جمعة الماجد: قيمنا تُعلي الإرث الإنساني المشترك

التسامح ينقذ الكتاب

جمعة الماجد مستقبلاً البطريرك يوحنا العاشر يازجي في واحدة من محطات التواصل الإماراتي مع إخوة الإنسانية | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد معالي جمعة الماجد، على أهمية الدور الذي تضطلع به دولة الإمارات العربية المتحدة على صعيد إعادة الاعتبار لمفاهيم التسامح والتعايش، وقيم العيش المشترك. وهو الدور الذي تجسد بمبادرة إعلان العام الجاري عاماً للتسامح، وفي استضافة المؤتمر العالمي للأخوّة الإنسانية، التجمع الأكبر والأكثر تنوعاً في العالم العربي لقيادات دينية وفكرية، والذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين في أبوظبي.

وقال الماجد في تصريحات خاصة لـ «البيان»، إن قيم التسامح والتعايش حاضرة في الإمارات، واقعاً عيانياً وملموساً، في تجربة تنبض بالمحبة والإنسانية، ما يجعل منها نموذجاً يحتذى به، وتجربة تلهم الآخرين، وتؤكد على الإرث المشترك لأبناء البشرية والحضارة الإنسانية، الغنية بتنوعها، الذي يعبر عنه العدد الكبير من قيادات وممثلي الأديان والعقائد المختلفة، المشاركين في مؤتمر «الأخوة»، الأول من نوعه في المنطقة، وهو ما يترجم مكانة الإمارات كعاصمة عالمية للتسامح والتعايش والحوار السلمي بين الأديان.

وقال الماجد إن رعاية الدولة لمؤتمر الأخوة، يمثل إسهام خير، وجزءاً من المبادرات التي تحتاجها مجتمعاتنا اليوم، فيما أشار إلى أن زيارة نخبة من القادة الروحيين للإمارات، يتقدمهم في زيارة تاريخية، قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، من شأنه أن يشكل دفعاً لجهود ترسيخ مبادرات التعايش بين أبناء مختلف الثقافات، التي تتشارك في حضارة إنسانية واحدة.

وأشار الماجد إلى أن التسامح، واحد من القيم التي تأسست عليها دولة الإمارات، التي يمتلئ تاريخها بالمبادرات ذات الشأن، التي تتشارك بها القطاع الحكومي مع القطاع الخاص والمجتمع الأهلي، في جهود تعكس الالتزام الحضاري للدولة.

واستعرض الماجد، الدور الذي يؤديه مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، في الاهتمام بالأصول الثقافية لأتباع الديانات السماوية، والعقائد الكبرى، من وثائق ومخطوطات، دون تمييز أو استئثار، مشيراً إلى أن في رصيد المركز، نحو سبع وعشرين عاماً من العمل والتجربة في الحفاظ على التراث الإنساني، والاستثمار في الإنسان عبر التعليم.

ورأى الماجد أن تجربة «المركز»، العابرة للحدود الثقافية والانتماءات العقائدية، تعد مثالاً على قوة الانتماء للإنسانية، التي ينميها النموذج الإماراتي في التنمية، مستذكراً في الأثناء، الدعم اللا محدود لهذه التوجهات من قبل القيادة الرشيدة، لا سيما المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم.

منارة تسامح

ويجسد مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، مثالاً حياً على دور دولة الإمارات في ترسيخ قيم السلام والتسامح والتعايش وحوار الأديان والحضارات، من خلال جهوده المتخصصة، التي تشمل برعايتها، الحفاظ على التراث حول العالم، إلى جانب دوره الممتد على مدار ثلاثة عقود من الزمن، في خدمة الثقافة والتراث العربي والإسلامي.

إضافة إلى أنه واحد من منارات التسامح والمعرفة البارزة في دولة الإمارات والعالم، إذ يحفل تاريخ المركز بالعشرات من مبادرات التواصل مع ممثلي الثقافات والعقائد الأخرى، ممن تجمع بينهم أوعية ثقافية متعددة، وقدّم خدماته لها. ويذكر أن الفاتيكان كان على قائمة التواصل وعلاقات المركز منذ مرحلة مبكرة من تأسيسه. وهو ما يشير إلى إرث دولة الإمارات في التواصل الحضاري، المبني على أساس قيم التسامح والتعايش.

انطلق المركز، باعتباره هيئة خيرية علمية ذات نفع عام، تُعنى بالثقافة والتراث، وابتدأ بالاهتمام بجمع الأوعية الثقافية بمختلف أشكالها، وحفظها لفهرستها وتصنيفها، وصولاً إلى تقديم الخدمات المكتبية للباحثين وطلبة العلم والمعرفة.

ويعتبر المركز، جهة إماراتية مؤتمنة، على جزء ثمين من التراث العالمي من المطبوعات والمخطوطات، حيث يضم خزانة كتب متنوعة ومهمة، تشمل مجموعةً يندر أن تجتمع معاً في مكان واحد من المخطوطات الأصلية والمصورة، والأطروحات الجامعية، والوثائق التاريخية والسياسية، والدوريات القديمة والنادرة.

وفي جانب آخر، تبرز مسيرة المركز، ورسالته السامية في جمع التراث الإنساني وحفظه، وإتاحته للباحثين وطلبة العلم، جزءاً من رصيد الإمارات الإنساني، في العمل الإيجابي الريادي، حيث يمثل المركز اليوم، الجهة الأهم عالمياً في مجال ترميم الوثائق والحفاظ عليها، وتنظيم أشكال مبتكرة من التعاون الثقافي، وتبادل الخبرات مع الهيئات الثقافية ومراكز البحث داخل الدولة وخارجها، للوصول إلى الوحدة الإنسانية الثقافية.

تأسس قسم الحفظ والمعالجة والترميم في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، في شهر أغسطس من عام 1992 م، وهو منذ ذلك الحين، يمارس دوره الريادي، ويحقق الإنجازات التي تحظى باعتراف عالمي. ويقوم القسم بعمليات الصيانة التي تخضع لها ممتلكات المركز الورقية، التي تشمل المخطوطات والمطبوعات والوثائق والجرائد والمجلات والخرائط. إضافة إلى تنظيم الدورات التخصصية في مجال الترميم والصيانة، على تعدّد أنواعها، الدولية والإقليمية والمحلية، وتنظيم المعارض الفنية المتعلقة بفنون صناعة الكتاب والمخطوط.

ويضم القسم «شعبة ترميم المخطوطات»، وتعنى بتعقيم المخطوطات المصابة بيولوجيّاً ومعالجتها كيميائيّاً، لتطهيرها من تلك الإصابات، وترميم ما تلف واهترأ داخل المخطوطات، بأساليب فنية علميّة، بما يتناسب مع تلك الإصابات، ثمَّ تجليدها بغلاف يتناسب مع تاريخ صناعتها ونسخها، وتصنيع جميع أنواع العلب الخاصة بحفظ الوثائق والكتب والمخطوطات.

كما يضم القسم «شعبة ترميم المطبوعات»، و«شعبة التجليد الحديث»، و«شعبة استخراج الألياف السيللوزية النقية»، ويقدم القسم خدمات المعاينة الدورية والمستمرة للأوعية الثقافية المتنوعة في المستودعات، والكشف عليها، وبيان حالاتها الصحية وتحديدها، إلى جانب المعالجات الكيميائية والبيولوجية، والترميم بأنواعه، اليدوي والآلي والحراري. ووضع الدراسات اللازمة لتطوير العمل وتحديثه، بما يتناسب مع حركة التطوير في العالم. كما يقدم المركز أجهزة الترميم وموادها اللازمة، وتشغيلها في العديد من المراكز العربية والإسلامية، التي تجاوز عددها عشرين مركزاً.

أما مكتبة المركز، فتحتوي على ثلاثمئة وخمسين عنواناً تقريباً، متاحة في أكثر من نصف مليون وحدة مادية. تتناول من الناحية الموضوعية قضايا الثقافة والتراث العربي، وعلوم الدين الإسلامي، واللغة العربية وآدابها، والتاريخ العربي والإسلامي، ويغلب على مقتنيات المكتبة، الشكل المطبوع، إضافة إلى مواد غير مطبوعة، على شكل وسائط متعددة، أو مصورات رقمية. وتأتي اللغة العربية في الدرجة الأولى، تليها الإنجليزية، ثم الفارسية، ثم الفرنسية، ثم لغات أخرى.

وتتميز مكتبة المركز، كذلك، باقتنائها مجموعة من المكتبات الخاصة، التي أنشأها علماء وأدباء ومفكرون من أقطار شتى، ثم آلت إلى مكتبة المركز، لتثريها بالكثير من الكتب والنوادر والاختيارات الجيدة، التي طرزها أصحابها بكثير من التعليقات والحواشي العلمية، في أثناء مطالعتهم لها، يعدّها القارئ رأياً لصاحبها، سواء كان ذلك نقداً أم شرحاً أم إضافة أم توضيحاً. وقد وصلت هذه المكتبات إلى المركز بطرق متعددة، بالشراء أو الإهداء أو الوقف، وقد تجاوز عددها ثمانين مكتبة خاصة، جمعت عيون الكتب في الأدب والعلوم الشرعية والتاريخ والآثار.

وقد ألزم «المركز»، نفسه، بالمحافظة على هذه المكتبات، كما كانت عند صاحبها، دون أن ينثر عقدها الذي نظمت فيه، محافظةً على تلك المجموعات، واعترافاً بفضل مالكيها السابقين.

ثناء

قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، خلال أحد لقاءاته، في الثناء على دور جمعة الماجد الريادي: «من بين تجار الإمارات ورواد العمل الخيري، ممن تنبهوا لأهمية التعليم، ومن نماذجهم المشرفة الأخ جمعة الماجد صاحب العطاء الكبير للتعليم في الإمارات، وفي العالمين العربي والإسلامي، إنه يستحق الاعتزاز والإكبار».

 

ترميم

يقول معالي جمعة الماجد: «أنا لا أفرق بين كتاب وكتاب. وإنما أعمل لإنقاذ الكتاب أينما كان في العالم». وانطلاقاً من ذلك، عمل المركز على تطوير عدد من الأجهزة المتخصصة في أعمال الترميم، وقام بإهدائها إلى أكثر من أربعين جهة ومؤسسة ثقافية في ثلاث وعشرين دولة حول العالم، دون تمييز. ومن هذه الأجهزة:

ــ جهاز الماجد للتعقيم.

ــ جهاز الماجد للمعالجات الأولية.

ــ جهاز الماجد للعلاج الكيميائي.

ــ جهاز الماجد للترميم الآلي.

ــ جهاز الماجد للتدعيم الحراري.

ــ خط إنتاج الألياف السليلوزية الورقية.

وقد حصل المركز على صلاحية استخدام هذه الألياف في عمليات ترميم المخطوطات بالتعاون مع اليونيسكو.

Email