شرطة دبي تنقذ 10 أطفال من تحرش شخص خلال اللعبة

«فورت نايت».. ابتزاز للبراءة واستنزاف للأموال

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن يعلم الطفل الذي لم يتجاوز 10 سنوات أن لعبة إلكترونية عبر الإنترنت ستفضي به إلى ابتزاز من شاب جامعي اتخذ من هذه اللعبة وسيلة للتحرش بأطفال بريئين ليس لهم ذنب سوى لعبة اتخذوها فضاء للتحدي وجمع النقاط، بل لم تكن تعلم أسرة الجاني وهو شاب جامعي أن انطواءه داخل غرفته هو بقصد ابتزاز براءة أطفال بجمع صورهم وجعلها ورقة ضغط عليهم للحصول على ما يبتغيه من سد رغباته الشهوانية الدنيئة، بعدما كانوا يظنون أن هذا الانطواء هو مجرد تركيز في دراسته بعيداً عن ضوضاء البيت، هذه اللعبة التي تعرف بـ«فورت نايت» لم تقتصر على ظاهرة الابتزاز، بل أصبحت أداة لاستنزاف الأموال من خلال إغراء الأطفال بمستلزمات اللعبة الباهظة الثمن.

أحداث القصة التي كان طرفاها شاب جامعي همه ملذات دنيئة و10 أطفال همهم جمع نقاط من لعبة جعلوها فضاء للتحدي وإبراز قدراتهم، نجحت القيادة العامة لشرطة دبي في كبح جماحها والحيلولة دون أن تتطور إلى ما لا يحمد عقباه عندما أنقذت هؤلاء الـ10 أطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات من ابتزاز لعبة «فورت نايت»، بعدما استغل هذا الشاب الجامعي (25 عاماً) غرف المحادثة في اللعبة للتواصل مع الأطفال وإغرائهم بالمال بما يمكنهم من زيادة نقاطهم وأرصدتهم وخوض مراحل المنافسات بصورة أقوى.

وكشف العميد جمال سالم الجلاف مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، أن المتهم كان يطلب من الأطفال إرسال صور شخصية ليجبرهم لاحقاً على تلبية رغباته الخاصة، ولكن تدخل شرطة دبي حال دون تماديه في تنفيذ مخططه المريض، وتم كشف حقيقته أمام عائلته التي صُدمت بابنها الجامعي، لا سيما وأنها كانت تظن أن الدراسة هي السبب وراء عزلته في غرفته لساعات طويلة.

«eCrime»

وأوضح العميد الجلاف أن طفلاً أخبر والدته بأن شخصاً في غرفة المحادثة بلعبة «فورت نايت» عرض عليه المال مقابل إرسال صور خاصة له، فقامت الأم على الفور بفتح بلاغ عبر منصة «eCrime»، والتي توصلت للمتهم في وقت قياسي، ووجدت في حوزته 200 صورة تعود لأكثر من 10 أطفال، كان يخطط لابتزازهم والتحرش بهم، وشكلت الحادثة صدمة لعائلة المتهم.

فريق دولي

وأكد العميد جمال سالم الجلاف، أن شرطة دبي تولي القضايا المتعلقة بالأطفال اهتماماً كبيراً وأولوية قصوى، حيث يتم التعامل معها بسرية تراعي خصوصية الطفل وأسرته، وقد انضمت شرطة دبي رسمياً لفريق دولي أسسه مكتب التحقيقات الفيدرالية «FBI» مؤخراً لمكافحة الجرائم الواقعة على الأطفال عبر الإنترنت، بمشاركة أجهزة شرطية من 13 دولة حول العالم، وقد تم تزويدنا بأحدث برامج وتطبيقات الرصد والمتابعة، كما تم تأسيس قاعدة بيانات ومعلومات دولية مشتركة لتحقيق أقصى تعاون ممكن.

عقوبة

وحول العقوبة في مثل هذه الحالات، قال مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية: يعاقب بالسجن والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تتجاوز مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حرض أو أغوى آخر على ارتكاب الدعارة أو الفجور أو ساعد على ذلك، باستخدام شبكة معلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، وتكون عقوبة السجن بمدة لا تقل عن خمس سنوات والغرامة التي لا تتجاوز مليون درهم إذا كان المجني عليه حدثاً لم يتم الثامنة عشرة من عمره.

استنزاف

وباتت لعبة «فورت نايت» مصدر قلق وخوف، سواء من ناحية إتاحتها التحدث مع الغرباء الذي لم لا يؤمن عواقبهم، لا سيما من ناحية الابتزاز والتحرش أو من ناحية استنزاف جيوب أولياء الأمور بطريقة غير مشروعة، حيث تقدم اللعبة طرق إغراء للمراهق والأطفال للانسياق وراء شراء حقب تعرضها اللعبة لتغيير الزي وشراء معدات الحروب، عندما يتفاجأ ولي أمر بصرف ابنه المراهق الذي يبلغ من العمر 13 عاماً بطاقة ائتمانية بقيمة 25 ألف درهم على لعبة فورت نايت، بينما تفاجأ آخر بفاتورة هاتف ابنه بنحو 3 آلاف درهم نظير اللعبة، فيما قام طالب في الصف الثامن بادخار مصروفه على مدار عام كامل في العروض الترويجية في اللعبة.

إدمان

وقال الدكتور أحمد العموش أستاذ علم الجريمة بجامعة الشارقة، إن لعبة «الفورت نايت» الإلكترونية تعتبر إدماناً لأبنائنا وعلينا التكاتف لتوعية الطلبة والمراهقين الذين يندفعون وراء استخدام تلك الألعاب الإلكترونية غير الهادفة، ومع بداية العام الدراسي الجديد على المؤسسات التعليمية لا بد من القيام بحملات توعية من مخاطر تلك الألعاب، وخاصة أنها تتلصص علينا داخل المنازل.

وحذر العموش أولياء الأمور من التساهل مع أبنائهم في السماح لهم باستخدام تلك الأجهزة الإلكترونية التي تنعكس سلباً عليهم من خلال النوم داخل الحصص وتساهم في تأخرهم الدراسي، والسماح لهم بصرف مبالغ مالية على تلك الألعاب بداعي التنافس والتباهي بحصوله على أحدث إمكانيات اللعبة بين أصدقائه.

غريب في بيتي

من جانبه قال الدكتور سامر عبد الهادي أستاذ علم النفس التربوي في جامعة الفلاح: إن الألعاب الإلكترونية التي تتيح عمليات التواصل عبر المحادثة أثناء اللعب توصف بوجود غرباء في منازلنا وبصحبة أبنائنا، مما يعرضهم للخطر وتصبح أسرار أسرنا عرضة للغير.

وتابع: إن ما نخشاه هو أن يعتنق الطفل أو المراهق معتقدات ومفاهيم ضد مبادئنا؛ لذا وجب أن يتم ذلك تحت إشراف الوالدين لتجنب وقوع أبنائنا ضحايا وجود غرباء في حياتهم.

وأوضح عبد الهادي أن الألعاب الإلكترونية تساهم في زيادة الانفصال الأسري، كما تزيد ارتباط الطفل بقيم المجتمعات الغربية، عندما يلعب مع غرباء مما يفصله عن مجتمعه وثقافته وقيمه. وتصنع الألعاب الإلكترونية أطفالاً أنانيين يفكرون في إشباع حاجاتهم من الألعاب فقط، دون أن ينتبهوا لوجود من يشاطرهم اللعب، فتحدث الكثير من المشاكل بين الأشقاء على دورِ اللعب، بعكس الألعاب الشعبية التقليدية التي تتميّز بأنها ألعاب جماعية.

رقابة أسرية

وفي السياق ذاته، طالبت شاهيناز أبو الفتوح اختصاصية نفسية، بمنع الأجهزة التي توجد في الشوارع ومداخل البنايات، والتي تتيح للطلبة خاصية شراء حقب الألعاب والتي تسمى «v bucks»، وهي عبارة عن عملية شراء الأسلحة المتاحة داخل اللعبة، حيث يستطيع اللاعبون شراء أدوات جديدة وتغيير المظهر الخارجي للشخصية التي يلعبون بها، كونها تشكل عامل جذب لديهم وتشجعهم على عملية الشراء بشكل دائم، إذ في المرة الواحدة يصرف الطالب نحو 40 درهما، ما يستنفد جيوب أولياء الأمور ويؤدي ألي استهتار هذا الجيل بقيمة المال واستخدامه في أمور تافهة.

ومن جانبه قال ولي أمر تحفظ على ذكر اسمه، إنه تفاجأ بفراغ بطاقة ائتمانية بنكية كاملة وهي في حوزته، ولكن ابنه أدخل الرقم بعلم والده لشراء حقبة مستلزمات للعبة الفورت نايت، ومن ثم تابع المراهق العملية الشرائية دون علم والده.

وأوضح ولي الأمر أنه فور علمه بفراغ البطاقة وصارحه ابنه بالاستخدام، قام الأب بعرض جهاز الألعاب الإلكترونية للبيع كعقاب لابنه، وبالفعل تخلص من الجهاز منذ أكثر من 6 أشهر، ولم يعتزم شراء جهاز آخر مستقبلاً.

ومن جانبه قال رامي رضوان ولي أمر إنه تفاجأ بأن فاتورة هاتف ابنه تخطت الـ 3 آلاف درهم في شهر واحد، موضحاً أنه كان حريصاً على أن يكون هاتف ابنه على شكل فاتورة حتى يتمكن من التواصل معه عبر الإنترنت أو من خلال الاتصال. ومن جانبه ادخر الطالب زايد سعد الذي يدرس في الصف الثامن مصروف مدرسته لمدة عام كامل والذي يبلغ 3600 درهم لشراء «v bucks»، ليتنافس مع أصدقائه بتعدد حزم الملابس ومــخرجات اللعبة في حسابه الخاص.

Email