مهندسونا في اليابان: الاختبارات المعيارية لمسبار الأمل تسير بنجاح

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أوضح مهندسو مسبار الأمل الموجودون حالياً في المحطة الفضائية بجزيرة تانيغاشيما باليابان، أن كافة الاختبارات المعيارية للتأكد من جاهزية مسبار الأمل، تسير بنجاح، وتعكس أداء جيداً لها، يضمن عمليه إطلاق ناجحة للمسبار، لافتين إلى أن التجهيزات كثيرة جداً، ومستمرة بشكل حثيث، وصولاً لمرحلة انطلاقه، وكل المهندسين أعضاء الفريق، تتكامل مهامهم، وتتواصل مع الفريق الياباني المسؤول عن الصاروخ بنجاح وكفاءة كبيرة، جاء ذلك خلال الإحاطة الإعلامية، أمس، والتي شارك فيها المهندسون المشاركون في مهمة الإطلاق.

مؤشرات نجاح

ويقود الفريق الإماراتي في اليابان، المهندس سهيل بطي الظفري المهيري نائب مدير المشروع، مدير فريق تطوير المسبار بمركز محمد بن راشد للفضاء، ويتألف الفريق من أحمد اليماحي ومحمود العوضي ومحمد العامري، وهم من مهندسي الأنظمة الميكانيكية، والمسؤولون عن رفع المسبار على صاروخ الإطلاق، كما يضم الفريق عيسى المهيري المسؤول عن شحن بطاريات المسبار ومراقبة ورصد المركبة الفضائية، ويوسف الشحي المسؤول عن إحكام إغلاق العازل متعدد الطبقات لخزان الوقود «MLI»، وقابس التزود بالطاقة، فيما يتولى عمر الشحي، وهو قائد فريق عمليات تجهيز المسبار للإطلاق، اختبار ومراقبة فعالية وأداء المسبار، ومعه في ذات المهمة، خليفة المهيري، المسؤول عن مراقبة ورصد وضمان سلامة المسبار.

وقال الدكتور المهندس محمد ناصر الأحبابي مدير عام وكالة الإمارات للفضاء، إن: «كل مؤشرات الأداء والاختبارات التي تجري لمسبار الأمل في محطة الإطلاق، تشير جميعها إلى نجاح المهمة، وأنها تسير وفق الخطة الزمنية المحددة للإطلاق، مبيناً أن المرحلة الحالية مهمة جداً، وتجري بسلاسة، تعكس الجاهزية الكبيرة لفرق العمل، ولخطط انطلاق المسبار، وأنهم يعيشون لحظات فخر وطني وعربي كبيرة، ستتكلل بالنجاح قريباً، وستؤسس لنجاحات ومشاريع كبيرة قادمة».

كفاءة واستعداد

وبدوره، قال المهندس سهيل الظفري نائب مدير المشروع مسؤول تطوير المركبة الفضائية، إن: «الفريق الهندسي الذي يعمل على المسبار، يتكون من أكثر من 30 مهندساً إماراتياً، وعدد الموجودين حالياً في محطة الإطلاق في اليابان، هم 8 مهندسين فقط، لافتاً إلى أن هذا العدد جاء تماشياً مع الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة تبعات فيروس «كورونا» المستجد، حيث تم تقسيم المهندسين إلى 3 فرق عمل، بين الإمارات واليابان».

وتابع أن: «الفترة الحالية، تحمل الكثير من التفاصيل التي تسبق عملية إطلاق مسبار الأمل، من خلال الاختبارات الدورية والمستمرة بشكل يومي، للتأكد من كفاءة عمل مكونات وأجهزة المسبار، فضلاً عن متابعة كافة خطط الإطلاق مع المسؤولين اليابانيين، في ما يخص جاهزية صاروخ الإطلاق، وتركيب المسبار عليه، مبيناً أن كل المؤشرات تؤكد جاهزية تامة، والاستعداد الكبير مع اقتراب ساعات العد التنازلي لإطلاق المسبار».

مراجعة معيارية

ولفت إلى أن تفاصيل مرحلة ما قبل الإطلاق، تنطوي على مخاطر وتحديات ضخمة وكبيرة، فيما تعمل فرق العمل على متابعة أدق التفاصيل، وأنهم مطمئنون للمستوى الذي وصلوا إليه من مراجعات معيارية لكافة أجهزة المسبار ومكوناته، وجاهزية الصاروخ للانطلاق.

وتطرق الظفري إلى الإنجاز الكبير الذي صنعه المهندسون الإماراتيون، خلال تصنيع مكونات المسبار، حيث تم تصنيع وتركيب 66 قطعة ميكانيكية للأنظمة التصويرية بشكل كامل في الإمارات، فيما تمت مراجعة ذلك من خبراء عالميين متخصصين، الذين أكدوا دقة التصاميم والمكونات، مبيناً أن هذه الخطوة، تعكس النجاح والخبرات الكبيرة التي تميز الفريق الهندسي خلال الـ 6 سنوات الماضية، منذ الإعلان عن بدء تصنيع مسبار الأمل.

وذكر أن عمليات تصنيع «مسبار الأمل»، استحدثت معها تقنيات جديدة، ميزت هذه المهمة عن نظيراتها من المهمات الفضائية العالمية الأخرى، ومن بين ذلك، تصنيع 3 أجهزة علمية مناط بها أداء مختلف المهمات للمسبار على كوكب المريخ، وهي المرة الأولى التي تستطيع هذه الأجهزة أن تعمل على مدار 24 ساعة، لمراقبة مختلف التغيرات والظواهر المناخية للغلاف الجوي للكوكب الأحمر، بالإضافة إلى ذلك، فإنه تم تصنيع وتصميم الألواح الشمسية للمسبار، بخصائص معينة، تستطيع معه أداء مهمتها الحساسة، في ما يخص تجميع الطاقة اللازمة لتشغيل المسبار وأجهزته، فضلاً عن مواءمتها لكافة التقلبات والتغيرات المناخية للمريخ، من تفاوت كبير في درجات الحرارة، صعوداً وهبوطاً، والكميات الكبيرة للغبار والأتربة، وغيرها من العوامل الجوية الصعبة على هذا الكوكب، كما أن الألواح الشمسية لن يتم فتحها بعد الإطلاق، إلا وفق درجات دوران محددة بعد إطلاق المسبار، وسيتم ذلك من خلال التحكم أوتوماتيكياً.

خبرات كبيرة

وانضم سهيل إلى مركز محمد بن راشد للفضاء، كمهندس أبحاث في قسم تطوير أنظمة الفضاء، وعمل على تطوير إلكترونيات الحمولة في «دبي سات-1»، ليصبح بعد ذلك مهندس تصميم أنظمة وإلكترونيات الحمولة، وتولى رئاسة قسم إلكترونيات الحمولة، وعمل على تطوير نظام التصوير والأنظمة المرتبطة به في «دبي سات-2»، وأصبح بعدها رئيس قسم نظام الفضاء، وأدار 4 وحدات هندسية: «هندسة الأنظمة، والتصنيع الميكانيكي، والتجميع والتكامل، وتصنيع الإلكترونيات». وعملت هذه الفرق على تطوير «خليفة سات». ثم أصبح نائب مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، ورئيس قسم المركبات الفضائية، وتولى مسؤولية التصميم الفني للمركبات الفضائية وتطويرها، بالإضافة إلى الفرق الهندسية، وهو حاصل على درجة البكالوريوس في هندسة الكمبيوتر من الجامعة الأمريكية في الشارقة، وعلى درجة الماجستير في هندسة الطيران «أنظمة الفضاء»، من جامعة دايجون في كوريا الجنوبية.

كهرباء وميكانيكا

وقال المهندس عمر الشحي مسؤول الدمج والاختبارات، إن دوره في مهمة «مسبار الأمل»، يتركز على تصميم المعدات الأرضية الكهربائية والميكانيكية، وتجهيزها لعمليات الاختبار بعد تركيبها على متن المسبار، مع الأجهزة العلمية الأخرى، ومتابعة إجراءات السلامة، والتأكد من الجاهزية لكي تناسب بيئة الإطلاق الصعبة، من حيث معدلات الاهتزاز العالية ودرجات الحرارة، وصولاً لمتابعة العمل مع فريق عمل شركة الإطلاق اليابانية، في ما يخص دمج المسبار معه.

وأفاد بأن: «الفترة الماضية شهدت تحديات كبيرة وضخمة، ابتداءً من فترة بداية جائحة فيروس «كورونا» المستجد، وما ترتب عليها من تغيير جدول نقل مسبار الأمل إلى محطة إطلاقه في اليابان، والتحديات الخاصة بنقل وشحن المسبار، والتي كانت تتطلب عملاً دؤوباً، ومتابعة دقيقة وحثيثة لكل ما يتعرض له المسبار، خاصة في ظل الإغلاق التام للحدود الجوية والبحرية والبرية بين الدول، وهو الأمر الذي تطلب معه تنسيقاً كبيراً بين كافة مؤسسات الدولة واليابان، لضمان وصول المسبار، ومن ثم إتمام عملية الإطلاق في ميعادها المحدد».

وشرح أنه حالياً، تعمل فرق العمل على متابعة كافة إجراءات وتجهيزات مسبار الأمل أكثر من مرة، للتأكد بشكل تام من الجاهزية المطلقة للمهمة بكاملها، مبيناً أن هناك الكثير من العمليات الحساسة جداً، والتي يتبعها فريق العمل وفق معايير صارمة، والعمل والمراقبة مستمرة لحظياً، لمراقبة سلامة أداء المسبار، وضمان الجاهزية الكاملة.

مهام

ويرأس الشحي وحدة الدمج والاختبارات في مركز محمد بن راشد للفضاء، ويخطط ويطور وينفذ إجراءات وخطط الاختبار للأنظمة المعقدة في مجال تطوير المركبات الفضائية.

جودة إرسال

ومن ناحيته، ذكر المهندس خليفة المهيري مسؤول أنظمة الاتصالات، أن: «مهمته تتركز على إجراء الاختبارات المستمرة، للتأكد من قوة وجودة تردد إرسال أجهزة مسبار الأمل، وتوافقها مع معطيات محطة المراقبة الأرضية، وحماية المهندسين من الأشعة الكهرومغناطيسية التي تنبعث من المسبار، لافتاً إلى أن فترة نقل وشحن مسبار الأمل إلى اليابان، تطلب معها إجراء اختبارات دقيقة جداً على أنظمة الاتصال فيه، والتأكد من جودة إرسالها، خاصة أن نقل المسبار كانت عملية حساسة ودقيقة، ومختلفة البيئات، ولذلك، كانت أهمية التأكد من إجراءات سلامة أجهزة الاتصال».

وذكر أن بعد نجاح عملية الإطلاق واستقرار المسبار في مداره الصحيح، تبدأ أجهزة بث المعلومات في العمل، وإمداد المحطة الأرضية بما تطلبه من معلومات، مشيراً إلى أن وصول هذه المعلومات يستغرق 15 دقيقة.

وانضم خليفة إلى مركز محمد بن راشد للفضاء، مهندس اتصالات مختصاً في الأقمار الصناعية، حيث تولى رئاسة وحدة الاتصالات في قسم هندسة الفضاء في مركز محمد بن راشد للفضاء عام 2018.

ضمان الجودة

ومن جهتها، قالت هيام البلوشي، مهندسة تركيب وتجميع واختبار وضمان الجودة في مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، إن: «قيمة مشروع «مسبار الأمل»، لا تكمن فقط في كونه مشروعاً لاستكشاف كوكب آخر غير الأرض، بل إن ما يمثله المشروع، يشير إلى دلالات هامة، على أن الإمارات هي أفضل بيئة حاضنة للشباب، ولطموحاتهم وأحلامهم وآمالهم، فمشروع «مسبار الأمل»، يقوم عليه نخبة من شباب الوطن المتحمسين والدؤوبين، قاموا خلال فترة وجيزة من تحقيق هذا الإنجاز التاريخي».

تطوير

وتخرجت هيام في جامعة خليفة عام 2011، وكانت إحدى 8 طالبات تخرجن في قسم الهندسة الميكانيكية بمرتبة الشرف.

أنظمة الطاقة

وبدوره، قال أحمد اليماحي مهندس أول وحدة تصنيع الأنظمة الميكانيكية، إن: «مهمته تتركز على مساندة فريق العمل على تجميع ودمج هيكل المسبار داخل محطة الإطلاق في اليابان، والتأكد من سلامة الأجهزة الميكانيكية، والإشراف على مراحل التركيب والدمج في نقاط التجميع في جزيرة تانيغاشيما، مقر محطة الإطلاق، والتي تشمل منطقة الاختبارات، وتجميع الوقود ومنطقة التجميع النهائي للمسبار، مبيناً أن مرحلة نقل المسبار من الإمارات إلى اليابان، كانت إحدى أهم مراحله، والتي تتطلب معها إجراء اختبارات كثيرة جداً، للتأكد من سلامة الأجهزة الميكانيكية».

ولفت المهندس عيسى المهيري مسؤول الأنظمة الكهربائية، إلى أن مهمته معنية بأنظمة الطاقة في المسبار من خلال الألواح الشمسية، وضمان تصنيعها، بما يوفر الاحتياجات اللازمة من الطاقة لعمل المسبار خلال مهمته في المريخ، موضحاً أن هناك اختبارات بيئية مستمرة لعمل هذه الألواح، واختبار بطاريات الدفع وشحنها، للتأكد من قيامها بدورها على الوجه الأمثل، ومؤشر جميع الاختبارات، تعكس أداء جيداً لها قبيل التجهيز للإطلاق.

عازل حراري

وأشار المهندس يوسف الشحي مسؤول الأنظمة الحرارية، إلى أن: «الهدف من التصميم الحراري للمسبار، هو المحافظة على أداء عمل مكوناته بمختلف بيئات ودرجات الحرارة العالية جداً، والمنخفضة كذلك، موضحاً أن فريق المسبار، استطاع أن ينجح في تصنيع العازل الحراري للمسبار لأول مرة بأيدي وطنية خالصة، وهو ما يضيف تميزاً لهذه المهمة التاريخية، وبعكس القدرات والخبرات الكبيرة، التي أصبح يتمتع بها الشباب الإماراتي».

محمد العامري.. كبير مهندسي النظم الميكانيكية

قال محمد العامري كبير مهندسي النظم الميكانيكية الفضائية لدى إدارة مشاريع الفضاء في وكالة الفضاء الإماراتية، إنه معنيّ بضمان تعزيز أداء وعمل معدات الدعم الأرضي الميكانيكية، خاصة أنه صممها لتناسب الأجهزة العلمية والإلكترونية للمسبار، مبيناً أنه شارك في الاختبارات البيئية للمسبار، الخاصة بالاهتزازات والصدمات، التي تضمن تحمل المسبار لكافة البيئات المختلفة، ومن ثم جمع بياناته بنجاح، كما أنه تم إجراء اختبارات حرارية متباينة الارتفاع والانخفاض، لأجهزة فتح الألواح الشمسية، لكي تقوم بعملها بشكل صحيح وآمن، فضلاً عن ضمان أداء ناجح لمحاور المسبار الثلاثية العمودية والأفقية والدوران، وقياس مرحلة التزود بالوقود، وكلها مرت باختبارات أكدت نجاح وظائفها.

وتشمل مسؤوليات العامري التقنية: «تصميم مكونات هيكل المركبات لتحمّل بيئة الفضاء، مع التركيز على القوة والصلابة والاستقرار الحراري، ومتطلبات التصنيع، وإجراء الاختبارات البيئية ».

محمود العوضي.. مسؤول تصميم هيكل المسبار

بيّن المهندس محمود العوضي مسؤول الأنظمة الميكانيكية، أنه مسؤول عن تصميم وتصنيع الهيكل الخارجي للمسبار، ومواءمته لمكوناته من الأجهزة العلمية، من حيث الحجم والتركيب والتجميع، لافتاً إلى أن المسبار يتعرض لكمية اهتزازات وأصوات كبيرة جداً، ولذلك، من المهم جداً أن يكون التصميم بما يواكب ذلك، ويتحمل هذه التحديات، وأنه، وخلال هذه الفترة، تجري بشكل حثيث اختبارات مراجعة معيارية كثيرة جداً لأداء المسبار تحت أي ضغوط.

وشرح أن من أصعب المهام التي مرت خلال هذه الفترة منذ وصول المسبار لليابان ومحطة إطلاقه، هي مرحلة تزويد المسبار بالوقود، حيث خضع لعمليات تجهيز فائقة الدقة للإطلاق، تضمنت تعبئة خزان الوقود للمرة الأولى بحوالي 700 كيلوغرام من وقود الهايدروزين، وفحص خزان الوقود، والتأكد من عدم وجود أي تسريبات، بالإضافة إلى اختبار أجهزة الاتصال والتحكم.

Email