مطالبة باستراتيجية اتحادية موحّدة وزيادة الرواتب وتقديم حوافز تشجيعية

التخصصات الطبية الدقيقة .. عزوف من المواطنين يفاقمه غياب البورد الإماراتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يواجه القطاع الطبي في مختلف دول العالم نقصاً في التخصصات الطبية الدقيقة، مثل التخدير والأعصاب وجراحة المخ، مقابل تخمة في بعض التخصصات، التي تدر على أصحابها مبالغ طائلة مثل الأمراض الجلدية والتجميل، التي فاقت حاجة السوق لكثرتها.

جمعية الإمارات الطبية أكدت أن بعض شعب التخصصات الطبية الدقيقة يقل عدد أفرادها عن أصابع اليد، مشددة على ضرورة وضع استراتيجية اتحادية موحدة تشترك في وضعها كل الجهات المعنية لتوجيه المواطنين إلى دراسة التخصصات الطبية النادرة، إلى جانب تقديم حوافز تشجيعية وحافز إضافي للأطباء الذين يقتصر دورهم فقط في العمل على المستشفيات مثل العناية المركزة والطوارئ والتخدير.

وفي هذا الإطار أكد أطباء وأكاديميون أن من أهم أسباب عزوف المواطنين عن التخصصات الطبية الدقيقة، غياب البورد الإماراتي الذي يقف عقبة أمام خريجي كليات الطب في الدولة، لأن الكثير منهم يصعب عليهم السفر للخارج لمواصلة الدراسة، إلى جانب طول مدة الدراسة في هذه التخصصات، وضعف الإرشاد الأكاديمي، داعين إلى الإسراع في إنشاء البورد الإماراتي، وتوقيع اتفاقيات مع جامعات عالمية لتدريب الأطباء المواطنين داخل الدولة، وزيادة الرواتب والمخصصات المالية للأطباء بالتخصصات الدقيقة، ومراجعة نظام الترقيات لهؤلاء الأطباء.

تطور كبير

وقال الدكتور سهيل الركن، استشاري طب الأعصاب في مستشفى راشد ورئيس شعبة الأعصاب في جمعية الإمارات الطبية إن التطور الكبير الذي شهدته الدولة خلال الـ45 عاماً الماضية في المرافق والمنشآت الصحية ونوعية الخدمات الموجودة لم يصاحبه تطور كبير في مجال التدريب الطبي، حيث ما زالت الدولة تعتمد على إرسال الأطباء إلى خارج الدولة لدراسة بعض التخصصات الطبية.

البورد الإماراتي

وأكد الركن أن هناك 3 دول مجاورة يوجد لديها برامج للتدريب مثل المملكة العربية السعودية التي لديها البورد السعودي ويستطيع الطبيب السعودي الحصول على أدق التخصصات مثل جراحة الدماغ، وجراحة قعر الدماغ، إضافة إلى تخصصات أخرى في طب الأعصاب والقلب وغيرها، وفي سلطنة عمان لديهم أيضاً البورد العماني وفي الكويت لديهم البورد الكويتي والتخصصات النادرة.

وتابع: أما في دولة الإمارات فما زال البورد الإماراتي متوقفاً، مشيراً إلى أن عدم وجود البورد الإماراتي يقف عقبة أمام خريجي كليات الطب المواطنين في الدولة لأن الكثير منهم يصعب عليهم السفر للخارج لمواصلة الدراسة في التخصصات الطبية الدقيقة نظراً لطول المدة أو لأسباب وظروف عائلية.

تأهيل

وقال الأستاذ الدكتور علوي الشيخ علي، عميد كلية الطب في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية: إدراكاً لمتطلبات المستقبل حرصت جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية على تأهيل طلبتها وإعدادهم ليكونوا أطباء المستقبل، فلم تعتمد الجامعة على تأهيل طلبتها لخدمة تخصص طبي بعينه، إنما حرصت على إعداد جيل يعتمد مبدأ التعلم الذاتي المستمر المدعوم بالبحث والابتكار، حيث يتضمن منهاج التدريس بالجامعة العديد من المواد التعليمية الهادفة لتنمية المهارات الإبداعية للطالب، إضافة للبرنامج التدريبي الصيفي (Summer Scholars Program) الذي يتيح للطالب التواصل المباشر مع الرواد في التخصصات الطبية للإطلاع على أفضل الممارسات العلمية والطبية.

وأوضح أن دور الجامعة يمتد لتأهيل جيل من الأطباء يتحلى بالقدرة على التغيير والتكيف بشكل إبداعي لخلق فرص وتخصصات جديدة تواكب المستقبل ليتمكن من شغل مختلف التخصصات التي لم تستقرأ بعد.

أجيال المستقبل

وقالت الدكتورة ليلى السويدي، مساعد العميد لسعادة الطلبة في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، إن التخصصات الطبية النادرة في الإمارات لا تزال بحاجة لمن يشغلها من أبناء الدولة.
وأوضحت أن إعداد أجيال المستقبل يتطلب مواكبة العصر والمعرفة الجيدة بالتوجهات العالمية في مختلف المجالات والتي أصبحت تتوسع بشكل متسارع وتتجه نحو العلوم القائمة على التكنولوجيا، وعلم الجينات وعلوم الفضاء.

اعتراف عالمي

وقال الدكتور جمعة الكعبي، وكيل كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة الإمارات: تحظى الكلية باعتراف أكاديمي عالمي ولها تصنيف عالٍ مقارنة بغيرها من الكليات الطبية في منطقة الشرق الأوسط، وحصلت على الاعتماد الأكاديمي من المجلس الطبي العام (GMC) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، واللجنة التعليمية لخريجي كليات الطب الأجانب، وباعتراف الجامعات الأمريكية والكندية.

تعليم مستمر

وقال الكعبي: تحرص الكلية على التركيز على أربعة مجالات متميزة تشمل التعليم الجامعي الذي يسمح للخريجين مواصلة التدريب في المراكز الدولية المتميزة، والتعليم المستمر والتطوير المهني لجميع العاملين في مهن الرعاية الصحية تلبية لاحتياجات المجتمع وخدمة المرضى، والبحوث وتدريب الباحثين الجدد، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الطبية للمجتمع، وتشتمل البرامج التعليمية والمعترف بها دولياً درجة بكالوريوس الطب والجراحة، والتي تم تغييرها إلى برنامج العلوم الطبية الذي يستغرق أربع سنوات، وبرامج الدراسات العليا من ماجستير ودكتوراه.

وأشار إلى أن الكلية توفر وبالتعاون مع المستشفيات التعليمية المتعاونة معها، التدريب المهني للأطباء الحاصلين على درجة البكالوريوس في الطب والدبلوم والتدريب التخصصي السريري والزمالة في التخصصات السريرية الرئيسية، كما أسست مكتب الإمارات للخدمات الصحية للمساعدة في تطوير المهارات الطبية السريرية والمحافظة على كفاءة المهنيين الطبيين، وإجراء امتحانات التراخيص المهنية، وتطوير التعليم الطبي وتنظيم الأنشطة التدريبية لتنمية جميع المهارات المهنية، ورفع مستوى البحوث الدولية في الكلية مثل مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، وإصابات حوادث المرور، والاضطرابات الوراثية، والأمراض المعدية والمناعة، والصحة العقلية وعلم الأعصاب.

وتابع: يتم دعم الأبحاث من خلال تطوير وصيانة مرافق الأبحاث المركزية مثل وحدة التصوير والوحدة الجزيئية والتحليلية، وحدة البيولوجيا الخلوية ووحدة حيوانات التجارب، ويعتبر مختبر حيوانات التجارب في الكلية الأول من نوعه في دولة الإمارات ويهدف لدعم الجهود البحثية لتوفير بيئة يمكن التحكم فيها لضمان القيام بتجارب على الحيوان بعناية تامة.

وأضاف: تولي الكلية اهتماماً كبيراً بتطوير مهارات خريجها عبر التخصصات الطبية الدقيقة والإيفاد للخارج، حيث يوجد حالياً أكثر من 12 معيداً في تخصصات طبية مختلفة يتابعون دراساتهم العليا في أكبر الجامعات العالمية، إضافة إلى طرح برامج الماجستير في تخصصات مختلفة.

دعم

وقال الدكتور جورماهادفا راو رئيس جامعة رأس الخيمة للطب والعلوم الصحية: بدأت الجامعة في عام 2006 بعدد 22 طالباً وطالبة، واليوم يبلغ عدد الدارسين 1300 طالب وطالبة من 45 جنسية مختلفة، فيما يبلغ الكادر الأكاديمي وهيئة التدريس الإداري 300 من 30 جنسية مختلفة، حيث تقدم الجامعة نموذجاً يحتذى به للتآزر والتعاون بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس من مختلف الجنسيات والثقافات المتعددة، والتي ساهمت في تخريج كوادر طبية ضمن أعلى المعايير الأكاديمية لخدمة القطاع الصحي.

وأوضح الدكتور جورماهادفا راو أن عدد الطلبة المواطنين والمواطنات المنتسبين لكلية الطب العام والأسنان والصيدلة لا يتجاوز 10%، فيما تبلغ نسبة المواطنين والمواطنات في كلية التمريض 50%، وتستحوذ فئة المواطنات على النسبة الأكبر من عدد الدارسين، لافتاً إلى أن مهن الطب والعلوم الصحية تعد من المهام الوطنية والاستراتيجية التي توليها القيادة الرشيدة وحكومة الإمارات كل الرعاية والدعم.

حوافز

وقال الدكتور جورماهادفا راو: تشهد برامج التمريض إقبالاً من المواطنات نظراً للحوافز التي تقدمها الجهات المعنية بالتعاون مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع لدعم العملية التعليمية لطلاب التمريض بهدف زيادة عدد الممرضات الإماراتيات، بالإضافة لبرنامج الشيخ صقر للتميز الحكومي الذي يقدم منحاً دراسية بنسبة 100%، للطلاب المواطنين بهدف الاستفادة من أفضل الفرص التعليمية لرفع كفاءة هذه الكوادر الوطنية، والمساهمة في تقديم رعاية صحية متميزة.

وأشار إلى أن الجامعة تعمل بشكل مستمر في تحسين المعايير الأكاديمية، حيث يتم تخريج ما يقارب من 350 طالباً سنوياً من جميع تخصصات بكالوريوس الطب العام والجراحة، وبكالوريوس طب الأسنان، وبكالوريوس الصيدلة، وماجستير الصيدلة، وبكالوريوس علوم التمريض وبرنامج التجسير للممرضين المسجلين الحاصلين على دبلوم التمريض، وماجستير التمريض، مقارنة بالعام الأول الذي شهد تخريج 19 طبيباً و48 للكادر التمريضي، لافتاً إلى أن جميع برامج البكالوريوس والدراسات العليا معتمدة من لجنة الاعتماد الأكاديمي بوزارة التربية والتعليم «شؤون التعليم العالي».

وأكد أن الجامعة تقدم الدعم للطلاب بهدف تشجيعهم من خلال المنح الدراسية للمتفوقين وكذلك تقديم الخصومات والحوافز الخاصة لأشقاء الطلبة الحاليين بالجامعة وأفراد هيئة التدريس والموظفين، بالإضافة إلى المنح المقدمة من الجهات الحكومية والخاصة والجمعيات الخيرية لاستقطاب الطلبة المتفوقين وتشجيعهم على مواصلة التعليم في التخصصات التي يحتاج إليها سوق العمل في الدولة.

معارض إرشادية

وأشار د. جورماهادفا راو إلى أن الجامعة خصصت قسماً كاملاً للترويج وتنظيم المعارض الإرشادية لاستقطاب الطلبة، بالإضافة للزيارات الدورية للمدارس والمستشفيات، لتقديم التوعية والإرشاد بتخصصات الطب والعلوم الصحية، واستضافة طلبة المرحلة الثانوية للتعرف على برامج وأنشطة الجامعة عبر المعايشة اليومية تحت إشراف الكادر التعليمي، بالإضافة لتوظيف مواقع التواصل الاجتماعي في تقديم الصورة الكاملة عن تخصصات الطب والعلوم الصحية ودورها في سوق العمل ومدى احتياج الدولة لتلك التخصصات الوطنية، وإجراء التطوير المستمر للموقع الإلكتروني الخاص بالجامعة والذي يشمل كل المعلومات والبيانات لجميع التخصصات الدراسية.

وأضاف: اعتمدت الجامعة التقنيات الإلكترونية في العملية التعليمية وتقديم الاختبارات عبر الإنترنت، ورفع كفاءة المكتبة الإلكترونية التي توفر جميع الكتب والمواد التعليمية والتي تمكن الطالب من الوصول إليها من أي موقع خارج الجامعة، فيما يستقبل مسرح الجامعة الفعاليات وبرامج الإرشاد بطاقة استيعابية 660 شخصاً من الحضور، كما تنظم الجامعة سنوياً العديد من الأنشطة المجتمعية والخدمية وحملات الفحص الطبي والتثقيف الصحي، فيما تقدم كلية الأسنان خدماتها المجانية للمرضى عبر المركز الصحي داخل مبنى الكلية.

وتابع: تدعم الجامعة تطوير الطلبة من خلال مجموعة واسعة من الأنشطة الرياضية في المجمع الرياضي متعدد الاختصاصات والأندية الأدبية والعلمية والفنية، كما تنظم الجامعة سنوياً المؤتمر العلمي للطلبة ومعارض التوظيف والفعاليات الرياضية والثقافية، التي تمكن الجامعة من استقطاب الطلبة الجدد.

وأضاف: على مدار ثلاث عشرة سنة ماضية، سعت جامعة رأس الخيمة للطب والعلوم الصحية لتحقيق التميز الأكاديمي وتمضي قدماً لتصبح الجامعة الطبية والصحية الرائدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكوجهة مفضلة لدراسة الطب والعلوم الصحية.

أولوية

وأكد الدكتور سالم بوفناس عميد كلية طب الأسنان في جامعة عجمان أن الكلية منذ تأسيسها في العام 1997 خرجت 17 دفعة، لافتاً إلى أن هناك أولوية لقبول الطلبة المواطنين بالكلية، حيث يتم كل عام قبول ما نسبته 15 % من الطلبة المواطنين في الكلية تخصص طب الأسنان والذين تتجاوز نسبهم المئوية 85 % تشجيعاً لهم، علماً بأن شرط القبول للطلبة الآخرين يجب ألا تقل النسبة عن 90 %، كما أنه تم قبول 184 طالباً وطالبة للعام الدراسي الجاري ونسبة المواطنين منهم 16 %.

وأضاف أن هناك 3 برامج للماجستير بالكلية، منها ماجستير طب الأسنان الترميمي وبرنامج ماجستير طب أسنان الأطفال وبرنامج ماجستير العلوم في المداواة اللبية السنية، مبيناً أن نسبة الطلبة المواطنين الدارسين في الماجستير تبلغ 60 % من مجموع الطلبة، الأمر الذي يدل على أن لديهم الرغبة في التحصيل العلمي في التخصصات الطبية حتى يتمكنوا من تلك المهنة، فينعكس أداؤهم الجيد على مجتمعهم.

ولفت إلى أنه تم دعم عيادات الكلية بـ30 كرسياً جديداً ليصبح العدد 180 كرسياً، ما يؤدي إلى استيعاب عدد كبير من المرضى الذين تقدم اليهم العلاجات مجاناً، حيث تستقبل العيادات يومياً 500 مريض ومريضة.

تقنيات حديثة

وقال الدكتور سالم بوفناس إن الكلية تشجع الكادر الطبي المواطن للتدريس بالكلية، وأن هناك مواطنين من الكفاءات وحملة الدكتوراه والماجستير متعاونين معنا في عملية التدريس، كما أن الكلية تسعى إلى مواكبة كل ما هو جديد في طب الأسنان بصورة دورية، كما سوف تنتقل قريباً من الممارسات التقليدية إلى تبني الممارسات ذات التقنية الحديثة والولوج إلى العالم الرقمي الأمر الذي يتطلب دورات تدريبية عالية للطاقم العامل في الكلية والذين يتجاوز عددهم 100، منهم 42 كادراً تعليمياً أساسياً من حملة الدكتوراه والماجستير و60 من الكادر المساعد، إضافة إلى الكادر الفني، مبيناً أنه تم تطوير معامل الدما التماثلية بإدخال التقنية الحديثة عليها، كما تم تركيب 21 مجهراً مكبراً لتعليم الطلبة كيفية استخدام افضل التقنيات لعلاج الأسنان بشكل دقيق.

نشاطات بحثية

ولفت بوفناس إلى أن الكلية لديها نشاطات بحثية، حيث زادت الأبحاث بنسبة 30 % عن العام الماضي، وتشرف على أكثر من 80 بحثاً سنوياً يقوم بإعدادها الهيئة التدريسية، إضافة إلى طلبة السنوات النهائية بإشراف الأساتذة بالتعاون مع مؤسسات داخل الدولة، إضافة إلى المشاركة في المؤتمرات المحلية والدولية، وعقد المؤتمرات العلمية الدولية بالتعاون مع الكلية الملكية للجراحين بأيرلندا بمشاركة أساتذة كبار من جميع دول العالم.

وأضاف أنه تم اعتماد برنامج ماجستير العلوم في طب أسنان الأطفال من هيئة الاعتماد الأكاديمي التابعة لوزارة التربية والتعليم في الدولة لطرحه ضمن برامج كلية طب الأسنان، ليضاف إلى برامجها المعتمدة في درجتي البكالوريوس والماجستير.

وذكر أن البرنامج يتمتع بالجودة التي تنشدها جامعة عجمان، وأنه يتألف من 67 ساعة معتمدة، ويأتي في إطار استراتيجية الكلية بطرح برامج جديدة تمكن أطباء الأسنان في دولة الإمارات على وجه الخصوص والمنطقة عموماً من متابعة دراستهم العليا والتخصص في العلاجات السنية المختلفة للأطفال والذي يعد من التخصصات المطلوبة في هذا المجال.

أبرز التخصصات التي تعاني فيها الدولة نقصاً شديداً

أكد أطباء أن أبرز التخصصات الطبية التي تعاني فيها الدولة من نقص شديد تشمل الأمراض الوراثية والأعصاب وأعصاب الأطفال وغدد الأطفال والعناية المركزة، وجراحة أعصاب الأطفال والجراحين المتخصصين في الوجه والفكين والجهاز الهضمي، وقلب تداخلي أطفال، وأمراض العظام للكبار والأطفال، وطب الطوارئ وجراحة الأورام السرطانية المتقدمة وغيرها، مشيرين إلى أن فكرة تعيين طبيب عام يقوم بعلاج كل الأمراض ولت إلى غير رجعة، وبات يتطلب من الطبيب مواصلة دراسة التخصصات الدقيقة إذا كان يريد أن يكون ناجحاً في المستقبل.

وأشاروا إلى ضرورة التدخل المبكر من خلال تطوير برامج الإرشاد الأكاديمي لتكون أكثر تحفيزاً وتشجيعاً لجذب الطلبة لدراسة الطب والعلوم الصحية، وزيادة الاهتمام بالطلبة خلال مراحل الدراسة لتنمية مهاراتهم واكتشاف ذاتهم وميولهم في وقت مبكر، قبل الالتحاق بمرحلة الثانوية العامة، وعقد شراكة بين القطاعين العام والخاص لتبني الطلبة ورعايتهم حتى الالتحاق بكليات الطب والعلوم الصحية، والتوسع في برامج المنح الدراسية الخاصة بهذه التخصصات.

وقالوا: إن الحاجة للكوادر الطبية والفنية لن تتوقف طالما هناك نمو سكاني وتوسع جغرافي وأمراض مزمنة ومستعصية تستنزف الطاقات والإمكانيات، وهو ما يحتم على القائمين على التخطيط توجيه أبنائنا وبناتنا للالتحاق بالكليات الطبية في الدولة، وتشجيعهم على مواصلة مسيرتهم التعليمية في التخصصات الدقيقة التي أصبحت مطلوبة في كل دول العالم، فطبيب الأسنان الذي كان يعالج في السابق جميع مشكلات الأسنان لم يعد مقبولًا هذه الأيام، فهناك متخصصون في اللثة والجذور والتقويمات والتركيبات وكذلك الحال مع باقي التخصصات الطبية.

وكانت دراسة أعدتها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية قد كشفت أن التخصصات الأكثر طلباً من الجهات الاتحادية هي التخصصات الطبية والطبية الفنية والتخصصات التعليمية للذكور هي المحاسبة وإدارة وتطوير الموارد البشرية والقانون وشبكات الحاسب الآلي والإحصاء.

برنامج

أطلقت هيئة الصحة في دبي برنامج «طب وعلوم» لاستقطاب المواطنين لدراسة الطب والمهن الطبية المساندة، ويضم البرنامج جملة من الإجراءات التحفيزية، منها المنح الدراسية ومميزات عدة للطلبة أثناء الدراسة مع التعيين الفوري برواتب مجزية عقب التخرج، مع إمكانية ابتعاث الطلبة لمواصلة دراساتهم العليا في التخصصات الطبية مستقبلاً، إيماناً من الهيئة بأن هذه المهن هي إحدى الركائز المهمة التي تعتمد عليها الرعاية الصحية.

وجاء البرنامج بهدف تلبية توجيهات القيادة الرشيدة، وذلك بالاهتمام بالتنمية البشرية المواطنة وإعداد جيل قادر على تحمل المسؤولية، وخاصة في المهن الطبية، وإعداد كوادر مهنية مواطنة في القطاع الصحي تلبي احتياجات المجتمع الإماراتي، فضلاً عن تعزيز المهن والتخصصات الطبية والتمريضية داخل الدولة، وخاصة في إمارة دبي، وتعزيز مفهوم الرعاية الصحية والوقائية بما يتناسب مع أعلى المعايير العالمية من خلال إعداد كوادر مواطنة ذات كفاءة عالية.

1000

أسهمت كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة الإمارات في رفد المؤسسات الطبية والرعاية الصحية بخبرات وطنية، كونها أول كلية جامعية قامت بتدريس العلوم الطبية في الدولة، واحتفلت هذا العام بتخريج الطبيب المواطن رقم 1000، حيث يتولى الأطباء المواطنون من خريجي الكلية مواقع القيادة والإشراف على إدارة العديد من المؤسسات في مختلف المواقع الصحية في الدولة ويشكلون قاعدة أساسية لتلك المهنة. وأُعلن رسمياً عن إنشاء الكلية في عام 1984م، حيث فتحت الكلية أبوابها للدفعة الأولى من الطلبة عام 1986، وشهدت الكلية تطوراً كبيراً، فبعد أن كانت تقبل في كل عام 50 طالباً، أصبحت الآن تقبل ما بين 120-150 طالباً، حيث قامت الجامعة بتطوير وتحديث سياسة القبول في الكلية، وقد تقدم لاختبارات القبول هذا العام أكثر من 600 طالب من خريجي الثانوية العامة، أجريت لهم المقابلات الشخصية والاختبارات العامة في المواد التخصصية، حيث تم ترشيح 150 طالباً للقبول النهائي.

10

أكد الدكتور سهيل الركن أن أحد الأسباب التي تواجه بعض المواطنين في التخصصات الطبية النادرة تتمثل في صعوبة وطول مدة الدراسة مقارنة مع المردود المالي الضعيف خلال فترة الدراسة والتخصص، إضافة إلى مشوار الترقيات الطويل للطبيب.

وذكر أنه أمضى 16 عاماً خارج الدولة وهو يدرس الطب وتخصص الأعصاب في كندا وهو وقت طويل جداً إذا ما قورن بدراسة الهندسة والعلوم.

وأوضح أن الإمارات ما زالت بحاجة ماسة إلى كل التخصصات بشكل عام ولكن هناك تخصصات تعاني من شح وندرة الأطباء المواطنين ومنها جراحة الأعصاب والقلب والجينات والطب النووي وطب الأشعة والتخدير والعناية المركزة وطب الطوارئ، لافتاً إلى أن عدد أطباء الأعصاب في الدولة ما بين استشاري ومتخصص ومتدرب بلغ 10 أطباء فقط وهو عدد قليل جداً لما يتطلبه السوق.

824 إماراتياً مسجلون في «الإمارات الطبية»

كشفت الدكتورة موزة الشرهان، رئيس جمعية الإمارات الطبية، أن عدد الأطباء المواطنين المسجلين في الجمعية وصل إلى 824 طبيباً وطبيبة حتى نهاية أكتوبر 2019، منهم 513 طبيبة و311 طبيباً، مشيرة إلى أن هناك أكثر من 40 شعبة علمية تخصصية تعمل تحت مظلة الجمعية لتحقيق رؤية الجمعية في حصول العاملين بالمجال الطبي في الدولة على الفرص التعليمية والتدريبية لمواكبة كل ما هو جديد وإعداد كوادر صحية تشارك بفاعلية في بناء المجتمع، والارتقاء بالمستوى الصحي والاجتماعي في الدولة.

وأضافت: قياساً بأعداد المواطنين والمقيمين المسجلين في الجمعية لعام 2018، فقد وصل عدد الأطباء المواطنين الأعضاء 8.7 % من إجمالي الأعضاء المسجلين في الجمعية، حيث بلغ إجمالي الأطباء المسجلين في الجمعية 7461 طبيباً وطبيبة، منهم 649 طبيباً مواطناً، وبزيادة 5% عن العام الذي سبقه 2017، والذي بلغ إجمالي الأطباء المسجلين في الجمعية 6878 طبيباً وطبيبة، منهم 618 طبيباً مواطناً.

وقالت رئيس جمعية الإمارات الطبية، إن الجمعية تشجع التحاق المواطنين في المهن الطبية والمهن الصحية المساندة لتأهيل أطباء أكفاء على مستوى مهني عالٍ، قادرين على خدمة المجتمع الطبي في الدولة.

المنح الدراسية والابتعاث  يسهمان في حل المشكلة

قالت الدكتورة وديعة شريف مديرة إدارة التعليم الطبي والأبحاث في هيئة الصحة في دبي، إن شعبة الدراسات العليا والبعثات تحث الموظفين المتميزين والمطابقين لقانون الموارد البشرية لحكومة دبي لاستكمال دراساتهم العليا في التخصصات المطلوبة والنادرة، وذلك لتشجيعهم على تنمية فكرهم والاستفادة منهم مستقبلاً كعائد مثمر للهيئة، لافتة إلى أن المنح الدراسية والابتعاث يساهمان في زيادة الكوادر المواطنة في التخصصات الطبية الدقيقة.

وأوضحت أن الابتعاث الدراسي لخارج الدولة بدأ منذ عام 1998 بمختلف الدول والجامعات والتخصصات، حيث تم حتى عام 2002 ابتعاث 52 طبيباً، ومن عام 2003 وحتى 2007 نحو 50 مبتعثاً، ومن عام 2008 ولغاية عام 2017 نحو 48 مبتعثاً، وفي عامي 2018 و2019 نحو 16 مبتعثاً لمواصلة دراساتهم العليا في التخصصات الطبية النادرة والدقيقة، بمعنى أن الهيئة استثمرت لغاية الآن بأكثر من 202 طبيب، منهم 186 طبيباً يعملون الآن في الهيئة بمختلف مستشفياتها.

وبينت أن اختيار الدول التي يتم إرسال المبتعثين الأطباء إليها يتم اختيارها بدقة ووفقاً لمكانتها العالمية، مشيرة إلى أن هناك العديد من الدول التي تم الابتعاث إليها في التخصصات الطبية والإدارية شملت بريطانيا وكندا والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية وفرنسا وألمانيا وإيرلندا وإيطاليا والأردن وسنغافورة والسويد وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية.

وأكدت الدكتورة وديعة أن المنح الدراسية والابتعاث مهمة لتشجيع وتحفيز موظفي هيئة الصحة بدبي، ما يعكس الدور الإيجابي للهيئة والانتفاع من الخبرات والمهارات المكتسبة من المبتعثين لتطبيقها وتطوير سير العمل في الهيئة.

ضرورة تكثيف الجهود الحكومية والخاصة ودعم الإرشاد الأكاديمي

أكد الدكتور جورماهادفا راو رئيس جامعــة رأس الخيمة للطب والعلـــوم الصحية، أن عزوف المواطنين والمواطنات عن دراسة التخصصات الطبية النادرة، أصبح ظاهرة عامة، تحتاج إلى تكثيف الجهود الحكومية والخاصة، لا سيما للفئة المستهدفة من طلاب الثانوية، ودعـــم برامـــج الإرشاد الأكاديمي، بهدف تلبيــــة احتياجات السوق من التخصصـــات المستقبلية، وإيجـــاد التوازن بيــــن سوق العمل واحتياجات المجتمع.

وبيّن أن عزوف المواطنين عن الالتحاق بدراسة تخصصات الطب والعلوم الصحية، يعود إلى عوامل مباشرة، وأخرى غير مباشرة، منها اشتراطات القبول في كليات الطب التي تناسب الحاصلين على معدلات عالية في الشهادة الثانوية، وظهور تخصصات أخرى جديدة، تنافس كليات الطب والعلوم الصحية، والتي يراها الطالب أكثر سهولة وإقناعاً.

وأشار إلى أن جامعة رأس الخيمة للطب والعلوم الصحية، أسسها صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، بهدف تطوير رأس المال البشري، ودعم المنظومة التعليمية لأبناء الدولة، وتوفير الأمان المعيشي للمقيمين في استمرار أفراد العائلة لاستكمال حياتهم في الإمارات، دون الحاجة للمغادرة، حيث توفر الجهات الداعمة، ومنها برنامج الشيخ صقر للتميز الحكومي، ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، المنح الدراسية لتشجيع الطلبة على دراسة الطب والعلوم الصحية، واستكمال الدراسة الجامعية.

قلة الكوادر الطبية تدفع المرضى للعلاج في الخارج

رأى الدكتور عبد الغفار عبد الغفور أستاذ الطب في جامعة الخليج الطبية ووكيل وزارة الصحة المساعد الأسبق أن موضوع التخصصات الطبية الدقيقة مشكلة ليس لدولة الإمارات فحسب، وإنما في جميع دول العالم خاصة أن مثل هذه التخصصات بدأت منذ سنوات قليلة، مشيراً إلى أن نقص الكوادر الطبية يدفع المرضى للعلاج في الخارج.

وقال إن المجلس الطبي يجب أن يكون لديه دراسة ميدانية شاملة لعشر سنوات مقبلة بالتخصصات الطبية التي نحن في أمس الحاجة لها، ويجب أن تكون هناك حوافز للأطباء الراغبين في هذه التخصصات تختلف من تخصص إلى آخر.

وتابع: «معظم الأطباء يلجأون إلى التخصصات الأسهل مثل الجلدية وطب الأسرة لأسباب أنها تخلو من المناوبات الليلية، في حين ما زال لدينا نقص حاد جداً في التخصصات الطبية الدقيقة مثل جراحة الأعصاب والقلب والأوعية الدموية والجراحات التجميلية الترميمية والفك والرأس والشبكية وجراحة أعصاب الأذن وطب الأطفال الخدج والتخدير والطوارئ وأورام الرأس، ومثل هذه التخصصات يجب أن تكون رواتبها أعلى من التخصصات الأخرى، لأن فرص العمل لديهم في القطاع الخاص أقل مما هو متاح للأطباء الآخرين، ومن هنا نلاحظ أن هناك عزوفاً من قبل الأطباء المواطنين للتخصصات الطبية، التي يقتصر مجال العمل بها على المستشفيات الحكومية».

وأضاف: «يجب أن تكون لدينا خطط واستراتيجيات واضحة حول التخصصات المطلوبة، وابتعاث الأطباء يجب أن يتم وفقاً لاحتياجات الجهات الصحية، كما أن سياسات التعيين يجب أن تركز على التخصصات الطبية الدقيقة في القطاعين العام والخاص، لأننا وصلنا إلى مرحلة تشبع في بعض المجالات وما زلنا نعاني في مجالات أخرى».

بدوره أكد الدكتور أكرم الشامس عضو هيئة التدريس وعميد كلية الصيدلة بالإنابة في جامعة عجمان أنه يتم سنوياً قبول 100 طالب وطالبة بكلية الصيدلة لدرجة البكالوريوس، وأن نسبة الطلبة المواطنين منهم 4 %، كما يتم قبول 20 طالباً سنوياً لماجستير الصيدلة السريرية نسبة المواطنين منهم 20%.

وبين أنه لا يوجد إقبال كبير من الطلبة المواطنين لدراسة الصيدلة لأن في اعتقاد الكثير من أولياء الأمور أن الخريج سوف يمتهن بيع الأدوية فقط في الصيدليات، إضافة إلى اعتقاد بعض الطلبة أن الصيدلة تخصص أصعب كثيراً بالنسبة للتخصصات الأخرى نسبة لدخول مادة الكيمياء، كما أن الدراسة باللغة الإنجليزية تعد عائقاً للكثير من الطلبة إلى جانب أن الرسوم الدراسية تتراوح ما بين 50 – 60 ألف درهم أي نحو 250 ألف درهم في 4 سنوات، الأمر الذي يحول دون دخول الكثير من الطلبة من ذوي الدخول المحدود للكلية.

توصيات

وضع استراتيجية اتحادية موحدة لتوجيه المواطنين إلى دراسة التخصصات الطبية النادرة

الإسراع في إنشاء البورد الإماراتي لمواكبة التطورات السريعة التي يشهدها القطاع الطبي في الدولة

تقديم حوافز تشجيعية وحافز إضافي للأطباء الذين يقتصر دورهم في العمل على المستشفيات

توقيع اتفاقيات مع جامعات عالمية لتدريب الأطباء المواطنين داخل الدولة

زيادة الرواتب والمخصصات المالية للأطباء بالتخصصات الدقيقة ومراجعة نظام الترقيات

تطوير برامج الإرشاد الأكاديمي لتكون أكثر تحفيزاً وتشجيعاً لجذب الطلبة لدراسة الطب

Email