السنيورة والمعشر في جـلسة «التحولات السياسية»

مطالب بمكافحة الفساد وتقديم المزيد من الإصلاحات

ت + ت - الحجم الطبيعي

في جلسة أدارها الإعلامي المصري عماد الدين أديب، بشأن «التحولات السياسية في الوطن العربي خلال العقد القادم»، دعا كل من رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، والدكتور مروان المعشر نائب رئيس الوزراء الأردني، وزير الخارجية الأسبق إلى ضرورة مواجهة الفساد بكافة صوره في العالم العربي، وخصوصاً الفساد السياسي، والعمل على المزيد من الإصلاحات لصالح شعوب المنطقة.

واستعرضا الواقع الحالي في العالم العربي، والتوقعات للمشهد العربي بعد عقد كامل، والتحديات الاقتصادية، كما رصدا غياب المشروع العربي في ظل وجود مشاريع إسرائيلية وتركية وإيرانية، واستعرضا أوضاع وملفات عربية مثل لبنان والعراق والسودان واليمن، والعلاقات الخليجية.

الوضع العربي

رداً على سؤال حول تقييم الوضع الحالي في العالم العربي، قال السنيورة إن العالم يعيش حالياً فترة تشهد تعدّد الأقطاب، بدلاً من سيطرة قطبين فقط، إضافة إلى تراجع الدور العربي، حيث يتم بحث كل قضايا العرب في غيابهم، إضافة إلى الحروب بينهم، مشيراً إلى أهمية تصويب البوصلة العربية كما حددها إعلان الرياض في المملكة العربية السعودية، صوناً للمصالح العربية المشتركة، قائلاً: «بدون أن نكون مرئيين أمام العالم لن تقوم لنا قائمة أمام العالم».

وعلى ذات محور السؤال أجاب د. مروان المعشر نائب رئيس الوزراء الأردني أن العالم العربي الذي شهد ويشهد ثورات واحتجاجات، أدت إلى خلخلة مفهوم الدولة، وهي الدولة التي كانت سابقاً تقدم الخدمات للمواطنين، وبعد أن عجزت الدول عن هذا الدور، من حيث تقديم الخدمات، كانت الاحتجاجات على مستوى اثنتي عشرة دولة، وكانت نتائجها في بعض الدول مدمّرة، وفي بعض الدول جيدة، مشيراً إلى أن التحدي الاقتصادي الأساسي يرتبط بالاقتصاد، خصوصاً،، وتزايد أعداد الشباب في العالم العربي، بما سيؤدي إلى تداعيات كثيرة، ولا بد من إعادة مراجعة في هذا الصدد، من أجل التعامل مع التحديات والحاجة إلى فرص عمل.

ورداً على سؤال حول تعريف الإصلاح ورؤيتهما له، وضرورة تطبيقه في العالم العربي، قال السنيورة إن الإصلاح كما درج عليه التوصيف في العالم العربي، بات حالة من أجل كسب الشعبية، مشيراً إلى أنه يؤمن أن الإصلاح فعل إيمان ومثابرة وإرادة، خصوصاً أن التجارب منذ عام 1948 وسقوط كثير من الأفكار التي كانت سائدة، أدت إلى نتائج خطيرة، أبرزها عدم الثقة بالأنظمة، وأن الإصلاح تقوم به الأمم حين تكون قادرة وليس مجبرة عليه، كون الإجبار عليه سيؤدي إلى نتائج مكلفة ومؤلمة، كما أن تأخير الإصلاحات أمر سيؤدي أيضاً إلى تداعيات كبيرة، وسوف تتضاعف المشاكل، ولابد هنا من تبني مطالب الشعوب.

الأنظمة القائمة

ورداً على سؤال حول الأنظمة التي ستبقى في العالم العربي، بعد عشر سنوات، ومواصفات هذه الأنظمة قال دولة الرئيس فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق، إن الأنظمة التي ستبقى هي الأنظمة التي ستتبنى سياسة المصارحة مع شعوبها، وأن علينا أن نفرق بين ما يريده رجال السياسة لشعوبهم، وبين ما يريده رجال الدولة.

من جهته رد مروان المعشر نائب رئيس الوزراء الأردني، وزير الخارجية الأسبق، على السؤال ذاته قائلاً إن النقطة الأساس قبل الإجابة عن السؤال، ترتبط بضرورة أن يسترد العرب أولاً زمام أمورهم، وأن لا نبقى صامتين أمام التدخلات في المنطقة، وهذا الاتجاه سوف يحدد شكل المنطقة، وأن الأهم هو أن تسترد المنطقة زمام شأنها، من أجل تحديد واقعها ومستقبلها، في ظل تحديات كثيرة.

مشاريع إقليمية

ورداً على سؤال حول المشاريع الإقليمية في المنطقة، ووجود مشاريع إسرائيلية وتركية، وإيرانية للمنطقة العربية والصراع على الثروات، وخصوصاً النفط والغاز، وموقع العرب وسط هذه الخرائط وإذا ما كان ممكناً وجود مشروع عربي، قال السنيورة إنه لا أحد قادراً على تغيير الجغرافيا، وإنه لا بد من إعادة ربط الدول العربية ببعضها البعض، حتى لا نبقى بحاجة لحماية أحد، مشيراً إلى أن سياسة مد اليد إلى إيران قد تكون مفيدة شريطة وقف إيران تدخلاتها في المنطقة، والتوقف عن سياسة إيذاء المنطقة ودولها وشعوبها، وأن تكون هذه سياسة فعلية، وليست مجرد كلام شفهي يثبت عكسه، مشيراً أيضاً إلى وضع الثروات مثل النفط والغاز، والتوقعات بوجود حقول غنية أمام شواطئ سوريا ولبنان، مؤكداً ضرورة عدم الوقوع بالخطأ، أي الاعتماد على النفط والغاز فقط، كمورد اقتصادي أساسي لهذه الدول، في حال تم الإنتاج، خصوصاً أن هذا الإنتاج يحتاج إلى سنوات طويلة حتى يبدأ إذا ثبت جدواه.

الدكتور المعشر أشار إلى أن الأهم ليس تصنيف أنفسنا.. «أين نحن وضد ماذا أو إذا كنا ضد أي شيء محدد»، إذ إن الأهم تصنيف أنفسنا تحت عنوان يقول «نحن مع ماذا، نحن مع من، وماذا نريد وأعتقد جازماً أننا يجب أن نكون مع دولة المؤسسات، دولة المواطنة المتساوية بين جميع المكونات، من دون تمييز، مع نظم اقتصادية منتجة، وهذا أمر بحاجة إلى عقود، وبحاجة إلى إرادة، فالعالم العربي اليوم أمام خيارين، أولهما صداع التغيير، وثانيهما سرطان الوضع القائم، وإذا بقينا كما نحن سيتركنا العالم، بعد أن أصبحت الفجوة بيننا وبين الأمم، كبيرة جداً.

الفساد في العالم العربي

ورداً على سؤال حول تفشي الفساد في العالم العربي، أشار السنيورة إلى ضرورة الوقوف في وجه الفساد في كل مكان، بما ذلك لبنان، بما في ذلك الفساد السياسي، ووضع آليات من أجل محاربته، وسلوك الطريق الصحيح، وهذا أمر بحاجة إلى تشريعات، ومعالجة مؤسسية، من أجل إعادة ترتيب كل الأوراق في لبنان، ومن أجل التعامل مع الواقع الحالي والمستقبلي.

من جهته رد المعشر على ذات السؤال بكون الفساد حالة خطيرة جداً، ولا يصح أن يكون هناك مسؤول مكشوف في ذمته المالية، وأن يكون القطاع العام، محطة ليست للفساد أو لممارسته بأي شكل من الأشكال، مذكراً بحالة الاحتجاجات التي شهدها العالم العربي، والتي ارتكزت في بعض أسبابها على ممارسة المسؤولين للفساد، وتراجع مستويات الحياة.

الوضع في لبنان

وحول الوضع في لبنان، جاءت الإجابة من السنيورة الذي قال إن المشهد في لبنان يمكن تلخيصه بوجود حالة من عدم الثقة بين الناس والدولة والبرلمان وبقية المؤسسات والمجتمع السياسي، والسبب في ذلك يعود إلى كون كل فريق في لبنان يريد تعظيم مكاسبه السياسية على حساب غيره، وعلى حساب المواطنين، ولا بد من تصويب الأوضاع بشكل سريع وصحيح، خصوصاً في ظل زيادة العجز وتراجع النمو، وهذا الصراع القائم لا يمكن أن يستمر، ولا بد أن ينتهي بالوقوف عند مطالب المواطنين، وعدم الاستمرار بسياسة الإنكار، وضرورة احترام الدستور، واستقلال القضاء، وإعادة الاعتبار للكفاءة، وإذا استمر الوضع دون حل، فسيأخذ هذا لبنان إلى حالة من الاهتراء، ونحو مخاطر اقتصادية وأمنية، وعلى «حزب الله» الذي يسيطر اليوم على الدولة وعلى السلطة، أن يقف عند احتياجات اللبنانيين، وأن يتلاءم مع هذه الاحتياجات، بدلاً من هذه الحالة التي نعيشها.

مصالحات وتسويات

ورداً على سؤال حول حدوث مصالحات عربية وإقليمية وتسوية ملفات بين دول عربية خليجية، وتسويات ملفات عربية إقليمية مثل ملف اليمن، جاءت الإجابة من المعشر أن احتمالات المصالحات العربية تبقى واردة، مثلما أن حدوث تسوية سياسية لملف اليمن يبقى أمرا محتملا، مؤكدا على ضرورة أن يقوم العرب بتحصين جبهتهم الداخلية، وعدم الاعتماد على دول أخرى، مشيراً إلى عدم دعم الولايات المتحدة للدول العربية خصوصاً بعد التهديدات الإيرانية.

عقد كامل

وتتميز الدورة الثانية عشرة من المنتدى الاستراتيجي العربي عن سابقاتها بكونها تستشرف هذا العام عقداً كاملاً من الزمن تحت عنوان «استشراف العقد القادم 2020 ـ 2030» لاستقراء التوجهات العالمية المستقبلية على مدى عشرة أعوام قادمة وتقييم تأثيراتها المحتملة على المشهد الجيوسياسي الدولي وانعكاساتها على سياسات واقتصادات الدول ومستقبل الشعوب.

الشيعة العرب

رداً على سؤال حول ما يعتبره مراقبون ثورة بين أبناء الطائفة الشيعية العرب، خصوصاً في مشهدي العراق ولبنان، قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة إن استرداد الشيعة العرب واستعادتهم نحو عروبتهم هو الأهم، وهو أمر يجب الاهتمام به لاعتبارات كثيرة.

وقال نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق مروان المعشر إنه لا يريد الحديث بمنطق مذهبي أو طائفي، وإنه شخصياً لا يشعر بكونه يمثل أقلية أو ديناً محدّداً، بل هو مواطن في الأساس، معتبراً أن الأحوال الصعبة تشمل الجميع في المنطقة، وأنه لا بد من إصلاح كل شيء، من التشريعات إلى طبيعة الحياة، والدولة، من أجل المستقبل، وحقوق الأجيال الحالية والمقبلة.

Email