محمد بن زايد يشهد محاضرة «الأمن الغذائي في دولة الإمارات»

مريم المهيري: كل أزمة في الإمارات تجعلنا أقوى

محمد بن زايد متحدثاً خلال حضوره المجلس | وام

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت معالي مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة دولة مسؤولة عن ملف الأمن الغذائي، أن كل أزمة في الإمارات تجعلنا أقوى وتعزز من قدراتنا المتعلقة بالأنظمة الغذائية، مشيرة إلى أننا في دولة الإمارات استفدنا من التجارب السابقة وتعلمنا منها الكثير من الدروس، وأنه منذ عشر سنوات اتخذت الدولة خطوات لضمان استعدادها وقدرتها على التعامل مع الأزمات بشكل أفضل.جاء ذلك خلال محاضرة معاليها أمس، والتي نظمها مجلس محمد بن زايد تحت عنوان «الأمن الغذائي في دولة الإمارات»، والتي شهدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وقالت معالي مريم المهيري: «أعلم أن العديد منكم قلقون.. لكني أريد أن أطمئنكم أننا نفعل ما بوسعنا للتأكد من توافر الغذاء للجميع في دولة الإمارات». وأشارت معاليها إلى أن لدينا ثلاثة موارد الشمس والرمال والبحر.. وآمل أن استخدام تلك الموارد الثلاثة مستقبلاً سيمكننا من زراعة غذائنا ويقلل اعتمادنا على سلاسل الإمداد من الخارج.

سرور

وتحدثت معاليها بداية المحاضرة: «يسرني الانضمام إليكم اليوم في مجلس محمد بن زايد.. لأناقش موضوعاً مهماً وحيوياً وهو الأمن الغذائي».. وعرفت المقصود من الأمن الغذائي.. بأنه ضمان إمكانية حصول جميع المواطنين في الدولة على الغذاء الآمن والمغذي والكافي وبسعر معقول في جميع الأوقات بما في ذلك الطوارئ والأزمات.وأكدت معاليها أن ملف الأمن الغذائي كان دوما من المواضيع المهمة لدولة الإمارات العربية المتحدة.. موضحة أن مصدر الحصول على الغذاء في الدولة من قناتين مختلفتين هما الاستيراد والإنتاج المحلي.. ونظراً لصعوبة الظروف البيئية في الدولة من حيث ندرة الماء وقلة المساحات القابلة للزراعة.. فقد تمكنا على مدار السنوات الماضية من إنشاء البنية التحتية المناسبة لضمان استيراد جزء كبير من غذائنا.

وأشارت إلى أن معظم المواد الغذائية في دولة الإمارات تأتي من الاستيراد وأنشئت خلال السنوات الماضية البنية التحتية المناسبة لضمان هذا الأمر وتأمين احتياجات أكثر من 200 جنسية تعيش في الإمارات.. ونوهت ببعد الرؤية التي تتسم بها قيادة الدولة، حيث كانوا يرون دوماً أن موضوع الأمن الغذائي مهم للغاية ويمثل أولوية وطنية للبلاد.

وذكرت الوزيرة أنه منذ عشر سنوات اتخذت الإمارات خطوات لضمان استعدادها وقدرتها على التعامل مع الأزمات بشكل أفضل.. فأولاً أسست تحالفاً للأمن الغذائي يتألف من 14 شركة وطنية وضعت استثمارات كبيرة في الإنتاج الزراعي وسلاسل إمداد الغذاء ومعالجة الغذاء داخل الإمارات وخارجها.. وثانياً بنت مخزونات استراتيجية وطنية للسلع الغذائية الرئيسية وهو أمر تم إنجازه بالفعل لكنه مستمر على الدوام.. لضمان تأمين احتياجات أعداد السكان المتزايدة.. وثالثاً في عام 2017 تم إسناد ملف الأمن الغذائي لوزير دولة.

وقالت إن إنشاء مكتب الأمن الغذائي عزز من قدراتنا ذات الصلة، وأكدت أن موضوع الأمن الغذائي حظي بالأهمية والاهتمام اللازمين من جميع المعنيين في الدولة.. ففي عام 2017 قمت وفريقي بوضع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي بالتعاون مع جميع المعنيين في الدولة.. وبالتالي فالإمارات لديها الآن خطة تضم أكثر من 38 مبادرة وبرنامجاً لضمان الأمن الغذائي للإمارات، ليس فقط اليوم ولكن أيضاً خلال الأزمات وفي المستقبل.. موضحة أن أحد التوجهات الاستراتيجية في هذه الاستراتيجية هو ضمان الجاهزية للطوارئ والأزمات.

وأضافت المهيري أن العمل على هذا الملف خلال السنوات الماضية كان يجري بشكل مكثف.. والمرور بهذه الأزمة يعد اختباراً لمدى فاعلية أنظمتنا.. وهذه الاستراتيجية تمثل الأساس السليم للقدرة على التغلب على هذه الأزمة.. وأشارت إلى أنه عندما بدأت الأزمة منذ أسابيع استطعنا التعامل معها بسرعة بما يضمن عدم توقف سلاسل الغذاء إلى الإمارات وحرصنا على اتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من عدم وجود فجوة في سلاسل الإمداد.

خطة

وقالت إنه على مدار سنوات وضعنا الاستراتيجية والخطة وأنشأنا كذلك هيئة ممثلة في «مجلس الإمارات للأمن الغذائي» والذي يضم جميع الهيئات الاتحادية والسلطات المحلية التي لها دور في مجال الأمن الغذائي وهذا المجلس هو الجهة التوجيهية لتنفيذ الاستراتيجية وبرامجها.. وعندما بدأت الأزمة دعوت بصفتي رئيسة المجلس إلى عقد اجتماع افتراضي غير عادي مع جميع الجهات، حيث ناقشنا جميع الأحداث الجارية.. ووجود هذا المجلس والتواصل مع جميع الأطراف المعنية بسرعة وفاعلية كان أمراً ضرورياً في هذا الوقت.. ووضعنا العديد من آليات المتابعة فبدأنا بالنظر في سلاسل الإمداد العالمية وكشوف الميزانية الغذائية للعالم وهي ما تبين أنواع الغذاء المتاحة للتصدير والاستخدام في السوق العالمي.. وبدأنا النظر في تقرير نظام معلومات السوق الزراعية وهو يخبرنا عن وضع الحاصلات الزراعية.

وأضافت معالي مريم المهيري.. أن النظر في سلاسل الإمداد العالمية كان الأمر الأول.. لكن كان علينا أيضاً فهم ما يحدث على حدودنا في نقاط الدخول التي يدخل منها الغذاء، فوضعنا آلية للإنذار المبكر للتأكد من معرفة السلع الغذائية التي تدخل البلاد وهل الإمداد مستمر وبالكميات المتوقعة أم لا ؟.. حرصنا أيضاً على فهم حجم وطاقة الإنتاج المحلي، حيث لا يعمل جميع المنتجين المحليين بكامل طاقتهم.. لكننا أردنا أن نفهم إمكاناتهم المحتملة حتى نعلم في حالة الانقطاع السلع التي نحتاج لزيادتها محلياً.. كما حرصنا على التواصل مع شركات تحالف الأمن الغذائي للتأكد من استعدادهم لإحضار الغذاء من خارج الإمارات.

وأكدت أنه بسبب الانقطاعات الناتجة عن توقف طائرات الركاب.. قدمت الحكومة الدعم لقطاع الغذاء وحرصت على توفير طائرات خاصة.. كما كانت شركات الطيران الوطنية على أهبة الاستعداد لتنفيذ رحلات خاصة لضمان تبادل إمدادات الغذاء والدواء بين الدول.. كانت هذه كلها قرارات سريعة وهذا لأننا كنا على أكبر قدر ممكن من الاستعداد لهذه الأزمة وكانت لدينا بروتوكولات البيانات جاهزة حتى يتمكن صناع القرار من اتخاذ قراراتهم بسرعة.

وتوجهت بالشكر إلى جميع أعضاء مجلس الإمارات للأمن الغذائي لجهودهم ودعمهم في هذه الأزمة.. مؤكدة أن الجهود مستمرة وما يحدث في السوق لنتأكد من أن رفوف مراكز التسوق ممتلئة دوماً لأهلنا هنا في الإمارات.

وقالت: رأينا أن الغذاء متاح حول العالم.. لكننا رأينا كذلك بعض الانقطاعات في الشحن الجوي والبحري.. فاتخذنا ما يلزم من إجراءات وتواصلنا مع شركات الشحن الجوي الوطنية والموانئ البحرية ووضعنا مسارات بديلة وشاركنا كل هذه المعلومات مع التجار فكان التواصل الوثيق مع جميع الأطراف مهماً للغاية.. كما كان من المهم التواصل مع المؤسسات العالمية إلى جانب التواصل مع المجتمع.. فمن الضروري عند المرور بأزمة أن نتأكد من وعي الناس بما يحدث حيث نشجع أموراً مثل حث الجمهور على عدم شراء السلع الغذائية بما يزيد على حاجتهم وعلى تناول الأطعمة الصحية لتعزيز جهاز المناعة.. وقد شهدنا ارتفاعاً مفاجئاً في الطلب على البرتقال مثلاً لأن الجميع كان يريدون الحصول على «فيتامين ج» فتعزيز جهاز المناعة يعني بناء خط الدفاع الأول.. هكذا استطعنا التواصل مع الجمهور.

شراكات

وأكدت أن دولة الإمارات أسست منذ نشأتها شراكات وروابط قوية مع دول العالم.. وهذا أيضاً بفضل قيادتنا التي بنت وعززت تلك الشراكات حتى آتت ثمارها في أوقات كهذه.. فعندما بدأنا نرى تلك الانقطاعات استطعنا مواجهتها وحرصنا على امتلاء رفوفنا بالغذاء وأنه لا حاجة للفزع حيث يوجد ما يكفي من الغذاء للجميع.. ويأتي ذلك بالتأكيد من خلال التواصل المستمر مع المعنيين ولا ننسى جميع الوزارات المعنية بهذا الأمر الاقتصاد والتغير المناخي والتعليم والصحة والخارجية التي شاركت جميعا واضطلعت بدورها في مجال الأمن الغذائي.

وشددت معاليها على أن ما يجب أن نحرص عليه في هذه الأزمة أو غيرها هو التعلم والتعامل معها كفرصة جديدة لبناء نظام أقوى وأكثر مرونة.. لذلك على مدار الأسابيع الماضية كان التواصل بيني وفريقي من جهة وبيننا وجميع المعنيين من جهة أخرى أقوى من ذي قبل.. فنستخدم الآن الاجتماعات الافتراضية وهو أمر لم نكن نفعله كثيراً من قبل.. لكننا الآن نتحدث مع وزراء في دول أخرى ومؤسسات عالمية.. أصبحوا جميعاً على بعد مكالمة عبر الشاشة لتتواصل معهم.. حيث نتفادى تكاليف السفر مثلاً لدولة أخرى أو تكاليف السكن هناك.. لذا فإن هذه الأزمة تساعدنا على النظر في تلك الفرص التي يمكننا البناء عليها.. والأمر نفسه يسري هنا على مجال الأمن الغذائي.. علينا تشجيع أمور مثل تناول الأغذية المحلية.. لا يعرف الكثيرون هذا، لكن الإمارات تزرع الكثير من أنواع الغذاء.. قمت وفريقي مثلاً، بالتعاون مع دبي بوست بنشر سلسلة فيديوهات تستعرض بعض شركات تقنيات الزراعة الموجودة في الإمارات والتي تزرع الكثير من أنواع الغذاء محلياً.. هذه الأطعمة لذيذة لأنها طازجة، لكنها مليئة بالعناصر الغذائية.. لذا نشجع الجمهور على شراء السلع المحلية ونسوق منتجات السوق المحلية.. هذه أيضاً فرصة للمنتجين المحليين لزراعة المزيد، ولا ننسى الدور المهم للتكنولوجيا في تمكين إنتاج الغذاء محلياً.

وأشارت معاليها.. إلى أن مكتب الأمن الغذائي وضع الكثير من المبادرات لتعزيز تقنيات الزراعة في الإمارات وهذا هو الوقت الذهبي لمن يستخدمون التقنية في زراعة غذائهم لأنها طريقة مستدامة وتحقق الفاعلية وتبني نظاماً قوياً.. يمكننا العمل عليه للبدء في زراعة المزيد من الأغذية في الإمارات.. ويسرني ويشرفني أنني سأتولى قيادة فريق لتطوير قطاع جديد لتقنيات الزراعة في الإمارات، وهو أمر أعلنه مجلس الوزراء منذ يومين فقط.. سيكون هذا القطاع حيوياً لتعزيز الأمن الغذائي في المستقبل.

نشأة

قالت معالي مريم المهيري وزيرة دولة مسؤولة عن ملف الأمن الغذائي: «نشأت على احترام الطعام وعلى كل منا مسؤولية عدم إهداره لأنه كلما زاد إهدار الطعام كلما زاد احتياجنا إليه.. وكما نعلم جميعاً مازال هناك أكثر من 800 مليون شخص ينامون دون طعام كل يوم.. لذا علينا الاهتمام بشدة بكم الطعام الذي نلقيه في القمامة ونحاول تقليل الهدر لأقل ما يكون.. وتشجيع المجتمع على تبني عادات غذائية وصحية أفضل».

وأضافت: «إننا جميعاً نتعلم يوماً بعد الآخر في أي قطاع نعمل فيه.. نتعلم ونفهم من أزمات كهذه مدى أهمية التواصل والشراكة وألا ننسى العنصر الإنساني الذي يجب علينا جميعاً التفكير فيه في هذه الأزمة».. وأعربت عن مدى شكرها وتقديرها للعاملين في الخطوط الأمامية من الرجال والنساء الشجعان الذين يخاطرون بحياتهم ويضحون بوقتهم مع عائلاتهم ليمارسوا عملهم ويحافظوا على سلامتنا.

Email