عام التسامح.. رؤية الإمارات

عبد العزيز الغرير

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع بداية عام 2019، أي قبل عام واحد من انطلاق معرض إكسبو دبي 2020، تشمخ الإمارات كنموذج يحتذى به للنجاح والازدهار، ليس فقط بالنسبة للمنطقة بل للعالم أجمع.

خلال عقود قليلة عززت دولة الإمارات العربية المتحدة موقعها الريادي، حيث لعب النمو في قطاع الخدمات المالية والتجارية، والأنشطة اللوجستية والتجارية والسياحية دوراً مهماً لتصبح من أهم المراكز العالمية.

ونحن اليوم دولة شابة تبلغ ما يقارب 50 عاماً، إلا أن طموحاتنا كبيرة جداً لا حدود لها. كما أننا نتحلى بثقة كبيرة بقدرتنا على بناء أمتنا، وبناء موارد بشرية وبنية تحتية وصناعية.

ويعلم الجميع أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتمتع بمكانة بارزة على الساحة الدولية، من خلال ثقافتها وتعزيز الروابط مع جيراننا في دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي، وفي أنحاء العالم.

ويعزى هذا المستوى غير المسبوق من النجاح إلى قيادتنا الحكيمة، حيث انتهجوا فلسفة التسامح والتنوّع في حياتنا اليومية.

ووفرت هذه الفلسفة الأساس القوي لمجتمع متماسك في دولة الإمارات، ومنفتح على الشعوب من مختلف الثقافات.

وكانت مساهمات وجهود أشخاص من مختلف الجنسيات طوال فترة النمو السريع للبلاد، عظيمة الأثر. وهنا أذكر كلام والدي، والذي كان يقول دائماً أنه إلى جانب لغتنا العربية، التي نفتخر بها، يمكن للمرء أن يستفيد من إتقان اللغة الإنجليزية والهندية والأوردو والتغالوغية في هذه المدينة.

وفي الواقع، استطعت شخصياً تعلم العديد من اللغات عن طريق التحدث مع أفراد من مجتمعنا بعقل وقلب مفتوحين، ومستعدين لاحتضان وتعلم أفضل القيم والممارسات من أشخاص من خلفيات ثقافية متنوعة ويقيمون في دولة الإمارات كموطن لهم.

واليوم، تستضيف دولة الإمارات أفراداً من جميع الأديان، ومن أكثر من 200 جنسية مختلفة يعيشون معاً في وئامٍ تام. وتعد بلادنا منارة أمل في منطقتنا هذه. وقد عزز التواصل المفتوح والتبادل المحترم للأفكار واحة التسامح هذه.

وجدير بالذكر أن هذه الفلسفة هي الفلسفة ذاتها التي ساعدت في نجاح أعمالنا وتميزت كحجر أساس في بنك المشرق، أقدم مؤسسة مالية في المنطقة. ويفخر المشرق بوجود موظفين من أنحاء العالم من أكثر من 60 جنسية. ولا يعد تشجيع التنوع في مكان العمل مجرد أمر صحيح ينبغي القيام به، بل إنه مفيد جداً للأعمال، إذ يساعد في تلبية احتياجات عملائنا المتنوعة. وانطلاقاً من سعينا لتوفير فرص متكافئة، فإننا نستثمر الكثير من الموارد لبناء بيئة عمل شاملة ومميزة.

ويأتي إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة أن عام 2019 هو «عام التسامح»، ليعزز دور الدولة في تشجيع الاستقرار والازدهار في المنطقة.

ومن هنا، يبرز السؤال التالي: ماذا يعني لنا عام التسامح الذي قد بدأ للتو؟

وللإجابة عن هذا التساؤل، أود أن أشير إلى رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي أعلن فيها «عام التسامح» إذ قال: «إن الدولة مستعدة لمشاركة تجاربها الإيجابية وتعزيز فهم أوسع للقوة العالمية التي ينطوي عليها التسامح على صعيد المجتمع، والتعليم، ومكان العمل، والثقافة، والإعلام، والإمارات العربية المتحدة ككل»، وهذا يعني أننا وعلى مختلف المستويات، سواءً كمؤسسة، أو مسؤول، أو موظف، أو فرد في المجتمع، فإنه يمكننا أن نبني على ركائز هذه الرسالة المهمة.

وأنا أهدف بصفتي مسؤولاً في القطاعين العام والخاص، إلى تعزيز التسامح عن طريق تشجيع الحوار وتنفيذ السياسات التي تشجع على الانسجام والتعايش.

وتندرج مبادراتنا في بنك المشرق تحت ثلاثة مجالات واسعة هي: رعاية الموظفين، ورعاية الأسرة، ورعاية المجتمع. ويعتبر الانخراط المباشر مع الموظفين في مختلف المستويات الطريقة الأكثر فعالية في التواصل مع موظفينا. ونحن نقدر المواهب ونطلق العنان للإمكانات الفردية ونكافئ الإنجاز والجدارة. كما أننا أيضاً نهتم برفاهية موظفينا، ونشجع على خلق بيئة يمكن فيها أن يزدهر الإبداع والتفكير الخلّاق.

كما يلتزم المشرق بدعم المجتمع الأوسع والمساهمة في إطلاق مبادرات تساعد في بناء مجتمع سعيد.

ولقد رأينا التأثير الإيجابي الذي يمكن لهذه الجهود أن تعود به على المجتمع وكذلك على أنفسنا. فعلى سبيل المثال، قمنا عبر مبادرة أجيال المستقبل من بنك المشرق بدعم تعليم أكثر من 100 طفل في آسيا ممن ساهم آباؤهم في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة. ولم تقتصر أهمية هذه المبادرة على التعبير عن امتناننا فحسب، بل كان لها تأثير طويل الأمد على حياة تلك العائلات، ونحن نعمل حالياً على مبادرات جديدة مختلفة سيتم إطلاقها قريباً.

وفقط من خلال العمل يمكننا أن نبرهن عن مدى التزامنا بالمبادرة التي أطلقها قادة أمتنا، حفظهم الله ورعاهم، وأن ننقل حكمة الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى الجيل القادم.

وأنا هنا أدعو قادة القطاع الحكومي والقطاع الخاص لأن يكونوا داعمين من خلال اتخاذ الخطوات اللازمة وإطلاق المشاريع بناءً على الركائز التي حددها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لكي نتمكن معاً من جعل الإمارات العربية المتحدة العاصمة الدولية للتسامح الثقافي والديني.

وبصفتي مواطناً إماراتياً، فإنني في غاية الفخر بأنني من دولة لا تعترف وتقبل فحسب بل تحتفي بالتعددية الثقافية وتشجعها، وتجعل منها جزءاً لا يتجزأ من هويتنا الوطنية.

* الرئيس التنفيذي لبنك المشرق

Email