المجالات العلمية والتنموية.

جاهزية كبيرة

وقال النهري إن «مسبار الأمل» يتمتع حالياً بجاهزية كبيرة تعزز من نجاح مهمته، خاصة أنه تعرض لـ5 اختبارات شملت اختبارات الاهتزاز، والتداخل والتوافق الكهرومغناطيسي، والاختبار الحراري، واختبار المكوث بالفراغ وتحمل الصدمات، فضلاً عن الاختبارات الجارية في محطة الإطلاق، والتي تعداها جميعاً بنجاح كبير، موضحاً أن نجاح الإمارات في إطلاق القمر الصناعي (خليفة سات) من نفس موقع المسبار بجزيرة «تانيغاشيما» اليابانية، والذي تم إطلاقه على نفس نوع الصواريخ، وهي «إتش 2 إيه»، فضلاً عن خبرات النجاح السابقة للمشروعات الإماراتية، حيث حققت الأقمار الصناعية لرصد الأرض أداءً جيداً، فإن كل هذه العوامل تؤشر لنجاح مهمة مسبار الأمل وتحقيقها لأهدافها العلمية.

الأول عالمياً

وأفاد أن المشروع الإماراتي لاستكشاف المريخ طبقاً للمخطط العلمي سيرسم صورة جيدة عن مناخ المريخ الحالي، وما كان عليه قبل تلاشي غلافه الجوي، على مدار اليوم وعبر كافة الفصول والمواسم بشكل مستمر، مبيناً أن ذلك يشكل منحى جديداً، خاصة أن جميع المسابير الفضائية الأخرى التي أطلقتها الدول المتقدمة لاستكشاف المريخ، كانت تأخذ فقط لقطات ثابتة في أوقات محددة من اليوم، ما يجعله الأول من نوعه في العالم.

إجابات علمية

وبين أن المهمة ستزودنا بإجابات علمية عن ما الذي حدث للمريخ، فيما يخص تغيراته المناخية ولماذا وصلت إلى وضعها الحالي، موضحاً أن هذا سيسمح بفهم أفضل للتغيرات المناخية على الأرض، معتبراً المسبار بمثابة أول مرصد جوي مريخي حقيقي، يدرس كافة التغيرات التي تحدث في طبقات الغلاف الجوي السفلى، كالعواصف الغبارية، والتغيرات في درجات الحرارة على طبقات الغلاف الجوي العليا، ودراسة العلاقة بين مناخ المريخ وتضاريسه، سواء فوق قمم البراكين الضخمة الموجودة على سطح الكوكب الأحمر، أو أعماق وديانه السحيقة، وعلاقة كل ذلك بطبقات الغلاف الجوي.

ابتكارات ومواصفات

وشرح النهري أن هناك 26 مهمة فقط نجحت في الوصول إلى الكوكب الأحمر من الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان وغيرها، مبيناً أن انضمام الإمارات إلى هذه الدول لتصبح من بين 9 دول فقط بالعالم تستكشف أسرار المريخ، سيشكل انطلاقة عربية حقيقية في عالم الفضاء، وأنه أمام تلك التحركات والإنجازات الدولية في قطاع الفضاء، كان من الصعب أن يقف العرب مكتوفي الأيدي، ولذلك جاءت الإمارات بمشروعاتها لتستكمل الإنجازات العربية السابقة في مجال الفلك، ذلك العلم الذي طالما برعنا فيه قديماً. وتطرق إلى أن مسبار الأمل يعتبر من أكثرها تطوراً على مستوى العالم، بما يضمه من ابتكارات ومواصفات بناء فريدة حيث يتكون من مجسم مضغوط سداسي الشكل مصنوع من الألمنيوم، مع بنية صلبة وقوية بوزن خفيف، وهو ما يعطيه ميزة تفضيلية أكبر، فيما يحمل المسبار 3 أجهزة علمية صممت لجمع أكبر حجم من المعلومات حول مناخ كوكب المريخ، ستساعد في توفير أول صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ وعلى مدار اليوم وخلال فصول السنة، وتشمل «كاميرا للاستكشاف» وهي كاميرا رقمية لالتقاط صور رقمية ملونة عالية الدقة لكوكب المريخ ولقياس الجليد والأوزون في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، وجهاز «المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء» الذي يقيس درجات الحرارة وتوزيع الغبار وبخار الماء والغيوم الجليدية في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، بالإضافة إلى جهاز «المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية» لقياس الأوكسجين وأول أكسيد الكربون في الطبقة الحرارية وقياس الهيدروجين والأوكسجين في الطبقة العليا للغلاف الجوي.

الأولى عربياً

وذكر النهري أن الإمارات تتصدر الدول العربية في تقنيات الفضاء، حيث احتلت المرتبة الأولى عربياً في دراسة أعدها، كخبير باللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا للأمم المتحدة (الاسكوا)، مبيناً أن ذلك تحقق برأيه نظراً لما تتمتع به الدولة من إمكانيات بشرية على كفاءة عالية في تكنولوجيا الفضاء، يدعم ذلك الدعم المادي ويعكسه قيمة حجم استثمارات الدولة في الفضاء والتي تصل إلى أكثر من 22 مليار درهم، ما جعل قطاع الفضاء الإماراتي الأكبر على مستوى المنطقة من حيث الاستثمارات وحجم المشاريع، وصولاً إلى الدعم المستمر من قيادة الدولة لهذه الرؤية المستقبلية والتي جعلت الإمارات تضع بصمتها المهمة في هذا الشأن.

وأوضح أن الإمارات تسعى بقوة لاعتماد خططها التنموية على اقتصاد المعرفة الذي يرتكز على البحث والتطوير والابتكار، مشيراً إلى أن ذلك اتضح جلياً من خلال الاستراتيجية الوطنية للابتكار التي تتبناها الدولة، والذي يلعب قطاع الفضاء فيها دوراً محورياً كأحد أهم القطاعات ذات الأولوية، بالإضافة إلى اعتماد الإمارات الاستراتيجية الوطنية للفضاء 2030، والتي تحدد الإطار الهيكلي لصناعة الفضاء في الدولة التي يتم تبنيها خلال السنوات العشر المقبلة وصولاً لعام 2030.

فترة وجيزة

وأبدى إعجابه بما تضمنته تلك الاستراتيجية والتي تعتمد في محاورها على تقديم أنشطه فضائية منافسة عالمياً ذات مردود اقتصادي مرتفع، وإنشاء بنية تحتية داعمة تواكب مختلف التطورات المستقبلية لقطاع الفضاء، فضلاً عن دعم القدرات الوطنية وتوطين تكنولوجيا الفضاء في البلاد، وتطوير القدرات المحلية المتقدمة في البحث والتطوير والتصنيع لتكنولوجيا الفضاء، وتعزيز الشراكات والاستثمارات المحلية والعالمية الفاعلة في صناعة الفضاء.

نجاحات مهمة

لفت نائب رئيس المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة إلى النجاحات الكبيرة والمهمة التي شهدتها صناعة الأقمار الفضائية الإماراتية في فترة زمنية وجيزة والتنوع الكبير في أغراضها العلمية المختلفة، ما أعطاها تنافسية كبيرة في هذا الشأن، حيث أطلقت 10 أقمار صناعية مدارية، فيما يوجد 8 أقمار صناعية جديدة قيد التطوير حالياً، وشملت مجال «مراقبة الأرض» من خلال إطلاق الأقمار دبي سات 1 ودبي سات 2 وخليفة سات، والبث الإذاعي والتلفزيوني والاتصالات عبر أقمار «الياه سات»، وصولاً للأقمار النانومترية التعليمية مثل «نايف1»، وصولاً لإطلاق الأقمار الاستراتيجية مثل قمر «عين الصقر»، وحالياً تطوير «القمر الصناعي 813» أول قمر عربي مشترك بأيدي العلماء العرب.

Email