استحداث قطاع جديد كل ٣ أعوام

تنوع اقتصاد دبي.. قاطرة النمو ومحرّك الفرص

ت + ت - الحجم الطبيعي

وضعت الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أسساً متكاملة لنموذج تنموي فريد من نوعه عماده التنويع الاقتصادي كقاطرة للنمو المستدام ومحرك للفرص الواعدة.

ومن خلال رؤية سموه السباقة لتعزيز النمو الاقتصادي، نجحت دبي بمواكبة التغيرات الاقتصادية المتلاحقة على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والعالمية وتحويل التحديات إلى فرص، وواصلت التأسيس لآفاق واعدة لمختلف قطاعات الأعمال بالتزامن مع مسيرة لا تهدأ للتطوير العمراني والخدمي والارتقاء بالبنية التحتية وتحديث البيئة التشريعية الناظمة لمختلف القطاعات، ما عزز من مكانتها المرموقة في صدارة المراكز الاستثمارية والتجارية في العالم.

وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في المبدأ السادس من الوثيقة وتحت عنوان «لا نعتمد على مصدر واحد للحياة»، أن تنويع الاقتصاد قاعدة في دستور دبي غير المكتوب منذ العام 1833، وتغير الزمن وسرعة التطورات يفرض الالتزام بهذا المبدأ دائماً وأبداً، وهدفنا الجديد: استحداث قطاع اقتصادي جديد على الأقل كل 3 أعوام، قطاع منتج ومساهم في ناتجنا المحلي وموفر للوظائف وقادر على الاستمرار بقوة دفعه الذاتية.

علامة فارقة

وشكل الاستحداث المتواصل لقطاعات جديدة علامة فارقة ميزت اقتصاد دبي ورسخت جاذبية الإمارة للتجار ورجال الأعمال وكبرى الشركات العالمية، حيث أسست رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لنهضة اقتصادية شاملة بالاعتماد على تنمية حزمة من القطاعات النوعية بعيداً عن الاعتماد على الثروات الطبيعية، وشملت كلاً من التجارة بشقيها الجملة والتجزئة، وقطاع الخدمات واللوجستيات والسياحة وتقنية المعلومات والخدمات الذكية والاقتصاد الإسلامي والصناعة والرعاية الطبية، بالإضافة إلى تطوير اقتصاد المعرفة من خلال تحفيز نمو القطاعات الحديثة القائمة على الابتكار والتقنيات الحديثة وفي مقدمتها الطباعة ثلاثية الأبعاد والمدن الذكية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب التنقل الذاتي والطاقة النظيفة.

قطاعات متكاملة

وشكلت التجارة عصب مسيرة التنويع الاقتصادي انطلاقاً من خور دبي الذي شكل مهد الحركة التجارية من استيراد وتصدير للأسواق المجاورة، وجاء كل من ميناء جبل علي ومطار دبي الدولي، ليحدثا نقلة نوعية في المقومات اللوجستية التي تتمتع بها الإمارة ومهداً لانطلاقة دبي بخطى ثابتة نحو تصدر خارطة التجارة العالمية كمحطة أساسية ضمن سلاسل التوريد والإمداد والشحن البحري والجوي على المستوى الدولي بدعم من طيران الإمارات وموانئ دبي العالمية، بالزمان مع توفير خدمات حكومية متطورة وميسرة مع بيئة قانونية مرنة ومحفزة لحركة الأعمال لتسهيل حركة التصدير وإعادة التصدير من دبي.

وبرز قطاع الخدمات بمختلف فئاته ضمن أهم القطاعات الجديدة المستحدثة التي ساهمت في تطوير مكانة دبي كمركز حيوي للأعمال، إذ يساهم مركز دبي المالي العالمي في استقطاب أبرز المؤسسات المالية والبنوك العالمية، فيما يعمل مركز دبي العالمي للمؤتمرات والمعارض على تعزيز مكانة الإمارة ضمن صدارة الوجهات العالمية لصناعة المعارض والفعاليات المتخصصة، ومن جانبها شكلت المناطق الحرة والمتخصصة في دبي منصة مثالية للشركات ورواد والأعمال بفضل ما تقدمه من خدمات عصرية ومرافق متكاملة لمختلف القطاعات.

ويأتي قطاع السياحة كإضافة استراتيجية أعطت زخماً إضافياً وفرصاً أوسع للمستثمرين والشركات ومهدت لنمو وتطور قطاعات أخرى مرتبطة بالسياحة وفي مقدمتها قطاع التجزئة، وبفضل المشاريع الفندقية والمرافق السياحية العصرية بالتوازي مع مراكز التسوق العالمية والفعاليات المبتكرة وفي مقدمتها مهرجان دبي للتسوق، نجحت دبي في حفر اسمها بحروف من ذهب كوجهة سياحية مرموقة وعاصمة عالمية للتسوق وتجارة التجزئة.

وعززت دبي مكانتها العالمية من خلال تطوير قطاع عقاري متكامل من خلال مشاريع عمرانية أيقونية باتت معلماً استثمارياً عالمياً، وأصبحت الإمارة عاصمة الاستثمار العقاري بلا منازع من خلال ما تتمتع به من مشاريع عقارية لا يوجد لها مثيل في العالم.

استثمار ونمو

وانطلاقاً من سياسة التنويع الاقتصادي، تستمر دبي في خلق فرص واعدة ومجزية من خلال استحداث قطاعات نوعية مبتكرة تمهد من خلالها الطريق أمام القطاع الخاص للاستثمار والنمو والانطلاق من دبي إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.

وفي ظل ما يتم تحقيقه من إنجازات متكاملة ومسيرة تطوير وتحديث لا تهدأ، تواصل دبي تعزيز تصنيفها في أهم المؤشرات الاقتصادية، حيث حصلت دبي على المرتبة الأولى عربياً، والرابعة عالمياً في محور «الأداء الاقتصادي» متفوقةً على كندا واليابان وسنغافورة وهونغ كونغ وجميع دول الاتحاد الأوروبي (باستثناء لوكسمبورغ)، وذلك في تقرير «تنافسية دبي 2018» والذي أصدره «مركز التنافسية العالمية» التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) ومقره لوزان بسويسرا، بالتعاون مع «مكتب دبي للتنافسية» التابع لدائرة التنمية الاقتصادية بدبي.

وعلى صعيد المؤشرات الاقتصادية الفرعية، حصلت دبي على المرتبة الأولى عالمياً في مؤشري «نسبة الادخارات المحلية الإجمالية» من الناتج المحلي الإجمالي، و«معدل نمو العمالة»، والثانية عالمياً في مؤشرات «نسبة الصادرات السلعية» وانخفاض كل من «معدل البطالة» و«معدلات البطالة بين الشباب»، والثالثة عالمياً في مؤشرات «نسبة التوظيف»، و«أسعار الصرف»، و«نسبة تركز الصادرات بحسب الشركاء التجاريين الرئيسين» و«حصة الفرد من الصادرات»، والرابعة عالمياً في مؤشري «حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي»، و«نسبة إيرادات السياحة من الناتج المحلي الإجمالي».

وعلى المستوى العربي، تصدرت دبي العديد من المؤشرات مثل: «نسبة تلقي الاستثمار الأجنبي المباشر»، و«انخفاض معدل التضخم»، و«معدل النمو الحقيقي للإنفاق الحكومي»، و«نسبة تركز الصادرات بحسب الشركاء التجاريين الرئيسين»، و«نسبة إيرادات السياحة من الناتج المحلي الإجمالي».

وتعود أهمية المؤشرات العالمية كونها وسيلة مهمة لتحديد موقع الاقتصادات الوطنية على خريطة الاقتصاد العالمي، فضلاً عن قدرتها على تحديد مواطن القوة والضعف بغية تطوير السياسات المناسبة لكل مرحلة حسب متطلباتها، وهو ما دفع حكومة دبي إلى ترسيخ فكر التنافسية كأسلوب حياة ومنهاج عمل يهدف إلى ضمان تحقيق نمو مستدام في ظل التغيرات المستمرة في الأوضاع العالمية، وعلاوة على ذلك ترمي الإمارة من وراء تبني هذه المبادرات إلى تحقيق السعادة لكافة المتواجدين على أرضها.

وفي مجال العمل والعمالة، جاءت دبي في المرتبة الأولى عالمياً في معدل نمو التوظيف، والعشرين في نسبة التوظيف في القطاع العام، في حين يتم صياغة الاستراتيجيات اللازمة لتعزيز نسبة التوطين في القطاع الخاص، كما حصلت على المرتبة الثانية بوصفها الاقتصاد الأقل بطالة في العالم وخاصة في صفوف الشباب بفضل جهود وزارة الموارد البشرية والتوطين ومختلف الجهات المعنية الرامية إلى تعزيز مرونة سوق العمل.

ويشير التقرير الصادر عن «مركز التنافسية العالمية» التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا بالتعاون مع «مكتب دبي للتنافسية»، إلى أن دبي جاءت في المرتبة الأولى عربياً والتاسعة عالمياً في تلقي الاستثمار الأجنبي المباشر، (6.42% من الناتج المحلي الإجمالي) برصيد بلغ 73.8 مليار دولار، متقدمة على الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وألمانيا وفرنسا والصين.

وعلى صعيد آخر، جاءت الإمارة في المرتبة الثانية عربياً و«12» عالمياً في نسبة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الخارج (4.51% من الناتج المحلي الإجمالي) برصيد إجمالي بلغ 28.8 مليار دولار.

رؤية سباقة

وخلال رؤية سباقة تصنع الفرص وتستشرف المستقبل، تعمل دبي خلال مسيرتها التنموية على صياغة الخطط والسياسات الكفيلة بتقليل الاعتماد على النفط من خلال تنويع القاعدة الاقتصادية، وفي الوقت الجاري يُشكل النفط والغاز أقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة بعد أن كانا يشكلان نحو نصف الناتج في ثمانينيات القرن الماضي، وفي المقابل برزت العديد من القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية وتنامى دورها حتى وصلت مساهمتها إلى 72.2% من إجمالي النمو الاقتصادي المتحقق في 2017، ما نتج عنه حصول دبي على المرتبة الثامنة عالمياً في التنويع الاقتصادي لتأتي قبل العديد من الاقتصادات المتقدمة مثل سويسرا واليابان وفرنسا والمملكة المتحدة.

وتمتلك الإمارة قطاعات خدمية متطورة يُشكل كل منها جزءاً مهماً من المنظومة الاقتصادية في دبي، كالنقل بمختلف قطاعاته البري والجوي والبحري، والتخزين، وتجارة الجملة والتجزئة، والتجارة الخارجية، إضافة إلى الإقامة والطعام، والصناعات التحويلية التي تساهم بنحو 9.4% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مستفيدة من السياسات الاقتصادية الرشيدة التي تبنتها الدولة منذ تأسيسها في العام 1971 بغية تعزيز نمو الاقتصاد الوطني، ولا سيما السياسة النقدية ونظام سعر الصرف المعتمد من قبل المصرف المركزي لدولة الإمارات والذي أثبت فعاليته في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي وقدرة الاقتصاد المحلي على مجاراة المتغيرات الحاصلة في الاقتصاد العالمي.

نهج الابتكار

قطاع الابتكار يحظى باهتمام استثنائي في دبي يظهر بوضوح في الجهود المبذولة لتأكيد موقع الإمارة كمركز عالمي له وفي مختلف المجالات الاقتصادية والتعليمية والصحية، إذ يتم العمل على ترسيخ ثقافة التميز والإبداع والابتكار كمنهج يحكم عمل المؤسسات الوطنية من خلال توفير مناخ عام يعزز هذه القيم ويدعم مسيرة النمو والتقدم لتحقيق الريادة على المستويين الإقليمي والعالمي في إطار خطة دبي 2021 التي تعتمد الابتكار بين العناصر الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة.

وتحرص دبي على تبنّي النظم والأساليب التي تراعي التغيرات التي يفرضها عصر العولمة والثورة العلمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم في الوقت الحالي، وهو ما تم مراعاته وتضمينه في خطة دبي 2021 لتحقيق نمو متكامل وكلّي لكافة عناصر المنظومة الإنتاجية، وضمن إطار فعّال من التنويع الاقتصادي يتجاوز نموذج الأعمال التقليدي ما يساهم في تعزيز دعائم الاقتصاد القائم على المعرفة الذي تنتهجه دبي.

ويستمر اقتصاد دبي في مسيرته التنموية الطموحة نحو التميز وترسيخ مكانته كمركز للمال والأعمال على مستوى المنطقة والعالم وتعود قدرة اقتصاد دبي على تحقيق هذا الإنجاز إلى متانة الأسس التي يقوم عليها وقدرة الحكومة على تبني سياسات اقتصادية ناجحة لتحفيز الأنشطة الاقتصادية المختلفة.

ويحتل اقتصاد دبي المركز الثالث عالمياً بعد كل من لوكسمبرغ وهونغ كونغ، من حيث درجة الانفتاح التجاري بحسب تقرير دائرة التنمية الاقتصادية، ويأتي في ظل أهمية التجارة الخارجية مصدر دخل حيوياً لدبي التي تسجل درجة انفتاح بـ321%، أي أن تدفقات التجارة أكبر من صافي القيمة المضافة المتحققة في الاقتصاد بأكثر من ثلاثة أضعاف.

وفي إطار استعداداتها للمراحل القادمة، أسست دبي العديد من المؤسسات التي تُعنى بصناعة المستقبل والاستثمار فيه مثل «مؤسسة دبي للمستقبل».

وفي ذات السياق أطلقت دبي العام الماضي «مبادرة دبي 10X» لتطبق اليوم ما ستطبقه مدن العالم الأخرى بعد 10 سنوات، ما يجعل منها أكبر مختبر للتجارب الحكومية المستقبلية في العالم، الأمر الذي يساهم في استدامة تنافسيتها، علاوة على إطلاق دبي «استراتيجية دبي للتعاملات الرقمية بلوك تشين» لتكون حكومتها الأولى عالمياً في تطبيق جميع تعاملاتها عبر هذه الشبكة المستقبلية لتحقيق قفزة نوعية في كفاءة التعاملات الحكومية وكافة القطاعات الاقتصادية.

الاستثمار الأجنبي المباشر ترجمة لنجاح سياسات التنويع

تشكل بيانات الاستثمار الأجنبي المباشر ترجمة واقعية لنجاح سياسات التنويع الاقتصادي واستحداث قطاعات زاخرة بالفرص في الاقتصاد الوطني، حيث يؤكد النمو المستمر في حجم الاستثمارات المتدفقة إلى دبي الجاذبية الاستثمارية التي تتميز بها دبي وتعكس الثقة الكبيرة التي تتمتع بها دبي في مجتمع المال والأعمال الدولي بالرغم من التحديات العالمية، حيث لا تقدم الشركات أو المستثمرون عادة على الاستثمار إلا بعد دراسة واقع وآفاق الأسواق المستهدفة وتحليل الفرص الحالية والمستقبلية لكل سوق.

تقرير

وكان أحدث تقرير صادر عن مؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، إحدى مؤسسات اقتصادية دبي، قد أظهر أن قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي استقطبتها الإمارة خلال الفترة بين الأول من يناير لغاية نهاية سبتمبر من العام الماضي بلغت 28.2 مليار درهم. مقارنة مع 27.3 مليار درهم إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارة خلال العام 2017 بأكمله و21.8 مليار درهم خلال أول تسعة أشهر من نفس العام، أي بنمو قدره 29% بحسب بيانات تقرير «مرصد دبي للاستثمار الأجنبي المباشر».

واحتلت دبي خلال هذه الفترة المرتبة الثالثة عالمياً في عدد المشروعات الاستثمارية على مؤشر فايننشال تايمز «إف دي آي ماركتس»، مقارنة مع المرتبة الرابعة في النصف الأول من 2018.

واستقطبت الإمارة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 366 مشروعاً مقابل 240 مشروعاً في الفترة المقابلة من 2017، أي بنمو 53%. كما حلت في المرتبة الـ11 عالمياً في قيمة رؤوس أموال الاستثمار الأجنبي.

وأشارت بيانات المرصد للأشهر التسعة الأولى من 2018، إلى أن 59% من الاستثمارات الأجنبية في دبي تركزت في مشروعات تأسيس الشركات ومقار الأعمال، في حين بلغت نسبة الاستثمارات الاستراتيجية 56% من الإجمالي. كما بلغت نسبة المشروعات متوسطة وعالية التقنية أكثر من 42% من إجمالي المشروعات الاستثمارية.

 

Email