الدورات التدريبية المزيفة.. احتيال في زمن «كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذّر مختصون من دورات تدريبية تقدَّم عن بعد، عبر مراكز غير معتمدة لدى الجهات الرسمية، ومن خلال أشخاص ينتحلون صفة مدربين، مستغلين أزمة «كورونا» في الترويج لأنفسهم بمواقع التواصل الاجتماعي، وناشد المختصون أفراد المجتمع التأكد من مرجعية الجهات والدورات التي يتم الإعلان عنها قبل التسجيل فيها، والاستعلام عن المدربين وخلفيتهم العلمية وصحة الشهادات الصادرة قبل التسجيل في البرنامج التدريبي أو دفع أي مبلغ.

وأشار قانونيون إلى ظهور مراكز تدريب غير معتمدة تقدم محتوى علمياً غير موثوق، مستغلين احتياجات الأفراد إلى دورات وبرامج تعليمية، بما يعد من قبيل الخداع والاحتيال، وهو ما يضعهم تحت طائلة القانون.

ويؤكد القانون أن الاحتيال عبر نظام المعلومات الإلكتروني تكون عقوبته الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن مئتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

الغث والسمين

وانتقد عبد الله سعيد بن شماء، رئيس مجلس إدارة مركز الإمارات لاستشارات المورد البشرية والتطوير، ما تقدمه بعض المراكز من خدمات تجمع بين «الغث والسمين» من أشخاص يتولون تنفيذ البرامج التدريبية (عن بعد) للمؤسسات وللعامة، مستغلين الظروف الاستثنائية التي تمر بها الدولة والمجتمع الدولي بشكل عام.

وشدد على ضرورة أن يقف الجميع بالمرصاد لمثل هذه الممارسات غير القانونية، لا سيما التي يتم من خلالها اعتماد بعض الشخصيات التي تدّعي أنها تتمتع بالمهنية في مجال التدريب والاستشارات الإدارية والتطوير غير مكترثة بالالتزام بالشروط والقوانين المعتمدة، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في استعراض البعض أنفسهم وقدراتهم وخبراتهم من خلال المواقع الذكية على الشبكة العنكبوتية باستخدام بعض البرامج للتواصل الاجتماعي، لمزاولة مهنة مدرب واستشاري، ونشر بعض المعلومات والنظريات على أنها دورات وورش تدريبية ومحاضرات، وفي الواقع ليست لديهم الأهلية ولا الدرجة العلمية لذلك ولا الاعتمادات القانونية لمزاولة هذه المهنة، وبعضهم يضيف لقباً أو مسمىً إلى نفسه لاستقطاب المتدربين والمؤسسات، في ظل السعي للكسب المادي بالاحتيال واستغلال الظروف التي يمر بها المجتمع.

معضلة كبرى

وتطرق ابن شماء إلى ما سماه «المعضلة الكبرى» في إدارات التدريب والقائمين عليها من غير ذوي الاختصاص في هذا المجال الذين يتعاقدون مع مراكز وأشخاص استناداً إلى مناصب وظيفية تقلدوها سابقاً، بعد أن جذبتهم العناوين اللامعة والترويج المتداول لهؤلاء الأشخاص والمراكز، تحقيقاً للهدف المرجو من الرؤية والرسالة المؤسسية في التحوّل الذكي في التدريب، لذا بدأت المشكلة في إعطاء البعض فرصة لاستعراض واستغلال الوضع الراهن في عالم الشبكة العنكبوتية.ونبه إلى أن الجهات الأمنية في الدولة تتسم باليقظة، وترصد كل ما يعلن عنه، وسوف تضرب بيد من حديد هؤلاء المحتالين.

خداع المتلقي

من جانبه، أفاد محمد الرضا، المحامي والمدرب القانوني، بظهور مراكز التدريب غير معتمدة تقدم محتوى علمياً غير موثوق، مرتكزة على طرح ألقاب لها رنين، وكذلك مسميات لمدربين تبعث على المصداقية، فتسهل عملية خداع المتلقي لصعوبة التحقق من مادة ومعلومات المدربين، مستغلين احتياجات الأفراد في الدورات وبرامج تعليمية، للحصول على أموال، بما يعد من قبيل وسائل الخداع والاحتيال، وهو ما يضعهم تحت طائلة القانون لارتكابهم جريمة الاحتيال المؤثمة طبقاً لقانون العقوبات الاتحادي وفق المادة (399) من القانون الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة رقم (3) لسنة 1987 وتعديلاته التي تنص على أنه، يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع هذا السند أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله، وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحه متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم.

ودعا، بصفته رجل قانون، إلى ضرورة الوعي وتوخي الحذر لمثل هذه الدورات، والتحقق من المراكز ومدى اعتمادها من قبل الجهات المعنية بالدولة، والتحقق من شخص المدرب والسؤال عن خلفيته العلمية.

دورات وهمية

من جهته، حذر المستشار القانوني أيهم المغربي، المواطنين والمقيمين في الدولة من الالتحاق بالدورات التدريبية غير المعتمدة أو الوهمية، مؤكداً أنه نظراً إلى تطبيق إجراءات الحجر المنزلي والدراسة عن بعد وكذلك العمل، زادت الإعلانات عن إقامة دورات في المواقع الإلكترونية أو غيرها، وقد يكون منها دورات وهمية ومدربون لا علاقة لهم بالتدريب، ما قد يعرّض الملتحقين بتلك الدورات لضياع وقتهم وجهدهم ومالهم بالحصول على شهادات غير نظامية، وتالياً غير معتمدة في التوظيف وغير مفيدة في حياتهم العملية أيضاً ولا قيمة لها في تطوير الذات.

وأشار المغربي إلى وجود أشخاص يطلقون على أنفسهم لقب دكتور أو سفير نوايا حسنة، لافتاً إلى أن كل من يطلق على نفسه لقباً علمياً بغير صحة يكون مرتكباً لجريمة الاحتيال واستعمال اسم وصفة كاذبة، وتعرضه بموجب مواد القانون لعقوبات تصل إلى الحبس والغرامة.

وحذر من التعامل مع أي مراكز أو جامعات أو مدربين من خارج الدولة من دون التأكد من مرجعية تلك الجهات، لأنه في مثل هذه الحالات في حال قيام أي شخص بالتسجيل في أي دورة وتحويل الأموال إلى تلك الجهات، فإنه من الصعب إقامة أي دعوى لاسترجاع أمواله لعدم اختصاص محاكم الدولة بنظر النزاع.

 

الصورة :

الحبس والغرامة

من جانبه، قال المحامي راشد عبد الله الحفيتي: «إنه بموجب نص المادة 11 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، أوردت العقوبة المقررة لكل من استولى لنفسه أو لغيره بغير حق على مال منقول أو منفعة أو على سند أو توقيع هذا السند، وذلك بالاستعانة بأي طريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة، عن طريق الشبكة المعلوماتية أو نظام معلومات إلكتروني أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، وذلك بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن مئتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين»، مع إضافة عقوبة الإبعاد عن الدولة بعد تنفيذ الحكم إذا كان مرتكب الجريمة أجنبياً، كما تنص المادة 251 من قانون العقوبات الاتحادي يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز عشرة آلاف درهم، كل من انتحل لقباً من الألقاب العلمية أو الجامعية المعترف بها رسمياً.

موافقات

بدورها، أوضحت موزة الشويهي، مدرب ومحاضر معتمد ورئيس جمعية مواليف للتطوع، أن المراكز المرخصة رسمياً من قبل الجهات التي تصدر لها تراخيص تكون دوماً تحت المجهر، ويتم أخذ موافقات على الدورات والمحاضرين، وكذلك الموافقات القانونية المتعارف عليها، سواء لإقامة الدورات المباشرة أو عن بعد، وأخذ الموافقات لتأهيل المدربين وإعدادهم كمدربين، وتالياً لا نستطيع أن نقول إنهم تخطوا الإجراءات في تنفيذ المخصص لهم.

أما بخصوص القضاء على ظاهرة المدربين الوهمين، فاقترحت الشويهي تنفيذ حملات توعوية لأفراد المجتمع عن كيفية اختيار الجهات المعتمدة للتدريب والمرخصة، ومتابعة ومحاسبة أي مركز مرخص استعان بمدرب وهمي، مطالبة الجمهور بالتحقق مما يراه في الإعلانات، والتأكد من الشعارات الموضوعة، وكذلك التحقق من اعتماد الجهة التي أصدرت الإعلان، وعليه تتم معرفة مدى مصداقية المدرب.

وعي

قالت موزة الشويهي: «هناك وعي لدينا حيال المسميات بدليل أن صاحب المسمى لا يستطيع أن يضعه في الوثائق الرسمية، وبالتالي سهل جداً كشف المتلاعبين بالمسميات وبائعي الكلام والألقاب».

Email