التنمر الإلكتروني إيذاء نفسي في فضاء التواصل الاجتماعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عدد من المختصين في قطاع التربية والتعليم وعلم النفس والإعلام أن عدم معالجة أي مشكلة أو ظاهرة سلبية يؤدي إلى انتشارها، فمع انتشار ظاهرة التنمر الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

والتي هي عبارة عن مجموعة من الأفعال تستخدم تقنيات المعلومات والاتصالات لدعم سلوك متعمد ومتكرر وعدائي، من قبل فرد أو مجموعة.

والتي تهدف إلى إيذاء شخص أو أشخاص، من شأنها أن تؤدي إلى انعزال الأبناء عن أولياء أمورهم، والخوف من مصارحتهم بأي موقف سيئ يتعرضون له، في الوقت الذي فتحت وسائل التواصل الاجتماعي آفاقاً جديدة، وهو تطبيق يتيح للأهل وضع ضوابط على وسائل التواصل الاجتماعي.

فضاء خطير

وفي هذا الإطار قالت التربوية مريم الشامسي: «يتعرض كل مراهق ومراهقة للتنمر سواء داخل المدرسة أو خارجها أو يصل إليهم عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، فهناك من يمارس تنمره إلكترونياً وربما باسم مستعار لبعض الوقت، حتى يكتب من خلاله ما يشاء من ألفاظ سلبية وغير محمودة.

مشيرة إلى أهمية خلق حوار بين الأهل وأبنائهم حتى يكونوا على علم، بما يمكن أن يكون عليه في المدرسة سواء متنمر أو ضحية.

وذلك يتضح من خلال سلوكياته داخل المنزل. وشددت الشامسي على ضرورة البحث في ظاهرة التنمر الإلكتروني، والتطرق للأسباب والنتائج وتحليلها. وأضافت: ينبغي تكاتف جهود المؤسسات المجتمعية المعنية حول هذا الموضوع عبر ضرورة التركيز على تعزيز جوانب التوعية بمفاهيم التنمر الإلكتروني.

تدريب أولياء الأمور

فيما أوضح التربوي شريف البلوشي أنه انطلق مؤخراً المؤتمر التوعوي الأول لمكافحة التنمر الإلكتروني ضد الأطفال، وذلك برعاية كريمة من «أم الإمارات»، سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية. وأتى انعقاد المؤتمر كونه جزءاً من الأسبوع الوطني للوقاية من التنمر.

والهادف إلى التوعية بمخاطر التنمر على الأطفال بمختلف الوسائل الإلكترونية، وخصوصاً عبر الاستخدام السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي، كما يهدف إلى تدريب أولياء أمور الأطفال على مخاطر التنمر بصورة عملية. وأضاف البلوشي: نحتاج فعلياً إلى تنظيم مثل تلك المؤتمرات والملتقيات والبرامج الإرشادية والتوعوية، التي تتناول صون سلامة الطفل الذهنية والنفسية والعاطفية.

حملات دورية

وأكدت التربوية هدى الشحي إلى مدى اهمية تنظيم حملات منظمة ودورية في المدارس حول مخاطر التنمر الالكتروني، فهناك دور يقع على المدرسة في التوعية عبر حملات وأنشطة لتوعية الطلبة بمخاطر هذا الأمر، وأضافت: نحتاج في مؤسساتنا التعليمية إلى عقد لقاءات ودية بين الطلبة وبيان ماهية تعزيز القيم الإيجابية بين الطلبة كالتسامح.

انعكاس

وأكد أيمن النقيب، تربوي، أن التنمر الإلكتروني سلوك يعكس حالة نفسية وتربية أخلاقية، وأزمات يعاني منها بعض الأطفال والشباب، نتيجة ما يتعرضون له من عنف أو كبت أو حرمان أو قهر أو خوف وانكسار، ويأتي رد الفعل بأشكال متنوعة من التمرد والعنف الذي يمارسونه بدورهم على الآخرين.

وأضاف النقيب: إن مواجهة التنمر ضرورة ملحة، ومن المهم جداً إدراجها كونها جزءاً ضمن المنهج التعليمي والتربوي.

آداب الحوار

ويرى محمد الكعبي، إعلامي، أن مصطلح التنمر الإلكتروني قد يعتبر جديداً وناتجاً عما يدور من نقاش أو جدال في مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت منصات تفاعلية بين الجمهور.

وقال: ولكن السؤال المهم هو هل كل الكلمات السيئة التي تُقال هي نوع من أنواع التنمر الإلكتروني أم أنها تندرج ضمن سياق الحوار؟ وباعتقادي أنه يجب ألا نعلق كل النقاشات وإن كانت سيئة على شماعة مصطلح التنمر الإلكتروني، وهذا ما يرمي إليه الكثير، حيث إن التنمر- كما أرى- يقع على الفئة الأضعف مثل الأطفال، وهو نوع من أنواع الهجوم سواء اللفظي أو الجسدي.

وفي كل الأحوال فلا بد من مراعاة آداب الحوار والتواصل مع الجميع، فلا يحق لأحد أن يهاجم الآخرين بأي ألفاظ مؤذية أو قد تخدش الحياء، ونحن كوننا إماراتيين نعيش ضمن مجتمع محافظ يتحلى بالآداب والتقاليد والمبادئ الحميدة، والتي لا تسمح لنا بالتهجم على أحد سواء في الحياة الطبيعية أو عبر «التواصل» .

ورش توعوية

من ناحيتها أوضحت الإعلامية ندى الرئيسي أن ما لفتها حول هذا الموضوع هو إقبال المراهقين على التنمر الإلكتروني عبر تطبيق «الديب فيك» حيث يستخدم لإنتاج فيديو أو التعديل على محتواه بشكل كامل ليستعرض شيئاً لم يكن موجوداً فيه بالأصل، ما يعد نوعاً من أنواع التنمر بحق الآخرين.

واقترحت الرئيسي أن تعكف المؤسسات التعليمية على إعداد وتنفيذ ورش توعوية أو محاضرات تعزز مفهوم التسامح والصداقة، إضافة إلى تنظيم فعاليات تستهدف أولياء الأمور والعاملين في المدرسة وتوضيح دورهم في تعزيز القيم الإيجابية بين الطلبة.

وأضافت الرئيسي: نحتاج فعلياً للتصدي إلى ظاهرة التنمر الإلكتروني إلى منصات وتطبيقات تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي لتقصي محاولات التنمر الإلكتروني، أو أي محتوى يهدف لإلحاق الأذى بمستخدميه، سواء أكان ذلك من خلال التعليقات أم الصور أو مقاطع الفيديو.

الأذى الذاتي

وأكدت موزة النعيمي استشارية نفسية على سعي فئة من المراهقين إلى لفت الانتباه وهذا في حد ذاته لا يعتبر جديداً، لكن الأذى الذاتي الإلكتروني يعد طريقة جديدة لتجسيد ذلك.

وكانت الدراسات قد أظهرت أن غالبية التفاعل الاجتماعي بين المراهقين يجري في العالم الرقمي، بعيداً في الغالب عن الأهل.

وأضافت: إن التنمر الإلكتروني يعد تهديداً جديداً لأبنائنا من خلال الألعاب الإلكترونية أو الرسائل النصية أو وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة. وهذا النوع من التنمر له العديد من الآثار السلبية اتجاه الشخص المستهدف ومنها الشعور بالإحراج والاكتئاب والقلق، وكل ذلك سيقود إلى كره للمدرسة.

أمراض نفسية

ولفت نادر عبدالمجيد مدرب تنمية بشرية وتطوير ذات إلى أن التنمر سلوك يرجع إلى أمراض نفسية، فالإنسان السوي لا يمكن أن يعتدي على الآخرين.

كما أن التنمر لا يكون بغرض الانتقام، بل إنه نتيجة ردة فعل سلبية تعود إلى أسباب حصلت للشخص المتنمر من الصغر

وظلت ردة الفعل حبيسة نفسه. وأضاف: وفي الآونة الأخيرة انتشر التنمر الإلكتروني بطريقة كبيرة وخاصة بين من هم في سن 15 إلى 25 عاماً. وهي الفئة التي ترى أن الانتقام اللفظي أو الكتابي الإلكتروني هو الأسهل والأكثر أماناً ولا يحتاج إلى المواجهة الشخصية المباشرة وإظهار القوة.

منصة رقمية

أطلقت «اتصالات» مؤخراً على إثر شراكتها لوزارة التربية والتعليم حملة للتوعية ولمكافحة التنمر الإلكتروني. وتعد من المؤسسات المتقدمة في تطوير وتوفير منصات وتطبيقات الحماية الإلكترونية، وقد عملت وتعمل باستمرار على توفير أحدث ما توفره التقنيات الرقمية العالمية في مجال الأمن الإلكتروني.

حيث أطلقت المنصة الرقمية لمحاكاة التنمر الإلكتروني (Bully Bot) لتوعية المجتمع لاسيما أولياء الأمور بمخاطر التنمر الإلكتروني وسبل الوقاية منه، وهي في الوقت ذاته عبارة عن تطبيق متطور يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة عملية التنمر، عبر الدردشة مع الآباء والأمهات بغرض التوعية.

Email