الإمارات تقود دول المنطقة في القطاع

12 تحدياً تواجه تحول المجتمعـات إلى الذكاء الاصطناعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة ملف "الذكاء الاصطناعي" بصيغة الــ pdf اضغط هنا

 

حدد وزراء وخبراء ومتخصصون في الذكاء الاصطناعي والروبوتات واستشراف المستقبل 12 تحدياً تواجه المجتمعات في التحول إلى مجتمعات تواكب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي وأبرزها: وجود تشريعات مرنة تتناسب مع التقنيات وتواكب تطورها، والدعم المادي الذي يعزز البنية الابتكارية، إضافة إلى الدعم الأكاديمي ووجود حاضنات ابتكار في المؤسسات الأكاديمية تساهم في بناء جيل تقني قادر على فهم متطلبات المستقبل، إلى جانب ترسيخ ثقافة قبول التقنية في المجتمع بدءاً من الأسرة، ووجود عقلية قادرة على المخاطرة في ريادة الأعمال، والتخوف من أن يصبح الذكاء الاصطناعي بديلاً للإنسان وقصور المناهج التعليمية التي لا تزال بعيدة عن العلوم المتقدمة والذكاء الاصطناعي وصناعة الروبوتات، إلى جانب ضرورة إعادة رسم نظام التعليم المدرسي والجامعي والتركيز على التعليم التقني في المراحل السنية المبكرة.

وأكد متخصصون أن الإمارات أدركت مبكراً أهمية التكنولوجيا في جميع مجالات الحياة برؤية استباقية تستشرف المستقبل، وأنها تقود دول المنطقة في مجال تعزيز دور الأتمتة وتقنيات الذكاء الاصطناعي وتسير بخطوات مدروسة، وتمضي قدماً في توظيف الذكاء الاصطناعي وأدواته في شتى ميادين العمل، وعملت على تحويل جميع التحديات إلى فرص حقيقية فأطلقت تشريعات واستراتيجيات ومبادرات لتحقيق تطلعاتها في بناء جيل وطني متخصص في العلوم المتقدمة.

 

مشروع

وبداية كشف معالي الدكتور حسين الحمادي وزير التربية والتعليم عن مشروع جديد سيتم الإعلان عنه خلال الفترة المقبلة، بالتعاون مع الجهات المعنية من أجل تحويل المؤسسات التعليمية لحاضنات للإبداع والابتكار، مؤكداً أن المشروع سيسرع الخطوات نحو بناء اقتصاد تنافسي مستدام قائم على المعرفة، وسيعيد هيكلة ثقافة المؤسسات التعليمية بتحويلها إلى حاضنات للمبتكرين واكتشاف المواهب الطلابية.

وقال معاليه: «إن الوزارة تعكف على تطبيق مناهج الذكاء الاصطناعي في المدارس حيث شرعت في تطبيق علوم الذكاء الاصطناعي في التصميم والتكنولوجيا ونقوم بتطويره كل عام».

منظومة تعليمية

وأضاف معاليه: إن المنظومة التعليمية التي يتم تدريسها في المدرسة الإماراتية تواكب هذه التحديثات باستمرار من خلال معايير معينة يتم تدريب الطلبة والكادر التعليمي عليها، مشيراً إلى تدرج الطلبة في مستوى المهارات بحيث كلما اكتسب الطالب مهارة معينة يتم تصعيده إلى الأعلى، وسيتم استكمال المنظومة بأكملها خلال العامين القادمين.

وأشار إلى أن الوزارة تشترط لاستقطاب معلمين للعمل في الوزارة لتدريس مواد التصميم والتكنولوجيا وعلوم الكمبيوتر وتصميم الإبداع والابتكار، أن يكونوا حاملين لشهادات في علوم الكمبيوتر أو الهندسة من ذوي الكفاءات العالية وخريجين من أفضل الجامعات كون هذه المواد تتطلب معلمين لديهم عمق معرفي ومهارات عليا لنقل العلم والمعرفة بدقة لأبنائنا الطلبة.

 

العائق الأول

وبدوره رأى دين كامين المخترع وخبير التكنولوجيا ورائد الأعمال ومؤسس بطولة العالم للروبوتات والذكاء الاصطناعي «فيرست جلوبال» «أن من ينظر أن الروبوتات سوف تحل مكان الإنسان في كل شيء فإن نظرته قاصرة ولا تستند إلى أسس علمية، ومن يخشى هذا الصناعة هو الإنسان التقليدي الذي لا يزال مصراً على أن يكون بعيداً عن التكنولوجيا التي هي روح العصر، وبالتالي تخوفه من الروبوتات في غير محله لأن هذه الصناعة سوف تخفي وظائف لكنها في الوقت نفسها ستخلق العديد من الوظائف الجديدة في سوق العمل التي باتت متطلباته تتبدل لتواكب الثورة الصناعية الرابعة».

وأضاف: «من لم يتعلم التكنولوجيا التي دخلت كل المجالات ويستفيد منها سيبقى بعيداً عن امتلاك مفاتيح المستقبل، فالعلوم المتقدمة والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والبرمجيات هي مستقبل العالم».

وأشار دين كامين «إلى أن هناك تحدياً كبيراً في المؤسسات الأكاديمية ومناهجها التقليدية التي لا تزال بعيدة عن الجانب التطبيقي، لذلك في المرحلة الحالية والمستقبلية مطلوب من الجامعات التركيز على العلوم الأساسية ومنح الطلبة منصات تضمن حصولهم على المسار المهني الملائم على المدى الطويل من خلال تحويل أفكارهم ومقترحاتهم إلى مشاريع تساهم في إيجاد الحلول للتحديات الكبيرة وإشراكهم في المسابقات العالمية لفتح آفاق الوظائف المستقبلية أمامهم المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال تزويدهم مهارات وأدوات فنية وتقنية وفكرية تساهم في جعلهم قاعدة لبناء المستقبل».

 

البنية الابتكارية

ومن جانبه قال خلفان بالهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل: «إن أبرز التحديات التي تواجه البنية الابتكارية في المجتمعات تتعلق بوجود تشريعات مرنة تتناسب مع التقنيات وتواكب تطورها، إضافة إلى الدعم المادي الذي يعزز هذه البنية

وكذلك الدعم الأكاديمي ووجود حاضنات ابتكار في المؤسسات الأكاديمية تساهم في بناء جيل تقني قادر على فهم ماذا يرد المستقبل، إلى جانب ترسيخ ثقافة قبول التقنية في المجتمع ووجود عقلية قادرة على المخاطرة في ريادة الأعمال وعدم الخوف من الفشل لأن الفشل في الرؤية بعيدة المدى هو بداية الطريق لتحقيق النجاح».

فرص

وتابع: «واجهنا هذه التحديات في الإمارات بصفة عامة ودبي بصفة خاصة وحولناها إلى فرص حقيقية واستطعنا تذليلها انطلاقاً من توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وقول سموه: «إن المستقبل لا يُنتظر بل يُصنع»، وهذا ما عملنا عليه فكنا مبادرين وتم إنشاء مختبر التشريعات التجريبية لتطوير أطر تنظيمية وتشريعية لتوظيف التكنولوجيا والتقنيات الناشئة بطرق تساهم في تطوير الأعمال وتقلل من المخاطر، وأطلقت حكومة الإمارات المختبر في يناير الماضي بالشراكة مع مؤسسة دبي المستقبل، بهدف تطوير تشريعات محكمة توفر بيئة تجريبية آمنة وواضحة لتقنيات المستقبل وتواكب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، بما يدعم رؤية الإمارات 2021، ومئويتها 2071.

وكذلك تم إطلاق برنامج «مسرّعات دبي المستقبل»، والذي يساهم في ربط الشركات العالمية الكبرى ورواد الأعمال بهدف التوصل إلى حلول للتحديات الرئيسة الـ7 التي تواجهها القطاعات اليوم.

ويتضمن ذلك استخدام تقنيات مبتكرة كالذكاء الاصطناعي والروبوتات، وعلم الجينوم، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والحسابات المالية، ومحاكاة الطبيعة، والتكنولوجيا الحيوية.

كما تم إطلاق مبادرة «مليون مبرمج عربي» ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وهي عبارة عن منصة تعليمية توفر برامج مجانية للأفراد المهتمين بتطوير مهاراتهم الرقمية، وتعد المبادرة الأكبر من نوعها في العالم العربي وتهدف إلى تدريب مليون شاب عربي على لغات البرمجة ليواكبوا التطورات ويتبوؤا مكانة متقدمة في قطاع التكنولوجيا.

كما تم إطلاق العديد من المبادرات الأخرى كأكاديمية دبي للمستقبل التي تركز على تدريب يختص بالتقنيات والوظائف التي يتم تغييرها بالمستقبل والتركيز على الفكر والعقلية التي تواكب استشراف المستقبل».

خدمة الإنسانية

وأشار بالهول إلى أن التقنيات لها مزايا وعيوب وتتفوق مزايا الذكاء الاصطناعي والروبوتات على العيوب حيث تخلق فرصاً جديدةً من الوظائف، مشيراً إلى أن «أنسنة» الروبوتات تنطلق من تغير الفكر التقليدي وتقبل هذه الصناعة التي وجدت لخدمة الإنسانية فالابتكار هو خارطة طريق لتقدم المجتمعات.

وتابع: «إن تحويل الجامعات إلى حضانات ابتكار يدعم هذا التوجه، ونحن ترجمنا هذا التوجه من خلال توقيع مؤسسة دبي للمستقبل اتفاقيات شراكة مع مجموعة من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية لتفعيل استراتيجية دبي للمناطق الجامعية الحرة، وتحقيق أهداف البند السادس من وثيقة الـ50 التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتحويل الجامعات الوطنية والخاصة إلى مناطق اقتصادية وإبداعية حرة تشجع الطلاب على الابتكار وريادة الأعمال عبر مجموعة من المبادرات والمشاريع بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة».

تطوير المهارات

وفي السياق ذاته أكد عبدالعزيز الجزيري، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل أن الوظائف التي ستحتلها الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لن تكون بديلاً للإنسان، إلا إذا لم يطور هذا الأخير من نفسه ليكون هو الأساس في أي ثورة صناعية مستقبلية، داعياً إلى ضرورة الاشتغال على تطوير المهارات الفردية المتقدمة للموظفين والاختصاصيين، لإعادة تأهيلهم، وتمكينهم من البقاء في وظائفهم في ظل المنافسة الشديدة من التقنيات الحديثة.

وقال: «إن العالم بات يمر الآن بتحدٍّ كبير في ظل دخول الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي ويتمثل بتوفير الاختصاصيين القادرين على ملء الشواغر التي خلقتها مثل هذه التكنولوجيا التي لن تكون البتة بديلاً عن الإنسان».

وأعرب الجزيري عن أمله أن يتقبل المجتمع دخول الروبوتات ومنصات وتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى جميع مناحي الحياة، مثلما تقبل دخول الإنترنت، وتقنيات الاتصال المرئي والمسموع في السابق.

 

تحفيز

ومن جانبه أوضح بيتر كيليت خبير من أستراليا «أنه يجب تحفيز الطلبة على الابتكار والإبداع وتشجيعهم على صنع الروبوتات والأجهزة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بأيديهم ومن مخيلتهم من أجل غرس ثقافة الإبداع لدى الطلبة من خلال التعليم بالممارسة والاعتماد على المناهج التطبيقية أكثر من النظرية، عبر توفير مراكز للابتكار في المدارس بهدف رفع الوعي عند الطلبة حول الذكاء الاصطناعي ومزاياه واستخداماته، والعمل على وضع أطر تدريبية لهم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ليصبحوا كوادر مجهزة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي».

 

مناهج معززة

وبدورها قالت هي سن تشا خبيرة من كوريا الجنوبية: «إنه يجب التركيز على إدراج المناهج المعززة للذكاء الاصطناعي ولا سيما في الجامعات كالهندسة والرياضيات، إضافة إلى ردم الفجوة بين البرامج الأكاديمية والتدريب العملي والمعروف أكاديمياً بأسلوب «التلقين» من خلال ابتكار طرق تدريسية تتواءم مع المرحلة الجديدة، وتلبي احتياجات وطموحات الحكومات، عن طريق تسخير التكنولوجيا الحديثة ومواءمتها لخدمة العملية التعليمية، بهدف تخريج وصناعة الكفاءات المتخصصة في عالم الذكاء الاصطناعي، والبرمجيات، والهندسة، والفضاء، والتكنولوجيا، والبتروكيماويات، وغيرها من التخصصات التي تواكب الثورة الصناعية الرابعة القادرة على التعامل والتوافق مع سيطرة الروبوتات».

 

إحلال وظائف

ويلخص ياسر جاد الله متخصص في تكنولوجيا المعلومات من المملكة الأردنية الهاشمية التحديات التي تواجه العالم العربي في «الذكاء الاصطناعي» وبقائه في خانة المستورد للتكنولوجيا، بنقطتين رئيستين وهما: الفجوة بينه وبين العالم، وضعف الاهتمام الرسمي وتوظيف الأموال لهذه التكنولوجيا.

وأشار إلى وجود دول عربية تشتري التكنولوجيا وأخرى لا تمتلك المال لتشتريها بسبب شح الإمكانيات، لافتاً إلى أن بعض الدول في محيطنا العربي بدأت تعمل على هذا الأمر.

 

ضعف الميزانيات

وترى سارة صالح من فلسطين أن مشكلة التقدم في ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي ترتبط بصورة أساسية بضعف الميزانيات المخصصة، مشيرة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تسير على الطريق الصحيح في ما يتعلق بالتطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، فإيمان القيادة ودعمها لهذا القطاع وحرصها على امتلاك بنية أساسية تكنولوجية متينة تضاهي ما تمتلكه البلدان المتقدمة هي مرتكزات أساسية لما وصلت إليه الإمارات في هذا الإطار.

 

الخوف من التقنيات

ومن جانبه يقول باتريك عبدالله خبير تقنين من لبنان: إن التطور المتواضع في مجال الذكاء الاصطناعي في لبنان مرده الخوف من التقنيات الجديدة التي باتت تدخل في كافة المجالات، وهذا يشكل أحد المعوقات التي تواجه التحول التكنولوجي والتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، معتبراً الضبابية وعدم الفهم الحقيقي لمصطلح الذكاء الاصطناعي وما يندرج تحته شائعاً عربياً.

آليات تحكم

وأما ديميتري لوكانوف من بلغاريا فيرى بصفته خبيراً في قطاع التكنولوجيا «أن الدعم المادي لدى بعض الدول يشكل «العائق الأكبر» فالطلبة في المدارس لا يتعلمون شيئاً عن الذكاء الاصطناعي، لذلك تجد من لديه الشغف يلجأ إلى أحد النوادي على الرغم من قلتها، وتشكل مسابقات كبطولة العالم للروبوتات والذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية للانخراط والاستفادة من خلال تلاقح الأفكار وتبادل الخبرات». وقال: «إذا أردنا اكتساب المهارات أو التخصص في هذا المجال علينا البحث خارج حدود الوطن وهنا تكمن المعضلة».

 

مناهج قاصرة

بدوره لم يخرج تومي الجيلاني أستاذ تعليم تقني في ثانوية الرباط بالمغرب عن نطاق الحديث الدائر في المنطقة العربية والمتعلق بالتحديات التي تواجه تلك الدول في السير قدماً لتطبيق الذكاء الاصطناعي، حيث رأى أن أبرز التحديات يتمثل في التخوف من أن يصبح بديلاً للإنسان وهذه النظرة السلبية لصيقة بمجتمعاتنا، كما يرى الجيلاني، مستغرباً هذا الفكر الضيق كما أسماه وقال: يجب أن نحاربه بالتنوير، فالعقل البشري سيد الموقف بامتياز وهو من يصنع الآلة، والمهم هنا الإبقاء على حالة التوازن فالحفاظ على الإنسان مهم جداً.

 

مليون شاغر

قال عبد العزيز الجزيري نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل: «يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، أكثر من مليون شاغر خلقتها تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وللأسف، لا يوجد هناك من يسد تلك الشواغر، لا سيما في قطاع هندسة الروبوتات والذكاء الاصطناعي، التي لا تعدو كونها نسخة مطورة من الهندسة التقليدية، التي لم تعد كافية الآن على شكلها الحالي لمجاراة التغيرات الأخيرة في المجال التقني والوظيفي».

وأضاف: «أسواق العالم باتت بحاجة ماسة إلى اختصاص هندسة «الذكاء الاصطناعي» و«الروبوت»، اللذين باتا سمة هذا العصر الذي نعيشه، وإذا لم نكن على درجة أكبر من ذكاء الآلة أو الروبوت، فإننا سنصبح منقادين وتابعين له، وهو ما يفرض علينا أن نكون أكثر استعداداً للمرحلة المقبلة، حتى نكون قادرين على ملء الشواغر التي ستفرضها تقنيات الروبوت والذكاء الاصطناعي».

البند السادس

ينص البند السادس من وثيقة الـ 50 التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «على تحويل الجامعات لمناطق اقتصادية وإبداعية حرة، بما يسمح للطلاب بممارسة النشاط الاقتصادي والإبداعي، وجعله ضمن منظومة التعلم والتخرج، وإنشاء مناطق اقتصادية وإبداعية متكاملة تحيط بهذه الجامعات، وبما يوفر الدعم المالي والتعليمي والبحثي خلال فترة إنشاء مشاريعهم، بهدف أن تخرج الجامعات شركات وأرباب عمل، وليس طلاباً فقط، وبناء على ذلك، تم إطلاق 6 مسرعات وحاضنات لريادة الأعمال في الجامعات، لخدمة الأهداف المذكورة في البند السادس لوثيقة الـ 50».

وتعمل إمارة دبي على تحويل المؤسسات التعليمية إلى حاضنات ابتكار، وخلق جيل مختص في الروبوتات والذكاء الاصطناعي، وعمدت مؤسسة دبي للمستقبل، إلى تطبيق برامج علمية، تسهم بإحداث تغيير جذري في اختصاصات القوى البشرية.

التجربة الصينية

قال تشنغ وانغ من الصين وهو طالب في المرحلة الثانوية: «يشكل المسار التقني والجانب التطبيقي في التعليم تأثيراً إيجابياً في بناء جيل، يواكب متطلبات ثورة الذكاء الاصطناعي وتابع: نحن في الصين نتعلم كيفية توظيف التكنولوجيا منذ مراحل سنية مبكرة، لتحقيق الاستفادة القصوى في تعزيز برامج التنمية الاقتصادية والطبية والبيئية والتعليمية، مشيراً إلى أن الصين تؤمن بأن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل، وتسير وفقاً لذلك بخطوات متسارعة جداً في هذا الإطار، وذكر أن من محاسن التكنولوجيا أنها ستحسن وتوفر حياة أفضل للبشرية، وستمحو معه الحدود بين الدول.

 

60 مليوناً

أوضح فريتز مورجان مدير عام في مجال الذكاء الاصطناعي بنيوزلندا، فيما يتعلق بالتخوف من فقدان وظائف بسبب التقنيات المتقدمة: «أن الذكاء الاصطناعي سيتسبب في اختفاء عدد من الوظائف من دون شك ولكنه في الوقت نفسه سيخلق 60 مليون فرصة عمل جديدة خلال السنوات الـ 3 المقبلة، مشيراً إلى أن الروبوتات تنجز اليوم بكفاءة عالية العديد من المهام التي كانت حكراً على البشر، من بينها مهام معقدة نسبياً لم نكن لنتخيل أن ينجزها غير الإنسان، مثل صرف الوصفات الطبية، والمساعدة القانونية، وقيادة المركبات، وريادة الفضاء، وإدارة المخازن، ومجالسة الأطفال وغيرها الكثير، لافتاً إلى أن هناك شركات تعتمد اعتماداً شبه كلي على الروبوتات في تشغيل وإدارة المصانع والمخازن، مثل فولكس فاجن وأمازون وغيرهما.

أولوية استراتيجية

يشكل الذكاء الاصطناعي أولوية وطنية استراتيجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أعلن في عام 2017، عن خطة واضحة، من خلال استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، وتمثل هذه المبادرة المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، التي ستعتمد عليها الخدمات، والقطاعات، والبنية التحتية المستقبلية في الدولة، بما ينسجم ومئوية الإمارات 2071، الساعية إلى أن تكون الدولة الأفضل بالعالم في المجالات كافة، وتهدف الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات، وتحليل البيانات بمعدل 100 % بحلول عام 2031، والارتقاء بالأداء الحكومي، وتسريع الإنجاز، وخلق بيئات عمل مبتكر، وأن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم في استثمار الذكاء الاصطناعي، بمختلف قطاعاتها الحيوية، وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، واستثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي، وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى.

 

ثورة الروبوتات

قال جورجي هال خبير في الذكاء الاصطناعي في بريطانيا: «إن عالمنا مقبل على «ثورة روبوتات»، والدليل ليس فقط تلك الأجهزة الآلية التي باتت تنتشر في شتى القطاعات الصناعية والخدمية والإدارية فحسب، وإنما الإحصاءات التي تشير إلى دقة الخدمات التي تقدمها الروبوتات، لذا، يجب أن يتم تهيئة الطلبة للتعامل مع المرحلة القادمة، من خلال إنشاء مراكز لتطبيقات الذكاء الاصطناعي».

وأضاف: «إن المنازل الذكية لم تصبح واقعاً معاشاً فحسب، بل أمست جزءاً من منظومة أكبر اسمها المدن الذكية، كما أن «الإنترنت» لم يعد وسيلة للتواصل بين البشر فقط، بل غدت وسيلة تواصل بين البشر والآلات، وبين الآلات في ما بينها».

 

رياضة العقل

أكدت سندس عمر الخبيرة التقنية ومشرفة فريق مصر في تحدي فيرست جلوبال العالمي للروبوتات أهمية إدخال علوم الروبوتات والذكاء الاصطناعي في المؤسسات التعليمية، حتى لو كان على شكل ورش، أو حتى من باب التسلية واللعب، لكشف المواهب الحقيقية للطلبة وتوجيهها بالشكل الصحيح لتسلك مسارها في الوصول إلى التخصص الجامعي.

وقالت: «مثلما هناك حصة رياضة في المنهاج الدراسي، فلا بد من أن تكون حصة لرياضة العقل والذهن، من خلال ممارسة أو تعلم علوم الروبوتات والذكاء الاصطناعي، حتى نكون جاهزين للمستقبل».

وأضافت: «لن يكون هناك خوف على وظائفنا في المستقبل إذا طورنا من أنفسنا، وتعلمنا كيف يعمل الروبوت وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، لأنها مهما بلغت من الذكاء فلن تكون أذكى من الإنسان، ولن تتخلى عنه كونها بحاجة إلى رعايته وصيانته وتحديثه لها».

 

ثورة التغيير

شدد علاء الظفري خبير ومشرف على فريق سوريا في تحدي فيرست جلوبال العالمي للروبوتات، على أهمية إدخال علوم الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية في المدارس والجامعات والكليات، حتى تصبح جزءاً من ثقافة عالمنا العربي على وجه الخصوص، وحتى تكون الأجيال الحالية، شريكاً أساسياً في ثورة التغيير والتطور التكنولوجي ورسم معالم الحياة في المستقبل، ولنكون منافسين أكفاء في سوق العمل، حيث ستستحوذ تقنيات الروبوتات والذكاء الاصطناعي على حصة كبيرة منه في المستقبل القريب والبعيد.

ودعا الظفري إلى ضرورة إيجاد حاضنة للمبتكرين، تكون داعماً مالياً وبحثياً وتعليمياً لهم، وخصوصاً أن تكاليف دراسة وصناعة الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي مرتفعة.

 

صناعة الروبوتات تخدم البشرية وتوفر آلاف الفرص

يرى خبراء أن صناعة الروبوتات سوف تلغي وظائف، ولكنها في الوقت نفسه ستخلق آلاف الوظائف في المجال التقني، وخاصة ما يتعلق بالبرمجيات، مؤكدين أن الروبوتات لا يمكن أن تأخذ مكان الإنسان، بل تسهل حياة الناس وتخدم البشرية.

 

ويقول ايوان دوبوكا مشرف الفريق الألماني في تحدي فيسرت جلوبال العالمي للروبوتات: «إن دولته متقدمة في التكنولوجيا بجميع أنواعها، والشعب الألماني لديه قبول كبير في هذا المجال ولا يخشى من صناعة الروبوتات، بل على العكس يرى أن هذه الصناعة وفرت فرص عمل جديدة، وينظرون إلى الروبوت على أنه يساعد الإنسان، إضافة إلى أن وجوده يخفف أعباء العمل عليهم ويعطي فرصة لهم للاستمتاع مع عائلاتهم».

وأضاف: «في ألمانيا يوجد في المؤسسات الأكاديمية مختبرات علمية متقدمة في المجال التكنولوجي، ويعملون على تطوير نظام خاص في مؤسساتهم الأكاديمية لدعم اختراعات الطلبة وتحويلها إلى مشاريع على أرض الواقع».

 

تحديات

ومن جانبه قال الورود ايتنالي خبير ومشرف على فريق جمهورية توغو في تحدي «فيرست جلوبال»: «شاركت في النسخة الأولى من هذا التحدي العالمي الذي يعتبر فرصة للاطلاع على تجارب وأفكار فرق الدول المشاركة في كيفية بناء الروبوتات وكانت الفائدة كبيرة، ونحن في توغو نعاني من العديد من التحديات في بناء جيل من الخبراء المتخصصين في المجال التقني والروبوتات، ما جعلنا نفكر بطريقة مختلفة، حيث قامت الدولة بتوفير جميع السبل والتسهيلات وابتعثت طلبة للدراسة في الخارج بهدف بناء جيل من الخبراء في التكنولوجيا ونظمنا ورش عمل للطلبة في الجامعات لترسيخ ثقافة التكنولوجيا وقمنا ببناء مختبرات علمية خاصة بصناعة الروبوتات، والحقيقة لا نزال نحتاج إلى وقت لانتشار وتقبل صناعة الروبوتات التي لا تزال مستغربة بعض الشيء لدينا وخاصة لدى العديد من الأهالي الذين يتخوفون من ولوج أبنائهم هذه التخصصات كون الروبوتات يمكن أن تحل مكانهم في العمل».

 

تعليم مبكر

وإلى ذلك تقول ساني شيبنس خبرة ومشرفة على الفريق النرويجي في «فيرست جلوبال»: «إن الروبوتات تسهم في خدمة الإنسانية، ولا يمكن أن تأخذ مكان الإنسان، بل على العكس تساعده وتخلق فرص عمل جديدة له، واليوم بدأ يتلاشى تخوف الناس من عدم قبول الروبوتات».

وتضيف: «على الرغم من التحديات التي تواجه المجتمعات في التحول إلى مجتمعات قائمة على الابتكار والتكنولوجيا، إلا أن النرويج تركز على بناء الإنسان في المجال التقني منذ المراحل التعلمية المبكرة وفي المؤسسات الأكاديمية قدمت الحكومة كل الدعم لإيجاد حاضنات ابتكار للشباب»

Email