رؤساء تحرير خلال المنتدى:

تطوير المحتوى وانتشاره عبر الوسائط الرقمية أولوية للصحف

ت + ت - الحجم الطبيعي

بحثت جلسة نقاشية بعنوان «مستقبل الصحف» ضمن فعاليات الدورة الثامنة عشرة لمنتدى الإعلام العربي التي انطلقت في دبي، أمس، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، واقع وآفاق الصحف المطبوعة في ظل التوجه المتزايد نحو الوسائط الرقمية.

وناقشت الجلسة التي أدارتها الإعلامية في مؤسسة دبي للإعلام سحر الميزاري، آليات تطوير المحتوى الصحفي وتعزيز انتشارها عبر مختلف المنصات، مع استعراض بعض التجارب الناجحة على المستوى المحلي والإقليمي.

مواصلة التطوير

وأكدت منى بو سمرة، رئيس التحرير المسؤول لصحيفة «البيان»، خلال الجلسة، أهمية التجديد المتواصل، لافتةً في هذا الإطار إلى أن «البيان»، مع نظيراتها من الصحف الإماراتية، تحرص على مواكبة استراتيجيات دولة الإمارات في مختلف المجالات.

ولفتت إلى أن التطور والتحديث المستمر من أهم ميزات دولة الإمارات ودبي، إذ إن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تهدف إلى تحقيق المراكز الأولى دائماً في شتى المجالات، وفي هذا الإطار تلتزم صحيفة «البيان» بمواصلة التطوير والتجديد، حيث بدأت منذ 3 سنوات خطة استراتيجية لتطوير المحتوى الرقمي والمطبوع بشكلٍ متوازٍ ضمن توجه موحد ونسق متكامل، كما تغير حجم النسخة الورقية للصحيفة من 100 صفحة قبل بضع سنوات إلى 60 صفحة حالياً، وذلك بالتوازي مع تغيير الرؤية البصرية للصحيفة وتطوير محتوى متجدد بما يتلاءم مع متطلبات شريحة الشباب، إذ من الضروري أن تقدم الصحافة الورقية المزيد من العمق والرأي والتحليل والتحقيقات الاستقصائية.

وأشارت بو سمرة إلى أن هذه الجهود تمت بالتوازي مع تطوير القنوات الرقمية لـ«البيان» وفي مقدمتها الموقع الإلكتروني للصحيفة الذي بات مواكباً للأحداث المحلية والعالمية أولاً بأول، وفيما كان يعتمد منذ عدة سنوات بشكل كامل على محتوى النسخة المطبوعة للصحيفة، بات 50 % من محتوى الموقع مواد صحفية مخصصة للإعلام الرقمي، كما تم إطلاق منصة الفيديو «شوف البيان»، التي تقدم محتوى مصوراً ومتنوعاً في مختلف المجالات.

ولفتت إلى أن «البيان» حرصت على إعادة إحياء دور الراديو عبر الوسائط الرقمية من خلال تقنية الــــ«بودكاست»، إذ تم توفير محتوى الصحيفة عبر منصة بودكاست بحيث يمكن للقارئ الاستماع لمختلف المواد الصحفية، وفي هذا الإطار، دشنت «البيان» سلسلة صوتية لمجموعة قصص من كتاب «قصتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

وذكرت بو سمرة أن للصحافة الورقية والمحتوى المطبوع نكهة خاصة تفضلها شخصياً بالرغم من التوقعات المتشائمة لمستقبل الإعلام الورقي.

وأشارت بو سمرة إلى أن التطورات والمستجدات التقنية المتلاحقة تفرض ضرورة المواكبة المستمرة والسريعة، وأوضحت أن العالم يعيش الآن عصر الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة على غرار «بلوك تشين» والواقع الافتراضي وغيرها، لافتة إلى أن استراتيجيات حكومة الإمارات السباقة وتعيين وزير دولة للذكاء الاصطناعي، شكل دافعاً لجميع الدوائر والجهات والمؤسسات ومن ضمنها وسائل الإعلام للتسابق على تطبيق هذه التقنيات وتوظيفها في خدمة المجتمع، وكانت «البيان» سباقة في دخول عالم الذكاء الاصطناعي محققة تحولاً جديداً في مسيرة إعلامها الرقمي الذي يصحب الجمهور دائماً إلى «فضاءات بلا حدود»، حيث قدمت الصحيفة على موقعها الإلكتروني تقنية «التخصيص الذكي» التي تتيح لكل متصفح أن يكون له موقعه الخاص، حسب جنسه وعمره والمكان الذي يوجد فيه، وسميت هذه الخاصية بـــ«بياني، موقع لكل قارئ»، ومن شأنها أن تضفي الطابع الخاص على تجربة التصفح لكل زائر لموقع «البيان» الإلكتروني، عبر خلق تجربة فريدة لكل زائر لا تشبه تجربة غيره، وعبر هذه الخاصية يتغير موقع «البيان» بتغير الشخص الذي يتصفحه، حتى لو كان الاستخدام يحصل في الوقت ذاته، وبحسب المكان الذي يحصل منه التصفح يتيح الموقع الأخبار الأساسية المتعلقة بهذا المكان تحديداً.

وأضافت بو سمرة: كما تم إطلاق تقنية جديدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي «المساعد الافتراضي الصوتي للبيان»، وتم استحداث تطبيق خاص هو «البيان AI» وبالإمكان تحميله عبر الهواتف والأجهزة الذكية، ويتيح للمتصفحين أن يتحدثوا بصوتهم للتطبيق، ويسألوه عما يرغبون بقراءته أو مشاهدته، مؤكدة مواصلة العمل على تقييم هذه التجربة أولاً بأول لتطويرها أكثر.

ولفتت إلى أن ترشح «البيان» لجائزة الصحافة الذكية ضمن جائزة الصحافة العربية للعام الثالث على التوالي يضع الصحيفة أمام تحدٍ ومسؤولية لمواصلة التميز والتطوير في ظل وضع لجان التحكيم معايير مختلفة ومحدثة للجائزة سنوياً.

صفحات بيضاء

من جانبها قالت نايلة تويني، رئيس تحرير صحيفة «النهار»، رداً على سؤال حول توقف العديد من الصحف اللبنانية عن الصدور على غرار السفير والأنوار وانتقال بعضها إلى الوسائط الرقمية وإيقاف النسخة الورقية، إن خسارة العديد من الصحف في لبنان وفقدان العديد من الصحفيين لوظائفهم أمر مؤسف، وأوضحت أن هذا الواقع يأتي بدفع من عدة عوامل من ضمنها الجانب المالي والإعلانات بالإضافة إلى متطلبات التطور والتغيير.

ولفتت إلى أن «النهار» باشرت منذ 8 سنوات مسيرة التحديث لمواكبة التحول الرقمي وأصبح موقع الصحيفة إخبارياً على مدار 24 ساعة بالتزامن مع تنويع المحتوى ليشمل إلى جانب السياسة والاقتصاد مجالات متنوعة تشمل قضايا المرأة والصحة ونمط الحياة والشباب، مع إتاحة فرصة الكتابة والمشاركة في المحتوى أمام مشاركين جدد الكثير منهم ليسوا صحفيين بل من هواة الكتابة، كما أطلقت الصحيفة نسخة انجليزية وطورت منصة إلكترونية مدفوعة الاشتراك.

وأشارت إلى أن النهار طورت النسخة الورقية ضمن مشروع متكامل بحيث لا يتضمن أخبار اليوم السابق التي بات الجميع يتابعها على شاشة الهواتف والكمبيوتر بشكل آني، بل وفرت تحليلات معمقة ولقاءات وتقارير موسعة.

ولفتت تويني إلى مبادرات ومشاريع أطلقتها «النهار» أدت إلى نفاد نسختها الورقية من الأسواق، مشيرةً إلى أن الصحيفة نشرت العام الماضي عدداً بصفحات بيضاء احتجاجاً على عدم تشكيل الحكومة اللبنانية والأوضاع السياسية حينها، وقد أثارت هذه المبادرة ضجة في الشارع اللبناني وارتفع الإقبال على شراء النسخة الورقية البيضاء، مما يؤكد قوة الصحافة الورقية حتى في العصر الرقمي.

متطلبات

وأشار عثمان العمير، ناشر ورئيس تحرير صحيفة «إيلاف» الإلكترونية، إلى أن العديد من الصحف والمجلات العريقة في العالم، على غرار «إيكونوميست» و«فايننشال تايمز» و«وول ستريت جورنال» نجحت في مواكبة متطلبات المرحلة الحالية والعصر الرقمي.

ولفت العمير إلى عدم وجود أطر تعيد الاعتبار للصحف الورقية في المنطقة منذ خمسين عاماً لمواكبة التطورات التقنية وتغير التعليم ومتطلبات الأجيال الجديدة، مؤكداً أهمية تغيير هياكل المؤسسات الإعلامية للصحافة الورقية، فهناك العديد من الصحف لا تزال تعمل وفق ذات الأطر وأنظمة العمل القديمة، إذ لم تتغير آليات انتخاب إداراتها ومساهميها واختيار رئيس التحرير.

وأكد العمير أن القضية في جوهرها لا ترتبط بالإعلام الورقي بحد ذاته، بل هي قضية محتوى وحس صحافي، داعياً إلى تطوير مهارات وقدرات الصحفيين مهنياً، وأشار إلى أنه ومن أجل إعادة بناء الصحافة الورقية وبهدف تطوير المؤسسات الإعلامية، يجب بناء مؤسسات صحفية تخاطب الجمهور عبر جميع الوسائل والقنوات الحديثة بمحتوى مناسب، لافتاً إلى أن الصحف باتت تقدم المحتوى عبر مختلف الوسائط بما تشمل النسخة الورقية للوصول إلى جميع شرائح الجمهور.

مستقبل الصحافة مرتبط بالإبداع والابتكار

قالت منى بو سمرة رئيس التحرير المسؤول لـ«البيان» إن مستقبل الصحافة مرتبط بالإبداع والابتكار، مؤكدةً أهمية البحث عن الكفاءات والكوادر المؤهلة والشابة لاستقطاب الجيل الجديد من الشباب في ظل إقبالهم الواسع على الإعلام الرقمي، مشيرة إلى أنهم يتمتعون بالقدرة على قيادة الصحافة الرقمية ومن الضروري الاستفادة من مهاراتهم وحماسهم لتعزيز نجاح المؤسسات الإعلامية، مشيرة إلى أن مستقبل الصحافة مرتبط أيضاً بتقديم التحليل والمحتوى المعمق.

Email