أشادوا بدعم الدولة للمبدعين وتحفيزهم بالمبادرات الوطنية

مبتكرون يطالبون بحاضنة «اتحادية» لمشاريعهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

طالَبَ مخترعون إماراتيون بضرورة إنشاء مؤسسة أو جهة اتحادية تتولى ربط المبتكرين ببعضهم البعض بالدولة ومتابعة مشاريعهم الابتكارية واختراعاتهم وتطويرها.

وأن تتولى تلك الجهة عقد المؤتمرات وورش العمل بشكل دوري على مستوى الدولة تمكنهم من التواصل فيما بينهم وتبادل الخبرات والتعرف إلى الفعاليات المختلفة التي تنظمها الجهات بالدولة لدعم المخترعين والتنسيق فيما بينهم، ودعوا جامعات الدولة إلى إنشاء لجان مختصة بالابتكار تدعم الطلبة وتنمي الأفكار الإبداعية لديهم وتسهم في تطويرها مادياً ومعنوياً.

وأجمع مخترعون ومخترعات عبر تحقيق أجرته «البيان» على الدور الذي تقوم به الدولة في دعم المبتكرين وتحفيزهم، خاصة أن الابتكار يعد عنصراً من المحاور الوطنية لـ«رؤية الإمارات 2021».

لافتين إلى اعتماد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في عام 2015 السياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، والتي تتضمن 100 مبادرة وطنية، وميزانية تزيد على 300 مليار درهم حتى عام 2021.

وطالبت أمل اليماحي، طالبة في الماجستير تخصص إدارة هندسة في جامعة أبوظبي، تم تكريمها قبل سنوات من قبل وزارة الداخلية لابتكارها جهاز محاكاة للقيادة مرتبطاً بنظارة ذكية، بضرورة إنشاء مؤسسة أو رابطة أو هيئة اتحادية للمبتكرين على غرار مؤسسة الإمارات للشباب يكون دورها التشبيك بين المخترعين والمبتكرين على مستوى الدولة.

مؤكدة أنه بالرغم من الجهود التي تبذلها العديد من المؤسسات المعنية بالابتكار بالدولة ومنها الجامعات فإننا، نحن المخترعين، لا نجد التنسيق الكافي أو الربط بين أبناء الدولة المخترعين، وهو أمر غاية في الأهمية لتبادل الخبرات والمعرفة.

وأشارت إلى أنها شخصياً بالرغم من اهتمامها بموضوع الابتكار فإنه لا يتسنى لها معرفة الفعاليات والمؤتمرات والندوات التي تعقدها بعض الجهات بين فترة وأخرى بسبب عدم وجود تواصل أو شبكة تجمع المخترعين، داعية إلى ضرورة توفير مثل هذه الرابطة وأن يكون لها موقع على الشبكة العنكبوتية بحيث يسهل التعرف من خلالها إلى أهم المعارض والمؤتمرات والندوات التي تتعلق بالابتكار والمسابقات وغيرها.

ودعت اليماحي الجامعات بالدولة إلى إنشاء لجان مختصة بالابتكار تدعم الطلبة وتنمي الأفكار الإبداعية لديهم وتسهم في تطويرها مادياً ومعنوياً، مشيرة إلى أن بعض الصعوبات التي قد يواجهها المبتكر عدم توفر أدوات معينة يحتاجها في ابتكاره فيضطر إلى طلبها من خارج الدولة.

دعم الابتكارات

كما دعا طلبة مبتكرون مواطنون مشاركون في مهرجان العلوم بأبوظبي 2019، إلى ضرورة إنشاء مؤسسة أو هيئة اتحادية متخصصة، بمتابعة وتقييم ابتكاراتهم ونماذج اختراعاتهم، تضمن دعم تلك الابتكارات والمشاريع مادياً ومعنوياً مع ضرورة أن يعهد لها مهام تنفيذ آليات وإجراءات معنية، تحفظ حقوق المخترعين القانونية، فضلاً عن تسويق مشاريعهم على المستويين المحلي والإقليمي.

وأشاروا إلى أن عدم وجود جهة اتحادية حاضنة للمشاريع، تتولى مهام دعم مشاريعهم الابتكارية، وتذلل الإشكاليات كافة المرتبطة بالعملية ومنها ارتفاع التكاليف المالية، يجعل بعض المبتكرين يفكرون في بيع مشاريعهم إلى جهات خاصة قد تستغل حاجتهم للمال لسد تكاليف إنشاء المشروع، في شراء مشاريعهم بمبالغ زهيدة، حتى وإن كان المبتكر على علم بأن مشروعه في حال وجد الدعم اللازم قد يحقق أرباحاً مالية ضخمة.

وشددت المبتكرة عهود الجيلاني على أهمية أن تعالج المؤسسة أو الجهة الحكومية مواضيع الدعم المادي لتكاليف إنشاء المشاريع الابتكارية، مع منح المبتكرين الفائزين في المسابقات الابتكارية الأفضلية في الحصول على كل المميزات التي توفرها الدولة لمواطنيها المبتكرين سواء تلك التي تتعلق بالحصول على بعثات دراسية خارجية أو دورات تعليمية محلية وغيرها من وسائل الدعم.

وقالت: إنها جاءت للمرة الثانية على التوالي إلى معرض أبوظبي للعلوم، باحثة عن فرصة عرض ابتكاراتها، موضحة في الوقت نفسه أن تجربتها خلال السنة الماضية بيّنت لها أن بعض الشركات والمؤسسات تحرص على التعرف إلى اختراعات المشاركين، حيث يلمس الشباب المبتكرون اهتماماً وتأثيراً كبيرين، خاصة أنها تقوم بالتواصل مع المبتكرين بعد اقتناعها بجدوى الاستثمار في مشاريعهم.

وأكدت زينب محمد أهمية وجود جهة وطنية يتم إنشاؤها وفقاً لقانون، تتولى مهام مراقبة وتشجيع المبتكرين المواطنين، وتقييم مشاركاتهم في المعارض والورش المعنية، للتعرف من كل شاب مبتكر إلى المشاريع التي عكف على تنفيذها، ومدى إمكانية تطوير المشروح بحيث يحقق التطلعات المرجوة منه.

واعتبرت عبير سليمان أن من شأن هذه الجهة ضمان استمرارية تدفق المشاريع الابتكارية إلى كل القطاعات العاملة في الدولة، ما سينعكس بالإيجاب على جهود ومبادرات تشجيع المواطنين على الابتكار، ضاربة المثال بقصص النجاح في قطاع الابتكار في الدولة، الذي يقوده مواطنو الدولة منذ عام 2015، والذي أطلق عليه عام الابتكار.

وأشاد المبتكر سعيد الشامسي بدور قيادة دولة الإمارات في تشجيع وتعزيز مفهوم الابتكار في المجتمعات، من خلال طرح برامج ومبادرات نوعية في منظومة بناء العقول الإماراتية المبتكرة، ودعمهم بتذليل كل العقبات التي قد تعترض طريقهم.

وقال إن المواطن الإماراتي على قدرة عالية من المعرفة والمهارة، إلا أن عدم وجود جهة اتحادية تتولى تبني مشاريعهم، دفع مجموعة من المبتكرين إلى عرض ابتكاراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للفت الأنظار إليها والمطالبة بتبنيها أو بيعها بأسعار زهيدة على الرغم من إمكانية تحقيقها نجاحات كبيرة في حال وجدت الدعم، موضحاً أن وجود هيئة سيسهم في تعزيز بيئة الابتكار في المجالات المختلفة.

وشددت مزنة العبري على أن تسويق المشروع لا يقل أهمية عن الفكرة والتنفيذ، خصوصاً أنه من دون تسويق، ووجود هيئة أو جهة اتحادية تتبنى الابتكار سيظل مجرد نموذج أولي غير قابل للتطوير والتحديث، ولن يحقق التطلعات المستقبلية والأهداف المرجوة منه.

ثقة المجتمع

من جانبه، قال خالد آل علي، مهندس تخطيط في قسم الصيانة في أدنوك لمعالجة الغاز، ومخترع «بارجيل لطاقة الرياح والطاقة الشمسية» والحائز مؤخراً على ميدالية ذهبية والمركز الأول لجائزة مكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون في المعرض الدولي الحادي عشر للاختراعات بالشرق الأوسط والمنعقد في دولة الكويت: إن بيئة الابتكار والاختراع تحتاج إلى دعم المجتمع قبل الدعم المالي.

حيث يحتاج المخترع إلى ثقة المجتمع بقدراته في الإبداع ومهاراته وكفاءته وقدرته على تقديم الحلول في نطاق تخصصه، فهذه الثقة حافز معنوي كبير يدفع المبتكر قدماً نحو الأمام.

وتمنحه الإحساس بالمسؤولية وتقديم الأفضل. وأكد أن جميع الابتكارات تبدأ أصلاً بأفكار إبداعية، حيث يعمل الابتكار على هذه الأفكار بإحداث تغييرات معينة ملموسة في المنتج، ومن هنا يكون الإبداع أو الأفكار الإبداعية انطلاقة للابتكار.

فهذا خط الانطلاق نحو الفكرة المميزة، ولكنها غير كافية في حد ذاتها، حيث ينبغي أن يتم فحص الأفكار وتجريبها على أرض الواقع للتعرف إلى فعاليتها والعمليات المرتبطة بها وطرق إدارة هذه العمليات بأقل تكلفة وجهد.

نصائح وحلول لمواجهة تحديات ومعوقات الابتكار

استعرضت نعمة أحمد المرشودي مديرة المحتوى في المشاريع الخاصة بدائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي أهم التحديات والمعوقات التي تواجه الابتكار بشكل عام مع عرض أهم الحلول، مؤكدة أن أبرزها يتمثل في الخوف من الخطأ والفشل، فقد يقع المُبتكِر في الخطأ، أو الفشل، وهذا ليس بعيب أو نقص، فالوقوع في الخطأ يُعد بمثابة درس قد يُعلِّم الإنسان الكثير.

ويُجنِّبه الوقوع فيه مرّة أخرى، لذا يجب ألّا يكون الوقوع في الخطأ عائقاً أمامه. وأشارت إلى التحدي الثاني وهو التقيُّد بالعادات، موضحة أن التقيُّد بالعادات والسَّير على نمط السابقين من دون تفكير أو ابتكار ما هو جديد، يقتل أنواع التفكير الإبداعيّ جميعها.

فالعادة تُمثِّل استجابة نَمَطيّة ومُتكرِّرة لأفعال سابقة، لذا لا بُدّ من تقدُّم الشخص دائماً نحو الأمام، والنظر إلى جوانب الضعف، والقوّة، لتقرير الخيار الأنسب، ولتقديم الإبداعات، والابتكارات.

وقالت المرشودي: إن عدم الثقة بالنفس قد تعرّض المبتكر للإحباط أو التثبيط من الآخرين، بهدف قتل روح الإبداع والابتكار فيه، فالمثبِّطون يُعبِّرون عمّا يناسب أفكارهم، ورغباتهم، وليس عمّا يناسب الآخرين، لذا يجب الاستماع إلى الأشخاص المُحفِّزين، والمُبدِعين، والاستفادة منهم، مضيفة أن الخوف والخجل من أبرز مُعوِّقات الإبداع.

وعلى المبتكر تجنُّب الخوف، مع الحرص على إطلاق العنان لتفكيره، وقدراته، وإبداعاته. كما لفتت إلى أحد التحديات في موضوع الابتكار، وهو الاعتماد على الآخرين والتبعيّة لهم، مؤكدة أنه لا يجب على الشخص المبتكر اتّباع نَهْج الآخرين، بل يجب عليه تَبنّي نهجه الخاصّ القائم على الأدلّة، والاجتهادات المَبنيّة على أُسُس صحيحة وسليمة.

أهمية الوقت

وشددت على أهمية الوقت لأن عدم تنظيم الوقت قد يجعل الشخص المبتكر يقضي الكثير من الوقت في أداء الأعمال والأنشطة غير المفيدة، بحيث يرى أنّ الوقت لا يُغطّي جوانب الحياة الأساسيّة جميعها، ويجد أنّه لا وقت للإبداع، والابتكار، والتفكير، لذا ينبغي على المبتكر تنظيم وقته، ووَضْع برنامجه الخاص، إضافة إلى التقليل من الأنشطة غير المفيدة.

ورأت مديرة المحتوى في المشاريع الخاصة بدائرة التعليم والمعرفة أن التسويف وتأجيل الأعمال والمَهام المُقرَّرة إلى وقت لاحق، وعدم المُبادرة، والمُسارعة لإنجازها في أماكن العمل تعد من أهم المعوقات، لذا لا بُدّ للمبتكر من المُبادرة في عمله، والتخطيط للمهمّة المعروضة، بهدف تنفيذها بأسرع وقت مُمكِن.

العوامل المحفزة كما استعرضت المرشودي أهم العوامل التي تساعد على تحفيز الابتكار، ومنها البيئة الداخلية، حيث تساعد بيئة العمل الداخلية التي تمنح الحرية للمبتكر والسيطرة على العمل والأفكار للفرد نفسه على تشجيعه على الابتكار، إضافة إلى الإدارة الناجحة للمشروع وتوفير المصادر اللازمة والتشجيع والتحميس وإيجاد حوافز للابتكار وإعطاء فرصة التجريب واختبار الأفكار الجديدة.

وشددت على أهمية المكافأة والتقدير للعمل الجيد وصاحبه وتوفر الوقت للتفكير العميق وعدم العمل بطريقة إدارة الأزمات، إضافة إلى التحدي بإتاحة الفرصة للموظف ليقوم بعمله بطريقة مختلفة ووجود مناخ عام للمنظمة، يقبل الآراء الجديدة وتطوير طرق لحماية المبتكرين بهذه الآراء.

وحول العوامل الذاتية الشخصية التي تحفز الفرد على الابتكار، أكدت المرشودي أهمية إجهاد الذهن وإعمال الفكر وتهيؤ العقل وانشغاله بالفكرة وتقبل ممارسة الفكر الجماعي والمنهجية العلمية في التفكير بتحليل النتائج وتحديد جوانب التأثير.

إضافة إلى مصاحبة المفكرة والقلم دوماً، فالأفكار قد تخطر فجأة فإذا لم ترصد قد تضيع. وشددت على أهمية القراءة وسعة الاطلاع والقدرة على الملاحظة الدقيقة وخصوبة الخيال ووضوح الأفكار.

دعم القيادة

وأكدت اهتمام القيادة الرشيدة بالإبداع والابتكار، ورصدها كل أنواع الدعم لتحفيز بيئة الإبداع والابتكار على مستوى الأفراد والمؤسسات، مشيرةً إلى أن انعقاد شهر الابتكار الإماراتي يعكس مدى حرص قيادتنا الرشيدة على نشر وترسيخ ثقافة الابتكار، وإيمانها بأن الابتكار وسيلة أساسية لتحقيق التنمية، وزيادة القدرة التنافسية وتحفيز الأجيال على بذل المزيد من الجهود، والعمل بطريقة مبتكرة.

لافتة إلى أن قيادتنا الرشيدة أطلقت استراتيجية الذكاء الاصطناعي لمواكبة التطور والثورة الرقمية، واهتمت بالابتكار وجعلته أولوية ومرتكزاً في مشاريعها ومبادراتها كافة، وزرعت فينا أن الإبداع والابتكار مهمة ومسؤولية الجميع.

وقالت: إن دائرة التعليم والمعرفة كونها المنسق الرئيس لشهر الابتكار نفذت مجموعة من المبادرات الاستراتيجية التي تسهم في تحقيق رؤية القيادة الرشيدة وتحويل أبوظبي إلى وجهة رئيسية للابتكار.

إضافة إلى التنسيق مع الجهات الحكومية في أبوظبي لعرض مبادراتها وابتكاراتها على كل أفراد المجتمع. وعبّرت المرشودي عن فخرها بما حققه الشباب الإماراتي من ابتكارات واختراعات، وقالت: إن ذلك يؤكد أنه سيكون لهم مستقبل واعد في تعزيز مسيرة التقدم والتنمية في الدولة.

Email