أصحاب الهمم وحق تعلّم

الإسعافات الأولية حماية الذات وتنمية القدرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعكف المؤسسات المعنية بخدمات الإسعاف، بالتعاون مع المراكز والمؤسسات التي تحتضن أصحاب الهمم على تقديم مبادرات وأنشطة وورش عمل نظرية وتطبيقية، تهدف إلى توعية أصحاب الهمم بأهمية الإسعافات الأولية، وطرق التعامل الصحيح والسليم مع المواقف الحرجة، ليس هذا فحسب، فقد أكد مختصون أن من حق أصحاب الهمم، كل على حسب إعاقته، تعلم مهارات وماهية الإسعافات الأولية، وإنقاذ الحالات الحرجة، والتي تبدأ بطلب خدمات الطوارئ على أرقام الخط الساخن 999 و998 وكيفية توصيل البلاغ للمسعف متضمناً جميع البيانات المطلوبة، ليظهر السؤال الملحّ: ما هي الاشتراطات اللازمة لأصحاب الهمم حتى يتمكنوا من التعامل مع الحالات المطلوب إسعافها؟

دورات

بداية يقول عادل الزمر رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمعاقين بصرياً: «إن الحفاظ على حياة الإنسان واجب ومسؤولية مشتركة بين الأفراد والمجتمع جنباً إلى جنب، حيث إن إدراك وجود شخص مريض أو مصاب يحتاج لمساعدة هو عمل إنساني وإسعافي جليل، ونظمنا من خلال الجمعية مؤخراً دورة متخصصة في الإسعافات الأولية استهدفت أعضاء الجمعية وقدمها مدرب دولي، وكان الهدف منها تنمية الثقافة المجتمعية والصحية، إضافة إلى التطرق لمفاهيم وتعريفات أهم طرق الوقاية والسلامة العامة». وأضاف الزمر: «من حق أصحاب الهمم بما تسمح لهم إعاقاتهم تعلّم مهارات الإسعافات الأولية وفنونها، إضافة إلى طرق إسعاف وإنقاذ المصابين والحالات الحرجة والمفاجئة، التي يمكن أن يتعرّض لها الشخص في أي مكان في الشارع أو العمل أو المنزل فيتعلّم كيفية حل الحالات الطارئة، التي يمكن أن يساعد فيها المصاب قبل وصول المسعف»، مؤكداً أن إدارة جمعية الإمارات للمعاقين بصرياً تسعى جاهدة إلى تنمية قدرات الأعضاء وتنمية ثقافتهم العامة.

 

خارج الصندوق

في حين قال محمد الغفلي، موظف، ويعاني من إعاقة بصرية: «دعونا نفكر خارج الصندوق، فنحن في حاجة إلى تعلم مهارات الإسعافات الأولية للتأهب والحد من المخاطر والكوارث بطرق أكثر فعالية، لأن هذه المهارة قد تكون سبباً في إنقاذ أرواح مصابين، لذا يتحتّم على الجهات المعنية عدم حرمان أصحاب الهمم من اكتساب هذه المهارات الحيوية».

وأضاف الغفلي: «من حقنا كشريحة مجتمعية من فئة أصحاب الهمم تلقي دورات لبناء قدراتنا وتدريبنا على مهارات الإسعافات الأولية، وكيفية التعامل مع شتى الحالات لا سيما الإنعاش القلبي والرئوي والنزيف والحروق والكسور بجانب العديد من البرامج التدريبية سواء النظرية أو العملية».

 

حالات حرجة

وأوضح حمدان محمد البلوشي، طالب بجامعة الإمارات في تخصص الإعلام، ويعاني من ضعف بصر، ومشارك في كثير من دورات الإسعافات الأولية، أنه يستطيع أن يجلس بجوار شخص ممدد على الأرض، ويقوم بالإسعافات له، حيث يمتلك الجرأة لهذا الفعل، مشجعاً زملاءه من أصحاب الهمم المشاركة في دورات الإسعافات الأولية فما أجمل إنقاذ إنسان من موت محقق. وأضاف البلوشي: «نعم، لديّ أصدقاء من فئة أصحاب الهمم ويرغبون في تقديم المساعدة، لكن المهم أن تكون لديهم الخبرة والمعرفة الصحيحة للمساعدة في إنقاذ الحالات في الأوقات الحرجة».

 

مهارات وفنون

بدوره أشار المهندس جابر بطي الأحبابي رئيس فريق الوطن التطوعي إلى ضرورة أن يستثمر حب الخير لدى جميع أفراد المجتمع، وأن يتم تشجيعهم على تقديم الواجب الإنساني. وقال: «من حق أصحاب الهمم تعلم أساسيات ومهارات الإسعافات الأولية والإنعاش القلبي، بالتنسيق مع الجهات المعنية، لا سيما أن المعرفة بالإسعافات الأولية لا تزال غائبة لدى عدد من أصحاب الهمم، كما أن ثقافتهم فيها قد تكون محدودة»، مؤكداً ضرورة المعرفة بطرق إنقاذ الحالات التي تتعرض لسكتة قلبية أو أي طارئ، ما يعزز من سلامة المجتمع ككل، مطالباً بتكثيف حملات التوعية بالإنقاذ أيضاً. واقترح الأحبابي الحرص التام على تدريب أصحاب الهمم على الإسعافات الأولية، وتأهيلهم من خلال تنظيم دورات محددة زمنياً، والتركيز على فئة الشباب من الجنسين.

 

تشجيع

من جانبها قالت هويدا عبدالله الفارسي، موظفة في مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم: «لدينا أشخاص مبدعون من أصحاب الهمم في شتى المجالات، ونريدهم أن يحققوا إبداعاً وتميزاً في مجال تقديم الإسعافات الأولية بشكل ناجح. ولن يكون ذلك إلا بتقديم دورات متخصصة لهم وتشجيعهم على المشاركة فيها لتحقيق المنفعة والفائدة، ولا أبالغ إن أوضحت بأنه ينبغي على فئة أصحاب الهمم بما يتناسب مع إعاقتهم ضرورة الإلمام بالإسعافات الأولية كالتنفس الصناعي وإنعاش القلب بالضغط باليدين، التي تعد الفارق الأهم في حياة مريض السكتة القلبية، حيث يمكن للفرد المدرب على الإنعاش القلبي أن يعيد الحياة لقلب إنسان قبل وصول الفريق المختص، شريطة التحقق من توقف القلب».

 

مهارات الإسعافات

من جانبها نوهت وداد عبدالله سعيد، قانونية، بتوسيع دائرة توعية أصحاب الهمم بشكل أكبر حول مهارات الإسعافات الأولية، وعرض برامج تثقيفية وفيديوهات من قبل الجهات المعنية والقائمين على الجهات والمؤسسات الصحية، بحيث تتضمن شرح طريقة إسعاف المرضى عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي، وترى أنها الوسيلة الأنسب لإيصال المعلومات والتحذيرات الهامة، عبر منبر اجتماعي يتصفحه أصحاب الهمم. وأضافت: «وهذا لا يُغني بلا شك من تقديم الدورات بشكل واقعي، لا سيما تدريب أصحاب الهمم على القيام باستعمال أجهزة الإسعافات الأولية، وضرورة تأهيلهم ليتمكنوا من القيام بالإسعافات الأولية، مشيرة إلى أن هذه الدورات والحملات التوعوية تأتي إيماناً من الجمعيات والمؤسسات المعنية بالأخذ بيد أصحاب الهمم لينقذوا أرواحاً عديدة».

تعامل احترافي

وأوضحت نجاة عبدالله آل علي، أُم لشاب من فئة أصحاب الهمم، أصم، أن ابنها شارك مؤخراً في مملكة البحرين في دورة خاصة تُعنى بإكساب أصحاب الهمم وخاصة فئة الصم مهارات وفنون الإسعافات الأولية. وقالت: «إن ابني العشريني يعلم اليوم كيف يتعامل مع حالات الصرع والتشنجات، وكيفية التعامل مع حالات الاختناق الناتجة عن ابتلاع جسم غريب، وكيفية التعامل مع حالات فقدان الوعي. كما تم تدريبه على كيفية التحكم بفتح مجرى التنفس وكيفية عمل إنعاش قلبي رئوي عند الحاجة».

وأضافت: «لم أتردد مطلقاً في مشاركة ابني في دورة الإسعافات الأولية المكثفة، فمن حقه أن يتعلم ذلك، ولتعزيز مهاراته للتعامل مع الحالات الطارئة حتى يتمكن من تقديم الإسعاف للحالة بالشكل الطبي الصحيح بشكل سريع ودقيق».

 

شركاء

يُعتبر أصحاب الهمم شركاء استراتيجيين في التنمية المجتمعية والتنمية المستدامة، فمن الضروري أن تتغير النظرة إليهم لأنهم أشخاص مبدعون وماهرون وقادرون على أداء أي عمل، لكنهم فقط بحاجة إلى الثقة والأمل، لذلك فعلى المنظمات الطبية والمجتمع الدولي إيجاد أدوات إسعافية طبية تلائم الوضع الخاص لفئة أصحاب الهمم، بحيث تكون سهلة الاستخدام، لإعطائهم الفرصة الحقيقية للمساهمة في حماية الأفراد وإنقاذ أرواحهم.

 

70 %

تزايد التوقف المفاجئ للقلب في الآونة الأخيرة، وأن المراهقين والبالغين أصبحوا أكثر عرضة له وأظهرت الدراسات الحديثة أن الإنسان الذي يعاني من مشاكل صحية مزمنة معرض لتوقف قلبه في الأماكن العامة والمنزل بنسبة 70%، لذلك فإن وجود شخص مدرب وحتى إن كان من أصحاب الهمم على كيفية إجراء الإنعاش القلبي في الأماكن العامة، قد يكون فارقاً بين الحياة والموت.

 

اقتراح

اقترح المشاركون في الاستطلاع، ضرورة إعادة النظر في المقررات والمناهج الدراسية، وأهمية إضافة الإسعافات الأولية كمادة أساسية بشقيها النظري والعملي، منذ المرحلة الإعدادية وحتى مراحل دراسية متقدمة، ليستفيد منها النشء، لاسيما فئة أصحاب الهمم في التعامل مع الحالات التي قد يصادفونها في المناطق العامة، كالمدارس والأسواق والحدائق العامة.

 

دورات تخصصية لأصحاب الهمم في ثقافة الإسعاف

تحرص إدارة جمعية المعاقين بصرياً في الشارقة على تنظيم دورات تخصصية في الإسعافات الأولية باستقطاب مدربين دوليين، وتهدف تلك الدورات إلى نشر ثقافة الإسعافات الأولية بين المستهدفين وهم فئة أصحاب الهمم، بحيث يكونون سبباً في إنقاذ حياة أشخاص آخرين عند تعرضهم للإصابات في الحوادث، والتعامل الصحيح مع الظروف الصحية المفاجئة.

وقال عادل الزمر رئيس مجلس إدارة الجمعية: نهدف أولاً وأخيراً إلى زيادة وعي أعضاء الجمعية حول الإسعافات الأولية، وإمكانية إنقاذ أرواح المصابين، إلى جانب تعلم فنون ومهارات الإسعافات الأولية التي يمكن أن يساعد فيها المصاب قبل وصول المسعف. وأضاف: يتحتم على جميع أفراد المجتمع بلا استثناء تعلم أسس الإسعافات الأولية، وذلك ليكونوا دائماً على استعداد لإنقاذ روح.

وأضاف: من حق أصحاب الهمم أيضاً اكتساب مهارات الإسعافات الأولية بما تسمح به إعاقته، فلعله قد يسهم في المحافظة على حياة المصاب بتوفير أو تقديم العناية الفورية بإصابات الحوادث والأمراض المفاجئة، والحد قدر المستطاع من حجم الإصابة باتخاذ إجراءات وقائية، والتمييز بين ما يجب عمله وما لا يجب عمله، موضحاً بأنه من غير المعقول أن يُحرم أصحاب الهمم من مهارات الإسعافات الأولية بحجة عدم قدرتهم على الإسعاف أو البنية الجسمية السليمة التي لا يتمتعون بها بحسب حجم الإعاقة، مشيراً في الوقت ذاته إلى «أننا نجد أن مشكلات المصابين نفسها تختلف من حالة لحالة، فمنها ما هو سهل القيام به من قبل أصحاب الهمم، والآخر من الممكن أن يساعدهم فيه أشخاص آخرون، ومثال ذلك حالات الإنعاش، والسيطرة على فقدان الدم، إلى غير ذلك».

صفحة تناقش اهتمامات القراء وتتفاعل معهم

Email