قال سليمان محمد الكعبي الرئيس التنفيذي لمؤسسة استشراف المستقبل في أبوظبي، إن العديد من الدراسات العلمية الجادة تؤكد أنه سيكون هنالك 157 وظيفة شائعة حتى العام 2040 بالرغم من أن الكثير من الوظائف القائمة حاليّاً ستختفي في المستقبل، حيث سيكون للأتْمتة تأثيرٌ جلي على الوضع الوظيفيِّ الراهن.

وأكد الكعبي لـ«البيان» أن التكنولوجيا ستوجد وظائف أكثر من تلك التي ستقضي عليها، فكما ستتلاشى كثير من الوظائف الحالية، ستسهم التكنولوجيا بشكل مباشر في إيجاد وظائف جديدة.

وأشار إلى أنه وفقاً لتقارير شركة ماكنزي فإن ثلث الوظائف الجديدة التي نشأت في الولايات المتحدة خلال الـخمس والعشرين سنة الماضية لم تكن موجودة من قبل في مجالات تتضمن: تطوير تكنولوجيا المعلومات، وتصنيع الأجهزة، وإنشاء التطبيقات، وإدارة نُظم تكنولوجيا المعلومات.

وأضاف بأن الادعاءات بأن الروبوتات ستسيطر تماماً على المشهد المستقبلي هي محض أوهام لا أساس لها من الصحة، إذ تصعُب أتمتة الوظائف التي تنطوي على التفكير الإبداعي. ولا يمكننا قط أن نتخيل عالماً تسيطر فيه الأتمتة على كل شيء، وتلغى فيه الحاجة للعنصر البشري.

«ولعلَّ هذه الفرضيات والمخاوف -التي تتصدر مانشيتات الصحف وتسيطر على النقاشات العلمية كافة- هي التي دفعتني لمشاركتكم تلك التجربة الافتراضية التي نتنبأ من خلالها بأهم الوظائف المستقبلية التي سيعمل بها أبناؤنا وأحفادنا في عام 2040».

ورداً على سؤال حول الوظائف المستقبلية في عام 2040 التي ستكون متاحة لأبنائنا وأحفادنا في تلك الآونة، قال: لو نظرنا إلى قطاع السيارات كمثال حي على مستوى التطور الذي عايشناه خلال الفترة الماضية، فسنجد أن الوظائف الرئيسية في قطاع السيارات في الفترة الزمنية قبل 2020 كانت ممثلة في: سائقي سيارات الأجرة، ومدربي القيادة، ومحللي المرور، ومسؤولي ترخيص السيارات وتسجيلها، والقائمين على توصيل الطرود، والوظائف التي تتعلق بركن السيارات.

وسرد الكعبي قائمة تتضمن الوظائف الخمسين الأكثر انتشاراً في دولة الإمارات في الفترة الزمنية ما قبل 2020، وذلك وفقاً لما هو مدوَّن على مواقع التوظيف آنذاك منها، (موظفو مبيعات التجزئة وأمناء صندوق (كاشير) ومهندس وطبيب وممرض ونادل وممثلو خدمة العملاء، إضافة إلى عامل نظافة ومبرمج وإحصائي ومربية أطفال ومسعف ومصفف شعر ( كوافير) ومدرس ابتدائي وسائقو مركبات ثقيلة ومدير مبيعات وفني تكييف وغيرها من الوظائف.

وقال: مثلما كُتب لبعض القطاعات والتخصصات المهنية أن تتوارى بعيداً عن الأنظار، أُذن لتخصصات جديدة أن ترى النور بحلول العام 2040 وإذ لا يمكننا قط إنكار ما أحدثته التكنولوجيا من استحواذ على معظم الوظائف التي كانت موجودة منذ عقدين من الزمان، إلا أن التكنولوجيا في المقابل قد أسفرت عن ظهور العديد من القطاعات والتخصصات التي لم تكن موجودة حتى عهد قريب.

الروبوتات

وأشار الكعبي إلى أنه خلال العام 2040 لن تكون الروبوتات حكراً على الأغنياء والمهووسين بالتكنولوجيا فحسب، وإنما ستصبح مندمجة بشكل واسع الانتشار في حياتنا اليومية، حتى إن معظمنا سيمتلك روبوتاً خاصّاً به، وأينما ولَّيت وجهك ستشاهد الروبوتات من حولك وهي تؤدي أدواراً مختلفة في قطاعات شتى.

وفي عالم تتقدَّم فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي بلا هوادة، يبدو أن الروبوتات ماضية في طريقها للكشف عن الكثير من المفاجآت التي ما فتئت أفلام الخيال العلمي تعرضها، وقد باتت الروبوتات تتمتع بمقدرة هائلة على إحداث تحولات كبيرة تتفوَّق بها على جميع التقنيات السابقة ومنها الإنترنت، ففي 2040 تنفتح فيه آفاقاً جديدة للمهن المرتبطة بالروبوتات.

البيانات الضخمة

وأكد الكعبي «بعد أن دخلنا في أربعينيات القرن الحادي والعشرين، صرنا نعيش عصر البيانات الضخمة التي غيرت كيفية علاج الأطباء للأمراض، وتوقُّع موظفي الإغاثة للكوارث الطبيعية واستجابتهم لها، وتحديد الشركات لرغبات المستهلكين، كما باتت المدن والحكومات أقدر على تحقيق أقصى استفادة من مختلف البيانات المتاحة عن الأجهزة والأشياء من حولنا، سواء كانت عناصر بنية تحتية أو حركة للسكان أو حركة السيارات.

وحول تقنية الطائرات من دون طيار أوضح الكعبي أنه في عام 2040 سيعاد تصميم المدن لتتناسب مع انتشار أجهزة الطائرات من دون طيار التي باتت تحلق في الجو بأعداد هائلة ومتزايدة بعد أن تناقصت تكلفتها بدرجة مذهلة، كما أكسبتها التطورات الهائلة في مجال الحوسبة قدرات ملاحية ذاتية جديدة. لقد باتت الطائرات من دون طيار على وشك تغيير كل شيء.

الصحة الشخصية

وأشار الكعبي إلى أنه في العام 2040، سنعيش في عالم يكاد يخلو من المستشفيات بمفهومها التقليدي، نظراً للتطورات المذهلة التي تم تحقيقها في مجال الطب التجددي، والتعويضات الاصطناعية المطبوعة عبر تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتعديل الجينات بتقنية»كريسبر«، ما يعني تمكين التكنولوجيا من التحكم في البيولوجيا البشرية على نحو يجعلنا نعيش حياة أفضل.

في عام 2040، صرنا ندرك قيمة الاستثمار في تنمية العقول وتعزيز قدرات البشر بأنظمة ذكية، بحيث يصبحون قادرين على تأدية وظائفهم بكفاءة عالية، كما تطورت خاصية التعلم العميق بشكل مذهل، الأمر الذي أتاح للذكاء الاصطناعي القدرة على تعزيز وظائف الدماغ البشري من حيث التفكير»

النقل ذاتي القيادة

وقال الكعبي إنه في المستقبل، ثمة مركبات ذاتية القيادة تجوب الشوارع في كلّ من النقل الشخصي والعام. ليس هذا فحسب، بل إننا ماضون بقوة للتوسع في تطبيق القيادة الذاتية بالكامل، حيث قد لا يتعيّن على السائق التدخّل أبداً.وأوضح أن الطباعة ثلاثية الأبعاد لا تزال ماضيةً في طريقها لإنجاز العديد من الابتكارات الثورية، أملاً في أن تصبح مكوناً رئيسيّاً في حياتنا اليومية.