«البيان» تفتح الـملف بجرأة رسالـة الموسم الجديد «8»

القطاع الخاص والتوطين.. عقدة قابلة للحل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقرت قيادات مجتمع الأعمال في الإمارات بأن معدلات التوطين في القطاع الخاص لا تزال متدنية في كثير من القطاعات ومعدومة في قطاعات أخرى، رغم أنه يعد شريكاً رئيساً في التنمية، وأن الجهود التي بذلت على مدار عقود لم تكن كافية لتلبية طموح المواطنين الذين يبحثون عن عمل، إلا أنهم أكدوا في الوقت ذاته أنها عقدة قابلة للحل، خاصة أن التوطين لا يمكن اعتباره ضريبة، بل هو واجب وطني تجاه الدولة التي وفرت البيئة المناسبة للشركات حتى تزدهر أعمالها.

وعلى الرغم من تشخيص قيادات مجتمع الأعمال مشكلة التوطين حسب رؤيتهم لها، بعيداً عما تررده أغلب شركات القطاع الحاص من مبررات غير مقنعة، تتعلق بأسباب مادية، وأخرى بعدم وجود كوادر مؤهلة لوظائف نوعية.

وأكدت القيادات أن التوطين واجب وطني يجب على الجميع الالتزام به، وقالوا إنه مثلما استفادت تلك الشركات من بيئة الأعمال التي وفرتها الحكومة لها والتي أسهمت في تعظيم أرباحها السنوية وارتقت بحجم أعمالها إلى مستويات غير مسبوقة، فإن هذا النجاح يفرض على تلك الشركات أن تفي بواجباتها والتزاماتها تجاه المجتمع، وترد الجميل إلى الدولة التي وفرت كل أسباب نجاح مشاريعهم، ويعد توظيف المواطنين أقل ما يمكن أن تقدمه.

وطرحت تلك القيادات الوطنية العديد من المقترحات المنطقية والمقبولة التي تسهم، من وجهة نظرهم، في وضع خطط واستراتيجيات جديدة تعزز التوطين، مؤكدين أن المواطنين نجحوا في إدارة الكثير من الشركات الناجحة بكفاءة واقتدار.

أكد ماجد سيف الغرير، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، ضرورة وضع إحصاءات دقيقة وواقعية حول المواطنين العاطلين عن العمل، بحيث يتم توضيح أعدادهم الحقيقية مع توفير بيانات حول مؤهلاتهم العملية والدراسية.

وشدد على ضرورة التفريق عند وضع هذه البيانات بين المواطنين الذين لا يشغلون أي وظيفة ويبحثون عن عمل، وبين أولئك الموظفين الراغبين بالحصول على وظيفة أفضل.

ودعا إلى ضرورة تغيير ثقافة العمل، بحيث تكون توقعات المرء أكثر واقعية تجاه الوظيفة خلال المراحل المهنية المبكرة، من حيث مستوى الرواتب والميزات الوظيفية وساعات العمل، مع ضرورة التمييز بين القطاع الخاص الذي يعمل على أسس تجارية بحتة مع ساعات عمل أطول، مقارنة مع الوظيفة الحكومية التي قد توفر ميزات أكثر وساعات عمل أقل.

تطور مهني

كما شدد على ضرورة التحلي بالإرادة والطموح اللازمين للعمل والتطور المهني، مع التحلي بالمرونة المطلوبة في بيئة العمل بالقطاع الخاص، مشيراً إلى أن الشركات الخاصة تتعامل مع المواطنين الموظفين لديها بأسلوب خاص للحفاظ عليهم ضمن فريق العمل وضمان نسبة التوطين لديها، لكن الشركات العالمية تحرص على المساواة بين فريق العمل من مختلف الجنسيات.

ولفت إلى أن تغيير ثقافة العمل يتطلب أيضاً التدريب العملي للطلاب خلال مرحلة الدراسة الجامعية، إذ يوفر لهم الالتحاق ببرامج تدريبية في شركات القطاع الخاص خلال فترة الصيف خبرة عملية تساعد على توسيع فرص توظيفهم بعد التخرج.

وبيّن الغرير ضرورة تعديل بعض القوانين والإجراءات الخاصة بعمل المواطنين، من ضمنها تسريع تعديل سجل المواطن لدى الهيئة العامة للمعاشات عند الانتقال من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص الذي يأخذ عادة عاماً كاملاً.

ولفت إلى ضرورة احتساب توظيف المواطنين الذين لا يحملون شهادة جامعية ضمن حصة التوطين لدى الشركات، وهو الأمر الذي لا يتم حالياً إذ يتم احتساب المواطنين الجامعيين فقط. وأكد الغرير أن إنتاجية المواطنين باتت تنافسية في سوق العمل بمختلف التخصصات والقطاعات، لافتاً إلى أن الكثير من الشركات والمؤسسات الناجحة يديرها المواطنون بكفاءة واقتدار.

أولوية استراتيجية

وقال أحمد رحمة المسعود، نائب رئيس مجلس إدارة «مجموعة المسعود»، إن المجموعة تضع عملية التوطين في مقدمة أولوياتها الاستراتيجية، إيمانا منها بأهمية الاستثمار في الطاقات الشابة باعتبارها عماد المستقبل، مشيراً إلى أن تحفيز عمليات التوطين قد تكون من خلال التركيز على عدة مجالات رئيسة، وعلى رأسها العمل على تنمية الشباب الإماراتيين المؤهلين لخدمة الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص مهنية وتدريبية للمواطنين في القطاعات التجارية.

وأضاف أن المجموعة تمضي قدماً في مساعيها لخلق بيئة عمل محفزة ومشجعة للطاقات المواطنة، واضعين نصب أعيننا توفير الفرص المهنية والتدريبية للمواطنين الإماراتيين عبر قطاعاتنا التجارية المتنوعة، كما نتطلع إلى الاستمرار بتوفير آفاق جديدة لزيادة معدل التوطين في القطاع الخاص، التزاماً منا بدعم مؤشرات الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021، في تدريب وتنمية الكوادر الوطنية وتفعيل مساهماتهم في بناء اقتصاد تنافسي معرفي مبني على الابتكار.

وأوضح أن «مجموعة المسعود» من المساهمين الفاعلين في إشراك الشباب الإماراتيين ضمن القطاع الخاص، مدعومين بمحفظة متكاملة من المبادرات النوعية والبرامج التدريبية، وعلى رأسها «برنامج التدريب الوظيفي للمواطنين الإماراتيين» الذي يمثل نقلة نوعية على صعيد تحديد وتطوير المواهب الواعدة والقدرات العالية لضمان تحقيق النجاح والتميز في المستقبل، حيث تكمن أهمية البرنامج في دوره المحوري في رعاية طلبة الجامعات ضمن تخصصات الهندسة الكهربائية والميكانيكية، من الراغبين في العمل في قطاعات السيارات والنفط والغاز والقطاع البحري.

أسباب عدة

ويرى محمد مصبح النعيمي، الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات «موارد للتمويل»، أن التراجع الكبير في معدلات التوطين في القطاع الخاص يعود إلى أسباب عديدة منها عزوف المواطن عن العمل في القطاع الخاص بوجه عام والمصرفي بوجه خاص، ناهيك عن أن هناك فئة كبيرة من الشباب المواطنين ليس لديهم الجدية في قبول العمل بالقطاع الخاص لمبررات منها المقبولة والمنطقية، مثل عدد ساعات العمل بالخاص مقارنة بالعمل في الحكومة وفارق الرواتب.

وأكد أهمية التنسيق في ما بين القطاع الخاص بكافة تصنيفاته، والحكومة في إحداث تغييرات جذرية على خارطة سوق العمل، وإيجاد حلول تقلص من الفروق فيما بين الخاص والحكومي في ما يخص الرواتب وساعات الدوام والامتيازات والعطلات، وكل ما من شأنه أن يجعل من القطاع الخاص بيئة جاذبة للعنصر المواطن لا بيئة منفرة.

وأضاف أنه لا بد من الإقرار بأن فرق الرواتب في ما بين الخاص والحكومة، يلعب دوراً كبيراً في هذا العزوف، لافتاً إلى أن هناك مؤسسات وشركات حكومية، ودوائر اتحادية تمنح رواتب عالية للمواطنين، ونجحت بالفعل في استقطاب المواطنين، إلا أنها تعد قلة أمام معظم مؤسسات القطاع الخاص، التي لا توافق أو تقارب رواتبهم مع رواتب المواطنين بالقطاع الحكومي.

ضعف الرقابة

وأوضح النعيمي أن ضعف التوطين بالقطاع الخاص يرجع أيضاً إلى ضعف الرقابة على تلك المؤسسات الخاصة غير الملتزمة بحصتها في التوطين، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك حزماً ومساءلة لتلك المؤسسات، فعلى سبيل المثال لا الحصر معارض التوظيف التي تنظم سنوياً، والمؤسسات الخاصة التي تتلقى آلاف طلبات التوظيف، لماذا لا تكون هناك لجان رقابية تشكل خصيصاً للتدقيق على كافة المؤسسات الخاصة التي شاركت بالمعرض والاطلاع على طلبات التوظيف التي تلقتها كل مؤسسة، ومعرفة هل تم بالفعل التعاطي مع تلك الطلبات والتواصل مع أصحابها، أم أنها مجرد تلقي طلبات أيام المعرض وبانتهاء أيام المعرض تحفظ الطلبات في صناديق.

وأكد أهمية توافر متابعة دورية على كافة مؤسسات القطاع الخاص وتقدم كل منها أعداد الوظائف الشاغرة في كل مؤسسة، وكم من تلك الوظائف الشاغرة شغلها عنصر مواطن وكم منها شغلها من غير المواطنين، والتأكد من أن هناك وظائف يصعب شغلها من قبل العنصر المواطن ما يدفع تلك المؤسسات للاستعانة بغير المواطنين أم لا، لافتاً إلى أنه لا بد من أن يكون هناك حساب وجزاء جاد، بحيث تحاسب المؤسسة غير الملتزمة ويتم مكافأة الملتزم، كأن يعفى الأخير من أية رسوم تُحصل من المؤسسات الخاصة، وتُحصل رسوم مضاعفة من المؤسسات غير الملتزمة، مع امتيازات للملتزمين يحرم منها غير الملتزمين.

وقال: للتغلب على هذا العزوف من قبل المواطنين للعمل بالقطاع الخاص، يقترح النعيمي عدة خطوات من شأنها التغلب على هذا العزوف منها على سبيل المثال لا الحصر: أن يكون هناك إلزام لمؤسسات القطاع الخاص والتي تحقق أرباحاً سنوية توزع منها على مساهميها، أن يكون نصيب الموظف المواطن مما يوزع سنوياً على الموظفين في صورة أرباح أو ما يسمى «بونص» أن يكون نصيب المواطن منها ضعف نصيب غير المواطنين.

قضية مهمة

وشدد نجيب الشامسى، الخبير الاقتصادي، على أن قضية التوطين يغيب عنها بعد «القضية المحورية» المرتبط بالأمن الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي في مجتمع الإمارات ولذلك تراوح القضية مكانها منذ سنوات.

وقال: الأرقام التي نشرت عن التوطين في الشركات المدرجة في أسواق المال كانت مخيبة، وهذا لا يتناسب مع دور القطاع الخاص سواء الوطني أو الأجنبي، وخاصة أن الحكومات تعول عليه بقيادة قاطرة التنمية في الدولة.

وأضاف: لا بد من أن تتبنى المجالس العليا في الدولة قضية التوطين وتصدر قرارات على أعلى المستويات بإلزام القطاع الخاص بالتوطين وفقاً لنسب محددة خلال فترات زمنية محددة، وألا يكون الهدف هو توظيف المواطنين فقط، بل تمكينهم عبر تأهيلهم ليكونوا أصحاب مناصب قيادية ويكونوا بالفعل أصحاب القرار في القطاع الخاص وليسوا موظفين في وظائف دنيا.

وطالب الشامسى بفرض عقوبات قوية على الشركات الخاصة غير الملتزمة بنسب التوطين التي تحددها الحكومة، وألا تكون هذه الغرامات مالية فقط، بل تتعداها إلى حرمان هذه الشركات المخالفة من تنفيذ المشاريع وعدم تجديد الرخص التجارية وغيرها.

منظومة حوافز

وأكد حمد العوضي، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، ضرورة وضع منظومة حوافز حكومية للتوطين في القطاع الخاص، مشيراً إلى أهمية أن تتنوع هذه الحوافز بين المادية والمعنوية، وأن يتم تنفيذ هذه المنظومة بشكل مرحلي.

واقترح أن تمنح الحكومة حوافز للشركات الخاصة الملتزمة بنسب توطين سنوياً جيدة مثل الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة، أو الإعفاء من الرسوم الحكومية، أو دعم الشركات مادياً لتستطيع منح رواتب أعلى للمواطنين إلى أن تتحسن أوضاعها المالية بشكل أفضل.

وأكد ضرورة تغيير النظرة للتوطين بأنه إحلال للعمالة المواطنة بدلاً من الوافدة فقط، بل لا بد من أن تكون للتوطين برامج قوية تستهدف أن يمتلك المواطن القطاع الخاص وأن يكون له بصماته فيه وأن يتم تمكينهم لبناء قيادة وطنية من رجال الأعمال المتميزين.

ورأى أن أسباب ضعف التوطين كثيرة وأبرزها أن القطاع الخاص في الإمارات قطاع كبير وواسع جداً ونسبة الوظائف الإدارية التي يقبل عليها المواطنون قليلة بينما الوظائف الفنية والميدانية التي تحتاج لعمل شاق لا يقبل عليها المواطنون، كما أن نسبة كبيرة من هذه الوظائف تندرج تحت الوظائف الدنيا التي لا تزيد رواتبها على بضعة آلاف درهم، وبالتالي يفضل المواطن العمل في القطاع الحكومي بسبب مزاياه الكثيرة والتي تشكل الرواتب المرتفعة والتقاعد الجيد.

تقديم برامج تدريبية لمحاكاة العمل

قال إسماعيل إبراهيم، المدير العام لفندق «رامادا داون تاون أبوظبي»، إن زيادة نسب التوطين في القطاع الخاص تحتاج إلى توحيد الجهود من قبل الجميع، خصوصاً وأن تدني رواتب القطاع الخاص مقارنة بالقطاعات الحكومية يخفض نسب التوطين في الأول بشكل كبير.

واقترح إسماعيل عدة محفزات على رأسها: تأسيس صندوق دعم للقطاع الخاص يمول جزء منه من خلال كبرى الشركات الوطنية التي تنخفض بها نسب التوطين بشكل كبير، والجزء الآخر يمول من قبل الحكومة، مشيراً في الوقت ذاته إلى إمكانية إعفاء الشركات التي ترتفع فيها نسب التوطين من بعض الرسوم الحكومية أو إعطائها بعض المزايا كنوع من التحفيز.

ودعا إسماعيل إلى ضرورة زيادة الكليات المتخصصة، مثل كليات الاقتصاد والتجارة والسياحة، بما يشجع المواطن على الانخراط في مجالات جديدة بما يؤهله للعمل في هذه القطاعات مع امتلاكه الخبرة الكافية، كما دعا إلى تقديم مزيد من البرامج التدريبية والمنح في القطاعات الاقتصادية المتخصصة، بما يسهم في تخريج دفعة كبيرة من المواطنين قادرة على الاندماج في مجتمع الأعمال.

وأوضح أن شركات القطاع الخاص تستطيع المساهمة في ملف التوطين بشكل كبير من خلال تقديم برامج تدريبية لمحاكاة العمل على أرض الواقع واكتساب الخبرات اللازمة في مجالات مختلفة بما يؤهل المواطنين في المستقبل لعمل مشاريعهم الخاصة.

وطالب إسماعيل بضرورة عمل حملات توعية ضخمة عبر وسائل الإعلام المختلفة بما فيها الصحف والإذاعة والتلفزيون، لتغيير نظرة المجتمع تجاه الكثير من الوظائف، خصوصاً في قطاعات مثل السياحة والفنادق والتجزئة ومراكز التسوق والتي تتضاءل فيها نسب التوطين.

رفع سقف حصة التقاعد

اقترحت فاطمة بن فهد، مدير إدارة الموارد البشرية بمجموعة شركات كبرى في دبي، أن يتم التنسيق في ما بين القطاعين الخاص والحكومي بالاتفاق على دعم المواطنين وتشجيعهم وتحفيزهم للالتحاق بالقطاع الخاص بصرف علاوات تشجيعية يتم تحديدها سلفاً بالإضافة إلى الراتب الذي يتقاضاه، وهذا بهدف سد الفارق في ما بين رواتب القطاع الخاص والحكومة.

ودعت فاطمة بن فهدإلى رفع سقف حصة التقاعد المطبق بالقطاع الخاص للمواطنين والمحددة بـ50 ألف درهم فقط، ما يشجع المواطنين على العمل بهذا القطاع، يقيناً منهم بأن ما يتم سداده لهيئة المعاشات طوال فترة عمله، سيرد إليه مستقبلاً بعد تقاعده بمكافأة تعينه على العيش.

وأشار إلى أهمية المرونة في ضم سنوات الخدمة بهيئة المعاشات في حال انتقل الموظف المواطن من عمل بالقطاع الخاص إلى عمل آخر بذات القطاع.

وأضافت فاطمة بن فهد أن معظم المؤسسات والشركات التي تشارك في المعارض وبرامج التوطين، تشارك بهدف استقطاب الكفاءات بالفعل وليس كما يتردد دائماً أن كلهم يشاركون من أجل المشاركة بهدف الظهور الإعلامي، دون النظر للمصلحة العامة في استقطاب وتوظيف العنصر المواطن.

وأشارت إلى أن عدم جدية المتقدمين لطلب الوظائف يجعل من الصعوبة الحصول على العنصر المواطن الذي يرضى بالعمل تحت أي ظرف. وقالت إنه حان الوقت أمام شركات القطاع الخاص أن ترد الجميل إلى الدولة وتهتم أكثر بتوطين المواطنين بعد أن وفرت الإمارات البيئة المناسبة لعمل شركاتهم.

تشكيل لجنة لتعزيز جاذبية القطاع

اقترح سعيد العابدي رئيس مجموعة «العابدي القابضة» تشكيل لجنة من الخبراء في القطاعين العام والخاص، تكون مهمتها وضع خطة استراتيجية طويلة الأجل تتضمن آليات عملية محددة لرفع نسب التوطين في القطاع الخاص بشكل عام والقطاع السياحي بشكل خاص.

وأضاف سعيد العابدي أن من الآليات التي يمكن أن تعتمدها هذه اللجنة هو منح حوافز للشركات الخاصة التي تنجح في رفع نسب التوطين وتزيد هذه الحوافز كلما زادت نسب التوطين، بحيث تشمل إعفاءات من رسوم معينة، أو منح أولوية لهذه الشركات في تنفيذ المشاريع وغيرها من الحوافز.

وقال إن هذه اللجنة يجب أن تعمل على إذابة الفوارق بين الموظف في القطاع الحكومي والموظف في القطاع الخاص من خلال وضع آليات محددة لتعويض شركات القطاع الخاص الفوارق في الرواتب وفي الامتيازات التي يوفرها القطاع الحكومي بحيث يصبح القطاع الخاص أكثر جاذبية للمواطنين مما هو عليه الوضع الآن.

وأوضح أنه سعيد العابدي أنه يجب على القطاع الحكومي أن يتعاون مع القطاع الخاص في تأهيل وتدريب وخلق كفاءات تتناسب مع متطلبات القطاع الخاص الذي دائماً ما يحرص على اختيار أفضل الكفاءات لتعزيز إنتاجيته ويجب أن يكون لدينا القدرة على توفير هذه الكفاءات في مختلف التخصصات.

وقال العابدي إن هناك نسب تحسن في توطين قطاع الطيران والقطاع السياحي لكن حجم القطاع الكبير يحتاج إلى جهد أكبر والى أعداد أكبر من المواطنين لقيادة القطاع خلال المرحلة المقبلة وخاصة أن هذه القطاعات يعول عليها لقيادة الاقتصاد الوطني ما بعد النفط.

وأشار رئيس مجموعة «العابدي القابضة» إلى أن التوطين واجب وطني على أصحاب الشركات يجب على الجميع الوفاء به في دولة الإمارات، مشيراً إلى وجود العديد من الكفاءات الوطنية التي أثبتت جدارتها في القطاع الخاص، وأنها نجحت في المساهمة بشكل كبير في دعم شركاتها وهناك الكثير من التجارب التي تؤكد ذلك في القطاع الخاص مثلما هو في القطاع العام.

وجدد العابدي التأكيد على منح حوافز لشركات القطاع الخاص حتى تتمكن من زيادة نسب المواطنين لديها سواء من حيث إعفاءات الرسوم أو منحها أولوية في تنفيذ بعض المشاريع.

خيار أفضل للعمل على المدى الطويل

قال عصام المزروعي، نائب رئيس مجلس إدارة «مجموعة البحري والمزروعي»، إنه لا يمكن للقطاع الخاص توظيف المواطنين، بقدر ما يريد وذلك بسبب التكلفة المرتفعة لذلك، كما أن هناك فرصاً وفوائد عديدة وكثيرة يقدمها القطاع الحكومي ولا يقدمها الخاص.

وأضاف أنه ينبغي تقديم بعض المزايا والفوائد للقطاع الخاص لتشجيعه على توظيف المواطنين، والتي تتمثل بخفض تكاليف التوظيف على الشركات الخاصة، فمعظمها لا تزال تُدار من غير الإماراتيين، لأنها تنظر للأمر من منظور مادي وتجاري إضافة إلى التكلفة، كما يجب على الحكومة تحديد فرص وظيفية معينة ضمن القطاع الخاص لا يمكن أن يشغلها إلا الإماراتيون حصرياً.

وأشار إلى أنه في حال تقديم حوافز للقطاع الخاص من قبل الحكومة، فعلى المدى الطويل، سيشكل القطاع الخاص خياراً أفضل للعمل بالنسبة للإماراتيين، كما يمكن له الاستفادة من دراية المواطنين بالسوق المحلي وثقافتهم الخاصة التي يمكن أن يضيفوها ما سيعزز من مبيعات تلك الشركات أو أرباحها أو شهرتها.

واقترح المزروعي، أن تقوم الحكومة بتنفيذ برنامج بحيث تتقاسم تكاليف توظيف الإماراتيين مع الشركات الخاصة لمدة زمنية معينة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات، بحيث يمكن خفضها مع مرور الوقت، ويجب مراقبة وضبط هذا البرنامج من قبل الحكومة والشركة الخاصة لضمان حصول الموظفين الإماراتيين على التدريب والتطور المهني اللازم لأن الشركات الخاصة بشكل عام تتطلب خبرة 3 سنوات على الأقل حتى يصبح الموظف جاهزاً ومؤهلاً للعمل.

وبالتالي، يمكن لجميع الإماراتيين الذين يمضون هذه الفترة في القطاع الخاص الاستفادة من تلك الفوائد. وعلى المدى الطويل، ستستفيد الدولة من خبرات هؤلاء الإماراتيين الذين تدربوا جيداً واكتسبوا خبرة عملية كبيرة ضمن القطاع الخاص في بناء اقتصاد بلدهم.

استحداث قانون يلزم الشركات بنسب محددة للتوطين

طالب رجل الأعمال هلال القبيسي، مدير الابتكار وتطوير الأعمال في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، بقانون للتوطين بالقطاع الخاص يضم آليات محددة وواضحة لتوطين الوظائف بكل القطاعات الاقتصادية بلا استثناء، إضافة إلى استحداث آليات لتقييم التوطين سنوياً في كل شركة.

وقال: كما نربط إصدار وتجديد الرخص التجارية بدفع الرسوم، فلا بد من ربط الرخص أيضاً بنسب محددة للتوطين في كل شركة، على أن تبدأ هذه النسبة قليلة ثم تتدرج في الزيادة عبر عدد قليل من السنوات ولا يتم تجديد الرخص أو حصول الشركات على مشاريع جديدة من الحكومة إلا بتحقيق النسبة المستهدفة من التوطين والمهم هنا أن تكون هناك متابعة شهرية وسنوية.

وأكد أن الحكومة وفرت للقطاع الخاص في الإمارات مزايا لا يحلم بها أي قطاع في العالم من ناحية البنية التحتية والتسهيلات الكبيرة والمشاريع العملاقة التي تدر عليها أرباحاً كبيرة، كما أن الحكومة توفر للمواطنين سبل حياة كريمة من مسكن وعلاج وتعليم ووظائف ولا بد من أن يساهم المواطنون والقطاع الخاص معها في زيادة معدلات التوطين بالقطاع الخاص.

وأضاف: هناك تخوف من عدم تحمس القطاع الخاص لتوظيف مواطنين بدعوى الرواتب المرتفعة للمواطنين، والمطلوب هنا أن تعد الحكومة تصنيفاً للشركات وتربط هذا التصنيف بقوة الوضع المالي للشركة ونسب التوطين.. فعلى سبيل المثال الشركة التي تحقق دخلاً وأرباحاً أعلى لا بد من أن توفر للمواطنين العاملين فيها رواتب مرتفعة، والشركة التي تحقق دخلاً أقل توفر رواتب أقل للمواطنين، لكن ينبغي أن تكون هذه الرواتب تليق بالمواطنين.

وتابع: كما يمكن للحكومة أن تشجع الشركات التي تمنح المواطنين رواتب أعلى بوسائل شتى منها خفض الرسوم المستحقة عليها أو مساعدتها في الحصول على مناقصات أو مشاريع، وهذا التصنيف مهم للغاية لأنه سيدفع المواطنين للانخراط في القطاع الخاص، كما لا بد من وجود عقوبات على الشركات الخاصة التي لا تلتزم بتحقيق النسبة المطلوبة منها للتوطين سنوياً، وأن تكون هذه العقوبات حقيقية ويتم إعلانها على الملأ.

ضرورة ملحة لدعم شركات التصنيع

قال بهارات باتيا، الرئيس التنفيذي لشركة «كوناريس»، العاملة بصناعة الأنابيب والقضبان والألواح والصفائح المصنوعة من الصلب ومقرها دبي، إن شركته الخاصة لا تمانع في توظيف إماراتيين ضمن كوادر العمل لديها، لكن المشكلة الأساسية هو الاختلاف في نظام العمل وأساليبه بين القطاعين العام والخاص، فساعات العمل ضمن الخاص أطول كما أن إتاحة الموظف في أي وقت قد يُطلب منه ذلك، ومسؤولياته ومستويات الضغوط في القطاع الخاص هي أعلى أيضاً مقارنة بالقطاع الحكومي.

وأضاف إن من بين أهم الحلول المقترحة إقدام الحكومة على طرح حوافز للمواطنين تتمثل في زيادة الفوائد الإضافية لضمانهم الاجتماعي ومنحهم فرصاً وظيفية أفضل في الجهات الحكومية فقط في حال أتمّوا مدة 5 سنوات على الأقل من العمل ضمن القطاع الخاص في بداية مسيرتهم المهنية وحصولهم على رسائل توصية من أرباب عملهم في الشركات الخاصة، بمعنى أن خبرتهم الممتدة لخمس سنوات على الأقل في الشركات الخاصة تتيح لهم الحصول على فوائد إضافية وفرص وظيفية مميزة في الجهات الحكومية.

وقال: يجب دعم شركات التصنيع الخاصة في الدولة، ولا سيما أن رسوم وتكاليف التوظيف التي تدفعها الشركات الخاصة تعتبر مرتفعة، لذا يمكن للحكومة تقديم حوافز في حال زيادة التوطين عبر خصم تكاليف التوظيف التي ندفعها لتوظيف إماراتيين من فواتير المياه والكهرباء، وهذا يعتبر حافزاً جيداً بالنسبة للقطاع الخاص لحثه على التوطين ولا سيما أن رسوم المرافق تعتبر مرتفعة بالنسبة للمصنعين.

وأكد ضرورة رفع تمثيل الشركات الخاصة في المجالس الصناعية الحكومية، حيث يجب على الجهات الحكومية دعوة الشركات الخاصة لتكون شريكة في المجالس الصناعية التي تشكلها الحكومة للتعبير عن أفكارها والتعريف بنظم عملها أمام المواطنين الإماراتيين الباحثين عن عمل، ما يسهم في توعيتهم وجعلهم أكثر إقبالاً للعمل.

لمتابعة الحلقات السابقة:

حرصا على تعميم الفائدة ننشر لكم صفحات البيان المخصصة بنظام " بي دي إف " ولمشاهدتها يكفي الضغط هنا

Email