ثاني الزيودي: كورونا أثبت قدرة المجتمع الدولي على التعاون والتكاتف

ت + ت - الحجم الطبيعي

شاركت دولة الامارات العربية المتحدة ممثلة بوزارة التغير المناخي بالدورة ال11 من "حوار بطرسبرغ بشأن المناخ" والتي عقدت افتراضيا عبر شبكة الانترنت بمشاركة 30 وزيرا للبيئة وبمشاركة المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس ورئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون.

وحول مشاركة دولة الإمارات في "حوار بطرسبرغ" ونموذجها في العمل من أجل المناخ ومواجهة التحديات أوضح معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة في حوار مع وكالة أنباء الإمارات "وام" أن أزمة انتشار وباء فيروس كورونا المستجد عالمياً أكدت قدرة المجتمع الدولي على التعاون والتكاتف والعمل بوتيرة موحدة وسريعة لمواجهة التحديات والتغلب عليها لضمان الحفاظ على أمن واستمرارية البشرية.

وأضاف معاليه " مع هذا التعاون والتكاتف كان لابد من تنبيه المجتمع الدولي إلى أن التحديات الصحية التي نشهدها مثل أزمة فيروس كورونا يمكن التغلب عليها خلال فترات محددة عبر إنتاج لقاحات أو أمصال أو علاجات وفور القضاء عليه تعود وتيرة الحياة /اقتصادية واجتماعية/ إلى طبيعتها على عكس ما يمكن أن يخلفه تحدي التغير المناخي فتداعياته تتسبب في كوارث وأضرار كبرى يصعب التغلب عليها دون الاستعداد المسبق لها والعمل على تحفيف حدتها بشكل دائم والتكيف معها وفي حال وقوعها يكون التعافي منها صعبا ومكلفا للغاية ويحتاج إلى فترات طويلة.

وأضح أن مواجهة التغير المناخي وخفض مسبباته والتكيف مع تداعياته لضمان حماية كوكب الأرض ككل يعتمد على مزيد من العمل والتعاون الدولي الأمر الذي أثبتت أزمة فيروس كورونا إمكانية تحقيقه بشكل فعال خصوصاً وأن تطبيقات الحجر المنزلي وخفض حركة المواصلات العامة والشخصية وقرارات أخرى عدة ساهمت في تراجع معدلات الانبعاثات الكربونية عالمياً وبعد عقود حلت مشكلة ثقب الأوزون.

وأضاف :" بناءً على هذه التطورات تم وضع /رفع سقف المساهمات الوطنية المحددة/ للدول تجاه العمل من أجل المناخ بموجب اتفاق باريس كموضوع رئيس مرة أخرى لاتخاذ إجراءات فعلية وسريعة بخصوصه فكان من المنتظر أن يشكل أحد أهم مواضيع النقاش في "قمة المناخ – كوب 26" والتي تم تأجيلها للعام المقبل 2021 بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد وفي هذه الدورة جاء كموضوع رئيسي للنقاش.

وقال معاليه: " تطبق الإمارات نموذجاً خاصاً في التعامل مع التحديات والأزمات يعتمد على استشراف المستقبل والمسارعة لاتخاذ إجراءات وخطوات تخفض حدة هذه التحديات وتحقق استفادة حقيقية منها لذا سارعت إلى رفع سقف مساهماتها الوطنية المحددة الطوعية على أكثر من قطاع خلال الدورة الماضية من قمة المناخ – كوب 25 في وقت ما يزال الموضوع قيد النقاش والبحث لدى دول عدة حول العالم." وأوضح أن دولة الإمارات أعلنت خلال فعاليات "كوب 25" عن رفع سقف مساهماتها الوطنية المحددة بما يتوافق مع استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 والذي يستهدف الوصول بحصة الطاقة النظيفة والمتجددة من إجمالي مزيج الطاقة المحلي إلى 50% مدعومة بمسيرة التوسع في استخدام حلول الطاقة المتجددة خلال العقد الأخير والتي ساهمت في زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة من المصادر المتجددة من 10 ميجا وات لتصل إلى 1800 ميجا وات وستشهد السنوات العشر المقبلة نمو هذه القدرة بنسب تقارب 400% لتصل إلى 8400 ميجا وات بحلول 2030 بالإضافة إلى مشروع الطاقة النووية السلمية.

وأضاف: " كما ضم إعلان دولة الإمارات عن رفع سقف مساهماتها الوطنية الإعلان عن توسيع شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" قدرات مشروعها لالتقاط وعزل الكربون بمعدل 6 أضعاف بحلول 2030 ليصبح المشروع الأكبر من نوعه عالمياً." وشمل إقرار خطة وطنية متكاملة لتغير المناخ وبرنامجا وطنيا للتكيف مع تداعياته يُحدد عبره الإطار الكامل للعمل على رفع قدرات كافة القطاعات وبالأخص الطاقة والصحة والبيئة والبنية التحتية للتكيف مع تداعيات التغير المناخي.

ويعمل البرنامج الوطني للتكيف على تقييم المخاطر الحالية والمتوقعة التي تواجهها هذه القطاعات نتيجة التغير المناخي ويضع تدابير احترازية مستقبلية لمقاومتها.

وقال ضمن توجهها لاستخدام وتوظيف أحدث التقنيات لبناء مستقبل أفضل تعمل دولة الإمارات ضمن رفع سقف مساهماتها الوطنية المحددة الطوعية على تعميق فهم ودراسات التغير المناخي وتأثيراته وظواهره عبر توظيف قدرات وتقنيات القمر الصناعي العربي "813" المقرر إطلاقه للفضاء 2022 عبر المجموعة العربية للتعاون الفضائي بقيادة وكالة الإمارات للفضاء.

وأضاف: " سيعمل القمر على جمع البيانات الحيوية الخاصة بحركة التصحر وموجات الجفاف ومعدلات انبعاثات غازات الدفيئة لاكتشاف وتحليل أسباب وأنماط الظروف المناخية المتغيرة." كما تم الإعلان عن انضمام دولة الإمارات إلى عدد من التحالفات العالمية التي تعمل من أجل البيئة والمناخ ومنها الانضمام للتحالف العالمي للمباني صفرية الكربون والانضمام إلى قائمة أفضل 100 جهة فاعلة في ائتلاف برنامج البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة والذي يهدف إلى تعزيز منظومة التبريد الصديق للبيئة.

وأشار معاليه إلى أن دولة الإمارات بموازاة رفعها لسقف مساهماتها الوطنية المحددة الطوعية وزيادة لحصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة المحلي ساهمت عبر التمويل والاستثمار في رفع سقف مساهمات العديد من الدول الأخرى.

فعبر الشراكة بين الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" وصندوق أبوظبي للتنمية تم تمويل وتنفيذ 32 مشروعا للطاقة المتجددة في 26 دولة بقدرة إنتاجية 200 ميجا وات بكلفة 350 مليون دولار وبشكل عام تم ضخ تمويلات لتنفيذ ساهمت بتمويل 70 مشروعاً من مشاريع الطاقة المتجددة في 60 دولة.

وأوضح معاليه أن هذا الدور الدولي الذي تلعبه دولة الإمارات يأتي ضمن مسيرتها الممتدة منذ تأسيسها في العمل من أجل الإنسانية في المقام الأول ثم العمل لحماية البيئة وضمان استدامة مواردها الطبيعية ومواجهة تحديات التغير المناخي.

وقال إن دولة الإمارات تحرص بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة على تقديم يد العون والمساعدة بشكل دائم لمختلف دول وشعوب العالم بما يحقق مصلحة المجتمع الدولي ككل ويضمن تحقيق مستقبل أفضل.

وأشار إلى أن الدور الإنساني نفسه طبقته الإمارات في مواجهة أزمة كورونا بإجلاء رعايا الدول العربية والأجنبية من أكثر من عشرة جنسيات من الصين كما استقبلت دولة الإمارات قرابة 400 طالب خليجي ووفرت الرعاية الطبية اللازمة لهم وبادرت بتقديم المساعدات الطبية العاجلة للعديد من الدول المتضررة من هذا الوباء العالمي.

ولفت معاليه إلى نقاشات "حوار بطرسبرغ بشأن المناخ" كيفية تنظيم تعافٍ اقتصادي " صديق للبيئة" بعد انتهاء المرحلة الحادة من وباء فيروس كورونا المستجد مشيرا الى ان دولة الإمارات بدات بفضل رؤية قيادتها الرشيدة واستشرافها الدائم للمستقبل العمل عليها منذ العام 2012 مع إطلاق استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء وخلال هذه الفترة حققت الدولة خطوات واسعة وانجازات عدة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر على مستوى كافة القطاعات ما يساهم بدوره وبقوة في مسيرة العمل من أجل المناخ ويثبت أن نموذج دولة الإمارات في التعامل مع التحديات وتحويلها إلى فرص نمو أحد أنجح آليات ونماذج التعامل مع التحديات بشكل عام وتحدي التغير المناخي على وجه الخصوص.

وأشار معالي الدكتور الزيودي إلى أن أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد عالمياً يمكن الخروج منها ببعض الدروس والتوجهات الواجب على دول العالم مراعاتها في التعامل مع التحديات والأزمات التي نواجهها أو يمكن أن نتعرض لها مستقبلاً وبالأخص تحدي التغير المناخي وفي مقدمتها قدرة المجتمع الدولي /حكومات، قطاع أعمال، وأفراد/ على الالتزام بإجراءات وقرارات محددة للتغلب على تحدي يهدد مستقبل البشرية وكوكب الأرض بشكل عام.

وأضاف: " كما يجب العمل على تأسيس وتوسيع منظومة البحث العلمي المحلية بشكل متطور قادر على الوصول لحلول سريعة ومبتكرة للتعامل مع المواقف الطارئة والأزمات دون الحاجة لانتظار الحلول من دول ومنظومات بحثية أخرى." وتابع معاليه: " كما تشمل الدروس الواجب على الدول كافة تعلمها من أزمة كورونا أهمية وضرورة تعزيز قدرات الابتكار والابداع القادرة على إيجاد حلول فعالة وملائمة للطبيعة المحلية لكل مجتمع /عن طريق تعزيز منصات مراكز الابتكار الحالية وإيجاد أخرى متخصصة بحسب كل قطاع ترتكز على الوضع الحالي للقطاع وتعمل على تطويره وتوظيف التكنولوجيا الحديثة والاستفادة منها بشكل دائم/." ولفت معاليه إلى أهمية العمل بشكل استباقي واستشرافي دائم عبر دراسة كافة الأوضاع المتوقعة لتطبيق إجراء أو التزام معين على المجتمع المحلي وبيان مدى التأثير السلبي والايجابي لهذا الإجراء للوقوف على متطلبات تعديله بما يحقق أعلى إفادة بناء على طبيعة المجتمع والمنتمين له ويجب أن تتنوع هذه الدراسات الاستباقية والاستشرافية بحسب كل قطاع على أن يتم العمل وفق منظومة موحدة على توظيف هذه الدراسات المتخصصة في رسم استراتيجية عامة للدولة لضمان مستقبل أفضل ومستدام.

وأضاف معاليه: "ويجب زيادة الاعتماد بشكل أكبر على الحلول المستندة للطبيعة فكما تعزز النباتات ومكونات الطبيعة القدرات المناعية للأفراد يمكن للحلول الاقتصادية والاجتماعية التي تضمن حماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية وتنوعها البيولوجي وضمان استدامتها جميعاً أن تشكل قوة دافعة ومؤثرة للغاية في التعامل مع تحدي التغير المناخي كما يجب العمل على تعزيز شراكة كافة مكونات المجتمع من مؤسسات حكومية وقطاع خاص وأفراد في رسم وتنفيذ استراتيجيات الدولة كما يجب العمل على رفع الوعي العام بأهم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي والمحلي على حد سواء لضمان المشاركة الفعالة والسريعة لمكونات المجتمع كافة." واستهدفت الدورة اتاحة الفرصة لتعزيز التعاون الدولي ومناقشة التدابير التي تضمن التعافي الاقتصادي من التبعات التي تسبب بها أزمة "كورونا" وإدراج النمو الأخضر الصديق للبيئة ضمن أولويات التعافي ومناقشة ضرورة رفع سقف طموحات العمل من أجل المناخ ورفع سقف المساهمات الوطنية المحددة.

كلمات دالة:
  • ثاني الزيودي،
  • الإمارات ،
  • فيروس كورونا
Email