السلطـان قابـوس أرســى أركـان السلطنة على التقاليد السمحة

عُمان نهضـة مباركــة.. واستـراتيــجية شاملــة.. ومستقبل واعـد

نهضة شاملة تشهدها عمان في الميادين كافة | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحتفل سلطنة عمان غداً بالذكرى الثامنة والأربعين للعيد الوطني المجيد، الذي يمثّل يوماً للفخر والاعتزاز لكل أبناء الشعب العماني.

وعرفاناً لباني نهضة عُمان الحديثة، جلالة السلطان قابوس بن سعيد، يعبر فيها العمانيون عن خالص الامتنان وصادق الحب والولاء لجلالته، مجددين العهد والولاء للسير قدماً تحت رايته وخلف قيادته الحكيمة.

وتأتي الاحتفالات والسلطنة تمضي قدماً في ظل مجد عظيم خالد، رسخ جلالة السلطان قابوس أركانه، ورسم طريقه وأهدافه ووضع قيمه المُتزنة، وعاداته وتقاليده السمحة، فكانت الدولة العصرية التي يشهد العالم بإسهامها الحضاري والفكري وحضورها الفاعل في المحافل الإقليمية والدولية.

ومنجزاتها التنموية المحققة على الصعيد الداخلي، الشاهدة على حجم الجهود الحكومية التي بذلت منذ فجر النهضة المباركة عبر الخطط والبرامج التنموية، التي كان ولا يزال غايتها الإنسان والمجتمع، وشملت كل القطاعات كالتعليم العام والعالي، والخدمات الصحية والاجتماعية، وخدمات الكهرباء والمياه والنقل والاتصالات والموانئ والمطارات، وسوق العمل المستوعب لجهود الرجل والمرأة على حد سواء.

وتحمل ذكرى يوم الثامن عشر من نوفمبر، التي تزهو السلطنة عاماً بعد آخر، في ثناياها مسيرة قائد عظيم وعد فأوفى، وسعى مخلصاً رغم التحديات الجسام لاستعادة مكانة عُمان العريقة التي عُرفت بها منذ القدم، حيث أرسى دعائم الوحدة الوطنية باعتبارها ركيزة راسخة تنطلق منها وترتكز عليها جهود التنمية المستدامة في شتى المجالات.

وحرص جلالته على إعلاء قيم العدالة والمواطنة والمساواة وحكم القانون، وتدعيم أركان دولة المؤسسات في إطار الدولة العصرية التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان، وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق في ظل حكم وسيادة القانون.

وحققت السلطنة طوال العقود الأخيرة الماضية، إنجازات كبيرة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات والبنية الأساسية، دفعت بالمستويات المعيشية للمواطنين إلى مستويات عالية، إذ تتحقق تلك الإنجازات من خلال السياسات القطاعية لكل الوحدات الحكومية من خلال الاستخدام الأمثل للموارد والمخصصات.

نهضة تعليم

ومنذ بداية النهضة المباركة، يحظى التعليم برعاية خاصة واهتمام كبير من لدن جلالة السلطان قابوس بن سعيد، حيث أظهرت الإحصاءات أنّ 588 ألفاً و339 طالباً وطالبة انتظموا للدراسة في العام الدراسي الجاري 2017 /‏2018 موزعين على 1129 مدرسة حكومية بمختلف محافظات السلطنة. وبلغ عدد المعلمين للعام الماضي 56 ألف معلم ومعلمة.

بينما بلغ عدد الإداريين والفنيين بالمدارس 10 آلاف و641 إدارياً وفنياً. وبلغ إجمالي الدارسين في جامعة السلطان قابوس في هذا العام الأكاديمي أكثر من 16000 طالب وطالبة في مرحلة البكالوريوس.

وبلغ عدد الطلبة المقيدين في مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة 135 ألفاً و493 طالباً بينهم 65 ألفاً و199 طالباً بالمؤسسات الحكومية و70 ألفاً و294 طالباً بالمؤسسات الخاصة، فيما بلغ عدد الطلبة العمانيين المقيدين بالجامعات والكليات بالخارج 6 آلاف و297 طالباً.

تطوّر صحة

وشهدت الخدمات الصحية في السلطنة تطوراً ملحوظاً طوال السنوات الماضية، حيث تتكون المنظومة الصحية المنتشرة في كل ولايات السلطنة من 74 مستشفى، منها 49 مستشفى تابعاً لوزارة الصحة، وستة مستشفيات تابعة لجهات حكومية أخرى، و19مستشفى للقطاع الخاص. وتدير الوزارة أيضاً 206 مراكز ومجمعات صحية.

إضافة إلى وجود 60 مركز رعاية صحية أولية حكومية غير تابعة لوزارة الصحة و1105 عيادات ومراكز صحية تشخيصية تابعة للقطاع الخاص. وبلغ عدد الأطباء الاختصاصيين والاستشاريين وأطباء عموم بمؤسسات وزارة الصحة 5875 طبيباً و13700 من الفئات الأخرى المهنية والإدارية و14587 ممرضاً وممرضة و323 طبيب أسنان.

وتعد السلطنة من الدول الرائدة في التحصين الموسع، إذ حصلت العام قبل الماضي على المركز الأول في إدارة الطعوم واللقاحات من بين 127 دولة، واختيرت أحسن نموذج، وهي حالياً مركز لتدريب العاملين الصحيين من عدة دول في هذا المجال.

وأولى جلالة السلطان قابوس بن سعيد اهتماماً كبيراً لرعاية الشباب العماني وتنمية قدراتهم، والاستفادة من طاقاتهم للإسهام بفاعلية في مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها البلاد. وأولت السلطنة اهتماماً مبكراً لبناء وتطوير منظومة متكاملة للأمن الغذائي شملت بناء منظومة المخزون الاستراتيجي للغذاء، وتحرير استيراد السلع مع استقرار أسعارها ودعم بعض السلع، والاهتمام بزيادة إنتاج الغذاء وإنشاء العديد من الشركات الحكومية المعنية بهذا المجال.

استراتيجية وطنية

ووقعت شركة مزون للألبان التابعة للشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة عقد الإنشاءات الرئيسية لمشروع الألبان المتكامل في ولاية السنينة بمحافظة البريمي بتكلفة قدرها 28 مليون ريال عماني.

ويبدأ إنتاجها نهاية العام الجاري. وتعمل السلطنة حالياً على تنفيذ مشروع الاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية، لوضع خطة بعيدة المدى لتوجيه وتنظيم كل أشكال النمو العمراني في المرحلة المقبلة، حيث يعد المشروع إطاراً لتمكين التخطيط الشامل وتوجيهه نحو الاستدامة في مختلف محافظات السلطنة ولتعزيز الازدهار الاجتماعي والاقتصادي.

وفيما تعمل السلطنة أيضاً على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة، ومنها استراتيجية تنويع مصادر الطاقة، فإن مشروع الاستراتيجية العامة لقطاع التعدين يمثل بما في ذلك الطاقة المتجددة، أهمية خاصة على طريق التنويع الاقتصادي والاستفادة من المصادر الطبيعية كمصادر جديدة للدخل.

بنى أساسية

وتعمل هيئة تقنية المعلومات على إيجاد البنى الأساسية التي تساعد الجهات الحكومية على تحقيق جاهزية التحول الرقمي، في إطار استراتيجية عمان الرقمية، وهي استراتيجية متكاملة وشاملة تغطي جميع مجالات تقنية المعلومات. وتعتبر الحكومة الإلكترونية واحدة من بين سبع ركائز تقوم عليها الاستراتيجية، كما تعمل الهيئة على إعداد البنية الأساسية وتأهيل المجتمع والاهتمام بأمن المعلومات.

حيث حققت السلطنة نقلة نوعية وجيدة في تلك المجالات، والقوانين الثلاثة الأساسية التي تعنى بإيجاد بيئة قانونية متطورة للتعامل الإلكتروني، وهناك أكثر من 1100 جهة حكومية في جميع أنحاء السلطنة تقدم 234 خدمة إلكترونية متكاملة ضمن الشبكة الحكومية.

نهج اعتدال

وبالتوازي مع جهود التنمية الوطنية المتواصلة في كل المجالات، تنتهج السلطنة في سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية، نهجاً يقوم على دعم قيم السلام والتعايش والتسامح والحوار والتعاون الوثيق مع سائر الأمم والشعوب، والالتزام بمبادئ الحق والعدل والمساواة.

وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وفض النزاعات بالطرق السلمية، وفق أحكام ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، بما يعزز معايير بناء الثقة القائمة على الاحترام المتبادل لسيادة الدول وعلاقات حسن الجوار، وبما يحفظ للدول أمنها واستقرارها وازدهارها.

وأكّدت السلطنة دائماً في المحافل الدولية أن السلام والحوار ضروريان ومهمان للبشرية، وتحقيقهما مسؤولية جماعية، وعلى الأمم المتحدة أن تعمل في هذا الاتجاه، ودورها يتطلّب دعماً ومساندة من مختلف الدول ومن المجتمع الدولي، لتعزيز المصالح الوطنية والدولية، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا بإعطاء دور قوي للأمم المتحدة لحماية البشرية من النزاعات والحروب.

قاطرة سلام

كما شدّدت السلطنة على أنّ النزاعات والصراعات السياسية والاقتصادية ما هي إلا نتيجة لعجز المجتمع الدولي عن الالتزام بتقديم الدعم والمساعدة للدول الأقل نمواً، ما أفرز العديد من المشكلات والنزاعات، كقضية الهجرة العالمية من قارات مختلفة، كما أوجد ذلك مفاهيم من الفوضى والثورات والقلاقل وعدم الاستقرار في العديد من مناطق العالم ينبغي العمل والتعاون لمواجهتها.

وأكّدت السلطنة ضرورة أن تقود الأمم المتحدة مرة أخرى قاطرة السلام، وأن تُنشّط وكالاتها في جميع النواحي التنموية، بما يُعزز من دورها لتحقيق الأهداف الإنمائية للتنمية المستدامة.

وعلى سائر الدول أن تبذل المزيد من الجهود والتعاون لإعادة الاعتبار لشخصية الأمم المتحدة ودورها المحوري في العلاقات الدولية، مع إشاعة ثقافة الحوار والتفاهم لضمان حل النزاعات بالطرق السلمية.

كما شدّدت السلطنة على إدانتها الإرهاب بكل أشكاله وأصنافه مهما كانت مبرراته، وعلى دعمها وتأييدها سائر الجهود الرامية للقضاء على هذه الآفة ومكافحتها باتخاذ التدابير المناسبة، مستندة في ذلك على ما أكدته القرارات والمعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة.

مسيرة نهضة

على صعيد آخر، وفي إطار الاهتمام بالحفاظ على البيئة محلياً وإقليمياً ودولياً، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» عن فوز مجلس الحدائق الوطنية في سنغافورة بجائزة اليونسكو السلطان قابوس لحماية البيئة 2017، وهي أرفع جائزة دولية في هذا المجال.

وقد خصصها جلالة السلطان قابوس بن سعيد منذ العام 1989، وتمنح كل عامين اعتباراً من العام 1991 لأبرز الهيئات والمؤسسات والمعاهد العاملة في مجال صون البيئة.

وتدخل مسيرة النهضة المباركة في السلطنة عهداً جديداً مفعماً بالآمال والثقة في تحقيق مزيد من التقدم والرخاء للوطن والمواطن، ومعتمدة على سواعد وعقول أبناء الوطن، لمواصلة الجهود التي بُذلت، والإنجازات التي تحققت وامتدت لكل ربوع السلطنة في مختلف المجالات، والعمل للحفاظ على مكتسبات المسيرة لتنمو وتزدهر عاماً بعد آخر وجيلاً بعد جيل.

Email