شاهد على ذكريات أهالي العين منذ 1960

«كند».. رؤية زايد في رعاية المواطنين

ت + ت - الحجم الطبيعي

جسد مستشفى «كند»، الذي تأسس في العام 1960، رؤية المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في توفير الرعاية الطبية للمواطنين، فالمستشفى الذي عُرف سابقاً باسم «الواحة» عزز من مكانته باعتباره أول مرفق صحي يوفر الرعاية الصحية لأهالي منطقة العين وإمارة أبوظبي.

وتعود قصة البداية للعام 1960 حيث سعى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لتوفير مرفق صحي في المدينة يساعد الأهالي في علاج الأمراض، التي جعلت نسبة الوفيات بين الأطفال عام 1960 في العين 50% وبين الأمهات 35%. وأسفرت جهود مؤسس دولة الاتحاد عن تأسيس أول مستشفى أطلق عليه الواحة، ليكون بذلك أول مستشفى يتم تأسيسه في إمارة أبوظبي يخدم منطقة العين، لسنوات طوال حتى تم إنشاء أول مستشفى حكومي في العين عام 1968.

مبادرة
وفي العام 1960 بادر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، باستقدام طبيبين هما ريموند جويس وبات كيندي إلى العين بترشيح من طبيب آخر يدعى طومس، كان يعمل طبيباً في مسقط، للبحث في خطوات تأسيس أول مستشفى تعهده العين، وكان الطبيبان على معرفة بالعربية لعملهما في العراق لسنوات، وبالفعل تم افتتاح أول مستشفى بالمنطقة في الـ 20 من نوفمبر سنة 1960، وكان الطاقم الطبي مكون من طبيبين هما الدكتور كنيدي وزوجته ماريان، ومساعدة لهما هي ماريا ماير، وانضم لهما بعد ذلك طبيب كندي آخر هو الدكتور ستريت، والذي عرف بين الناس باسم الدكتور عادل، وبعدها بعامين انضم للطاقم الطبي ممرضتان إحداهما كندية وتدعى جيرترود دايك، وأخرى هندية وتدعى ماريام، وأخذ الكادر الطبي بالمستشفى يزداد بمرور الوقت. وقدم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أول مبنى للمستشفى وهو بيت المضيف المخصص لاستقبال الضيوف الأجانب. وخلال الفترة ما بين 1960و 1963، جهّز الطبيبان بات وماريان وطاقمهما الطبي الصغير أول عيادة طبية في بيت المضيف، وسرعان ما شهدت المنشأة الصغيرة نمواً من خلال بناء غرف للمرضى مصنوعة من سعف النخيل.

ومرت العيادة الطبية بمراحل عدة إلى أن انتقلت لمبنى جديد في عام 1964، وباتت مدينة العين تمتلك مستشفى تضم 22 غرفة، إضافة إلى غرفة للاجتماعات، وغرفة أشعة ومخازن للأدوية.

بالأرقام
وجسد المستشفى الذي عرف باسم «الواحة» نظراً لوقوعه بمنطقة واحة النخيل دوراً بالغ الأهمية في العناية بالأهالي وخصوصاً المواليد الجدد، فقد قامت الدكتورة «ماريان» بإجراء 4 آلاف حالة ولادة خلال 10 أعوام. ويحصل طاقم المستشفى باعتباره جهة خاصة على بعض الأتعاب البسيطة من المرضى المترددين، ولكن كثيراً منهم لم يكونوا قادرين على سداد هذه المبالغ، وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يحملهم «بروة» «وهي عبارة عن ورقة مختومة بختمه»، يحصلون على العلاج بموجبها ثم تقوم إدارة المستشفى بتجميع الأوراق وتسليمها للشيخ زايد، فيقوم بسداد نفقات العلاج عن الأهالي غير القادرين عليها. وهكذا كان يتم تدبير تكاليف العلاج للكثيرين من الأهالي على نفقة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

وبعد تولي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مسؤولية الحكم في إمارة أبوظبي عام 1966 وتدفق عائدات النفط خصص مبالغ كبيرة لبناء المستشفيات الحديثة في المنطقة، لتوفير خدمات الرعاية الطبية الحديثة للأهالي وبقي الحديث عن المستشفى الأول ذكرى في كتب التاريخ تحكي صفحات من عبقرية بناء الدولة الحديثة عند باني الوطن وراعي نهضته.

بانوراما
ويمثل مستشفى «كند» بانوراما حقيقية، يسترجع من خلالها أبناء المدينة الصور المحفورة في مخزون الذاكرة، التي تعكس واقع حياتهم قديماً، ومراحل تطور الرعاية الصحية التي توالت بوتيرة متسارعة، وتفاصيل تلك التحولات الكبرى التي حدثت في المجتمع منذ قيام دولة الاتحاد. واقترن مستشفى «كند»، أو «مشفى كندي»، كما عرف بين سكان المدينة قديماً، والذي يعد الأول من نوعه في إمارة أبوظبي منذ إنشائه، مطلع الستينيات من القرن الماضي، باسم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، الذي أخذ على عاتقه، توفير الرعاية الصحية للأهالي، لتخفيف بعض من معاناتهم في مواجهة صعوبة الحياة وقسوتها.

وقال أليكس جانكولوسكي، الرئيس التنفيذي لمستشفى «كند» لـ«البيان»: «عمل الطبيبان بات وماريان كينيدي في العين حتى عام 1975، تلاهما العديد من الموظفين الذين تركوا إرثاً من الرعاية الصحية الممتازة، فالرعاية الصحية التي أدخلها مستشفى «كند» في عام 1960 أدت إلى نمو غير مسبوق في عدد السكان ووضع الأساس للتنمية في المنطقة».

وإلى ذلك قال رامز سليع مدير العمليات في «كند» لـ«البيان»: «منذ تأسيس المستشفى عام 1960 وحتى عام 2019 وُلد 120 ألف مولود على يد أطباء أكفاء. وليس هذا فحسب، فهناك 3500 مولود في السنة يولدون في المستشفى، أي بمعدل 10 حالات ولادة يومياً.

واستقبل الكادر الطبي في قسم الأطفال 9000 حالة في نوفمبر الماضي يعانون من أمراض كالإنفلونزا، وحالات العدوى وغيرها، في حين أن المعدل الطبيعي 4000 حالة شهرياً. ويعمل في قسم الأطفال 75 طبيباً وطبيبة، أما قسم النساء والحوامل فيعمل به أكثر من 20 طبيباً وطبيبة».

خدمات
وباشر المستشفى في مبناه الجديد تقديم خدمات رعاية الأطفال حديثي الولادة، من خلال وحدة العناية المركزة، والتي تضمّ 20 حضانة متطورة لاستقبال وعلاج الأطفال الخدج وذوي الحالات المعقدة والصعبة، وسيتم زيادة 18 سريراً في الفترة الحالية.

كما يتضمن المستشفى الجديد أقساماً عدة وتخصصات علاجية تشمل الطوارئ، والجراحة، والمسالك البولية، والأنف والأذن والحنجرة، والعيون، والباطنة، وعيادة القلب، بالإضافة إلى طب الأسرة. وحقق المبنى الجديد بعد وقت قصير على افتتاحه نقلة نوعية كبيرة بالقياس بنوعية الخدمات وجودتها وزيادة عدد المرضى المراجعين.

معايير
ويتألف مبنى المستشفى الجديد من 5 طوابق، وتم تصميمه وفق أحدث معايير واشتراطات الأمن والسلامة المطلوبة للحماية من الحوادث والحريق، ويتضمن مجمع عيادات حديثة مجهزة للأطفال والحوامل، جراحات العظام، والأذن والحلق للأطفال، وخدمات الجراحة العامة، والمسالك البولية، والعيون، والأنف والأذن والحنجرة، إضافة إلى عيادات طب الطوارئ، الطب الباطني، طب الأسرة والعلاج الطبيعي. وشهدت العيادات والمختبرات الجديدة والمرافق العلاجية الحديثة بالمبنى الجديد نقلة نوعية كبيرة في تاريخ هذا المرفق العلاجي، حيث تم تجهيز عيادة حديثة متخصصة لعلاج أمراض القلب لدى الأطفال.

ويركز المستشفى كذلك على إطلاق العديد من المبادرات بمجال العمل الخيري والإنساني تماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة، وتجسيداً لحرصها على ترسيخ مفهوم التسامح في المجتمع. ويمثل المواطنين نسبة تتراوح بين 60 و65% من إجمالي عدد المرضى الذين يستفيدون من خدمات الرعاية الصحية، التي يوفرها مستشفى كند في العين.

رعاية المرأة والطفل أولوية
ودشن مستشفى «كند» في العين عدداً من المشاريع والمبادرات الجديدة لدعم وتطوير خدمات الرعاية الصحية خاصة تلك التي تتعلق برعاية الأمومة، وتضمنت تطوير وتحسين خدمات الرعاية الموجهة للحوامل، والرعاية الصحية للأطفال في مرحلتي ما قبل وبعد الولادة، وباشر المستشفى خطوات تأسيس مركز متطور للأجنة يعمل وفقاً لأحدث التقنيات العلاجية المعتمدة عالمياً، يسهم في تشخيص وعلاج التشوهات الخلقية القلبية لدى الأطفال.

وتم تطوير خدمات رعاية صحة المرأة وتضمنت مبادرات تطوير الخدمات توسعة خدمات رعاية النساء والحوامل، واستحداث خدمات طب الأسرة في القسم، وافتتاح عيادة طوارئ منفصلة مجهزة لاستقبال حالات النساء والولادة الطارئة تستقبل المرضى المراجعين، وافتتاح قسم خاص لاستقبال حالات الطوارئ لدى الأطفال. وتضمنت مبادرات دعم وتطوير خدمات رعاية النساء والولادة في المستشفى استحداث خدمات تشخيصية وعلاجية أخرى متطورة في تخصصات أمراض العظام والقلب والمسالك البولية وغيرها. وتوفير خدمات وتقنيات تشخيصية وعلاجية جديدة متطورة للأطفال الخدج، وخدمات الرعاية النفسية للأطفال المرضى بمشكلات في القلب والأمراض العصبية الأخرى ذات الصلة بالغدد الصماء.

وإلى ذلك أدرجت دائرة أبوظبي للسياحة والثقافة مجلس الشيخ زايد في مستشفى كند، والواحة سابقاً في منطقة العين كمعلم من المعالم الثقافية في إمارة أبوظبي، ويمثل المجلس صورة بانورامية لمراحل تطور الحياة بوجه عام وخدمات الرعاية الصحية في العين التي انطلقت من المستشفى الذي يعد أقدم مرفق علاجي في إمارة أبوظبي، أسسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ليقدم خدمات الرعاية الصحية للأهالي في المدينة في ستينيات القرن الماضي.

ويقع المجلس عند المدخل الرئيسي لمبنى المستشفى، ويستعرض من خلال مجموعة من الصور القديمة النادرة لتاريخ مدينة العين ومراحل مسيرة التنمية التي مرت بها والإنجارات التي تحققت في المدينة في مختلف القطاعات بوجه عام، وفي قطاع خدمات الرعاية الصحية على وجه الخصوص، والتي انطلقت من مستشفى الواحة بدعم ورعاية القائد المؤسس الذي منح مجلسه القديم ضمن قطعة أرض لإقامة مستشفى الواحة عليها عام 1960. ويشتمل المجلس على مجموعة نادرة من الصور التاريخية التي تعكس طبيعة الحياة في العين قديماً كغيرها من مناطق الدولة الأخرى والتحديات الكبيرة، التي كانت تواجه الأهالي، بما في ذلك انتشار الأوبئة والأمراض وزيادة معدلات الوفاة بين الأطفال المواليد والتحسن التدريجي المتسارع، الذي طرأ على خدمات الرعاية الصحية في المدينة، ويشتمل المجلس كذلك على مجموعة من اللقطات الجوية التي ترصد واقع الحياه ومراحل التحول الكبرى، التي شهدتها مدينة الواحات خلال الفترة من عام 1960-1970، ما يرسخ القيمة الكبيرة لهذا المعلم التاريخي البارز الذي يمثل مرجعية للباحثين والمهتمين.

Email