رسالة أخلاقية رسخت التلاحم والمواطنة الصالحة

«وطني الإمارات» تعدّ دراسة حول دور الأسرة في تعزيز الهوية والتماسك الاجتماعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال ضرار بالهول الفلاسي عضو المجلس الوطني الاتحادي المدير التنفيذي لمؤسسة وطني الإمارات: إن الأسرة في المجتمع الإماراتي شكلت على مدى تاريخ الدولة الخلية الأهم في بلورة الهوية الثقافية والوطنية للشعب الإماراتي، منذ مئات السنين، وكانت ولا تزال رسالة أخلاقية بامتياز، لها القدر الأكبر في كل ما شهدته الإمارات من تطور سياسي واقتصادي ومجتمعي وثقافي، والترابط الأسري اللافت في المجتمع الإماراتي، شكل في الواقع المنصة الأولى والأهم، في بناء هذا الصرح الحضاري الذي تشهده دولة الإمارات.

وأضاف في تصريحات لــ«البيان»: إن مؤسسة وطني الإمارات تعكف على إعداد دراسة حول الأسرة الإماراتية ودورها في تعزيز الهوية الوطنية والتماسك الأسري والترابط المجتمعي المبني على القيم والمبادئ الأخلاقية العربية الأصيلة، مبيناً أن المجتمع الإماراتي يتميز بأنه مجتمع محافظ، متمسك بهويته العربية، وبعاداته وتقاليده العريقة، وعبر التاريخ شكلت الأسرة الإماراتية المحرك الأساسي في المجتمع، حيث تحملت المرأة الإماراتية مسؤولية تربية ورعاية الأبناء، واتخاذ القرارات المهمة في الحياة الأسرية، إلى جانب دور الرجل الذي تحمل فيها أيضاً، تأمين متطلبات العيش، والأمان للأسرة، في عملية تشاركية، صبغت نمط الحياة في المجتمع الإماراتي، حيث اتسم هذا المجتمع بالترابط الأسري والتكافل الاجتماعي، وهي صفات ساهمت بل شاركت مشاركة فعلية في تكوين الاتحاد، واستمراريته، من خلال تلك العلاقة الأبوية التي تربط بين الحاكم وشعبه، والتي لا تختلف أبداً عن العلاقة الأسرية القوية.

مجتمع إنساني

وأوضح أن الأسرة تعد في أي مجتمع إنساني النواة الأساسية في هذا المجتمع، والحاضنة التي تنمو من خلالها وتتأصل منظومة القيم الأخلاقية والعادات المتوارثة عن الأجيال، ومهد التربية الأول للأجيال المتلاحقة، والأسرة في في المفهوم اللغوي هي الدرع الحصين الذي يحمي أفراده، وتطلق كلمة أسرة على الأشخاص الذين تربطهم، روابط الدم، والمصالح المشتركة، ويعيشون معاً، وعرف علماء الاجتماع الأسرة بأنها الخلية الأولى في المجتمع، وهي النقطة التي يبدأ منها التطور، والوسط الطبيعي الذي يترعرع فيه الفرد، والوسط والمناخ الطبيعيان اللذان ينمو فيهما الفرد، وتتكون شخصيته، وتتطور أفكاره.

وقال ضرار بالهول: تتجلّى أهمية الأسرة ومكانتها في أي مجتمع، من خلال أمور كثيرة لعل أهمها، تلبية الحاجات الفطرية، وإشباع الرغبات والحاجات النفسية والعاطفية والروحية للإنسان، والتي تساعد على تكوين مجتمع سليم ومتماسك، حيث إنَّ قوة وضعف المجتمع تُقاس بناءً على تماسك الأسرة أو ضعفها، وصلاح المجتمع أو فساده يتعلّق بالأسرة.

محرك رئيس

وأضاف: لو عدنا إلى التاريخ الإماراتي سنلاحظ أن الأسرة كانت المحرك الأول للطفل والدافع الأساسي له ليسهم بإيجابية في المجتمع، ولا أدل على ذلك سوى تلك العلاقة المتينة التي كانت قائدة دائماً بين الأسرة والمجتمع ولا سيما في مجال التعلم والتعليم، إذ كانت العلاقة متينة بين الأسر والمطوع الذي يمارس مهنة الكتاتيب «التعليم في الماضي».

كما أنها كانت مبنية على الثقة أيضاً، فكان الطفل الإماراتي يتلقى تعاليمه على يد المطوع، ويتشرب بالعادات والتقاليد والسنع منه إضافة إلى ما يتعلمه من أسرته، ليكون بذلك أساساً متيناً من كل الجهات، الأسرة والتعليم والأصدقاء.

شريك في البناء

وتابع: لم يقتصر عمل الكتاتيب على الرجال وحدهم، فالمرأة الإماراتية كانت دائماً شريكة الرجل في الغرس الصالح وتعليم الأبناء، ونشر المعرفة في صفوف المجتمع، ولهذا فقد كانت المرأة تقوم بالمهمة نفسها التي يقوم بها المطوع، وكان الأطفال الصغار ذكوراً وإناثاً يجلسون في حلقة العلم الواحدة، في جو أسري.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار تمسك الإماراتيين بعاداتهم وتقاليدهم العربية الأصيلة، وبالدين الإسلامي الحنيف، نلاحظ كيف أن الأسرة الإماراتية ساهمت في تكوين الشخصية الإماراتية بوجهها المشرق منذ زمن بعيد، وأنها ما تزال تمارس هذا الدور المرسوم لها حتى يومنا هذا، إذ يشكل التلاحم الأسري في دولة الإمارات أحد أهم ملامح المجتمع.

مدرسة زايد

وأشار إلى أن هذا التجذر الثقافي الإماراتي والتمسك بالعادات والقيم الأخلاقية، والاهتمام بالهوية الوطنية والانتماء شكل دائماً البوصلة التي سار عليها قادة الإمارات، ولا سيما المغفور له مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي مثل خلال حياته صورة الأب والقائد في آن واحد، فكان مثالاً للقيادة الأبوية الصادقة، لدرجة أن أبناء الإمارات، يحبون أن يطلقوا على أنفسهم لقب «عيال زايد» وهذا دلالة قوية على تلك العلاقات الأسرية الرائعة التي تربط بين أبناء الإمارات بعضهم ببعض، وتمثل صورة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، حيث لا حواجز بين القيادة والشعب، وهذا ما شكل في الواقع أولى درجات النجاح الكبير الذي حققته الإمارات، وشكل الأرضية الصلبة لذلك البنيان والتطور الحضاري المذهل الذي استطاعت دولة الإمارات أن تحققه خلال حيز قصير من الزمن، ضاربة بذلك رقماً قياسياً ليس على مستوى المنطقة وحسب، وإنما على المستوى العالمي أيضاً.

وأوضح ضرار بالهول أن العلاقات الأسرية القائمة على المحبة والاحترام بين أبناء الشعب الإماراتي بكافة مكوناته، وقيادته المخلصة، شكلت على الدوام الحصن المنيع، الذي حمى ويحمي تلك المكتسبات الحضارية، التي استطاع الإنسان الإماراتي، أن يبنيها بإيمانه وعزيمته، حيث شكلت مدرسة الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد، أيقونة المشاعر الإنسانية، التي تميز بها الإماراتيون على الصعيدين العربي والعالمي، ولا سيما أنه رمز العطاء وتقديم يد العون إلى كل محتاج في كل ركن من أركان العالم، من دون تفرقة بين لون وجنس ودين وعرق.

القيادة والشعب

وبين أن الاستمرار على نهج مؤسس الدولة، من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، عزز من العلاقات الأسرية الراقية في المجتمع الإماراتي المتماسك، والمحب لوطنه والذي يتميز باحترام العادات والتقاليد، والتمسك بالقيم الأخلاقية والتمسك بهويته الوطنية ليرسم ملامح المواطن الإماراتي الذي يحض على التلاحم والتعاطف الأسري، والتكافل بين أبناء المجتمع.

التعايش والتسامح

وتابع: إن الترابط الأسري اللافت في المجتمع الإماراتي، شكل في الواقع المنصة الأولى والأهم، في بناء هذا الصرح الحضاري الذي تشهده دولة الإمارات، القوية بشعبها العزيزة بترابط مجتمعها ومتانة العلاقة بين القيادة والشعب، وهو أمر انعكس وينعكس دائماً على كل مفاصل الحياة الإماراتية، التي باتت أنموذجاً مشرّفاً، وجاذباً للمئات من الجنسيات التي يرى أبناؤها في الإمارات ذلك المناخ الأسري الرائع القائم على احترام الآخر، والمساواة والعيش المشترك، والتسامح، وهي قيم كانت وما زالت من الثوابت التي تربى عليها الشعب الإماراتي، في حاضنته الأولى وهي الأسرة، المتمسكة بالقيم والمبادئ الأخلاقية العربية الأصيلة

Email