حمدان بن محمد: لا مستحيل في الإمارات

«مسبار الأمل» يستعد لدخول كبسولة الإطلاق

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

كشف فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، أن «مسبار الأمل» يستعد حالياً لوضعه داخل كبسولة الإطلاق، والتأكد من جاهزيته تماماً، وأن هناك 90 دقيقة بعد الإطلاق، للبدء بتلقي أول الإشارات، والتأكد من نجاح وضعيته في مداره الصحيح، فيما تجري اختبارات ومراجعة معيارية متواصلة حتى الإطلاق، للتأكد من نجاح انفصاله عن الصاروخ، وفتح الألواح الشمسية، وتشغيل أنظمة الدفع، ونجاح الاتصال بمحطة المراقبة الأرضية، وأنه تم نقل المسبار لليابان قبل 18 يوماً من التاريخ المقرر سلفاً، لمواجهة تحديات فيروس «كورونا» المستجد، التي استعد لها الفريق، وتغلب على تحدياتها بجدارة.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقد عن بُعد، أمس، لمتابعة الاستعدادات والتجهيزات الأخيرة لانطلاق مسبار الأمل، في 15 يوليو المقبل، من المحطة الفضائية بجزيرة تانيغاشيما في اليابان، وبحضور الدكتور محمد ناصر الأحبابي مدير عام وكالة الإمارات للفضاء، والمهندس عمران شرف، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، وسهيل الظفري نائب مدير المشروع، مسؤول تطوير المركبة الفضائية، ومريم الشامسي قائد الأجهزة العلمية ضمن الفريق العلمي للمشروع.

6 أعوام

وأوضح الأحبابي أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، مر، منذ الإعلان عنه قبل 6 أعوام، بالعديد من التحديات التي شملت مراحل التصميم والتصنيع والاختبارات، وصولاً للإطلاق، وأن ذلك يعكس الأهمية الكبيرة التي يحظى بها المسبار، ضمن المشروعات الفضائية للدولة، لافتاً إلى أن قيمة المشروع وأهميته، تكمن من خلال كم التحديات الكبير الذي استطاعت كوادرنا الوطنية التغلب عليها، خاصة أنه المشروع الأبرز للنهوض بالقطاع، وتميزه بما سيوفره من معلومات جديدة للمجتمع العلمي العالمي عن المريخ.

وأضاف أن الإمارات استفادت من تنفيذها لمسبار الأمل، كوننا أصبحنا من الدول القليلة التي تستكشف الكوكب الأحمر، حيث سينضم المسبار إلى 8 مهمات علمية نشطة حالياً على الكوكب الأحمر، ليشاركها الجهود العالمية لكشف أسراره، مشيراً إلى أن هناك أهمية كبيرة للمسبار، كونه ينطلق بالمشروع الفضائي الإماراتي، لآفاق أكبر من النجاحات، وإيجاد كوادر وطنية من الباحثين والمتخصصين في علوم الفضاء، فضلاً عن إلهام الأجيال الجديدة، وتوفير الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة في هذا الشأن، حيث تعتبر الدولة الآن وجهة متميزة إقليمياً لدراسة علوم الفضاء.

الأبرز إقليمياً

وقال الأحبابي: إن الإمارات لديها أكبر قطاع فضائي إقليمياً، من حيث عدد المشروعات وتنوعها وميزانيات الاستثمار المخصصة لها، والتي تبلغ 22 مليار درهم، وأن المسبار مشروع وطني، يترجم رؤية قيادة الدولة لبناء برنامج فضائي إماراتي، يعكس التزام الدولة بتعزيز أطر التعاون والشراكة الدولية، بهدف إيجاد حلول للتحديات العالمية، من أجل خير الإنسانية، فيما يجسد طموحنا وسعي القيادة الرشيدة المستمر إلى تحدي المستحيل وتخطيه، وترسيخ هذا التوجه، كقيمة راسخة في هوية الدولة وثقافة أبنائها، فضلاً عن إحداث نقلة نوعية في الدولة في مجالات الهندسة والبحث العلمي والابتكار.

وذكر الأحبابي أن مشروعات الإمارات في قطاع الفضاء، تعكس النجاحات الضخمة التي تم تحقيقها، ومن بينها إطلاق 10 أقمار اصطناعية مدارية، ووجود 8 أقمار اصطناعية جديدة قيد التطوير، فضلاً عن وجود أكثر من 50 شركة ومؤسسة ومنشأة فضائية داخل الدولة، بما في ذلك شركات عالمية وشركات ناشئة، ووجود 5 مراكز بحثية لعلوم الفضاء، وتأسيس 3 برامج جامعية في العلوم الفضائية في الدولة، مشيراً إلى أن وكالة الإمارات للفضاء، لديها خطة شاملة لتنمية القطاع الفضائي، ومن بينها الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية في 2015، لتحقيق 6 أهداف رئيسة، من خلال تنفيذ أكثر من 20 برنامجاً شاملاً، و70 مبادرة في السنوات العشر القادمة.

ولفت إلى أن المشروع الجديد، الذي تعمل عليه الإمارات، وهو تطوير أول قمر صناعي عربي مشترك، بأيدي العلماء العرب «القمر الاصطناعي 813»، فيما يجري حالياً تأسيس المجموعة العربية للتعاون الفضائي، حيث يوجد حالياً 14 دولة عربية تحت هذه المظلة، وذلك بهدف إحداث نهضة شاملة في القطاع على مستوى العالم العربي، وتذليل التحديات المستقبلية التنموية، التي تواجه دولنا، في ما يتعلق بالتغيرات المناخية والبيئية، وملف الأمن الغذائي، وغيرها من القضايا المهمة، آملاً أن يعزز ذلك من خلال وجود وكالة فضاء عربية مستقبلاً.

كبسولة الإطلاق

من جهته، أفاد المهندس عمران شرف، بأن مسبار الأمل يتحضر حالياً لوضعه داخل كبسولة الإطلاق، ومن ثم التأكد من وضعه داخلها وإحكام الإغلاق، ومناسبة درجات الحرارة والرطوبة، وإجراء كافة الاختبارات المعيارية الأخرى، وصولاً لمرحلة الإطلاق في 15 يوليو الحالي، موضحاً أن المسبار خضع لعمليات تجهيز فائقة الدقة للإطلاق، تضمنت تعبئة خزان الوقود للمرة الأولى بحوالي 700 كيلوغرام من وقود الهايدروزين، وفحص خزان الوقود، والتأكد من عدم وجود أي تسريبات، بالإضافة إلى اختبار أجهزة الاتصال والتحكم. وبيّن أن فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، بلغ 450 شخصاً، بينهم 200 من المتخصصين والباحثين الإماراتيين، و150 من شركاء نقل المعرفة دولياً، فضلاً عن 100 شخص من المقاولين الفرعيين المعنيين بتجهيزات المسبار، مثل الألواح الشمسية وبطاريات الدفع وغيرهما، فيما بلغت نسبة الإناث المشاركات في فريق عمله، 34 %، ضمت التخصصات الإدارية والعلمية والهندسية، وتعتبر هذه النسبة الأكبر عالمياً في مثل هكذا مشروعات.

تحضيرات

وشرح أن مرحلة الاستعداد لإطلاق مسبار الأمل، تشهد العديد من التحديات التي يدرسونها جيداً، ومستعدون لها، ابتداء من الإطلاق على متن الصاروخ، ونجاح انفصال المسبار وفتح الألواح الشمسية، والتأكد من تشغيل أنظمة الدفع، ونجاح الاتصال بمحطة المراقبة الأرضية، الذي من المقرر له أن يتم بعد 90 دقيقة من الإطلاق، لافتاً إلى أن فريق المحطة الأرضية الموجود في الإمارات، يتابع بشكل حثيث هذه المراحل، وصولاً للإعلان عن النجاح التام للإطلاق، وبدء توجه المسبار لمداره المحدد نحو المريخ. وتطرق إلى أن مجهود الست سنوات الماضية، والتي هي فترة الإعداد لمشروع مسبار الأمل، تتجلى من خلال الوصول للمراحل الأخيرة، التي تؤطر هذا الإنجاز، والوصول لهذه المرحلة، مبيناً أن التحديات موجودة، لكن مع الإعداد الجيد، سننجح في تجاوزها، خاصة أن طبيعة المهمة حساسة، وتحتاج دقة كبيرة في تنفيذها، وأن كل هذه التحديات التي تغلب عليها فريق العمل، الذي يضم نخبة من الخبراء والمهندسين الإماراتيين، من أجل الوصول إلى هذه المرحلة من الإنجاز، يؤكد أن شعار الإمارات «لا شيء مستحيل»، الذي سيحمله معه المسبار إلى المريخ، أصبح ثقافة عامة لدى شباب الوطن.

تصميم

ولفت إلى أن بناء مسبار الأمل، شهد تغيرات عديدة طوال 6 سنوات، شملت التصميم والبناء، حيث كان مخططاً أن يحمل المسبار 3 ألواح شمسية، لكن مع التعمق في الدراسات وطبيعة المهمة، تم اعتماد لوحين شمسيين، حيث تبين أن ذلك هو الأمثل لمتطلبات المهمة وطبيعتها، والبيئة التي يمر بها المسبار خلال رحلته، وأنه تم تقسيم فريق عمل نقل مسبار الأمل إلى 3 فرق، للتغلب على التحديات المرتبطة بعمليات النقل، والالتزام بالخطة الزمنية المحددة سلفاً، وذلك تنفيذاً للتدابير الصحية الاحترازية، التي اتخذتها أغلب دول العالم لمكافحة فيروس «كورونا» المستجد، مؤكداً أنهم استعدوا جيداً من خلال غرف عمليات، لإدارة هذه العملية بكفاءة، والتغلب على أي تحديات، خاصة أن دول العالم أغلقت حدودها ومجالاتها الجوية والبحرية والبرية، ما ترتب عليه تعاون شامل بين جميع الجهات المعنية في الإمارات، نتج عنه نجاح وصول المسبار لليابان قبل أسبوعين ونصف من الميعاد المقرر له، حسب الخطة الزمنية الموضوعة، خاصة أن هناك مخاطرة كبيرة، وهي تأجيل إطلاق المسبار لعامين آخرين، في حال تعذر النقل وسط كل هذه التحديات العالمية. وأكد شرف على الانطباعات وردود الفعل العالمية الإيجابية، في ما يخص مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، وما سوف يضيفه للمجتمع العلمي من معلومات جديدة عن الكوكب الأحمر، مبيناً أن ذلك يدعوه للفخر بما حققوه خلال السنوات الماضية، فضلاً عن وضع الإمارات في مكانها الذي تستحقه عالمياً، بفضل مشروعاتها المتنوعة في قطاع الفضاء.

 

مهمة تتفرّد بمعلومات جديدة عن المريخ

تتفرد مهمة المسبار، بتقديمها معلومات جديدة وشاملة عن المريخ، وتضع تصوراً شاملاً للبيانات والمحتوى العلمي الذي سيوفره المسبار، ومتطلبات تحليلها، وكذلك تقصي العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي الدنيا والعليا على المريخ. وأكد سهيل الظفري نائب مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، مسؤول تطوير المركبة الفضائية، أن الاختبارات للتأكد من جاهزية المسبار، مستمرة حتى لحظة الإطلاق، وأن هناك العديد من الصعوبات التي توجد في مثل هذه المهمات الفضائية، تنطلق من طبيعة الكوكب الأحمر، والدخول بنجاح في مداره، وغيرها من الأمور الفنية الحساسة، التي يجب معها التأكد من إيجابية كافة الاختبارات له. وبيّن أن تحديد 15 يوليو الجاري، موعداً مستهدفاً لإطلاق المسبار، لأنه سيكون اليوم الأول ضمن «نافذة الإطلاق» الخاصة بهذه المهمة الفضائية التاريخية، وتمتد هذه النافذة من 15 يوليو وحتى 13 أغسطس 2020، وأن ذلك يخضع لحسابات علمية دقيقة، تتعلق بحركة مدارات كل من كوكبي الأرض والمريخ، وبما يضمن وصول المسبار إلى مداره المخطط له حول المريخ، في أقصر وقت ممكن، وبأقل طاقة ممكنة.

ولفت إلى فريق عمل المسبار، استطاع أن يكتسب الكثير من المكتسبات خلال السنوات الماضية، خاصة في ما يتعلق بخبرات التصنيع والتصميم للمشروعات الفضائية المختلفة، وأنهم نجحوا في الوصول لمراتب متقدمة من معارفهم، خاصة مع برامج التدريب وتبادل المعارف، التي تم توفيرها لهم خلال السنوات الماضية.

بيانات شاملة

من ناحيتها، قالت مريم الشامسي قائد الأجهزة العلمية بالفريق العلمي، إنهم بدؤوا منذ 2105، وضع تصور شامل للبيانات والمحتوى العلمي الذي سيوفره المسبار ومتطلبات تحليلها، وانطلاقاً من ذلك، تم تصنيع 3 أجهزة علمية للمسبار، لإجراء مهمته لاكتشاف أسرار الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، موضحة أنه مع بدء مهام المسبار العلمية، سيتم تجميع المعلومات والبيانات، ومن ثم إمداد المجتمع العلمي العالمي بها، للاستفادة من محتواها، وأنه سيتم الإعلان قريباً عن منصة وقاعدة معلومات، تضم كافة هذه المعلومات. ولفتت إلى المردود والاهتمام العالمي بمشروع المسبار، وهو ما يظهر واضحاً من خلال استضافتهم في مؤتمرات عالمية كبيرة باستمرار، للتعرف إلى طبيعة المهم ومردودها العلمي، مبينة أن ما يميز مهمة مسبار الأمل عن مثيلاتها، هو تفردها بالعمل على دراسة الغلاف الجوي للمريخ على «مدار الساعة»، وهو ما يساعد في وضع تصور شامل للتغيرات التي تحدث للكوكب الأحمر، ودراسة أسباب تآكل الغلاف الجوي على سطح المريخ، عبر تتبع سلوكيات ومسار خروج ذرات الهيدروجين والأكسجين.

وأفادت بأن المهمة تقدم الصورة الأولى من نوعها على مستوى العالم، حول كيفية تغير جو الكوكب على مدار اليوم بين فصول السنة، ومراقبة الظواهر الجوية.

 

اقرأ أيضاً:

حمدان بن محمد: لا مستحيل في الإمارات

Email