خلال جلستين تفاعليتين ضمن اجتماع حكومة الإمارات للاستعداد لمرحلة ما بعد «كورونا»

خبيران دوليّان: الإمارات تمتلك مقوّمات قيادة العالم في القطاعين الصحي والاقتصادي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد خبيران عالميان، أن دولة الإمارات تمتلك مقوّمات وفرصاً عديدة لتعزيز موقعها الريادي وقيادتها العالمية في القطاعين الصحي والاقتصادي، والمشاركة الفاعلة في وضع أسس التعاون والشراكات الجديدة بين الحكومات والمنظمات العالمية لتخطي أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد «كوفيد19».

وأوضح الخبيران إيان بريمر، رئيس مجموعة يوراسيا للمخاطر السياسية، والبروفيسور إيان غولدين أستاذ العولمة والتنمية مدير كلية مارتن للدراسات المستقبلية في جامعة أكسفورد، في جلستين تفاعليتين ضمن «اجتماع حكومة دولة الإمارات: الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد19»، أن دولة الإمارات استعدت خلال السنوات الماضية لأزمة «كورونا» التي أصابت العالم، من خلال الاستثمار في عدد من القطاعات الحيوية مثل الأمن الغذائي والرعاية الصحية، والصناعة، والتكنولوجيا، وعملت على تعزيز موقعها الاقتصادي العالمي من خلال ربط دول العالم لتصبح مركزاً تجارياً مهماً يدعم مستقبل الأعمال، ما عزز من قوّتها الناعمة على الساحة الدولية.

وأجاب المتحدثان في نهاية الجلسة على أسئلة المشاركين، حيث أدار النقاش عبد الله بن طوق أمين عام مجلس الوزراء.

تعاون عالمي

وأكد إيان بريمر في جلسة بعنوان «مضاعفات كوفيد19: الأثر العالمي والإقليمي» أن دولة الإمارات تمتلك عدداً من الفرص الاقتصادية التي تمكنها من تعزيز موقعها القيادي العالمي، خصوصاً أنها الدولة الأولى التي اتجهت إلى التفكير الاستراتيجي للتعاون والعمل مع الحكومات للخروج من أزمة «كورونا المستجد» العالمية.

وقال إن لدولة الإمارات إمكانات متميزة لعبور الأزمة من خلال الخطط الاستراتيجية التي وضعتها قبل عقد كامل، بالاستثمار في القطاع الصحي، ما مكنّها من مواجهة هذا التحدي بسهولة أكبر وتطويق الفيروس بطريقة لم تتمكن دول كثيرة من تطبيقها، مؤكداً أنه يمكن للدولة تعزيز مكانتها القيادية العالمية من خلال بناء أسس للشراكات والتعاون الطبي، وتوفير المستلزمات الطبية للدول الأقل حظاً ومساعدة المنظمات مثل منظمة الصحة العالمية في توفير الأدوية لمواجهة «كورونا».

وأشار بريمر إلى أن عدداً من الدول تتجه إلى سن قوانين حمائية للحفاظ على المستلزمات الطبية، لحماية أفراد المجتمع وعلاجهم خلال الأزمة، ما يشكل تحدياً كبيراً على الدول الأخرى التي لا تستطيع توفير هذه المستلزمات، وأن دولة الإمارات تمتلك فرصة حقيقية لإيجاد الحلول السريعة الناجحة في هذا المجال.

الأمن الغذائي والتكنولوجيا

ولفت إيان بريمر إلى أهمية تعزيز قطاع الأمن الغذائي العالمي والمحلي، مشيداً برؤية الدولة في تعيين وزيرة مسؤولة عن ملف الأمن الغذائي، وجهودها في التعاون مع حكومات العالم لتبني التكنولوجيا الزراعية وتطوير مجالات الأبحاث لتتمكن الدول من توفير احتياجاتها وتنمية هذا القطاع.

وذكر أن الدولة تمتلك مقوّمات عدة لقيادة قطاع التصنيع التكنولوجي في العالم، من خلال تطوير برامج وآليات تكنولوجية جديدة تتيح تبني الأتمتة في التصنيع وتصدير هذه الحلول التكنولوجية، وتبادل الخبرات ومشاركة التجارب التي تمكّنت الدولة من تطويرها مع حكومات العالم لتستطيع النجاح والاعتماد على صناعاتها المحلية بالاستفادة من التكنولوجيا الإماراتية.

وأكد إيان بريمر أن الأوضاع الحالية تحمل العديد من الإيجابيات لجهود تخطي الأزمة وصولاً إلى مرحلة ما بعد «كوفيد19»، مستشهدا بأن الصين التي تعد إحدى أكبر الدول الصناعية العالمية تمكنت من إعادة سلاسل الإمداد إلى العمل بشكل شبه كامل، فيما تعمل حاليا على زيادة طاقتها الاستيعابية إلى 100% لتتمكن من تلبية الطلب العالمي.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول الخروج من الأزمة بنجاح بمساعدة كبيرة من الشركات التكنولوجية التي أثبتت أنها تمتلك مقوّمات النجاح في القرن الـ21، وأكد أن التكنولوجيا مكّنت الدول من الحفاظ على استمرارية أعمالها ومواصلة تقديم الخدمات حتى مع الإجراءات الاحترازية وإغلاق عدد من المدن، مشيراً إلى أن أحد أهم التغيرات التي سيشهدها العالم في الأشهر المقبلة، سيتمثل في توجه الحكومات للاعتماد بشكل أكبر على شركات التكنولوجيا التي أصبحت تشكل جزءاً مهماً من الاقتصاد العالمي.

وقال بريمر إن إحدى أهم نتائج مرحلة «كوفيد19» التي تعد أكبر أزمة يمر بها العالم أن الشعوب والحكومات ستتمكن من أخذ القرارات بشكل أفضل، وستبادر إلى طرح الأسئلة كانت تعتبر حساسة في وقت سابق، وتغيير الهياكل المؤسسية غير المؤهلة للنجاح في المرحلة المقبلة، والبدء بإنشاء مؤسسات جديدة تتناسب مع التحول العالمي.

وأضاف الخبير الدولي أن العالم لن يتجه إلى تغيير كبير بعد انحسار أزمة «كورونا»، لأن التغيير كان جارياً بوتيرة متسارعة على مدى العقود الماضية، وانعكس على النظام الجيوسياسي، وعلى المؤسسات والمنظمات العالمية، ونحتاج اليوم إلى وقفة جادة للنظر إلى المتغيرات وتوظيفها في خدمة المرحلة المقبلة، وضمان استدامة التغيير في المؤسسات الدولية وتحديثها كل 20 عاماً لتواكب الأحداث العالمية.

3 سنوات لانتهاء الأزمة

وأوضح بريمر أن العالم مازال في المرحلة الأولى من أزمة «كوفيد19»، التي توقع أن تستمر 3 سنوات وتنقسم على مرحلتين، الأولى تتمثل بالتركيز على تطوير لقاح ناجح، وتصنيعه عالمياً وتوزيعه على الدول لتتمكن من حماية شعوبها، وصولاً إلى المرحلة الثانية، التي ستركز على الخروج من الأزمة بشكل كامل.

وأكد أن الأحداث ستتسارع خلال الـ18 شهراً المقبلة بحيث تشمل تغييرات كبرى كانت تتطلب 10 سنوات لحدوثها، تشمل ارتفاع معدلات البطالة بين موظفي الطبقة المتوسطة والعمالة اليومية، وصعوبة في الحصول على الرعاية الصحية التي يحتاجونها وتفاقم هذه الأزمة لتؤثر على الشركات الصغيرة التي ستعاني من نقص الموظفين.

مستقبل المراكز الاقتصادية

من جهته، أكد البروفيسور إيان غولدين أستاذ العولمة والتنمية مدير كلية مارتن للدراسات المستقبلية في جامعة أكسفورد خلال جلسة بعنوان «مستقبل المراكز الاقتصادية العالمية بعد كوفيد19» أن دولة الإمارات تشكّل جسر التواصل بين الشرق والغرب، خصوصاً أنها تحتضن مختلف الأديان والثقافات، مشيراً إلى أن الفرق بين أزمة «كوفيد19» والأزمات التي تغلبنا عليها في السابق تعتمد على القيادة الصحيحة والطريقة التي يتم التعافي بها وآليات رسم ملامح المرحلة المقبلة.

وقال غولدين إن قيادة دولة الإمارات تبنت إجراءات استثنائية مكّنتها من تخطي المرحلة الأصعب في الأزمة، حيث تركز على الاستثمار في صحة مجتمعها وسلامته، واستدامة النجاح من خلال اتخاذ القرارات الدقيقة المدروسة، مؤكداً أن معدل الناتج المحلي الإجمالي في الدولة استمر في الصعود ليصبح أقوى، ما يبعث الشعور بالطمأنينة والثقة في الإمارات، ويحولها إلى نموذج في رعاية المجتمع واستباقية الحلول.

وأشاد بقوة الإمارات الناعمة التي عززتها الفترة الماضية من خلال تقديم المساعدات الطبية لعدد من الدول، والتحرك السريع لإيصال المساعدات، إضافة إلى السمعة الطيبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على مستوى العالم، التي مكّنت الدولة من بناء شراكات وثيقة مع الحكومات، والعمل مع منظمات عالمية لتصبح الإمارات نقطة الالتقاء والجسر الذي يدعم الدول في هذه الأزمة ويسهم في قيادة العالم نحو مستقبل أفضل.

وأوضح أن تنظيم «إكسبو دبي» في الإمارات، سيمكّن الدولة من عرض تجاربها الناجحة، وتبادل الخبرات مع حكومات العالم، وسيمثل منصة مهمة لتتعرف الدول على مدى انفتاح الإمارات في قطاع الأعمال، والاطلاع على مستويات نموها المستدام في جميع الظروف والأزمات، والقرارات الناجحة التي تتبناها لدعم قطاع الأعمال، والبنية التشريعية والقانونية التي تحمي القطاع الخاص وتساعده على النمو.

تصميم حلول المستقبل

أكد البروفيسور إيان غولدين أن الاقتصاد العالمي يحتاج إلى وقت أطول للتعافي من الأزمة الحالية وآثارها الصحية وتبعاتها على الدول والأنظمة الاقتصادية، مشيراً إلى أن الدول تتجه في الوقت الحالي إلى زيادة الإنفاق الحكومي ما يحتم عليها اقتراض مبالغ أكبر لتتمكن من عبور الأزمة، الأمر الذي ينعكس على الدول النامية التي تحتاج إلى صياغة استراتيجيات وأسس جديدة لتصميم حلول للمستقبل.

وقال إن الحكومات بحاجة إلى معالجة التحديات الحالية بشكل أسرع، مثل هبوط أسعار العملة، وآثار«كوفيد19» على التجارة والعرض والطلب، وسلاسل الإمداد، والاستعانة بتجارب الدولة الناجحة في التغلب على هذه الآثار وتمكين الاقتصاد العالمي من التعافي السريع، والعودة إلى الحياة الطبيعية بسرعة.

واستبعد مدير كلية مارتن للدراسات المستقبلية في جامعة أكسفورد، نهاية العولمة في المدى المنظور، على الرغم من أن العالم سيشهد نظاماً جديداً يتطلب تسريع التوجهات التحويلية في سلاسل الإمداد، مؤكداً أن على الدول أن تكون أكثر استعداداً للمرحلة المقبلة من خلال التركيز على المتطلبات الرئيسية ودعم العرض والطلب وإعادة رسم معادلة التوازن الاقتصادي العالمي.

وأكد غولدين أهمية التكنولوجيا ودورها المحوري في تطوير سلاسل الإمداد واستقطاب الخدمات عالية المستوى وأثرها في ازدهار الصناعة والأتمتة وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، والطباعة ثلاثية الأبعاد لتطوير رأس المال، والصناعات المخصصة حسب طلب المستهلكين في القطاعات الاقتصادية المختلفة مثل تصنيع السيارات وتجارة التجزئة والسلع الفاخرة، وحتى المستلزمات الطبية والأدوية، وتسليمها بشكل سهل ومباشر وسريع إلى المستهلك، ما يشكّل تحدياً جديداً للقطاعين الصناعي واللوجستي.

وقال إن عدداً من الدول ستتجه لإقرار نظم وإجراءات حمائية لقيادة عملية التحويل في سلاسل الأمداد، انطلاقاً من إدراكها لأهمية تقليل الاستيراد ورفع معدل الإنتاج المحلي وتوظيف الكوادر الوطنية لأداء المهمة، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تطوراً في العولمة الرقمية، وازدهار عولمة السفر والسياحة.

Email