65 مليار درهم أرباح 113 شركة نسب الإماراتيين في 51 منها دون %10 و22 دون %5

نصف الشركات المُدرجة لا تخضع لالتزامات التوطين

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهر مسح لـ«البيان الاقتصادي» اقتراب أرباح 113 شركة مدرجة في أسواق المال المحلية من حاجز 65 مليار درهم في عام 2018، حصل أعضاء مجالس إدارات 58 شركة منهم على مكافآت قدرها 288 مليون درهم، في وقت انخفضت نسب التوطين في نحو نصف هذه الشركات دون 10%، وهو ما طالب معه خبراء اقتصاديون بضرورة وضع تشريع أو نظام لربط نسب التوطين بحجم الأرباح المحققة، بحيث يتناسب التوطين طردياً مع ما تحققه الشركات من أرباح، أسوة بالبنوك التي تعتمد استراتيجية التوطين فيها بشكل كبير على الأرباح التشغيلية، أي كلما ارتفعت أرباح البنك ارتفع عدد النقاط المستهدفة.

ووفق نتائج المسح، فإن هناك 48 شركة تأمين وبنكاً تخضع لنظام خاص بالتوطين مطبق من قبل هيئة التأمين ومصرف الإمارات المركزي، بنسبة 43% من إجمالي 113 شركة مدرجة في السوق الرئيس والثاني، بينما لا تخضع 65 شركة وبنسبة 57% لأية أنظمة أو التزامات في ما يتعلق بالتوطين.

وتوضح نتائج المسح أن هناك 76 شركة التزمت بالإفصاح عن نسب التوطين في تقارير الحوكمة بنسبة تراوحت بين 0% و74%، بينما لم تتح بيانات التوطين الخاصة بنحو 36 شركة وبنكاً. ووفق المسح، لم توظف ثلاث شركات أي مواطنين وسجلت 6 شركات نسبة أقل من 1%، بينما انخفضت نسب التوطين في 51 شركة دون 10% و22 شركة دون 5%.

في حين احتلت شركات «أدنوك للتوزيع» (74%) وأبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة» (65%) و«سوق دبي المالي» (58%) و«اتصالات» (47%) و«تبريد» (39%)، و«دو» (34%)، موقع الصدارة باعتبارها أكثر الشركات توظيفاً للمواطنين.

وتشير نتائج المسح إلى التزام 76 شركة مدرجة بالإفصاح عن تقرير الحوكمة الذي يكشف عن نسب التوطين، ولم تتح تقارير 18 شركة على الموقع الإلكتروني لسوق دبي المالي أو سوق أبوظبي للأوراق المالية، كما لم يصدر 18 مصرفاً تقارير للحوكمة أسوة ببقية الشركات المساهمة العامة، إذ يعتزم المصرف المركزي إصدار نظام شامل لحوكمة البنوك.

ولم تحصل مجالس إدارات 32 شركة، بحسب المسح، على مكافآت عن عام 2018، حققت أغلبها خسائر أو تراجعاً في الأرباح، فيما لم تتح البيانات الخاصة بمكافآت 10 شركات أخرى، ولم تعلن مكافآت غالبية البنوك حيث لا تصدر تقارير للحوكمة.

وتقرير الحوكمة، بحسب وصف هيئة الأوراق المالية والسلع، هو التقرير الموقع من قبل مجلس إدارة الشركة والمقدم إلى الهيئة سنوياً، أو عند الطلب خلال الفترة المحاسبية التي يشملها التقرير، أو عن فترة لاحقة حتى تاريخ نشر التقرير السنوي، الذي يجب أن يتضمن كل البيانات والمعلومات الواردة في النموذج الذي يصدر من الهيئة، مثل آلية استكمال نظام الحوكمة وكيفية تطبيقها، وتفاصيل وأسباب أي تعويضات وبدلات تقاضاها كل عضو من أعضاء مجلس الإدارة.

نظام للتوطين

وتعليقاً على مسح «البيان الاقتصادي»، طالب خبراء واقتصاديون، بضرورة إلزام الشركات المدرجة بنظام للتوطين على غرار نظام النقاط المطبق في قطاعي المصارف والتأمين في الدولة، مشيرين إلى أن الشركات المساهمة العامة يجب أن تقوم بدورها في توظيف المواطنين وتوفير فرص عمل مناسبة لهم بحيث يشكل التوطين كفة الميزان في تحديد حجم مكافآت مجالس الإدارات.

حوافز مشجعة

وفي الوقت ذاته، رأى بعض الخبراء والاقتصاديين أن إلزام الشركات المدرجة بنظام للتوطين لن يكون مجدياً في الوقت الراهن ولكن يمكن في المستقبل وضع قوانين وتشريعات ملزمة لتلك الشركة بعد دراسات مستفيضة ومتعمقة للوقوف على طبيعة كل قطاع وربحية كل شركة، وأيضاً توفير الحوافز المشجعة للشركات والتي تشمل تسهيلات أو إعفاءات.

وأوضحوا أن نظام التوطين في القطاع المصرفي رغم تطبيقه منذ فترة طويلة لكن لا تزال الأرقام والإحصائيات دون المأمول، إذ تشير أحدث البيانات إلى أن نسبة التوطين في المصارف العاملة بالدولة، انخفضت إلى 25.5% من القوى العاملة في المصارف بنهاية النصف الأول من 2019، مقارنة مع 2018، حيث كانت النسبة 26.1%، كما فقدت 233 مواطنة وظائفهن لدى البنوك المحلية خلال النصف الأول من العام الجاري ليصل عددهم إلى 7099 مواطنة في نهاية يونيو 2019، مقارنة بنحو 7332 مواطنة في نهاية العام الماضي.

ويتيح نظام التوطين في القطاع المصرفي للبنوك خيارات عدة، تستطيع من خلالها تحقيق النقاط المستهدفة، إذ يمكن تحقيق نقاط أكثر عن طريق توظيف المواطنين في درجات وظيفية أعلى، وتزيد النقاط المحققة كلما ارتفعت الدرجة الوظيفية.وحسب النظام يحقق البنك نقطة واحدة للموظف الإماراتي في الدرجة غير الإدارية، وثلاث نقاط في الإدارة الوسطى، وخمس نقاط للإدارة العليا.

وتتضاعف هذه النقاط في حالة تعيين مواطن من أصحاب الهمم، هذا إضافة إلى الحصول على نقطتين في حال تعيين مواطن إماراتي في وظيفة حيوية كالاستثمار وإدارة المخاطر وغيرهما، كما يمكن تحقيق نقاط مقابل الاستثمار في تدريب وتأهيل المواطنين، وكذلك من خلال التزام الإدارة العليا للبنك تجاه تحقيق استراتيجية التوطين.

سبل أخرى

وجاءت آراء الخبراء والاقتصاديين متوافقة إلى حد كبير مع استطلاع رأي أجرته «البيان الاقتصادي» على شريحة واسعة من قرائها وروادها على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، إذ طالب 61% من المستطلع آراؤهم بضرورة ربط مكافآت مجالس إدارة الشركات المدرجة وأرباحها بنسب التوطين بعد انخفاضها بنحو ملحوظ وفق تقارير الحوكمة الصادرة حتى نهاية العام الماضي، فيما اختلف 39% مع الفكرة مطالبين بسبل أخرى.

وبحسب القوانين، تكون مكافأة أعضاء مجلس الإدارة نسبة مئوية من الربح الصافي للشركة على ألا تتجاوز 10% من تلك الأرباح للسنة المالية، كما يجوز أن تدفع الشركة مصاريف أو أتعاباً أو مكافأة إضافية أو مرتباً شهرياً بالقدر الذي يقرر مجلس الإدارة لأي عضو من أعضائه إذا كان ذلك العضو يعمل في أي لجنة أو يبذل جهوداً خاصة أو يقوم بأعمال إضافية لخدمة الشركة فوق واجباته العادية كعضو في مجلس إدارة الشركة.

وتخصم الغرامات التي تكون قد وقعت على الشركة بسبب مخالفات مجلس الإدارة للقانون أو للنظام الأساسي للشركة خلال السنة المالية المنتهية من مكافآت مجلس الإدارة، ويجوز للجمعية العمومية عدم خصم تلك الغرامات إذ تبين لها أن تلك الغرامات ليست ناتجة عن تقصير أو خطأ من مجلس الإدارة. كما يجب على لجنة الترشيحات والمكافآت أن تقوم بمراجعة المكافآت المقترح دفعها لأعضاء المجلس مرة على الأقل سنوياً.

إجراءات داعمة

وتأتي النسب المنخفضة للتوطين في الشركات المدرجة رغم الإجراءات الداعمة من الدولة لرفع مستوى مشاركة الكوادر المواطنة في سوق العمل، كإصدار القرارات الملزمة للمؤسسات العاملة في قطاعات محددة، كالقطاع المصرفي وقطاع التأمين، بتوظيف الكوادر المواطنة، بمعدلات سنوية تصل إلى 4%، وتحفيز الشركات والمؤسسات الخاصة على المشاركة في عملية التوطين، من خلال تحمّل الدولة جزءاً من المكافآت الشهرية التي يحصل عليها المواطنون العاملون في تلك المؤسسات، إضافة إلى تحمّل تكاليف التدريب المقدمة للموظف المواطن.

وتفرض القرارات الوزارية على أصحاب العمل في القطاع الخاص نظام النسب المحددة للتوطين في قطاعات معينة، بحيث يجب على كل شركة تستخدم أكثر من 100 موظف تعيين حد أدنى مشترط من مواطني الدولة في شركتها.

القطاع الخاص

ووفقاً للرؤية الاستراتيجية لحكومة الإمارات، قررت وزارة الموارد البشرية والتوطين، زيادة عدد الوظائف المقتصرة على مواطني الدولة في القطاع الخاص. ومن الأمثلة على ذلك القرار الوزاري رقم 710 لعام 2016 في شأن توطين مهنة مدخلي البيانات للشركات التي تستخدم أكثر من 1000 موظف.

وقالت الخبيرة المصرفية عواطف الهرمودي: إن إلزام الشركات المدرجة أمر ضروري وخصوصاً مع انخفاض نسب التوطين في غالبية هذه الشركات رغم وجود العديد من الكفاءات المواطنة التي تمتلك الخبرة للعمل في القطاع الخاص.

ورأت أنه يجب أن تكون هناك حوافز للشركات المدرجة التي تلتزم بنسب مرتفعة من التوطين وذلك عن طريق عمل جوائز سنوية لأفضل قطاع في التوطين وأيضاً أفضل شركة في التوطين، أو عن طريق تخفيض الرسوم أو إعفاءات من بعض الرسوم.

نسب متواضعة

من جهته، قال المحلل والخبير الاقتصادي وضاح الطه، عضو المجلس الاستشاري الوطني بمعهد «تشارترد» للأوراق المالية والاستثمار في الإمارات، إنه على الرغم من إلزام البنوك وشركات التأمين بنظام للتوطين، لكن لا تزال الأرقام والبيانات والنسب متواضعة ودون المأمول رغم مرور عدة سنوات على التطبيق.

ورأى أن إلزام جميع الشركات المدرجة على غرار البنوك والتأمين قد يكون حلاً جيداً ولكن يجب فرض نسب متفاوتة على كل قطاع بحسب طبيعة كل شركة وأدائها المالي وقدرته على تحقيق إيرادات وأرباح بشكل مستمر ومستدام، مشيراً إلى ضرورة منح الطالب الجامعي شهادة مزدوجة تكون أكاديمية ومهنية بما يؤهله للحصول على وظيفة في مجال تخصصه.

وذكر أنه من بين الحلول المجدية لعمليات التوطين في الشركات المدرجة هو تأسيس صندوق يكون هدفه الأساسي هو مساعدة الشركات على توظيف المواطنين، بحيث يمول هذا الصندوق من عدة جهات وتساهم الشركات المدرجة بجزء كبير من تمويله عن طريق استقطاع نسبة بسيطة من أرباحها.

دراسة عميقة

وقال الخبير الاقتصادي علي سعيد العامري، رئيس مجموعة «الشموخ» لخدمات النفط والغاز والتجارة والمقاولات العامة، إن إلزام الشركات المدرجة والمساهمة العامة بنسب توطين يحتاج إلى دراسة عميقة قبل التطبيق، واستطلاع رأي مختلف القطاعات العاملة، بحيث يتم الاتفاق على سبل زيادة التوطين في هذه الشركات.

وأوضح أن فكرة إلزام الشركات عن طريق قانون أو قرار لن تجدي في الوقت الراهن، موضحاً أنه على الرغم من تطبيق نظام للتوطين في البنوك، لكن بعض البنوك انخفضت بها نسب التوطين في الفترة الماضية.

تكاليف مرتفعة

من جانبه، قال رضا مسلم الشريك والمدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية والإدارية، إنه لا يوجد حتى الآن إلزام صريح للشركات المدرجة عدا البنوك وشركات التأمين، بنسب محددة للتوطين وبالتالي كان هناك انخفاض ملحوظ في معدلات توظيف المواطنين في تلك الشركات بحسب البيانات الرسمية.

وأوضح أن قانون هيئة الأوراق المالية وقانون الشركات التجارية لم يرد به نص صريح لإلزام الشركات بنسب معينة بالتوطين، إذاً لا يوجد حكم بإلزام تلك الشركات بنسب التوطين إلا إذا تم تعديل القوانين السابقة ووضع نص ملزم للشركات.

ورأى أن إلزام الشركات بنسب محددة للتوطين في الوقت الراهن لن يكون مجدياً ولن ينهي المشكلة حيث قد تلجأ العديد من الشركات إلى تعيين صوري للمواطنين لإظهار مدى التزامها بحيث لا تتحمل تكاليف إضافية مرتفعة تؤثر في ربحيتها في نهاية المطاف.

ولفت إلى أن الحل الأمثل هو دراسة وضع كل قطاع على حدة وأيضاً النظر في أداء الشركات المدرجة بحيث تظهر صورة كاملة عن الوضع المالي لكل شركة وبالتالي قد يتم إصدار قرار إداري غير ملزم للشركات ذات الأداء المالي القوي برفع نسب التوطين.

وذكر أن هناك حلاً آخر لعملية التوطين يتمثل في تأسيس صندوق حكومي يمول من أكتر من جهة، ومن بينها الشركات المدرجة بحيث تخصص من 1 إلى 2% من صافي دخلها – حسب وضعها المالي - لدعم الصندوق مدة عامين أو ثلاثة فقط، لحين وصول رأس مال الصندوق إلى 5 مليارات درهم يتم استثمارها بغرض إعانة التوطين.

حوافز

رأى علي العامري أن من بين الحلول التي قد تحفز الشركات على التوطين هو تحديد جملة من الحوافز تشمل تخفيضاً أو إعفاء من بعض الرسوم مقابل التوطين، وأيضاً تأسيس صندوق لدعم عمليات التوطين بحيث يتولى الصندوق دفع نسبة 30% من رواتب المواطنين في الثلاثة أعوام الأولى من توظيفهم بينما تدفع الشركة 70%.

نقاشات

قال وضاح الطه إن مسألة التوطين في الشركات المدرجة تحتاج إلى نقاشات معمقة حتى نصل لحلول مجدية مستدامة وبعيدة الأمد، موضحاً أن النقاشات يجب أن تشمل كافة الجهات العاملة في المنظومة بحيث توضح الشركات احتياجاتها لزيادة التوطين، وأيضاً تقوم الجهات الرقابية بتوفير الحلول لأي تحديات أو عقبات أمام تلك الشركات.

مخاوف من التوظيف الوهمي

قال محمد علي ياسين، الرئيس التنفيذي للإستراتيجيات والعملاء في شركة «الظبي كابيتال» المحدودة، إن مسألة تطبيق قانون أو إلزام على الشركات المدرجة بنسب محددة للتوطين لن يكون مجدياً حالياً، خصوصاً وأن هذه الشركات هدفها الأساسي هو الربحية، وبما أن أغلب التكاليف والمصاريف تكون في الأصول ثم الأفراد، فلن تلتزم تلك الشركات بالتوطين خصوصاً في ظل ارتفاع الرواتب.

ورأى ياسين أن قضية التوطين في الشركات المدرجة يجب أن تكون خطوة نابعة من الشركات ذاتها لتوظيف الكادر المواطن، وليس عن طريق الإلزام والفرض، حيث يحتاج الموضوع إلى دراسة كاملة ومستفيضة للوقوف على كافة نواحي المشكلة وحلها بشكل تدريجي.

ولفت إلى أن غالبية شركات القطاع الخاص تمر بالعديد من التحديات وتسعى إلى تقليص مصاريفها ونفقاتها، وبالتالي فإن تلك الشركات قد تلجأ حال إلزامها بنسب توطين محددة إلى عمليات توظيف وهمية للمواطنين، أو عن طريق التلاعب في أعداد المواطنين العاملين بالشركة بطرق عدة منها التشغيل الخارجي.

وشدد الرئيس التنفيذي للإستراتيجيات والعملاء في شركة «الظبي كابيتال»، على أهمية العمل على تأهيل الكادر المواطن حتى يصل إلى أعلى مستوى من الخبرة والكفاءة الوظيفية، عن طريق دورات تدريب في مختلف القطاعات، وأيضا العمل على زيادة الوعي بأهمية العمل في القطاع الخاص، خصوصاً وأن الكثير لا يفضل الوظائف في القطاع الخاص ويرى أن العمل في القطاع الحكومي أو شركات النفط سيكون أفضل من ناحية الرواتب والحوافز والأجازات.

وطالب ياسين بضرورة وضع خطة عمل هدفها زيادة التوطين في القطاع الخاص، بحيث ترتكز هذه الخطة على جمع معلومات عن كافة القطاعات من نواح مختلفة، وتحديد الوظائف التي تحتاجها الشركات خلال السنوات العشر المقبلة.

حرصا على تعميم الفائدة ننشر لكم صفحات البيان المخصصة بنظام " بي دي إف " ولمشاهدتها يكفي الضغط هنا

Email