تكامل ومرونة وسرعة استجابة لمكافحة «كورونا»

دبي قادرة على تحويل الأزمات إلى فرص

عبدالله المري وسامي القمزي خلال المؤتمر الصحافي الذي نظمه المكتب الإعلامي عن بعد | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعرب سامي القمزي، مدير عام اقتصادية دبي، عن تفاؤله بقدرة النشاط الاقتصادي في دبي على العودة إلى سابق عهده خلال فترة قصيرة على الرغم من التحديدات الكبيرة التي أفرزتها الأزمة العالمية المتمثلة في فيروس «كوفيد ــ 19».

وقال خلال مؤتمر صحافي عن بُعد نظّمه المكتب الإعلامي لحكومة دبي أمس بالتعاون مع تلفزيون دبي عبر الاتصال المرئي، إن تركيز الدائرة في هذه المرحلة منصب على التأكد من عدم العودة لمرحلة الإغلاق مرة أخرى عقب مرحلة الفتح الجزئي للأنشطة الاقتصادية في الإمارة.

وبالتالي تبذل الدائرة كافة الجهود المطلوبة في هذه المرحلة للتأكد أن جميع التجار في قطاع التجزئة وضمن الأنشطة الاقتصادية التي تتطلب نوعاً من التقارب الاجتماعي بين المستهلكين، لديهم الوعي الكامل حول الإجراءات المتخذة.

وأضاف أن مؤشرات الالتزام بالإجراءات الوقائية خلال مرحلة الفتح الجزئي، تبدو مشجعة، وأرقام المخالفات على المنشآت غير الملتزمة بدأت بالتناقص، موضحاً أن الدائرة تقدم كل الدعم التوعوي المطلوب لكافة الجهات المرتبطة بها بهدف تخطي مرحلة عدم الفهم الصحيح لبعض الإجراءات الصحية والوقائية المفروضة عليهم.

وأكد القمزي أن تقارير المفتشين التابعين لدائرة التنمية الاقتصادية بدبي تؤكد وصول نسبة التزام التجار في قطاع التجزئة وممارسي الأنشطة الاقتصادية إلى أكثر من 80%، ونحن على ثقة بأن هذه النسبة سترتفع بفضل الجهود المبذولة لرفع مستوى وعي القطاع الخاص.

تخفيف الإجراءات

وفي إجابته عن سؤال وجهته منى بوسمرة، رئيس التحرير المسؤول لصحيفة «البيان»، إلى سامي القمزي، حول تخفيف الإجراءات على مستوى الإمارة ونسبة الالتزام بالتدابير الوقائية المعتمدة سواء من قبل المحلات التجارية أو من قبل المتسوقين خلال ساعات التجول المتاحة لهم؟

نوه القمزي بأن درجة الوعي في أسواقنا خلال المرحلة الحالية جيدة للغاية، ونعمل على رفع هذه النسبة، ونعي جيداً أن الأزمة الراهنة هي أزمة صحية بحتة ولكنْ لها أثر اقتصادي كبير، وبالتالي كل تركيزنا منصب على نشر الوعي الصحي والتأكد من الالتزام بالإجراءات الوقائية بشكل تام، مشيراً إلى أن عملية الرقابة المفروضة على الأسواق والمحلات التجارية لها تأثير ولكنه محدود، بينما يبقى من الأهمية بمكان زيادة الوعي بين التجار والمتعاملين في الأسواق.

وأضاف القمزي أن خلال فترة الإغلاق التام في دبي كانت هناك مشاورات مستمرة من قبل حكومة دبي مع جميع الشركاء في القطاعين الحكومي والخاص، وأثمرت هذه اللقاءات عن النجاح في وضع سياسات كان الغرض منها زيادة الوعي والتدرج في رفع التدابير الوقائية لتصل نسبة الإغلاق المؤقت إلى 100%، ولفترة محدودة، معرباً عن تقديره لتعاون جميع الجهات مع الدائرة في نشر الوعي سواء من خلال وسائل الإعلام التقليدية أو عبر منصات التواصل الاجتماعي أو من خلال التنبيهات والإشعارات وأيضاً من خلال التواصل المباشر مع كافة المعنيين، ونقدر التزام الجميع.

رقابة والتزام ذاتي

ورداً على سؤال مصطفى الزرعوني، رئيس تحرير صحيفة خليج تايمز، حول أنواع المخالفات التجارية التي تم تسجيلها خلال مراحل الأزمة، ومتى يقوم الشخص بالإبلاغ عن عدم تقيد بعض هذه الجهات بالإجراءات الوقائية المفروضة من قبل الحكومة؟،

أوضح سامي القمزي أن نوعية المخالفات في بداية الأزمة كانت مركزة على مكافحة رفع الأسعار من قبل بعض التجار أو الأسواق وتفادي استغلال هذه الأزمة لرفع الأسعار سواء للمواد الغذائية أو الوقائية والصحية، عبر عدة مبادرات منها إطلاق مرصد دبي للأسعار وفي هذه المرحلة الدائرة ركزت كذلك على التأكد من تطبيق الإجراءات الوقائية المفروضة والتقيد بمسافة الأمان وارتداء الكمامة الوقائية.

لافتاً إلى أن الدائرة اعتمدت مجموعة من الإجراءات الجديدة ومنها وقف العمل بسياسة إرجاع واستبدال البضائع والمنتجات حرصاً على سلامة الجميع وتفادياً لوجود أي تلوث في البضائع المسترجعة وبهدف تقليل عدد الإصابات والحفاظ على الأسواق مفتوحة جزئياً خلال المرحلة الحالية وتحضيراً للانتقال إلى المرحلة القادمة، مشيراً إلى وجود الكثير من القنوات للتبليغ عن المخالفات سواء عبر تطبيق «مستهلك دبي» أو من خلال مركز خدمة العملاء أو مرصد دبي للأسعار، وكذلك الاتصال المباشر.

رصيد من الثقة

واستفسر محمد الحمادي، رئيس تحرير صحيفة الرؤية، في سؤاله عن الطريقة التي ستحافظ بها دبي على حجم الاستثمار المباشر للإمارة وسط التحديات الاقتصادية التي فرضتها أزمة فيروس «كورونا» المستجد على الاقتصاد العالمي وبطبيعة الحال على الاقتصاد المحلي؟، حيث أكد مدير عام اقتصادية دبي، أن نمو الاستثمار الأجنبي يعتمد بالدرجة الأولى على مدى ثقة المستثمر في المدينة أو جهة الاستثمار، ودبي خلال السنوات السابقة نجحت في تحقيق معدلات عالية فيما يتعلق بحجم الاستثمار الأجنبي في الإمارة.

وحققت الصدارة متقدمة على الكثير من المدن بحسب التقارير العالمية، ووفق بيانات «مرصد دبي للاستثمار» التابع لـ«مؤسسة دبي لتنمية الاستثمار»، إحدى مؤسسات اقتصادية دبي، وكذلك مؤشر فايننشال تايمز الذي يسجل بيانات تدفقات رأس المال ومشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة حول العالم.

وأضاف القمزي، أن الظروف التي مر بها العالم وتمر بها دبي ودولة الإمارات متشابهة بسبب تداعيات أزمة فيروس «كورونا» المستجد، ونعتقد خلال المرحلة المقبلة سيعتمد الاستثمار الأجنبي بشكل مباشر على ثقة الشركات والمستثمرين بالإجراءات التي تتخذها الحكومات لمواجهة الأزمات، وإمارة دبي في هذه المرحلة الاستثنائية وبرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي.

ومتابعة سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس اللجنة العليا لإدارة الأزمات والكوارث في دبي، تصدت لهذا الظرف الاستثنائي بكل الحكمة والمرونة، وكان تمتع دبي بميزة وجود فريق إدارة أزمات استباقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى بالغ الأثر في تعزيز جهود مكافحة الفيروس، وذلك بشهادة منظمة الصحة العالمية والكثير من الدول التي أشادت بطريقة إدارة دبي ودولة الإمارات للأزمة.

مؤشرات

ولفت القمزي إلى أن هذه الثقة ستكون من أهم المؤشرات التي ستعتمد عليها الإمارة خلال المرحلة القادمة في استقطاب المزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي، كما سيعزز هذه الثقة طريقة تعامل دبي مع الأزمة، وسرعة إيجاد الحلول، وطريقة التعامل مع التجار والمستثمرين، ونسبة تقديم التسهيلات سواء المعنية منها بالاستيراد والتصدير أو تلك المعنية بتسهيل دخول وخروج المستثمرين، ضمن الإجراءات التي تعزز من ثقة قطاع الاستثمار والشركات بالإمارة. كما أشار أن الفرص تولد من رحم الأزمات وحكومة دبي قادرة تماماً على تحويل التحديات إلى فرص، وتدرس العديد من الخيارات في هذا الصدد لمرحلة ما بعد الـ«كورونا» بهدف تعزيز النمو.

وحول إذا ما كانت دبي بصدد تقديم نموذج اقتصادي جديد يستطيع أن يتعامل مع تأثيرات أزمة فيروس «كورونا» ويواكب متطلبات مرحلة ما بعد «كوفيد -19»، أوضح قائلاً: نحن على ثقة أن الوضع الاقتصادي العالمي لن يعود إلى ما كان عليه، ومعظم المؤشرات الاقتصادية العالمية وخبراء الاقتصاد يشيرون إلى ذلك.

لكن ما يميز إمارة دبي وحكومتها هي المرونة في التعامل مع المتغيرات العالمية والتحديات والأزمات الطارئة، وأثبتت حكومة دبي أنها تمتلك سرعة الاستجابة ووضع الحلول وتطبيقها في الظروف الاستثنائية.

وأضاف: مع كل هذه المؤشرات من الطبيعي أن يكون لدينا نموذج اقتصادي مختلف يراعي التحديات التي ظهرت خلال هذه الأزمة والتي فرضت تحديات غير مسبوقة وصعبة التوقع، مؤكداً أنه سيتم تعديل الاستراتيجيات والنموذج الاقتصادي للإمارة بما يتوافق مع متطلبات المرحلة المقبلة.

الحوافز وعودة النشاط

وفي إجابته عن سؤال حول المدة المتوقعة لعودة النشاط الاقتصادي إلى إمارة دبي وتحديداً فيما يتعلق بقطاع السياحة، وجهه جو جان، رئيس تحرير مجموعة الصين للإعلام في الشرق، أكد سامي القمزي أنه من الصعب التكهن بفترة محددة لعودة كل شيء على ما كان عليه، وذلك يعتمد على عدة مؤشرات منها: انخفاض معدل الإصابات والتعامل مع الحالات الموجود، وزيادة نسبة الفتح الجزئي في دبي من 30% وبشكل تصاعدي، وتدريجي وعودة تشغيل المطارات، وفتح الأسواق بشكل كامل والتي تؤثر بشكل مباشر على حركة السياحة.

مؤكداً أن جميع التكهنات حول عودة النشاط الاقتصادي والسياحي بصورة كاملة خلال الأشهر القليلة المقبلة مرتبطة بشكل رئيسي بإيجاد علاج ناجع للفيروس والحصول على اللقاح والسيطرة على هذه الجائحة بشكل تام.

كما وجه رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة الخليج رائد برقاوي، سؤالاً حول الحوافز الاقتصادية التي قدمت للقطاع الخاص، والتي فسرها البعض بأنها غير كافية، وهل هناك خطط جديدة لدعم هذا القطاع بمحفزات اقتصادية جديدة؟،

فقال القمزي: الأزمة الحالية فرضت تحديات كبيرة على الحكومات، ونحن مهتمون بعدم انتقال هذه الأزمة الصحية المؤقتة لتكون أزمة اقتصادية دائمة وهذا ما تضعه حكومة دبي في الحسبان، ومن ناحية أخرى فإنه من المهم الحفاظ على الوظائف الموجودة في دبي والدولة بشكل عام، وللحفاظ على هذه الوظائف من المهم أن تبقى الشركات مستمرة وتمارس أعمالها بشكل كامل.

وأضاف مدير عام اقتصادية دبي، أن دولة الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص طرحت العديد من الحزم والحوافز الاقتصادية التي كانت تعتمد في مجملها على تخفيف الأعباء على الشركات والقطاعات المعنية، وواحدة من الحزم التي اعتمدتها إمارة دبي بلغت 1.5 مليار درهم، وتركزت على الإعفاءات وتخفيض العديد من الرسوم وإلغاء بعضها بهدف حفاظ الشركات على مزاولة أعمالها والحفاظ على الوظائف التي تعزز عملية النمو والاستثمار في المرحلة المقبلة.

وأكد القمزي، أن الحكومة تدرس في هذه المرحلة مجموعة من المحفزات التي تتناسب مع المرحلة المقبلة، وهي تراقب عن كثب جميع المتغيرات الحاصلة، وتعد القطاع الخاص بمزيد من المبادرات والمحفزات الاقتصادية.

الفتح الجزئي

وخلال المؤتمر الصحافي الذي أدير عن بُعد عبر تقنية الاتصال المرئي، وجه عبدالله المطوع من قناة العربية، سؤالاً حول إمكانية رفع نسبة الفتح الجزئي في إمارة دبي من 30% إلى نسب أعلى؟، وأجاب سامي القمزي بأن رفع نسبة فتح الأنشطة الاقتصادية يعتمد على مدى وعي المجتمع وقطاع الأعمال بالإجراءات الوقائية الصادرة عن حكومة دبي.

مشيراً أن نسبة 30% جاءت بشكل مدروس بناء على عدة معطيات تضمن «التباعد الاجتماعي» والتزام التجار والجمهور بكافة الإجراءات الاحترازية والوقائية.، وكلما زاد الوعي تم تسريع عملية الانتقال إلى المراحل الأخرى وتقليص فترة الانتظار للانتقال من مرحلة إلى أخرى مع الحد من انتشار الفيروس وصولاً للفتح الكامل إن شاء الله.

Email