لا ينطبق على المتورطين في قضايا المخدرات أو جرائم الشرف

«المراقبة الإلكترونية» ابتكار عادل يضمن الاستقرار الأسري

«المراقبة الإلكترونية» تسهم في الإبقاء على المحكومين ضمن محيطهم المجتمعي | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرى حقوقيون وخبراء قانونيون أن نظام «المراقبة الإلكترونية» أحدث نقلة نوعية في أدوات وإجراءات العمل القانوني والنيابي في الدولة، مشيرين إلى أنه يجسد توجهات دولة الإمارات نحو إيجاد الحلول المبتكرة التي تدخل في سياق توظيف التحول الرقمي في مختلف القطاعات والمؤسسات الحكومية.

ووصفوا قانون وضع المتهمين تحت «المراقبة الإلكترونية» بالإنساني، لكونه يسهم في الإبقاء عليهم ضمن محيطهم المجتمعي، وهو الأمر الذي يعزز الاستقرار الأسري، ويتيح لهم فرصة إعادة النظر بما هو موجه إليهم من تهم، لا سيما أن الشخص يبقى تحت مراقبة وإشراف مركز الشرطة الأقرب لمكان إقامته حتى إن كان خارج أسوار السجن.

مشيرين إلى أن القانون لا ينطبق على الجناة الذين يرتكبون الجريمة نفسها مرتين، ولا على الجناة المتورطين في قضايا المخدرات أو هتك العرض أو الجرائم المتعلقة بالشرف.

علاج

وذكروا أن الاستفادة من التطور التقني تفيد مجال «العدالة الجنائية»، وتمكّن الجهات القضائية في الدولة من متابعة الأشخاص المحكوم عليهم عن بعد بالشكل الذي يجنبهم الإيداع في المؤسسات العقابية، معتبرين أنه أحد الأساليب الصحيحة لعلاج المشكلات الناجمة عن تنفيذ العقوبات السالبة للحرية التي قد يكون لها دور سلبي تحديداً نتيجة مخالطة نزلاء محكومين في جرائم.

لافتين إلى أن الرقابة الإلكترونية بديل مهم عن السجن، لكونها تسهم في تخفيض النفقات، وتقلل من أعداد المسجونين، ما يتيح تقديم رعاية وتأهيل للنزلاء المحكومين، فيما أكد أشخاص خضعوا للرقابة الإلكترونية عدم نيتهم معاودة ما اقترفوه، مثمنين تطبيق هذا النظام المستخدم في أكثر الدول تحضراً ورُقياً.

زيارات

وأوضح المحامي الإماراتي عمر عبد العزيز أن المحكوم بالمراقبة الإلكترونية يكون تحت إشراف مباشر من أقرب مركز شرطة لمكان إقامته، إذ يقوم أفراد متخصصون من المركز بزيارات دورية للتحقق من عمل الجهاز بصورة صحيحة، وكذلك للاطلاع على مدى التزام المتهم.

وأشار إلى أن القانون الإماراتي يهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق العدالة عبر معاقبة الشخص الذي يرتكب الجريمة فقط، وليس أولئك الذين يحيطون به من عائلته.

وسائل

وعرّف المحامي راشد عبد الله الحفيتي إجراء «الوضع تحت المراقبة الإلكترونية» بحرمان المتهم أو المحكوم عليه من التغيب عن محل إقامته، أو أي مكان آخر يقرره الأمر الصادر من النيابة العامة، أو المحكمة المختصة، بحسب الأحوال، وينفذ عن طريق وسائل إلكترونية تسمح بالمراقبة عن بعد.

وتلزم الخاضع لها بحمل جهاز إرسال إلكتروني مدمج طوال فترة الوضع تحت المراقبة، ويراعى في تحديد الفترات والأماكن المنصوص عليها ممارسة المحكوم عليه نشاطاً مهنياً أو حرفياً، أو متابعة التعليم، أو التدريب المهني، أو تلقي المعالجة الطبية، أو أي ظروف أخرى تقدرها النيابة العامة أو المحكمة المختصة.

إلزام

ولفت الحفيتي إلى أن القانون يتيح للجهات المعنية إلزام المتهمين أو المحكوم عليهم بتنفيذ إجراء المراقبة الإلكترونية، فور صدور الحكم، وإلزامهم بعدم التغيب في غير الأوقات الزمنية المحددة لهم عن محل إقاماتهم، كما يتضمن الأمر تحديد الأماكن التي يصرح لهم بالوجود فيها أو التي يمنع عليهم الوجود فيها أو التردد عليها.

ويتم تنفيذ الإجراء عن طريق وسائل إلكترونية تسمح بالمراقبة عن بُعد، إذ يتم إلزام الخاضع لها بحمل جهاز إرسال إلكتروني مدمج، طول فترة الوضع تحت المراقبة.

وفي حال مخالفة الالتزامات الواردة في الأمر، فإنه من حق النيابة العامة إلغاء الأمر الصادر منها بالوضع المؤقت تحت «المراقبة الإلكترونية»، وإصدار أمر بالقبض على المتهم وحبسه ويراعى في تحديد الفترات والأماكن، ممارسة المحكوم عليه لنشاط مهني أو متابعة التعليم والتدريب أو تلقي المعالجة الطبية أو أي ظروف أخرى تقدرها النيابة أو المحكمة.

تحولات

وقال كبير المستشارين في مكتب دبي لشركة تشارلز راسل سبيجليز للمحاماة، ومقرها لندن، رسمي راجي، إن التعديلات على القانون الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة رقم 17 لعام 2018، الصادر في سبتمبر الماضي، أحدثت تحولات مهمة في الإجراءات القانونية من خلال ممارسة النيابة العامة سلطتها بتطبيق التقنيات المبتكرة وتوظيفها بما يعزز من أدوات القضاء الإماراتي ويحقق العدالة.

وأضاف أن «المراقبة الإلكترونية» تطبق على قضايا خيانة الأمانة والشيكات المرتجعة والسرقات البسيطة التي تقل مدة الحكم فيها عن عامين، ووفقاً للمادة 363، ولا تشمل الأحكام فيها الترحيل الإجباري، ولا تنطبق كذلك على الجناة الذين يرتكبون الجريمة نفسها مرتين، ولا على الجناة المتورطين في قضايا المخدرات، أو هتك العرض أو الجرائم المتعلقة بالشرف.

بديل

وبيّن رسمي راجي أنه بحسب التعديلات، يحق لمن هو قيد التوقيف، التقدم بطلب في المحكمة للحصول على وضعه تحت «المراقبة الإلكترونية» كبديل عن الكفالة، أما من تتم إدانته بإحدى الجرائم التي ينطبق عليها هذا القانون، وحُكم عليه بدفع غرامة فقط، يجب تخفيض مبلغ 100 درهم من مبلغ الغرامة ضده عن كل يوم قضاه تحت «المراقبة الإلكترونية».

وأضاف أن التعديلات التي يشملها القانون تتيح للمتهمين حق التقدم بطلب لإزالة الجهاز في حال تسبب لهم بأي مشكلات صحية، مدعوماً بتقرير طبي رسمي يدعم مزاعمهم، وفي حال تم ذلك فسيتم نزع الجهاز، وسيعاد الفرد المحكوم عليه إلى الحجز.

كما أن المحكمة ستنظر في ظروف المشتبه فيهم كبيري السن الذين لا يُعتقد أنهم سوف يرتكبون الجريمة نفسها مرة أخرى، أو أولئك الذين يُعتقد أنهم العائل الوحيد لذويهم، أو من لديهم حالات طبية خطيرة.

منع

وذكر المستشار القانوني أيهم المغربي أن قانون الإجراءات الجزائية ينص على إلغاء أمر الوضع تحت المراقبة الإلكترونية في ثلاث حالات تشمل وجود حكم سابق ضد المحكوم قبل الأمر بالوضع تحت المراقبة الإلكترونية بحكم نهائي بعقوبة مقيدة للحرية، ولم تكن المحكمة قد علمت به حين أمرت بالوضع تحت المراقبة الإلكترونية.

كما يجوز الحكم بإلغاء أمر الوضع تحت المراقبة الإلكترونية، إذا ارتكب المحكوم عليه خلال فترة تنفيذه المراقبة الإلكترونية جريمة تقرر فيها حبسه احتياطياً على ذمتها أو حكم عليه فيها بعقوبة مقيدة للحرية، أو إذا أظهرت تقارير المتابعة الدورية سوء سلوك المحكوم عليه وعدم امتثاله للتدابير والالتزام المفروض عليه.

تتلخص فكرة التقنية بوجود سوار إلكتروني للمراقبة بمثابة جهاز إرسال إلكتروني مدمج طوال فترة الوضع تحت المراقبة، قادر على إرسال بيانات صحيحة ودقيقة للجهات المختصة بالمراقبة، وينفذ عن طريق وسائل إلكترونية تسمح بالمراقبة عن بعد، وبوجود غرفة عمليات خاصة بها داخل وزارة الداخلية تعمل على إرسال كل البيانات المطلوبة إلى الجهات المعنية بصورة سلسة وسهلة وموثوقة.

Email