دبي وبداية مرحلة جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوم السبت الماضي، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، المبادئ الثمانية لدبي، وقد كانت تلك المبادئ بمثابة توصية من سموه بالالتزام بها من قبل كافة المسؤولين في دبي.

وتلك المبادئ أصدرها سموه بمناسبة مرور 50 عاماً على توليه أول مسؤولية في خدمة الوطن.

وأول من أمس، قرأنا لسموه وثيقة الخمسين، وهي تتضمن 9 بنود في غاية الأهمية؛ لأنها بمثابة خارطة طريق عمل لمن يريد أن يتحمل المسؤولية في الخمسين سنة القادمة بدبي، ابتداءً من 4 يناير 2019، حيث ذكرى تولي سموه مقاليد الحكم في إمارة دبي.

ويبدو لي أن وثيقة الخمسين ببنودها التسعة لها ارتباط وثيق بالمبدأ الثامن في المبادئ الثمانية، وهو قول سموه: «نفكر بالأجيال».

وقد قال سموه في المبدأ الثامن: «لا نترك مصير الأجيال القادمة مرهوناً بتقلبات السياسة الإقليمية ودورات الاقتصاد العالمية، بل نستثمر لهم، ونخلق أصولاً استثمارية من أجلهم. وقاعدتنا في ذلك أن تمتلك الحكومة في كل الأحوال أصولاً تعادل 20 ضعف ميزانيتها السنوية على الأقل، نسعى لضمان المستقبل، ونفكر من اليوم في رخاء أجيالنا القادمة».

ووعد سموه بالالتزام بتلك المبادئ لرفاه الشعب ومستقبل الأجيال، وقال: «وأعدكم أن الأيام لن تزيدنا إلا إصراراً على الخدمة، وإبداعاً في العمل، وتسارعاً في المنجزات».

ومن غير شك فإن المعنيّ بتنفيذ تلك المبادئ وهذه الوثيقة الجديدة في الدرجة الأولى، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي النائب الأول لرئيس المجلس التنفيذي.

وجاءت التلبية فوراً من سمو الشيخ حمدان بن محمد، حيث قال مخاطباً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، بشأن الوثيقة: «..نعاهدك على الالتزام بها في كل الظروف والأحوال». وأضاف سموه: «وأدعو جميع الدوائر لإعلان تعهّدها بالالتزام بها، والعمل عليها، وتطبيقها في جميع الأحوال».

وشدد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد على أن تلك المبادئ التي أكدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ستكون بمثابة الميثاق الجامع الذي سيواصل من خلاله العمل مع أخيه سمو وليّ عهد دبي وجميع العاملين في مختلف أجهزة حكومة دبي، من أجل تحقيق رؤية سموه، وجعل دبي دائماً منارة للتطوير الهادف لسعادة الناس.

مرحلة مهمة

إذن فإننا أمام مرحلة جديدة من العمل كما قلت، ولكنها منبثقة من المرحلة الأولى، وقد وضح لنا جلياً من خلال تلك المبادئ وهذه الوثيقة أننا نعيش في إمارة تحكمها المؤسسات، ويحكمها ويديرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بروح الفريق، فسموه جعل من دبي حاضنة لفرق العمل وورش التدريب والتعليم التي يشترك فيها المواطن والمقيم والزائر، ويتبادل الأدوار فيها الرجال والنساء من غير تفرقة ولا عنصرية.

وبما أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يؤمن بالتغيير والتجديد ويتطلع دائماً إلى المركز الأول، جعل هذه الوثيقة سنوية، تتغير بحسب مقتضى الحال في كل سنة؛ لأن هدف سموه تحسين جودة الحياة.

ويلاحظ أن الوثيقة استهلها سموه بقوله:

«من محمد بن راشد آل مكتوم، إلى أهل دبي وساكنيها..

هذه الوثيقة التي بين أيديكم تمثّل عهدنا ووعدنا بالنيابة عن نفسي وعن الأسرة الحاكمة لدبي فيما سنقوم به تحسيناً لجودة الحياة، وتطويراً لمجتمع دبي، وضماناً لمستقبل الأجيال القادمة، وهي وثيقة سنوية، سميتُها وثيقة الخمسين، تيمّناً بمرور خمسين عاماً على تولي أول مسؤولية لي في خدمة هذا الشعب، وتفاؤلاً بخمسين عاماً مقبلة نستطيع فيها تحقيق مدينة فاضلة كاملة، يحكمها القانون، وتسود فيها روح الرحمة والمحبة، ويعيش أهلها في انسجام وتسامح، وتتميز الحياة فيها بالسهولة والرخاء، وتتمتع أجيالها القادمة بالفرص والبيئة الحقيقية لتحقيق كافة أحلامهم وطموحاتهم».

وما دمنا في عام 2019، عام التسامح، فإن إعلان هذه الوثيقة منسجم تماماً مع التسامح الذي دعا إليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زيد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وجعل هذا العام عام التسامح.

مدينة فاضلة

أجل.. دبي مدينة فاضلة تحكمها الأخلاق الراقية والجودة العالمية، وهي بيئة هيأها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لتكون صالحة لتحقيق الأحلام والطموحات لكل من تشرئب نفسه للعيش فيها بالسلام والمحبة.

وثيقة الخمسين هذه بمثابة وصية ثابتة سيعمل بها مَن سيتولى الحكم في دبي؛ لأن الوصية مسألة شرعية يجب أن تنفذ كما أرادها الموصي.

ودبي، بفضل الله تعالى ثم بفضل رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حققت في الخمسين سنة الماضية ما لم تحققه الدول العربية بمجملها، وأقصد الأمن والرخاء واحترام الرأي والرأي الآخر والاستقرار والثقة بالنفس والأمان والطموح والتسريع والحصول على المركز الأول.

كل هذه النجاحات جعلت دبي تبشّر العالم بأن عطاءها في الخمسين سنة المقبلة إن لم يكن أكثر فإنه لن يكون أقل بإذن الله.

المهم أن نعطي مرونة أكثر، ونقدر أن نقدم تسهيلاً أكبر، ونستوعب العالم بشكل أشمل، ونستثمر الوقت والمال والطاقة الإيجابية بطريقة أكثر جدية وفاعلية، وأن يكون الاقتصاد والتعليم والصحة والطاقة والغذاء والماء، محاور عمل جماعي يشترك في إنجاحها المواطن والمقيم، مع إضفاء بعض الخصوصيات على المواطنين بُغية مضاعفة دخلهم وتحسين جودة بعض الخدمات لهم، وذلك من خلال إنشاء شركات تعاونية.

أقول لسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: إنكم ترون ما لا نرى، وكلنا ثقة بأنكم خير مَن يمثلنا، فكما عاهدتم الله أمام الشعب بالقيام بخدمة الإنسان الموجود على أرض دبي، والمحب للخير والفضيلة، فإننا نعاهدكم بالوقوف معكم على الدوام، ومهما كانت الظروف.

 

Email