إفشاء أسرار العمل وتسريب الوثائق مخالفة شرعية وجريمة قانونية

برامج التواصل اختصرت المسافات وألغت الفاكس | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد محامون أن قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 يدرج «تسريب» أو إخراج الوثائق إلى العلن دون إذن من جهة العمل ضمن بند إفشاء الأسرار، والذي يعد جريمة توجب العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة المالية، التي لا تقل عن 20 ألف درهم، موضحين لـ«البيان» أنه إذا كان إفشاء الأسرار يتعلق بموظف في الجهات الحكومية، فإن العقوبة تكون مشددة أكثر، وتصل إلى السجن مدة لا تزيد على 5 سنوات.

وأفاد وعاظ دين بأن الحفاظ على السرية وعدم تداول الوثائق السرية والخطابات الداخلية خارج أسوار العمل، واجب شرعي، محذرين من خطورة هذه التسريبات خصوصاً إذا ما استغلت جهات أخرى خارجية بعض الوثائق، والتعديل عليها بقصد الإضرار بسمعة الدولة.

عقوبات

وقال المحامي يوسف البحر، إن العقوبتين سالفتي الذكر جاءتا مفصلتين في المادة 379 من قانون العقوبات، والتي تنص على: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين من كان بحكم مهنته أو حرفته أو وضعه أو فنه مستودع سر فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، أو استعمله لمنفعته الخاصة، أو لمنفعة شخص آخر، وذلك ما لم يأذن صاحب الشأن في السر بإفشائه أو استعماله، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنين إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة، واستودع السر أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته أو خدمته».

الجريمة الإلكترونية

ونبه البحر إلى أن المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، يعاقب كل من يستخدم موقعاً إلكترونياً أو شبكة معلوماتية، للكشف عن معلومات سرية في مقر عمله بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، والغرامة التي لا تتجاوز مليون درهم.

وأوضح أن العقوبة فصلت في المادة 22 من القانون، والتي تنص على أنه«يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة ألف درهم، ولا تجاوز مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم، بدون تصريح، أي شبكة معلوماتية، أو موقعاً إلكترونياً، أو وسيلة تقنية معلومات لكشف معلومات سرية حصل عليها، بمناسبة عمله أو بسببه».

تصرف غير مسؤول

وقال المحامي علي مصبح: «لعل برامج التواصل الاجتماعي لها مزايا كثيرة، منها أنها اختصرت الكثير من المسافات، وربما ألغت بعض أنظمة التواصل القديمة مثل الفاكس والهاتف الأرضي مثلاً، لا سيما في تبادل الأخبار الخاصة والعامة، ومنها ما هو صادق ومنها ما ليس بواقع، ولكنها في الوقت عينه خطيرة وذو حدين، وقد تصل إلى البعض رسائل قد تكون غريبة في شكلها أو محتواها، وبمجرد قراءتها يتم التعرف عليها من خلال الترويسة والمظهر والمضمون، وفي النهاية تكون من جهة حكومية، تتعلق بتعليمات معينة، أو قرارات أو إجراءات إدارية أو قانونية أو أمنية، أو حتى جزاءات تأديبية».

وأضاف: «يتم نشر وتداول مثل هذه الرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتكتشف هذه الجهة أو تلك، أنها لم تنشرها خارج نطاق العمل أو القسم أو حتى المنظومة بشكل عام، بينما يكون قد تم تداولها بين أفراد المجتمع بشكل علني، وربما كانت تحتوي على معلومات سرية أو ربما تنتظر هذه الإدارة توقيتاً معيناً لنشرها للجمهور، وتتفاجأ بتداولها وأحياناً يتسبب هذا النشر بإرباك الجميع سواء موظفين أو عامة الناس». ولفت إلى أن حماس البعض في استباق ونشر الأخبار، وأخذ السبق في تقصي المعلومات قد يصل بهم إلى المحاكم، ومعاقبته طبقاً لنص المادة 379 من قانون العقوبات الاتحادي، المشار إليها سابقاً.

 

واجب شرعي

وبيَّن فضيلة الشيخ عبد الله الكمالي الواعظ الديني في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، أن التحلي بالمسؤولية، والالتزام بعدم نشر وتداول الوثائق والخطابات ومختلف الأمور الخاصة بالمؤسسات والدوائر والجهات، واجب شرعاً وقانوناً.

وقال:«يترتب على إفشاء الأخبار الخاصة مهما كانت النية طيبة، ضرر عظيم، وقد تستغل جهات أخرى في خارج الدولة بعض الوثائق والتعديل عليها بقصد الإضرار بسمعة الدولة.

وأضاف: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف قبل بعثته بالصادق الأمين، فمن الصفات الطيبة والأخلاق النبيلة أن يكون المسلم صادقاً في كلامه أميناً في كل تعاملاته، ومن الأمانة التي يجب أن يُذكر بها الناس في هذه الأيام خصوصاً الأمانة على الأخبار والوثائق والمستندات التي تصل إليهم، فقد يعمل بعضهم في قطاع مهم تصل إليه أخبار الناس أو أخبار أخرى مهمة قبل القطاعات الأخرى، فلا يجوز شرعاً ولا يقبل منه قانوناً أن ينشر المستندات الرسمية قبل أن تقوم الجهات المختصة بنشرها، ومن الكلمات الطيبة التي قالتها فاطمة ابنة النبي- صلى الله عليه وسلم- لما طلب منها أن تذكر ما الذي أسره إليها نبينا الكريم فقالت: ما كنت أفشي على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سره.

وختم فضيلة الشيخ الكمالي حديثه في هذا الشأن بالقول: يلزمنا أيضاً عدم نشر هذه الوثائق من جانب آخر، فالأعراف الوظيفية وقوانينها تقتضي منع ذلك، والمسلم يعمل بقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ).

Email