علماء الأديان وأكاديميون ومفكرون لـ « البيان »:

الإمارات حاضنة التسامح وداعية السلام في العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عدد من علماء الأديان وممثلي الطوائف والمفكرين، أن دولة الإمارات لها دور رائد في ترسيخ قيم التسامح والتعايش الإنساني على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، حيث قامت بإطلاق العديد من المبادرات المبتكرة في كافة الاتجاهات لتعزيز قيم ومبادئ السلام والمحبة والإخاء في العالم، فأصبحت حاضنة التسامح والقيم الإنسانية العليا، ورائدة في إرساء قواعد جديدة للعلاقات بين الأديان والثقافات المتعددة وبناء الثقة المتبادلة بينهم بما يخدم الإنسانية في كل مكان على وجه الأرض.

وأشاروا إلى أن من بين تلك المبادرات العظيمة التي أطلقتها دولة الإمارات إنشاء وزارة دولة للتسامح، كما أنشأت «المعهد الدولي للتسامح»، وأصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً بشأن قانون مكافحة التمييز والكراهية، ليرسخ قيم التسامح والمحبة بين الناس، ونبذ الكراهية والتمييز والتعصب والكراهية فأصبح كل من يعيش على أرض دولة الإمارات ينعم بالعيش الكريم والمعاملة الطيبة الكريمة.

تعليم وتوجيه

وقال فضيلة الشيخ محمد المختار ولد امباله، رئيس المجلس الأعلى للفتوى والمظالم والمستشار برئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية سابقاً، إن القضاء على خطاب الكراهية يتطلب جهوداً كبيرة جداً بدءاً من التعليم والتوجيه ومحاربة الظلم، ولا بد أن يكون علاجاً متكامل العناصر، ويجب أن تشارك فيه جميع الأطراف ذات العلاقة والاختصاص، والتي هي مسؤولة عن هذا الخطاب وقصرت في تبيين عيوبه.

وأوضح المختار أن خطاب الكراهية له أسباب حملت له وينبغي أن تعالج، وذلك عبر برنامج عام لمعالجته يبدأ بتعليم هؤلاء الذين يحملونه، ليتبين لهم بأنه ليس هو الأصل ولا يخدم شيئاً وإنما يضر بمصالح الأمة ويدفع إلى الحروب ويقود إلى الفتن، وينبغي أن يكون هناك برنامج أيضاً لتعليم الخير للآخر وحقوق الغير والعلاقة التي يجب أن تكون بين أبناء البشرية، والتي يجب أن يكون أصلها الرحمة والمحبة والتسامح وتقبل الآخر.

الحوار البناء

وترى مارغريت عازر وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري، أن القضاء على خطاب الكراهية عبر تذويب كل الخلافات المبنية على التعصب وننظر إلى الأمور المتفق عليها، وفتح جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية لخلق حوار خال من التشنج والتعصب والتركيز على المضمون.

وأوضحت مارجريت أن ما تقوم به دولة الإمارات، سواء من ناحية الدعوة إلى المحبة والسلام، أو من خلال ترسيخ قيم التعايش على أرضها، إنما هو بمثابة رسالة للعالم من بلد السلام الإمارات بأننا تخطينا مرحلة التسامح في الأديان، وأصبحنا ندعو العالم إلى الأخوة والإنسانية، وبأن يجمعنا مبادئ وأسس وقيم واحدة وهي الإنسانية، مؤكدة أن حوار الإنسانية فيه من التسامح ما يستوعب الخلاف.

وأكدت أن النموذج المصري في التعايش السلمي للأديان هو نموذج يحتذى به، فلا تستطيع تفريق المسلم من المسيحي إلا في دار العبادة، حيث إنهم متعايشون منذ آلاف السنين، ولهم عادات وتقاليد واحدة، والمنزل القبطي هو نفسه المنزل الإسلامي بكل أعرافه المجتمعية، ولا ننسى نموذج الإمارات أيضا التي يعيش على أرضها جنسيات متعددة وديانات مختلفة، والتي تجسد الطريق الصحيح إلى الحوار الديني المتسامح، معبرة عن خالص شكرها لقيادة الإمارات والقيادة المصرية الذين ضربوا أروع الأمثال لصور الإسلام الحقيقي.

مبادئ المحبة

وأكد المطران نقولا بعلبكي متروبوليتا أسقف أبرشية حماة وتوابعها أن خطاب الكراهية يتناقض مع تعاليم كافة الأديان، إذ إن الأنبياء أرسلهم الله لنشر مبادئ المحبة والسلام في العالم، مشيراً إلى أن كل ما يتحدث بالكراهية فهو يتناقض مع الفكر الديني الصحيح والإيمان في كافة الأديان، مؤكداً أنه لا يوجد دين يحث على القتال مع أي إنسان وخلق صراعات مع الآخرين.

ويرى بعلبكي أن خطاب الكراهية هو نتاج لابتعاد الأشخاص عن الإيمان، منوهاً بأن تعاليم الأديان في الأرض تدعو إلى المحبة والإخاء والسلام وجمع البشرية على قلب واحد بعكس الفكر الذي ينتشر نتيجة البعد عن الرسالات السماوية والدعوات الإلهية.

ثقافة جديدة

وقال الأب نبيل حداد رئيس مركز التعايش الديني بالمملكة الأردنية الهاشمية، «نحن في وقت أحوج ما نكون إلى بث ثقافة جديدة بين الأجيال أساسها الحب والتعايش السلمي مع الآخر النابع من إيماننا كمسلمين ومسيحيين ونبذ العنف والكراهية.

ويرى أن عام التسامح فرصة ودعوة للقاء ما بين كافة الأديان لتعزيز قيمه المنبثقة من كافة الرسائل السماوية، وينبغي أن نعزز تلاقي قيم المحبة والرحمة لتحقيق وصية السماء التي تأمرنا بأن نسعى من أجل خدمة الآخر الذي نحب وليس الآخر الذي نقصي.

واكد أن التحدي الذي ينبغي أن يعمل عليه رجال الدين هو أن تحويل الكراهية إلى محبة، عبر نشر خطاب الحب والاحترام في مواجهة الجهل والإقصاء والرفض. وأضاف: علينا أن نتذكر أن محاربة الكراهية تبدأ من الذات، مشيراً إلى أن الإنسان خليفة الله، ولذلك فحب الإنسان ينبع من حب الله، الذي خلقنا وزرع فينا كرامة الإنسانية والتي لا تكتمل وحدها دون أن تنعكس بالمحبة والاحترام لكرامة الآخر.

وبين أن الكراهية هي مرض ويجب أن نثبت تعافينا عبر إدخال محبة الآخر لدى الأجيال الجديدة، متسائلاً: هل هناك أجمل من مجتمع مبني على التواد والتراحم والمحبة والألفة القائمة على احترام الكرامة الإنسانية.

واختتم بالقول: «نحن مطالبون بأن نعود إلى آدميتنا الأولى التي فطرنا عليها، والتي بها تزول الكراهية والرفض ونصبح أهل المحبة والتسامح، وأتمنى ونحن في عام التسامح بدولة الإمارات بأن تكون السنوات المقبلة كلها تسامحاً ونعيش ونحيا وننعم بالأخوة الإنسانية».

عام التسامح

من جانبه، أكد جمعة العبادي سفير المملكة الأردنية الهاشمية لدى الدولة، أن عام التسامح هو فرصة للتواصل بين الأديان والطوائف والحضارات وتعزيز الأخوة الإنسانية، خاصة بعدما احتضنت دولة الإمارات مؤتمر الأخوة الإنسانية ووقع على أرضها الطيبة وثيقة الأخوة الإنسانية من قادة الفكر الديني، وعلى رأسهم قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.

وقال: «كلنا بنو آدم، وآدم من تراب، وما يجمعنا هو روح المحبة والتسامي على أي خلافات قد يكون الدين غطاء لها، وما يتوجب علينا هو تعزيز جهود نبذ خطاب الكراهية على كل المستويات، سواء المستوى السياسي والأيديولوجي أو الديني أو الفكري لمكافحة هذه الآفة»، مشيراً إلى أن مسؤولية نبذ خطاب الكراهية تقع على عاتق القادة الدينيين والقادة السياسيين والمفكرين والعلماء والنشء الجديد، منوهاً بأن العنف هو أداة ومعول تدمير وهدم للشعوب والحضارات والتصدي له عبر نشر الوعي حول الفكر المتطرف.

وثيقة الإخوة الإنسانية

وقال فضيلة الشيخ مصطفى سيريتش المفتي العام السابق في البوسنة والهرسك، عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، إن دولة الإمارات التي استقبلت قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وجمعت علماء الأرض من مختلف الديانات والملل ليقروا وثيقة الأخوة الإنسانية هذا العمل الكبير الرائد الذي يؤكد حرص والتزام دولة الإمارات بنشر ثقافة السلام والمحبة بين دول العالم، وحث الناس في كل مكان على الالتزام بالقيم الإنسانية النبيلة التي لا تأتي إلا بثمار النجاح والتقدم.

وأضاف فضيلته إن الإمارات سباقة دائما في استثمار قيم التعاون والتسامح والترابط، فهي دولة تجمع ولا تفرق، وتعلي من شأن القيم الإسلامية الكبرى وتبرزها وتجلّيها للعالم، هذه الدولة التي أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، على التسامح والمحبة والإخلاص والألفة والتعاون، ولذلك نرى شعب الإمارات قد تجذرت فيه هذه المبادئ السامية وهذه الأخلاق الكريمة.

وقال الشيخ خالد ياسين الرئيس المساعد المركز الإسلامي في جمهورية كرواتيا والمنسق العام للجمعية الإسلامية الكرواتية، إنه لإحلال السلام والتعايش بين الناس يقتضي فقط معادلة بسيطة جداً وهي التآخي والتقارب بين جميع الأجناس المسلم وغير المسلم والمسيحي وغير المسيحي، وذلك لأن الدين لله، ورب العباد سيحاسب الناس يوم القيامة على دينهم وعقيدتهم، وفي هذه الحياة الدنيا على الإنسان أن يكون إنساناً في كل شيء، وأن ينأى الإنسان عن اتخاذ دور الله سبحانه وتعالى في محاسبة الناس عن اعتقاداتهم.

وقال إن كرواتيا تعد نموذجاً على التآخي والعيش المشترك بين الجميع، من أعلى الهرم إلى أسفله، فكل الأطياف في هذا البلد الرائع ينعمون بالعيش المشترك والاحترام المتبادل بين الجميع.

وفيما يخص خطاب الكراهية من قبل المتطرفين والإرهابيين الذين ينتزعون النص الإسلامي من سياقه العام وتوظيفه لخدمة أغراضهم وأطماعهم، دعا فضيلة الشيخ خالد ياسين المؤسسات الإسلامية وعلماء الدين لأن ينهضوا لدحض هذا الخطاب المتطرف، وأن يبينوا للناس الحقائق الساطعة عن تسامح الإسلام ودعوته إلى الرحمة والمحبة، وأنا دائماً أقول إن دين الإسلام لا يحتاج لمن يدافع عنه، بل على المسلمين أنفسهم أن يلتزموا بقواعد الإسلام وقيمه السامية.

تشويه

من جانبه، قال فضيلة الشيخ حافظ محمد طاهر أشرفي رئيس مجلس علماء باكستان، إن جهود دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية بشأن إرساء وترسيخ مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الداعية إلى التسامح والتعايش السلمي بين الناس أجمعين أصبحت واضحة للدنيا، وذلك انطلاقا من رسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي جاء رحمة للعالمين، فهم يريدون أن يوحدوا الأمة ضد التشدد والتطرف الذي أضر الإسلام وشوه صورته النقية أمام العالم. وأشار إلى أن تلك الجهود استطاعت أن تدحض دعاوى المتطرفين وأن تحد من خطابهم الممزوج بالكراهية والتعصب، ولذلك أصبح اليوم صوتهم خافتاً لا يكاد يسمعه أحد، وانطلقت دعاوى التسامح والخير والإخاء في ربوع العالم.

تصحيح المفاهيم

قالت الدكتور نهلة صبري الصعيدي عميد كلية العلوم الإسلامية في الأزهر الشريف ورئيس مركز تطوير تعليم الوافدين بالأزهر، إن الصراعات التي تعاني منها كافة دول العالم جاءت نتيجة لعدم فهم الأديان السماوية فهماً صحيحاً، حيث ساد في الأفهام أن الأديان تختلف فيما بينها اختلافات شديدة مع أن جميع الأديان تصب في إعلاء قيم التسامح والتعايش السلمي كما جاءت كلها على اتفاق مشترك للقيم الإنسانية وتكريم الإنسان وإعزازه. موضحة أن هذه المفاهيم العظيمة اختفت بكل أسف من العقول، وسادت مفاهيم مغايرة تدعو للفرقة وللتعصب.

توظيف الأديان بشكل متعمّد لتكون سيفاً على رقاب الناس

أكد المطران قيس صادق الوكيل البطريركي الأنطاكي وممثل بطريرك الروماني، أن المسيحية ترفض مبدأ العنف والكراهية من جذوره ولدينا النصوص التي تؤكد على ذلك مثل «اجعل سيفك في غمده لأن كل من يأخذ بالسيف، بالسيف يهلك»، كما أن الإسلام يرفض هذا المبدأ ويدعو إلى الله بالموعظة الحسنة والمجادلة بالحسنى، حتى في الحرب يوصي رسول الإسلام بعدم قتل الشيوخ أو النساء أو حتى قطع الأشجار، لافتا إلى أن الأديان الإبراهيمية ترتكز على هذا المبدأ الإنساني النبيل، ولكن مع الأسف تم توظيف الأديان وبشكل متعمد لتكون سيفاً مسلطاً على رقاب الناس، ونحن نرى ما يحصل في سوريا والعراق ودول ما تسمى بالربيع العربي من قتل للأبرياء وتشريد الأطفال والنساء وكله باسم الدين.

وأشار إلى أن الأديان ليست لها مشكلة في نصوصها المقدسة، بل المشكلة في تفسير تلك النصوص، والمهمة التي يجب أن يقوم بها علماء الأديان الآن هي أن يقوموا بإزالة التفسيرات الخاطئة لهذه النصوص وتقديم نصوص مطابقة لمقتضى ما أراده الله جل وعلا للإنسان من عيش كريم وتسامح وسلام، وتقديمها للأجيال المقبلة في صورة جميلة ومناسبة للعصر الحديث.

وأكد أن الخطاب الديني ليس المقصود به خطبة الجمعة أو كلمة الكاهن في الكنيسة أو غير ذلك، بل هو تنشئة وتربية يجب أن تقوم على أسس علمية لتنشئة الأطفال والشباب على الاحترام والتسامح والتعايش السلمي، ومن هنا فقط نستطيع بناء جيل واع يتقبل الآخر ولا يجد غضاضة في أن يتعايش معه بكل محبة وتسامح.

وأوضح أن حتى مفهوم «التعايش» يجب أن يتغير لأن معناه أنني أتعايش مع مرض مزمن، لأنني ليس لي خيار آخر، ولكن مفهوم «العيش المشترك» أقوى وأنفع لأنني أعيش الواقع بكل ما يأتي به من اختلافه، لافتاً إلى أن الحضارة الإسلامية في العصور الزاهرة كانت تعيش مع مختلف الأديان وتتقبل الجميع وكان نتاج ذلك أن ساهم الجميع في بناء حضارة عظيمة ملأت ربوع العالم ثقافة وعلماً وحضارة، لا يزال المجتمع الإنساني ينهل منها حتى الآن.

Email