اقتحمن مهنة «التفتيش الأمني» بعد احتكارها من الرجال

مواطنات يكشفن غموض الجرائم بالكلاب البوليسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

«كل حكاياتي معه، حتى أسراري، وأدق تفاصيل حياتي، الصغيرة منها والكبيرة، التي لم أحكها لأحد، أفضفض له بكل ما يجول في قلبي وخاطري، سواء أكانت يومياتي في العمل أم في المنزل، حتى هاتفي، تمتلئ سعته بصوري الخاصة التي تجمعني به، إنه صديقي الوفي «ديجمالا»، انظري إليه قد يبدو للوهلة الأولى أنه مخيف، إلا أنكِ عندما تقتربين منه لن يؤذيك أبداً».. تقول شريفة آل علي، فيما تراقب فاطمة إبراهيم حركة «بيتي» التي لا تهدأ، وتقول إنه ذكي جداً، ويستطيع التعرف إلى المتفجرات ويساعدني في تأمين المراسم والمؤتمرات الكبيرة، تربت على ظهره فتهدأ حركته، وتقول: «هذه لغة خاصة بيني وبينه».

تقترب مها سالم مع «فاكلس» من صديقاتها، مبتسمة، وتقول: «كانت لدي فوبيا من هذه الفصيلة، لكن عندما دخلت هذا العالم تخلصت من هذا الشعور، وتعلمت الصبر وسرعة البديهة».

شريفة وفاطمة ومها.. ثلاث إماراتيات يشكلن فريقاً نسائياً لتدريب الكلاب البوليسية في إدارة التفتيش الأمني الـK9 بشرطة دبي، لكل منهن حكاية مع كلبها، الذي تقوم بتدريبه لأداء مهامهن الوظيفية، فإلى حكاياتهن مع «ديجمالا»، و«بيتي»، و«فاكلس».

8 سنوات

التحقت الرقيب فاطمة إبراهيم بقسم المتفجرات منذ 8 سنوات، في البداية لمستْ نظرات استغراب من المجتمع المحيط بها كونها امرأة، واقتحمت مجالاً يراه البعض للرجال فقط، خاصة لما يجوبه من خطر، لكنها أرادت أن تثبت لهم من خلال تفوقها في عملها أنها ناجحة، وأن المرأة الإماراتية قادرة على العمل في جميع المجالات، بفضل ما تقدمه لها القيادة الرشيدة من دعم كبير.

وعن طبيعة عملها تقول: أقوم بتأمين مواقع الفعاليات المهمة، والمؤتمرات الكبرى، والمعارض التي تستضيفها الدولة، والتي يوجد فيها كبار الشخصيات المهمة، حيث يتم التفتيش قبل الحدث بحوالي ساعتين لنتأكد تماماً أنه آمن.

علاقة فاطمة بالكلاب وطيدة للغاية، فقبل 6 أشهر استلمت كلبة جديدة اسمها «بيتي»، فيصلتها مالينو، تصفها بأنها ذكية وتسمع كلامها، فهي تستطيع أن تعرف احتياجات وطلبات المدرب من نظرة العين، حتى دون أن تلجأ للإشارة لها، كذلك من ناحية المدرب يستطيع أن يتعرف من الأصوات المتباينة للكلب على احتياجاته، وفي منزلها تربي أنواعاً عديدة من الكلاب.

أنواع مختلفة

كانت العريف أول، شريفة آل علي ترى والدها وهو يدرب الكلاب، وتسمع عن مهماته وبطولاته التي يقوم بها، فتعود إلى غرفتها وتنظر إلى النجوم التي تتلألأ في السماء، وتتمنى من صميم قلبها أن تصبح حينما تكبر مثل والدها، ليأتي اليوم الذي تلتحق فيه بإدارة التفتيش الأمني k9 وتحديداً قسم المخدرات، هذا العمل الذي تشعر خلاله بسعادة ومتعة كبيرتين، خاصة حينما تحقق هدفها.

وتذكر آل علي آخر مهمة عمل شاركت فيها، وكانت عبارة عن تفتيش مركب صيد في عرض البحر، وجدت فيها بعد تفتيشها كمية كبيرة من المخدرات، وتم القبض على المهربين. منزل شريفة يحوي عدداً كبيراً من الكلاب بأنواع مختلفة، وفي عملها تدرب كلبة اسمها «ديجمالا» تعاملها بلطف، فتجد هاتفها الخلوي يحوي العديد من الصور التي تجمعها بها.

فريق العمل

في البداية كانت تخشى الشرطية مها سالم من الكلاب كثيراً، ولكنها استطاعت التغلب على خوفها من خلال مساندة المدربين وفريق العمل في إدارة التفتيش الأمني، مشيرة إلى أنه من خلال عملها تعلمت الصبر وقوة التحمل وسرعة البديهة، وأصحبت فخورة بطبيعة عملها وما تحققه من نجاحات متتالية، تدعوها إلى بذل جهود أكبر في المستقبل، فهي لم تشعر يوماً بالإرهاق أو التعب من عملها، لأنه تؤدي دوراً مهماً في حفظ أمن وسلامة مجتمعها.

إنجازات نوعية

يؤكد مدير إدارة التفتيش الأمني، الرائد صلاح خليفة المزروعي، حرص القيادة العامة لشرطة دبي على تمكين المرأة في المجال العسكري، عملاً بتوجيهات اللواء عبد الله خليفة المري، القائد العام لشرطة دبي، التي تستهدف فتح الأبواب أمام المواطنات للالتحاق بالمجالات العسكرية كافة، مشيراً إلى أن العنصر النسائي أثبت مهارة وتفوقاً في إدارة التفتيش الأمني، سواء في المهام الميدانية أو العروض المدرسية، منوهاً إلى أنه سيتم زيادة الأعداد في السنوات المقبلة.

ويقول: تجربة الإمارات في مجال تمكين المرأة وريادتها أصبحت نموذجاً يحتذى لكثير من الدول الأخرى ليس فقط لما حققته المرأة الإماراتية من إنجازات نوعية، وإنما من طبيعة الأدوار المختلفة التي تقوم بها، فهي اليوم وزيرة وسفيرة وجندية وطبيبة ورئيسة في المجلس الوطني، فقد أصبحت قصة نجاح يحتفى بها في العالم.

1628 مهمة

وأفاد الملازم أول خليفة السويدي، رئيس قسم المهام الأمنية، بأنه منذ بداية عام 2019 نفذت إدارة التفتيش الأمني 1628 مهمة تنوعت بين البحث عن المتفجرات والمفقودين والجثث وعمليات الكشف عن المخدرات ومسببات الحرائق، مؤكداً أن جميع المهام تمت بنجاح.

Email