قصة خـــبرية

«عونك» ينتشل متعاطياً من الموت البطيء

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لم يفارقني ذلك الشعور بالألم والحسرة والندم نتيجة تصرفاتي غير المسؤولة»، بهذه العبارة أعرب (أ.ج) المتعافي من الإدمان عن ندمه الشديد وحزنه على عمره الذي ضيعه وكان «حب التجربة وأصدقاء السوء»، سببين رئيسين لاستقطابه بسهولة لتعاطي المخدر الذي كان كافياً ليشده إلى الأسفل ويغوص به في الوحل، في سن صغيرة وكان نقطة الضعف التي جعلت عوده الأخضر عرضة للانكسار السريع.

ولكن من بين الألم تولد الحياة، ومن بين الحزن تخلق السعادة، ومع العسر يسر، ومع اشتداد الضيق يأتي الفرج، وفي كل حكاية يقصها مدمن متعافٍ نجد العبرة وباباً للأمل مفتوحاً.

ومن بين عالم المتعافين تجد حالة أمل تدعو للتوقف لحظة أمامها، ومنها حالة (أ.ج)، الذي لم يتخيل يوماً أن التحاقه ببرنامج «عونك» الذي أطلقته هيئة تنمية المجتمع بدبي لنزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية بدبي من المتورطين في قضايا الإدمان، سيحقق له الدعم النفسي والمعنوي للإقلاع نهائياً عن التعاطي، حتى أنه لم يكن يتخيل أن يدعو في صلواته التي انتظم فيها بفضل البرنامج أن يحسن الله خاتمته رغبة منه في عدم لقاء ربه على هذه المعصية.

هذا الأمل الذي بزغ بداخله احتاج إلى دعم مجتمعي وحكومي للقضاء على بؤرة ظلام مازالت مسيطرة على نفسه ونفس الكثير من المتعاطين أمثاله، فضلاً عن المشاعر المتناقضة التي تعصف باستقراره النفسي.

القبض على (أ.ج) أول مرة لم يكن صدمة له بقدر ما كان لأهله الذين لم يكونوا على علم بإدمانه، ففي البداية لم يكن لديه أي شعور بالندم على ما يفعل، ولكن مواقف متراكمة أدت إلى لحظة الصدق التي قرر فيها التعافي لاسيما بعد أن التحق بـ«عونك» الذي يهدف إلى تأهيل الموقوفين بقضايا الإدمان، بما يعزز فرص اندماجهم في الأسرة والمجتمع.

كان مغيباً تماماً عن الواقع لدرجة أنه لم يشعر أن زوجته تركت المنزل وطلبت الطلاق، حتى أصبح غريباً عن أبنائه، وخسر حياته الأسرية، وتعرض للسجن عدة مرات.

مر بتجارب مؤلمة وذكريات تعيسة قبل أن يستطيع التغلب على ضعفه مما مكنه من بناء شخصية متوازنة متصالحة مع نفسها والمجتمع، محاولاً بذلك تقليل خسائره وتعويض ما فاته، ولمّ شتات أحلامه التي وئدت تحت ركام «السم الأبيض» والتي بدأت بتذكرة ثمنها «خلني أجرب»، حتى قرر أن يستأنف دراسته ويلتحق بوظيفة تعينه على ما تبقى من حياته، عوضاً عن الموت البطيء.

من جهته أكد حريز المر بن حريز المدير التنفيذي لقطاع التنمية والرعاية الاجتماعية في هيئة تنمية المجتمع بدبي أن برنامج «عونك»، الذي تم إطلاقه منذ عام، بالتعاون مع القيادة العامة لشرطة دبي، أسهم في تقليل نسبة انتكاسة وعودة المتعافي من الإدمان بنسبة %70.

 

Email